يعتقد خبراء في مجال الدفاع العسكري أن طموحات الدول التوسعية في الصناعات الدفاعية قد تكون أكثر صعوبة اليوم في ظل ميل الحكومات إلى تعزيز الإنفاق العسكري على حساب اقتصادات بلدانها نتيجة العديد من العوامل المتداخلة، لكن أكبر معرض دفاعي تحتضنه الإمارات هذه الأيام يشي بعكس ذلك. وعلى الرغم من تفشي جائحة فايروس كورونا، توجّه كبار مصنعي الأسلحة على مستوى العالم منذ الأحد الماضي إلى مركز مؤتمرات أبوظبي في العاصمة الإماراتية على أمل عقد صفقات مع الجيوش في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ومع تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط وقارتي آسيا وأفريقيا فمن المتوقع أن يرتفع الإنفاق الدفاعي العالمي خلال السنوات المقبلة، رغم أن بعض الدراسات تشير إلى أن الظروف غير مهيأة لذلك بالنظر إلى المخلفات الهائلة التي تركتها الجائحة.
فارس خلف المزروعي: تنظيم معرض في هذا الوقت يعكس الثقة في قدرة الإمارات صفقات كبيرة يعد معرض الدفاع الدولي "آيدكس"، الذي يُعقد كل سنتين بالتوازي مع معرض الدفاع البحري "نافدكس"، أول حدث لقاء مباشر كبير في أبوظبي منذ تفشي الفايروس، مما يشير إلى أهميته بالنسبة إلى الدولة الخليجية الغنية بالنفط التي فرضت قيودا صارمة على حركة التنقل في الأشهر الأخيرة. وبالتأكيد لن تكون غرف زوم كافية لاستيعاب قرابة 70 ألف مشارك وأكثر من 900 عارض يعتمدون على أكبر معرض أسلحة في الشرق الأوسط لجذب الزبائن المحتملين والترويج لأحدث بضاعتهم، من المدرعات إلى الصواريخ الباليستية. ومع ذلك يبدو أن الوضع الراهن سيكون فرصة مثالية للشركات من أجل إقناع الزبائن بجدوى عقد اتفاقيات على المدى البعيد. واعتبر اللواء الركن طيار فارس خلف المزروعي، رئيس اللجنة العليا المنظمة لمعرضي آيدكس ونافدكس، انعقاد المعرض في موعده إنجازا لدولة الامارات، كما يعكس ثقة المجتمع الدولي في قدرة الإمارات. وأشار المزروعي إلى تبني اللجنة المنظمة للمعرضين استراتيجية عمل مختلفة لإدارة الفعاليات ووضع خطط لتسهيل الإجراءات الخاصة بالوفود الدولية. وشدد على أن الإمارات تبني استراتيجية واضحة للتعافي من الجائحة. وكان كبار المسؤولين الإماراتيين، بمن فيهم ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ونائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاضرين وتجولوا بين البنادق والصواريخ والقنابل. وتدرك الإمارات أن الصناعات الدفاعية المتطورة قطاع حيوي وعنصر أساسي من عناصر صون السلام والاستقرار الضروريين في الحفاظ على مكتسبات الدول والشعوب وفي حماية العمل التنموي بمختلف مناطق العالم، ولذلك لم تترك الأمر للصدفة حتى تصل إلى ما هي عليه اليوم. وكشفت الإمارات النقاب عن صفقات أسلحة محلية وأجنبية بقيمة تقدر بحوالي 1.36 مليار دولار لتزويد قواتها بأسلحة متنوعة، من الطائرات دون طيار من جنوب أفريقيا إلى مدفعية صربية. ومع أن الرقم يتجاوز الإعلان الافتتاحي للمعرض الذي أقيم قبل عامين، إلا أن خبراء الدفاع يتوقعون انخفاضا في الإنفاق العسكري هذا العام، حيث أدى الوباء وانخفاض أسعار النفط العالمية إلى تسليط ضغط على الميزانيات في الخليج العربي. وتقوم الاستراتيجية الإماراتية في هذا المضمار على إقامة اقتصاد قائم على المعرفة وتدريب الجيل الجديد من المهندسين المتخصصين في هذا المجال، وبناء قاعدة عريضة من الكوادر المواطنة التي تقود هذا القطاع الاستراتيجي في المستقبل. وعلى مدار العقد الماضي، اكتسبت الدولة الخليجية سمعة في استثمار عوائد الطاقة على فرق كرة القدم والمتاحف ومنتجات الألبان ومزارع الإنتاج والعقارات وشركات التكنولوجيا الناشئة والبنوك سواء للمطالبة بحصة في الأسواق الصاعدة أو لأجل تنويع الاقتصاد. أجنحة مهمة غائبة رغم حرص المنظمين على نجاح هذا الحدث الضخم إلا أن آثار الوباء ظلت مرئية وانعكس ذلك على أجنحة مهمة بدت غائبة، بما في ذلك جناح الولاياتالمتحدة، والتي تبقى من أكبر مصدري الأسلحة في العالم فقد ظهرت الشركات الأميركية الكبيرة لكنها ظلت بعيدة عن الأنظار. وكان ممثلو شركة لوكهيد مارتن يقفون بجانب نماذج من مقاتلات إف – 35 صامتين وسط مراجعة إدارة بايدن للعديد من مبيعات الأسلحة الأجنبية الرئيسية التي بدأها الرئيس السابق دونالد ترامب، بما في ذلك صفقة ضخمة بقيمة 23 مليار دولار من طائرات إف – 35 إلى الإمارات. كما منعت قيود فايروس كورونا إسرائيل من الانضمام إلى المعرض الذي كان سيكون الأول بعد تطبيع العلاقات مع الإمارات العام الماضي. وقد قضى أحد