أول حماية حضرمية خالصة لشركات النفط المنتجة في حضرموت بدأت قبل عشرة أعوام في قطاعات النفط التي تمتد مناطق امتيازها من أطراف هضاب وادي حضرموت حتى أطراف ساحل بحر العرب حيث منشأة التخزين وتصدير النفط الخام. شهدت حضرموت في عام 2015 انهياراً وانفلاتاً على مختلف المستويات، بدءاً بالأوضاع الأمنية والعسكرية والعامة التي بدأت بالانحدار منذ أواسط 2014، وتنامت بشكل أربك المشهد العام في الساحل والوادي. في تلك الفترة كانت المنطقة العسكرية الثانية في طور الإعداد والبناء بقيادة عبدالرحيم عتيق، الذي صدر به قرار جمهوري قائداً للمنطقة. ومع تصاعد الأوضاع والخشية من السيطرة على النفط ومواقع إنتاجه وتصديره من قبل المجاميع التي سيطرت على المكلا وتوجهت نحو القطاعات، وأبرزها بترو مسيلة، تداعى وجهاء وأعيان المناطق المحيطة بهذه القطاعات النفطية، ومعهم ضباط حضارم من الجيش والأمن، تطوعوا لحماية النفط الحضرمي الذي كان تحت سيطرة قوى من خارج حضرموت.
فُتح باب التطوع لشباب حضرموت، وأُعلن شعبياً وقبلياً وعسكرياً عن تشكيل قوات حماية الشركات النفطية. واختير لهذه المهمة عسكريون من الضباط الحضارم ذوي الخبرة القتالية واللوجستية الذين تمكنوا بحنكتهم من تأمين القطاعات المنتجة وحماية الإنتاج والمهندسين الحضارم، وتسيير الدوريات على طرق وخطوط الأنابيب من الآبار المنتجة حتى أماكن الخزن بالضبة لمنع أي عبث أو اعتداء.
أُسندت مهمة قيادة حماية الشركات حينها للحضارم، وعُين العميد طيار محمد عبدالله الجابري قائداً لحماية الشركات، وهو أيضاً مقدم قبلي من قبيلة تقطن قرب قطاعات الإنتاج. كما عُين العميد عبيد سعيد القرزي أركاناً لقوة حماية الشركات، وضباط حضارم آخرون قادةً للكتائب والوحدات الأخرى المكلفة بحماية القطاعات المنتجة.
جسدت هذه المجموعة، المدعومة من مختلف القبائل والفئات الاجتماعية الحضرمية، وعياً وطنياً حضرمياً تطوعياً يؤكد أن الملمات تجمعهم على قلب واحد. ومن هنا استعاد الحضارم الأمل والاتحاد في مواجهة كل من حاول تفكيك حضرموت. ومن 2014 حتى 2015 استطاعت هذه القوة الوليدة أن تمد وادي حضرموت، خصوصاً قطاع الكهرباء، باحتياجاته الأساسية، لتبقى ساعات الانقطاع في حدود قليلة جداً مقارنة بالوضع الراهن. وكان شحن وقود محطة قريو يتم عبر طقمين أو ثلاثة لضمان وصوله دون أي اعتداء أو تقطع، كما ذكر لي أحد قادة الأطقم.
استمرت هذه القيادة الحضرمية في أداء مهمتها الوطنية الاستثنائية لعام كامل، حتى اكتملت قوة الحماية من الأفراد والضباط الحضارمة، وبمساندة قيادة المنطقة العسكرية الثانية التي يقودها حضارم أيضاً، وبترتيب من العميد طيار محمد الجابري والعميد عبيد سعيد القرزي. ومنذ ذلك الحين أصبحت حماية الشركات النفطية بيد الحضارم الذين استعادوا حقهم في حماية مواردهم بعد أن كانت تحت سيطرة الغير.
الصورة المرفقة من أرشيف خاص، وتضم عدداً من قادة حماية شركات النفط بحضرموت للأعوام 2014 – 2015: عبيد سعيد القرزي، سعيد غيثان الجابري، سعيد عبود القرزي، كرامه العبد الجابري، محمد عبدالله الجابري، عبدالله الزبيدي (مدير أحد القطاعات النفطية).