غادرت بعثة خاصة باتحاد البرلمان الدولي منتصف ديسمبر الحالي العاصمة صنعاء عائدة إلى جنيف بعد أن قامت بتحقيق ميداني استغرق ثلاثة أيام حول قضايا اعتداءات وانتهاكات تعرض لها النائب المستقل أحمد سيف حاشد والنواب الاشتراكيين ناصر محمد الخبجي وصلاح قائد الشنفره وعيدروس نصر ناصر وسلطان السامعي، وفق شكاوى قدمت منهم إلى البرلمان الدولي. وجاءت زيارة البعثة الدولية اليمن بعد طلب مجلس النواب اليمني تأجيلها أكثر من مرة واشتراط السلطات اليمنية المختصة مؤخرا أن تكون الزيارة سرية حسب مصدر برلماني فضل عدم ذكر اسمه. النائب أحمد سيف حاشد رفض التعليق على طبيعة عمل البعثة الموفدة ونوعية المواضيع التي بحثتها مع الأطراف المعنية، مكتفياً بالرد: "مهمة البعثة سرية، ونحن ملتزمون بالسرية المشترطة". وفي حين تكتمت السلطات عن غرض زيارة البعثة تعاملت معها إعلاميا على أنها زيارة رسمية هدفت إلى التعرف على التجربة اليمنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. بدا ذلك عبر خبرين نشرتهما وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" عن لقاءين للبعثة في الثالث عشر من الشهر الجاري مع وزير العدل غازي الأغبري ونائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والأمن رشاد العليمي دون ذكر للمهمة الرئيسية للبعثة التي أوضحت قرارات سابقة لاتحاد البرلمان الدولي أنها بعثة خاصة لتقصي حقائق حول قضايا اعتداءات وانتهاكات تعرض لها النائب المستقل أحمد سيف حاشد والنواب الاشتراكيين ناصر محمد الخبجي وصلاح قائد الشنفره وعيدروس نصر ناصر وسلطان السامعي. ومن المقرر أن يصدر البرلمان الدولي قراراً حول قضايا النواب المذكورين في الأيام القادمة بناء على تقرير البعثة والقرارات السابقة التي اتخذها خلال دوراته السابقة. ضمت البعثة مسئولين رفيعي المستوى في اتحاد البرلمان الدولي، بينهم نائب رئيس لجنة حقوق الإنسان- عضو مجلس الشيوخ البلجيكي السيناتور/ فيليب ماهو، وأمينة سر اللجنة السيدة/ إنجيبورج سكوارز، بالإضافة إلى خبير في القانون الدولي. حسب قرار سابق للجنة حقوق الإنسان في اتحاد البرلمان الدولي فإن برنامج البعثة تضمن لقاء مسئولين يمنيين حول قضايا النواب الخمسة. وكشف المصدر البرلماني نفسه أن برنامج البعثة شمل جلسات استجواب سرية مع مسئولين يمنيين منهم رئيس مجلس النواب اللواء يحيى الراعي، ونائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن رشاد العليمي ،ووزير العدل غازي الاغبري، النائب العام عبدالله العلفي، ووزير شؤون مجلسي النواب والشورى احمد الكحلاني. بالإضافة إلى جلسة استماع خاصة عقدتها البعثة مع الطرف الآخر الذي ضم النواب الذين يحقق بقضاياهم وممثليهم وممثلين عن منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الحقوق والحريات. ومن أسباب إرسال اتحاد البرلمان الدولي بعثة إلى اليمن ما ذكرته لجنة حقوق الإنسان الخاصة بالبرلمانيين في قرار تبنته في يوليو الفائت إن المعلومات التي قدمتها إليها السلطات بشأن قضية النائب حاشد كانت متناقضة إلى حد كبير مع ما قدمته إليها مصادرها في اليمن، وعليه أكدت على