في ذاكرة الأوطان، هناك أيام تُكتب بحروف من نور لأنها شكّلت لحظة فارقة. ويوم 18 يوليو 1971 هو أحد تلك الأيام الخالدة في تاريخ دولة الإمارات. ففيه اجتمع الآباء المؤسسون بقيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، ليرسموا ملامح الحلم الاتحادي ويضعوا الأساس لدولة حديثة وموحدة.
واليوم، وبعد أكثر من خمسة عقود من ذلك الاجتماع التاريخي، وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة "حفظه الله"، باعتماد هذا اليوم مناسبة وطنية سنوية تُعرف باسم "يوم عهد الاتحاد"، احتفاءً باللحظة التي بدأت منها الحكاية.
في صيف عام 1971، لم يكن ذلك اللقاء بين القادة المؤسسين مجرد اجتماع تقليدي، بل كان اجتماعًا مصيريًا حدد ملامح مستقبل الوطن.
حين وقّع الشيخ زايد وإخوانه الحكام وثيقة الاتحاد، لم يُنشئوا فقط كيانًا سياسيًا، بل وضعوا ميثاقًا إنسانياً ووطنياً يُبنى عليه مستقبل أمة بأكملها.
وفي ذلك اليوم التاريخي، وُضع الدستور، وأُعلن بيان الاتحاد، وتم تحديد الاسم الرسمي للدولة: دولة الإمارات العربية المتحدة.
كان هذا الاجتماع نقطة تحوّل غيّرت وجه المنطقة، وأسست لمرحلة جديدة من الاستقرار والنهضة. ومن هنا، انطلقت الدولة نحو مسيرة تنمية شاملة، بقيادة حكيمة وإرادة شعبية، حتى أصبحت نموذجًا يحتذى به في التطوير والتلاحم الوطني.
اعتماد 18 يوليو كمناسبة وطنية رابعة – إلى جانب يوم العلم، ويوم الشهيد، وعيد الاتحاد – يُجسّد حرص القيادة على ترسيخ الهوية الوطنية في الوجدان الجمعي، وتعزيز الاعتزاز بجذور الاتحاد وقيمه الراسخة.
وفي هذا السياق، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان:
"نجدد العهد مع الله تعالى ثم أنفسنا وشعبنا في اليوم الذي وضع فيه زايد وإخوانه ميثاق الاتحاد، أن تظل راية دولة الإمارات خفاقة، وتبقى وحدتنا السياج الحامي لمسيرتنا."
كلمات تختصر مسيرة وطن، وتُلخص المسؤولية التي تواصلها القيادة اليوم بعزم وثقة، للمحافظة على ما بناه المؤسسون، والبناء عليه لمستقبل أكثر طموحًا.
كما يستهدف "يوم عهد الاتحاد" تعريف الأجيال الناشئة بتاريخ بلادهم، والتضحيات التي قدّمها المؤسسون، والجهود التي بُذلت في سبيل بناء هذا الكيان الوحدوي الفريد.
إنها مناسبة لغرس معاني الانتماء في نفوس الشباب، وتعزيز وعيهم بقيم الوحدة والعمل المشترك، التي صنعت الفرق ورسّخت مكانة الإمارات في العالم.
"عهد الاتحاد" ليس مجرد مناسبة نُحييها، بل هو تجديد للولاء، وتأكيد على أن الاتحاد لم يكن لحظة، بل مسيرة متواصلة.
هو محطة وطنية نُعزز فيها روح الانتماء والولاء، ونُجدّد العهد على أن تبقى الإمارات كما أرادها المؤسسون: موحدة، شامخة، وقوية في وجه التحديات بفضل تلاحمها، بروحٍ رسّخها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حين قال: «البيت متوحد».
وفي ظل قيادة "حامي الاتحاد" والدنا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تمضي الدولة بثبات نحو المستقبل، بخطى راسخة، ورؤية تقود الحاضر وتُمهد لغد أكثر إشراقًا لأجيال شعب الاتحاد.
نسأل الله أن يحفظ دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها، وأن يُديم عليها نعمة الأمن والاستقرار والازدهار والتقدم، ويبارك في مسيرة الاتحاد، ويُديم خيره على وطننا وشعبه.