مدينة فاتنة بجمال هادئ يتهادى على القسمات الباسمة لسكانها وهم يرحبون بالضيوف إلى دفئ مدينتهم الذي يحضنهم (مسلمين ويهود ) بسلام وآمان , التعايش السلمي صار احد المفاخر التي يتباهى بها سكان مدينة ريدة بمحافظة عمران من المسلمين واليهود جنبا إلى جنب مع سردهم لقصص الجمال وأساطير الروعة لمدينهم , ومنذ أول وهلة تكتشف مدى شغف سكان ريدة بمدينتهم وولههم بها وتفاصيل الحياة اليومية المليئة بطقوس من العمل والتكافل والتعايش بين الأديان الممزوج بالعادات والتقاليد التي تضيع بين ثنايا روعتها الفرق بين المواطن اليهودي والمسلم . خلال تجولنا في مدينة ريدة لفت انتباهنا الكثير من أبناء الطائفة اليهودية يتنقلون في شوارع وأزقة المدينة ،يبيعون ويشترون، يعملون في أسواقها بصورة لم نلحظ عليها اي مظهر للخوف ومن حديثنا الجانبي معهم لم نشعر مطلقا انهم مضطهدون او خائفون فهم يجلسون ويعملون إلى جوار نظرائهم وأصدقائهم من أبناء ريدة المسلمين يشاركونهم المأكل والمشرب ونوع الملبس . عندما تكون في سوق ريدة لن تميز بين المسلمين واليهود ، فنحن لم نميز ذلك الا من خلال خصلتي الشعر الطويلة والملفوفة والمتدلية على جانبي وجهوهم إلى جوار الإذنين ( الزنار ) والتي يفخرون بها وتزيينها وعرضها امام الملا . ولعل تشابه طبيعة ونوع الأعمال التي تمارس في السوق من الجانبين يشكل صورة أخرى تعكس التناغم والتألف والتنافس داخل السوق وممارسة أنشطة تجارية واحدة ومنافسة حقيقية في كسب الرزق بالرغم من اشتهار اليهود قديما وحديثا بالأعمال الفضية والنحاسية وغيرها ، الان ان الحال في مدنية ريدة مختلف بعض الشيء فلا إشكالية قد تحول دون امتهان المواطن اليهودي لايه مهنة أو ممارسته لأي نشاط تجاري يرغب فيه . وما سمعناه من الكثير ان لليهود تجارة ويمتلكون السيارات والحافلات والدراجات النارية يعملون عليها بصورة دائمة كغيرهم من المسلمين . وللوقوف على حقيقية الوضع السائد بين المسلمين وأبناء الطائفة اليهودية في ريدة اقتربنا من الجانبين وجلسنا مع اليهود والمسلمين لنستوضح اكثر عن طريقة تعايشهم في مجتمع واحد ونطاق جغرافي محدد وخرجنا بالحصيلة التالية:- كان المواطن اليهودي يعيش سعيد النهاري أول من التقينا به وبرغم ان عمره تجاوز الستين عاما ومايزال غارقا في الحزن على فراق ابنه ماشا ، الا إننا ألحينا عليه ليحدثنا على طريقة حياته وأسرته وطبيعة عيش وتعايش أبناء الطائفة اليهودية وتعاملهم مع جيرانهم وأصدقائهم . يعيش النهاري أكد انهم يحضون باهتمام كبير من القيادة السياسية والحكومة ومختلف الأجهزة الخدمية التي تعاملهم كمواطنين يمنيين ولا يشعرون بأيه تفرقة في هذا الجانب،كما ان علاقتهم بجيرانهم ومجتمعهم هي علاقة متينة ومتجذره مبنية على الود ولا يتعرضون لأية مضايقة او مشاكل بسبب ديانتهم .. وقال يعيش"الحكومة حالية والجيران ماعند همش خله"
أمام زوجته ترنجه إسحاق النهاري التي كانت عائدة بمفردها من السوق وفي يديها ما استطاعت حمله من مواد غذائية وخضروات وفاكهة وغيرها ، فقد نفت بشده وجود أي عدواه أو مشاكل بينهم وبين أي من إخوانهم اليمنيين ، وقالت " خصمنا من قتل ابننا ,والجيران وأهل ريده كلهم خلفنا في قضيتنا من طرف أرحب إلى طرف حاشد وحول خروجها إلى السوق لوحدها وهل تتعرض لمشاكل أو مضايقات أثناء تجولهما في السوق أكدت أن جميع اليهود يخرجون من بيوتهم ويذهبون الى السوق ويجلسون ويتحدثون مع الجميع بصورة عادية ولا يتعرضون لا ية مضايقات لا من قبل الجيران الذين يعرفونهم حق المعرفة ولا حتى السوق سواء من أبناء ريدة او من القادمين اليها من مختلف المناطق المجاورة . مؤكدة انها تعيش مع اسرتها في منازلهم بآمان وسلام وراحة بال حتى حدثت جريمة مقتل ابنها ماشا يعيش ، والتي تنظر حاليا امام القضاء. وأشادت بالاهتمام الذي يوليه فخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية باليهود الموجودين في اليمن . وقالت ترنجه "ما معانا إلا الله والرئيس ..