سؤال كبير يطرح نفسه ومنه تتناسل أسئلة عديدة : هل الوحدة أصبحت فرض عين على شعبنا في الجنوب ؟ أم هي شعار وستار لاستمرار الحرب لغرض في نفس يعقوب ؟!! وهل ما يجري اليوم في اليمن من حروب تشنها قوى الانقلاب على اليمن شمالاً وجنوباً من أجل الوحدة ؟ أم من أجل هيمنة السلالة والطائفة والقبيلة الشمالية كحصان طروادة لقوى خفية ؟ هل هي من أجل هيمنة الكبار واقتسام النفوذ في المنطقة ؟ وهل الإقليم والمجتمع الدولي يريدان استمرار هذه الوحدة اليمنية التي دمرت اليمن شمالاً وجنوباً ..وما هي المصالح من هذه الحرب المدمرة المسكوت عنها في مجلس الأمن ؟ أسئلة كثيرة دون إجابات شافية ولازالت مخفية في دهاليز السياسة ومركز القرار الدولي لدى الكبار !! لقد بزغ فجر الأمل للشعب اليمني مع انطلاق عاصفة الحزم لحسم الحرب في اليمن وإعادة الأمور إلى نصابها ..ولكن المشهد اليمني يتعقد يوما بعد يوم .. وقوى الشر والظلام تستقوي بفعل التدخل الإيراني في ظل صمت دولي فاضح حتى أصبحنا نشك في تحديد هوية هؤلاء الانقلابيين المدللين!! . إن من ينظر إلى ما يجري في اليمن يعتقد أن هذا البلد وشعبه خارج كوكب الأرض وأن لا أحد يكترث له لا الكبار في مجلس الأمن ..ولا الأممالمتحدة ومنظماتها ..ولا الجامعة العربية.. ولاشك أن كل تلك المواقف المتخاذلة ظاهريا ليست عبثاً بل عمداً وقصداً !! ولا أجد تفسيراً لما يجري في اليمن إلا استنزاف لخيرات وشعوب المنطقة وخاصة دول الخليج من خلال شراء الأسلحة وتعطيل التنمية فيها بسبب هذه الحرب !! حتى هذه الحكومة المسماة بالشرعية أصبحت أضحوكة وألعوبة لا تكترث لما يجري حولها بل وأصبحت شاهد زور على ما يجري !! أين نحن مما يجري في العالم ؟ حتى الدول الصغيرة حسمت أمرها وخرجت من عباءة ماضيها.. ففي أوربا الشرقية انفصلت جمهورية تشيكوسلوفاكيا إلى جمهوريتين عام 1993 م بشكل سلمي دون حروب.. وكذلك الحال في جمهورية يوغوسلافيا ولكن بعد حروب دامية وخرجت من عباءتها خمس جمهوريات!! كما انفصل جنوب السودان عن شماله , وكذلك الحال اليوم في اسبانيا التي تقف أمام تحد مستقبلي ورثته من ماضيها وهي اليوم أمام أزمة هوية عاجزة عن التعامل مع القوميات الأخرى مثل : الاندلثية , والكاتلونية , والباسكية كلها تطالب بالانفصال , والعراق الموحد تاريخيا يواجه استحقاقا كرديا ورغبة عارمة في الانفصال ! فما بالك بالجنوب العربي الذي لم يكن أساساً جزأً من الجمهورية العربية اليمنية وأعلن استقلاله عن بريطانيا عام 1967م ولكن المؤسف أن الذي ساقه إلى تلك الوحدة البائسة عام 1990 م هو محصلة الصراعات الغبية بين قياداته اليسارية على السلطة والتي كان يشب الفتنة فيها ويغزلها (الحجريون الشماليون ) وبانهيار المنظومة الشيوعية نجحت الفاشية العسكرية الشمالية المتحالفة مع الهالك صدام حسين وأسست لهذه الوحدة المزرية التي لازال شعبنا في الجنوب يدفع ثمنها من دماء أبناءه وخيرات أرضه المنهوبة وسلب هويته الوطنية وحروب ظالمة تشن عليه من عام 1994 وحتى اليوم . لقد نجحت الفاشية العسكرية الشمالية المتحالفة بالأمس مع حزب الإصلاح المتدثر بعباءة الإسلام زوراً وبهتاناً والمتحالفة اليوم مع الكهنوتية السلالية الرافضية وتشن حروبها العلنية والسرية على الجنوب لتدمير بنيته الاجتماعية من خلال القاعدة والفكر الإرهابي التكفيري الدموي بالإضافة إلى ذلك كله العمل على نشر الفساد والكراهية المناطقية وكافة أشكال الفتن بين أبناءه , إلا أن شعب الجنوب العربي قد حدد مساره واختياره ولن يقبل اليوم بأقل من الاستقلال الناجز والتحرر من ربقة الاحتلال الفاشي الشمالي الظلامي ووحدته المأفونة التي بدأت بدق الطبول والزغاريد والرقص وانتهت بسيل من الدماء وأكوام من الأشلاء وجراحات محفورة في الذاكرة من الصعب تجاوزها أو نسيانها !! *- باحث ومؤرخ