ضرورة القيام ببعثة ميدانية لجمع معلومات مباشرة من السلطات المختصة، والنائب حاشد نفسه، لفهم أفضل لكافة جوانب هذه القضية وإحراز تقدم نحو تحقيق تسوية مرضية. وذكرت اللجنة أن مجلس النواب اليمني طلب تأجيل أول موعد لزيارة البعثة في مايو الفائت بمبرر انشغال اليمن باحتفال بذكرى الوحدة اليمنية، كما طلب تأجيل الموعد الثاني للزيارة الذي حدده البرلمان الدولي في الرابع من أغسطس الماضي بحجة أن مجلس النواب اليمني في إجازة-- فيما كان المجلس حينها منعقداً، بحسب واقع الجلسات. وتتضمن قضايا النواب الخمسة اعتداءات جنائية تعرضوا لها من قبل أجهزة أمن الدولة وأخرى لم يكشف عنها، من بينها وقائع احتجاز ومحاولة اختطاف وتهديد وشتم، وانتهاكات متنوعة طالتهم جراء ممارسة واجباتهم ومهامهم البرلمانية. وتأتي قضية النائب أحمد سيف حاشد في أولويات هذه القضايا، والتي يحقق فيها البرلمان الدولي منذ عام 2007. حيث تعرض النائب حاشد- بحسب قرار سابق للجنة- لمحاولة اختطاف في مايو 2009، وهي الحادثة التي قالت اللجنة إنها ظلت بدون عقوبة حتى الآن. وتحدثت اللجنة عن إيراد اسم النائب حاشد في قرار صادر عن محكمة أمن الدولة في القضية رقم 119/ 2009، الذي أمرت فيه المحكمة جهاز الأمن القومي ب: "التحقيق معه، وجمع المعلومات عنه، وتحرير محاضر جمع الاستدلالات، وإحالة ما يرقى من التحقيق إليها". كما ذكرت اللجنة في قرار سابق لها بأن النائب حاشد ظل بسبب عمله في مجال حقوق الإنسان هدفاً لمضايقات تمثلت باعتقالات قصيرة الأجل، وطلب تقدم به برلمانيون من زملائه، ينتمون إلى الحزب الحاكم، لسحب الحصانة عنه، وشكوى تقدموا بها ضده جراء تصريحات كان قد أدلى بها، وتصعيد حملة صورته على أنه " كافر" و"مرتد"، نجم عنها تلقيه تهديدات بالقتل. إضافة إلى منعه من ممارسة واجباته ومهامه التي من بينها زيارة السجون واستجواب وزراء وأخرى. وكانت لجنة حقوق الإنسان الخاصة بالبرلمانيين في اتحاد البرلمان الدولي أبدت قلقها في وقت سابق مما أسمته التعدي على حصانة النائبين الاشتراكيين ناصر الخبجي وصلاح الشنفرة، و"حقوقهما الأساسية في حرية التعبير والتجمع وعدم مقدرتهما على ممارسة تفويضهما البرلماني". وفي قرارها الذي تبنته في جلستها السادسة والعشرين بعد المائة في (جنيف، 28 يونيو– 1يوليو 2009) أوضحت اللجنة أنها تلقت معلومات من مصادر تشير إلى"تعرض النائبين صلاح قائد صالح الشنفرى و ناصر محمد الخبجي لأشكال مختلفة من المضايقات والتهديد بالاعتقال في ظروف عديدة". وتضمنت قضية النائب عيدروس النقيب تهديد بالتصفية الجسدية تلقاه عبر جواله الشخصي برسالة قصيرة SMS في يونيو الفائت. ومع أن النائب النقيب تقدم ببلاغ إلى الجهات المختصة حول واقعة التهديد مع رقم الجوال، مصدر التهديد، إلا أن آخر مرحلة حتى الآن رست عليها القضية لدى الجهة القضائية المختصة هي "لا وجه لإقامة الدعوى نظراً لعدم اكتفاء الأدلة". وتمثلت قضية النائب سلطان السامعي احتجازه في نقطة عسكرية في محافظة تعز في السابع عشر من مايو الفائت. حيث أكد النائب الاشتراكي في تصريح صحفي له حينها بأن محتجزيه برروا احتجازه بوجود توجيهات عليا بذلك.