الرئيس الله يحفظه والدولة مهتمين بنا" أما المواطن اليهودي أبراهم الناعطي البالغ من العمر 65 عاما والذي كان يقف مع مجموعة من الشباب والأطفال المسلمين والذي كان حديثه خاطفا ومختصرا بدأه بالحمد والشكر لله وقال " ما حد يؤذينا و إحنا مرتاحين ومتعاونين مع الناس كلهم " وأضاف "نحن متساعدين على كل شيء حتى على الغداء نتغدى مع بعض ونجلس سوى عايشين بسلام وأمان" يحيى يعيش هو الآخر بدأ مستغربا ومستنكرا لما تحاول ان تروج بعض وسائل الأعلام حول وضع اليهود التي تصور حياتهم بالجحيم ووضعهم بالمساوي .. مؤكدا ان أبناء الطائفة اليهودية يعشون في ريده في حياة طبيعية في أجواء تسودها المحبة والاحترام المتبادل مع جميع سكان ريده ويمارسون أعمالهم اليومية وعقائدهم الدينية بصورة روتينية ولم تصادفهم ايه ومشاكل أو قضايا ذات طابع عنصري.. وقال " إحنا مرتاحين ما تخرب علينا الا الصحف" متهما تلك الصحف وغيرها من وسائل الإعلام بقلب الحقائق وزرع العداوة بين المسلمين واليهود الذين يعشون بسلام وأمان جنب إلى جنب في مجتمع يمني يسوده المحبة والاحترام منذ الأزل يحترم الأديان ويقبل التعايش مع الآخرين وأوضح يحيى يعيش الذي يمتهن الطب الشعبي ان زبائنه يأتون في مختلف المناطق سواء من المواطنين اليهود أو المسلمين فهو يقدم خدماته العلاجية لكل من ياتي إليه دون أي تمييز. الأخ على حسن رازح والذي يسكن بجوار منزل المواطن اليهودي يعيش النهاري يقول أستغرب من كثرة التأويل والإشاعات المغرضة التي تهدف إلى أثارة الكراهية والبغضاء بين المسلمين واليهود في مدينة ريدة وتصوير اليهود كضحايا للاضطهاد الديني .. موضحاً أن تلك الإشاعات بعيده كل البعد عن الوضع القائم بين أبناء الطائفة اليهودية والمسلمين المبني على مبادئ العيش المشترك والتكاملي والتعاون والجوار والزمالة بين أبناء الوطن الواحد الذين يتحدثون لغة واحدة وينتمون إلى مجتمع واحد . واستشهد رازح بالعديد من صور التكافل والتعاون بين المسلمين واليهود في ريده ولعل أبرزها العلاقة القائمة على أساس الجوار حيث يعيش الجميع حياة هادئة طبيعية تشارك في الحلو والمر والإحزان ،وقال :مثلاً نحن وجيراننا اليهود دائماً نجلس ونأكل مع بعضنا سواء في منزلنا أو في منزلهم دون أن نشعر بأي تكلف أو حرج أو غير ذلك . كما أن مشاركة الجانبين في الأفراح والإعراس تجسد صورة حقيقية لتكافل أبناء المجتمع الواحد حيث يشارك الجميع بدون أستثناء في أي مناسبة عرس لأحد أبناء الطائفة اليهودية أو المسلمين . وعلى الجانب الأخر التقينا بالحاج ناشر الغولي الذي يقطن في حي يسكنه عدد من أبناء الطائفة اليهودية ،فقد أكد وجود مبالغة مقصودة لعدد من الصحف ووسائل الاعلام عند تناولها أي موضوع له صله بوضع اليهود في اليمن .. متسائلا عن حقيقية الأهداف التي تسعى لتحقيقها مثل تلك الصحف وغيرها من وسائل الإعلام ولمصلحة من ؟ واشار إلى ان الواقع المعاش بين المسلمين واليهود في ريدة مختلف تماما عن ما تحاول تصويره القنوات الفضائية وتكتب عنه الصحف، فالجميع مسلمين ويهود يعيشون في مجتمع واحد أبناء منطقة واحدة ووطن واحد كغيرها في أي منطقة ، ونتعامل جميعا كيمنيين لم تحدث بيننا اية مشاكل او خلافات ذات خلفية دينية بسبب أنهم يهود او اننا مسلمين ، وقال الغولي " هناك خلافات قد تحدث بين الحين والآخر لاصله لها بدين او طائفة وقد تحدث في أي مجتمع وعلى سبيل المثال اختلاف الأطفال أثناء اللعب في الحارة او في المدرسة قبل إنشاء مدرسة خاصة بأبناء اليهود ، وسرعان ما تنتهي ولا تشكل أي عائق أمامنا. وأضاف الغولي : حياتنا مع اليهود طبيعية نسير عندهم أو يجو عندنا نتزاور فيما بيننا ونتجابر ونذهب إلى السوق ونتمازح ما بش بيننا وبينهم أي شيء كما أننا ناكل ونخزن مع بعض إما عندنا أو عندهم وغرمنا واحد ولم تحدث بيننا اية مشاكل منذ ان سكنت هنا قبل 20 سنة. نافيا ما يشاع عن انزواء اليهود في منازلهم خشية تعرضهم للمضايقات او الاضطهاد .. مؤكدا ان اليهود يعيشون حياتهم اليومية في ريده بشكل طبيعي ، يمتلكون سيارات خاصة وباصات ودراجات نارية يعملون عليها ويخرجون يوميا للعمل وكسب الرزق سواء في تلك السيارات أو القيام بأعمال أخرى وغالبية زبائنهم ليسوا من اليهود ويعودون إلى بيوتهم وأهلهم بشكل اعتيادي كما يعود زملائهم من المسلمين الذين يعملون في باصات لنقل الركاب او دراجات نارية . وبعد ان انهينا زيارتنا لريده انتقلنا إلى مدينة عمران وهناك التقينا بالأمين العام للمجلس المحلي بالمحافظة صالح المخلوس الذي أكد ان قيادة محافظة عمران تشمل الأقليات الدينية برعاية تامة ولا يستثنون في أي جانب تنموي أو ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي او خدمي أوفي الممارسة السياسية والحزبية ويتم التعامل معهم مثل سائر المواطنين في المحافظة وفي الجمهورية . مشيرا إلى ان اليهود في المحافظة يحضون برعاية خاصة من قبل فخامة الأخ الرئيس على عبد الله صالح رئيس الجمهورية والتي انعكست ايجابا على حياتهم ، حيث منحهم حافلة لنقل أبنائهم إلى المدرسة كما منحهم بعض الحوافز المالية لتغطية نفقاتهم المعيشية. وقال صالح المخلوس" نحن في محافظة عمران نتعايش مع هذه الأقليات الدينية بشفافية واضحة كغيرهم من المواطنين نتلقى شكاويهم اليومية ان وجدت ويتم معالجتها في حينه . وحول طبيعة تلك الشكاوي وهل لها علاقة بما يثار عن تعرضهم لاضطهاد أو تعسف أو تمييز عرقي أوضح امين عام المجلس المحلي ان شكاوي اليهود أو مشاكلهم التي ترد بين الحين والأخر هي نفس الشكاوي والقضايا التي يتقدم بها غيرهم من المواطنين وتتعلق أما بمشاكل وخلافات فيما بينهم أو مع غيرهم من الجيران والتي لا يخلوا منها أي مجتمع و تنتهي بانتهاء السبب. وأكد المخلوس ان العلاقة التي تربط الأقليات الدينية مع جيرانهم ومجتمعهم هي علاقة مبنيه على الاحترام المتبادل والصداقة والتعاون في مختلف المناسبات والأوقات سواء الأفراح او الأحزان فالجميع يعيش بسلام وهدؤ وأمان كما ان اليهود يحضون باحترام من قبل مشائخ ومسئولي المنطقة. واستغرب أمين عام المجلس المحلي بمحافظة عمران من الإشاعات والأكاذيب التي تتحدث عن وجود قيود معينة مفروضة على تنقل وسفر أبناء الطائفة اليهودية ..مؤكدا ان تنقلهم داخل محافظة عمران وداخل أراضي الجمهورية اليمنية والى خارجها تتم بحرية تامة ولا يوجد أية قيود أو موانع لتنقلهم داخل اليمن اوسفرهم إلى خارج البلاد . وقال امين عام المجلس المحلي" سفر اليهود لا يمثل عائق أمامنا أو أمامهم وباستطاعتهم السفر إلى أي مكان ويحصلون على تسهيلات كبيرة في المطارات اليمنية قد لا يحصل عليها غيرهم من اليمنيين واليهود دائما يسافرون إلى أي مكان في العالم لندننيويورك أو أي مكان أخر بحرية واقتدار. وأشار إلى ان المحافظة تقدم دعما لمدرسة الشبزي التابعة لابناء الطائفة اليهودية وتم توظيف كادر تدريسي خاص بها كما ان المحافظة قدمت التسهيلات لإنشاء المدرسة كغيرها من المشاريع الخدمية التي تخدم أبناء المجتمع منوها إلى ان الطلاب من أبناء اليهود كانوا يدرسون قبل انشاء هذه المدرسة ويختلطون مع غيرهم من الطلاب في مدارس حكومية وأهلية .