الفنيين في جناح صناعة الطيران الإسرائيلي جزءا كبيرا من فترة ما بعد الظهر مع الزبائن المحتملين المحبطين. لكن العشرات من الدول الأخرى لم تتورع عن الظهور أثناء الوباء، مما يؤكد عدد الدول التي عززت صادراتها من الأسلحة في المنطقة. وجذبت الصين، التي تفتخر بثاني أكبر صناعة للأسلحة في العالم، الحاضرين بصاروخ باليستي بحجم حقيقي يسمى "فاير دراغون". وفي شركة نورينكو المملوكة للدولة أشار مدير الأعمال ليو هاوبنغ إلى أن الصين زادت من حضورها هذا العام. وإلى جانب شركته التي يقول إنها تخدم القوات البرية الإماراتية، رفض الإفصاح عن طموحاتها في الشرق الأوسط، حيث باعت الصين بالفعل طائرات مسلحة دون طيار للعراق والإمارات والسعودية. وقال، مشيرا إلى عرض الصاروخ، "ليس هذا النوع من المعدات مثل الطعام أو الملابس. كل شيء متعلق بالسياسة". وفي الجناح الروسي تفقد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف مجموعة واسعة من بنادق الكلاشنيكوف. وعرضت مجموعة دابليو بي غروب البولندية مقاطع فيديو ل"طائرتها الانتحارية دون طيار" وهي تهبط من ارتفاعات كبيرة لتفجير المركبات المدرعة بعيدا. وقالت مارتا لازيوسكا، التي تشغل منصب مديرة الاتصالات، إن أذربيجان أبدت اهتماما بالنظام خلال نزاعها الحدودي مع أرمينيا العام الماضي، عندما ساعدت الطائرات التركية دون طيار في تغيير الموازين. أخطار إقليمية image filter='url(#b)' x='0' y='0' height='100%' width='100%' xlink:href='data:image/jpeg;base64" / تشهد خارطة العالم العسكرية تغيرات في الوقت الراهن، ففي الوقت الذي تتجه فيه الدول الغربية، والأوروبية بالخصوص، إلى ترشيد إنفاقها، حتى في ما يتعلق بالتسلح، تنطلق الدول الخليجية العربية والقوى الصاعدة الآسيوية في الاتجاه المعاكس. ووفقا لما ذكره التقرير السنوي لميزانيات الدفاع، رفعت الدول العربية بقيادة السعودية من نسبة اتفاقها العسكري بشكل كبير منذ العام 2011، وهو ما يعد أحد الأسباب التي ستؤدي إلى زيادة الإنفاق العسكري هذا العام. ووفقا لتقرير حديث صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، ارتفع تدفق الأسلحة في الشرق الأوسط بنسبة 61 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية، وسط حروب طاحنة بالوكالة في ليبيا وسوريا واليمن والعراق.
تشارلز فوريستر: لقد عدنا للخلف حيث تشكل إيران تهديدا كبيرا محتملا وسعى المسؤولون عن جناح السعودية، المصنفة كأكبر مستورد للأسلحة في العالم على مدى السنوات الخمس الماضية، إلى الترويج لبلدهم كعملاق دفاعي ناشئ تجسيما لبرنامج التحول و"رؤية 2030′′. ويهدف البرنامج، الذي دفعه ولي العهد محمد بن سلمان، إلى القضاء على إدمان البلاد على الواردات وتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط وتوطين أكثر من نصف إنفاقها العسكري. وعلى الرغم من الرادارات وبطاريات صواريخ باتريوت الأميركية، تضاعف تعرّض السعودية لخطر هجوم المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران عبر الحدود، حيث أطلقوا خلال الشهر الحالي طائرات دون طيار محملة بالقنابل اصطدمت بطائرة ركاب فارغة في مطار أبها. ويخوض تحالف عسكري تقوده السعودية حربا مع الحوثيين منذ سنة 2015، بعد أن أطاح المتمردون بالحكومة المدعومة من السعودية. وقد أوجد الصراع ما وصفته الأممالمتحدة بأسوإ أزمة إنسانية في العالم. وقال وليد أبوخالد الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للصناعات العسكرية (سامي)، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي)، إن "التهديدات واضحة في الآونة الأخيرة. هناك طائرات دون طيار قادمة من دول عدوانية... وتطلق بعض الصواريخ بين الحين والآخر". ويمكن أن تساعد الهجمات الجوية الروتينية والتوترات المتزايدة مع إيران في زيادة الإنفاق العسكري في المنطقة حتى مع توقع مزود الاستخبارات الدفاعية آي.أتش.أس جينز أن تنخفض هذه النفقات في الخليج بنسبة 9.4 في المئة إلى 90.6 مليار دولار في 2021 نتيجة الدمار الاقتصادي الذي أحدثه الوباء. وقال كبير المحللين في آي.أتش.أس جينز، تشارلز فوريستر، في إشارة إلى سلسلة من الحوادث المتصاعدة التي دفعت الولاياتالمتحدةوإيران إلى حافة الحرب "لقد عدنا إلى الجزء الأول من سنة 2020 حيث تشكل إيران تهديدا كبيرا محتملا مرة أخرى". وتابع "إذا أطلقت إيران برنامجا رئيسيا لإعادة التسلح أو بدأت استعراض عضلاتها، فهذا هو المكان الذي تدخل فيه أنظمة الدفاع الصاروخي والجوي. فكما رأينا، يمكن أن يهاجمك نظام بسيط".