مثّل التئام مجلس النواب بمدينة سيئون الأسبوع الجاري، لأول مرة منذ أكثر من أربع سنوات، خطوة مهمة لتعزيز قوة السلطة الشرعية في معركة استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثي الذي جرّ البلد لحرب مدمرة دخلت عامها الخامس، ولا أحد يعرف نهايتها. ومن شأن هذه الخطوة المتقدمة أن تحرّك حالة الجمود الراهنة في المشهد السياسي، وتعطي الشرعية ورقة رابحة، وهي تفعيل المؤسسة التشريعية التي حالت أسباب كثيرة دون انعقادها، رغم أهمية الحاجة لها. احتضنت سيئون عاصمة وادي حضرموت نواب الشعب الذين جاءوا من كل مكان ومعهم رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس الحكومة وكبار مسؤولي الدولة، بالإضافة إلى عدد من سفراء الدول العربية والأجنبية الذين حضروا الجلسة الافتتاحية في مشهد أعاد للأذهان يوم اختتام مؤتمر الحوار بصنعاء قبل الحرب. عقد البرلمان عدة جلسات بحضور يفوق النصاب القانوني، وحظيت هذه الخطوة بتأييد ودعم العديد من الدول العربية والغربية والمؤسسات الإقليمية والدولية، والتي أكدت جميعها على أهمية عمل هذه المؤسسة اليمنية في المرحلة الحالية، وربما الانتقالية القادمة. ثمة نقاط إيجابية لعودة البرلمان، أهمها تعزيز روح التوافق السياسي، وتقديم التنازلات بين مكونات الشرعية، وهو ما سهّل انتخاب هيئة رئاسة جديدة للبرلمان، بدلاً من رئيس الهيئة السابق الموالي للحوثيين والموجود في صنعاء. وهناك عناصر قوة أخرى أُضيفت للشرعية، وهي إعلان تحالف سياسي داعم لها مكون من 16 حزباً وحركة سياسية من مختلف التوجهات، وهو أكبر إطار وطني داعم لجهود استعادة الدولة، والقضاء على الانقلاب. ويتوقع العديد من المحللين أن ينضم للتحالف المزيد من قيادات حزب صالح الذين لا يزالون بمناطق الحوثيين وينتظرون اللحظة المناسبة للخلاص منهم، وهذا الأمر يزعج الحوثيين، وبدأ ذلك من خلال مواقفهم وإجراءاتهم القمعية بحق معارضيهم، عقب اجتماع البرلمان وإعلان التحالف. لقد كان حزب المؤتمر الشعبي العام من أكبر المستفيدين من هذه المتغيرات، ذلك أنه حافظ على منصب رئيس البرلمان مع أحد نوابه، وضمن تولي أحد قياداته وهو رشاد العليمي رئيساً للتحالف، وإلى جانب هذا، قطعَ خطوة مهمة على طريق توحيد صفوفه وانتخاب قيادة جديدة له. إن عودة البرلمان ستعزز السلطة التنفيذية للدولة وتعطي الرئيس هادي شرعية إضافية في المفاوضات وإدارة علاقته مع التحالف وخاصة الإمارات، وتسحب البساط من أيدي الحوثيين الذين يستخدمون الترهيب بحق الأعضاء المتواجدين بصنعاء بما يُشبه الإقامة الجبرية لعقد جلسات برلمانية في محاولة للحصول على بعض الشرعية، لكنها جلسات باطلة وغير دستورية. سيكون البرلمان أمام تحدي انتظام جلساته وعقدها بعدن التي تقع تحت سيطرة الإمارات وترفض حتى الآن السماح له بذلك، وهذا سيكون أحد الملفات التي يُتوقع نقاشها في الفترة المقبلة، في إطار تصحيح العلاقة بين الشرعية والتحالف بشكل عام، واحترام السيادة والالتزام بأهداف التدخل المعلنة، وإنهاء الميليشيات المدعومة إماراتياً والتي تقوّض سلطة الشرعية. وعلى مستوى مؤسسات الدولة، ستساهم الرقابة البرلمانية في تحسين أداء الحكومة والقيام بواجباتها تجاه المواطنين، سواءً في صرف الرواتب بانتظام، أو توفير الخدمات، والاهتمام بأسر الشهداء والجرحى، وغيرها من القضايا. مقال للكاتب في صحيفة العرب القطرية