الأمة العربية والإسلامية بعد أيام على موعد مع انعقاد قمة الخيانة وإعلان التطبيع وبيع المواقف في المزاد العلني لأخطر عدو في تاريخها وبتأييد وتواطؤ رسمي وشعبي عربي إسلامي غير مسبوق.. لا تنتظروا أي موقف عربي أو إسلامي مشرّف تجاه قمة التطبيع مع الصهاينة والتي ستنعقد نهاية الشهر الجاري في البحرين، لا تنتظروا موقفا ممن لم يعلنوا مواقفهم حتى اليوم فإن الغالبية العظمى من العرب والمسلمين _ بمن فيهم الشعوووووب_ اصبحوا ينظرون إلى القضية الفلسطينية من الزاوية التي ساقهم إليها الزعماء المنبطحون لليهود وشغّلوا دعاة الفتنة والتضليل من علماء ومثقفين وكتّاب ووسائل إعلامية ليرسموا عن فلسطين والقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني صورة نمطية مشوهة في ذهن الشعب العربي والإسلامي ويلصقون بالشعب الفلسطيني المجاهد كل أسباب احتلال فلسطين وضياع قضيتها. { { { في المدارس والجامعات والمعاهد والمنتديات وحتى في المساجد يتم ترسيخ أن المسؤولية تقع فقط على عاتق الشعب الفلسطيني وأنه الذي ارتضى لنفسه الوضعية التي يعيشها في ظل الاحتلال وأنه العامل الأساس الذي مكن الصهاينة من احتلال فلسطين وأنه ضيّع كل الجهود العربية في سبيل تحريرها طيلة المراحل السابقة( يقولون ذلك وكأن الجيوش العربية تقاطرت على حدود فلسطين مدججة بكامل العدة والعتاد لتحريرها ولكن الفلسطينيين كانوا يرفضون..!). { { { أذكر ونحن في الصف الثاني الثانوي كانوا قد استقدموا لنا إلى صعدة _وخصوصا بعد خمسة حروب شنتها علينا السلطة القائمة آنذاك _ مدرسين مصريين من جامعة الأزهر ليدرسونا القرآن الكريم والتربية الإسلامية، ولينسفوا من فكرنا الثقافة القرآنية التي عمدها الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي «سلام الله عليه» بدمه الطاهر، وليرسخوا بدلا عنها ثقافة اللطافة والدعة والخنوع والاستكانة والاستسلام تحت عنوان «السماحة والسلام».. وذات يوم سألته سؤالا على هامش الدرس « يا استاذ حدثنا عن فلسطين باعتباركم جيرانها الأقربون وحدثنا عن أسباب إغلاق معبر رفح في وجوه الفلسطينيين وموقف الشعب المصري والعلماء والأزهر أمام هذا الموقف الذي يتخذه النظام المصري والذي لا يخدم إلا إسرائيل..؟؟؟ { { { لا أبالغ إن قلت لكم أن جوابه كان صادما لنا جميعا في الفصل رغم انقسامنا المذهبي وتباين اتجاهاتنا الفكرية والثقافية.. لقد هاجم الفلسطينيين هجوما لاذعا وانهال عليهم بألفاظ سيئة وشتائم جمة واتهمهم بأنهم مخادعون ولا يعرفون الوفاء ولا يعترفون بالجميل وأنهم يستحقون كل ما تفعله بهم إسرائيل لانهم لم يحتووا المواقف العربية الداعمة لهم ولم يشكلوا من أنفسهم نواة تستوعب كل تلك الجهود والمواقف.. وأضاف أن الفلسطينيين في أتم الرضى والقناعة بوجود إسرائيل وأنهم ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا عالة على الشعوب العربية والإسلامية، وأنهم قد تأقلموا مع الوضع ووجدوا في ظل الاحتلال الصهيوني ما كانوا يتوقون إليه وغير ذلك من الشتائم والتهم( الأخلاقية والفكرية) التي لا استطيع كتابتها أو التلفظ بها.. { { { الجميل في الأمر أنه كشف مستوى الحقد الدفين تجاه شعب من أنبل الشعوب العربية والإسلامية وكشف الخلفية الثقافية والفكرية له ولمشغّليه والتي ينطلق منها لتزييف وعينا كطلاب، وأصبح في نظر الجميع محط ازدراء واحتقار جعله ذلك غير موثوق في كل ما يقوله( حوالى خمس أو عشر دقائق كانت كفيلة بكشفه على حقيقته حتى للطلاب المحسوبين على الإخوان). هذه الحركة الدؤوبة والسعي الحثيث والنشاط الكبير لعملاء الصهاينة في أوساط المجتمعات العربية والإسلامية لتشويه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني منذ فترة طويلة تزيد على العقدين من الزمن لم تكن هينة ولا عقيمة بل إنها أثمرت نتائج كبيرة تتجلى اليوم في الساحة العربية في مستوى البرود والتغافل والتجاهل تجاه أخطر مؤامرة يهودية تقرع أجراسها ناقوس الأمة الإسلامية وتنذر باستحكام قبضة اليهود على قرارها وسيادتها ومقدساتها وشعوبها وتجعلها في حالة من الاسترقاق والعبودية لحفنة من اليهود الصهاينة الذين ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله وجعل منهم القردة والخنازير، ليسلبوها فلسطين والقدس والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وتتقبل ذلك وتدس رأسها في التراب كالنعامة، بل وتقف متفرجة عاجزة ويعز علينا أن نقول ومتواطئة ومؤيدة لهذه الجريمة التاريخية والفضيحة التي سيبقى عارها يلاحق مرتكبيها عبر الأجيال. المواقف المعلنة لمواجهة هذه الصفقة الكارثية هي كفيلة بإفشالها رغم قلتها وضعف إمكانياتها إلا أنها تمثل صوت الحق في مواجهة الباطل، وصوت المستضعفين الواعين في مواجهة الطغاة والمستكبرين، وستكون لهم الغلبة والنصر والتمكين وهذا وعد الله .. ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (5). صدق الله العظيم.