من سفوح جبال البيضاء الشاهقة وهضابها وسهولها، تحديدا مديرية الصومعة، اخترق الخضر العزاني جدار النجومية، وحطم أسوار مشيدة بالعقبات والصعاب، ليحط الرحال في بيت أحمر فاقع اللون يسر ناظريه ويأوي الجميع دون استثناء في جلباب تاريخ مرصع بالإنجازات والأمجاد. في العام 1978م اقتحم الخضر محمد ناصر العزاني، نادي أهلي صنعاء حاملا على عاتقه مشروع نهضوي بناء، لن يخطر على باله، حيث إنضم لفريق كرة القدم اللعبة الأشهر شعبية، قبل أن يرمقه موسيقار الزمن الجميل الكابتن سعيد العرشي الذي همس في أذن الخضر بنصيحة المحب بجملة مفيدة " اترك القدم فأنت أهل للعبة كرة السلة"، ومن هنا كانت الإنطلاقة رغم تمسكه بممارسة كرة القدم ليجمع بين الأختين. المدرب الوطني القدير علي صالح عباد اتفق جملة وتفصيلا مع نصيحة العرشي، ليخبر العزاني بالإتجاه صوب لعبة أصحاب القامات الفارعة، ليقبل التحدي وعلى إثر ذلك انطلق العزاني مهرولا نحو الملعب الأسمنتي لممارسة السلة، بالإضافة إلى تكليفه من قبل إدارة النادي بتجميع لاعبين في فئتي الأشبال والشباب بهدف تطوير أدائهم ومقارعة، الأندية الأخرى وهو ماتحقق. استنفذ العزاني طاقته وأخرج مافي جعبته من أجل معانقة الإنجازات، بعدما رفع كأس الدوري في أربع مناسبات ومركز الوصافة مرة واحدة، قبل أن يقرر هجران اللعبة الأنيقة بإعلانه الاعتزال نهائيا في العام 1987، بعدما أذاق خصومه المر والعلقم، ليتقمص مباشرة دور قضاة التحكيم، وخوض غمار تحد جديد لينتزع دورات محليه، قبل أن يختبر قدراته ويعبر أجواء اليمن، صوب سوريا، الأردن والعراق التي منحته الشاره الدولية عن جدارة واستحقاق في العام 1988، بمعية رفيق دربه الكابتن جميل أبو الايهم. في العام 1990، قرر العزاني خوض تجربة جديدة في العمل الإداري، بالإضافة إلى مجال التحكيم، من خلال ترشحه لكرسي رئاسة فرع اتحاد اللعبة بأمانة العاصمة، ليتم انتخابه بأريحية واستمر سبعة أعوام، كانت كافية للنهوض والإرتقاء باللعبة. في العام 1997 التفت شعبيته الجارفة في معقله ومسقط رأسه واختارته سفيرا مفوضا وعضوا برلمانيا فاعلا في مجلس النواب، ليكتسح الأصوات وينضم لفريق المرحوم عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب آنذاك. في العام 1998 اهتز عرش كرة السلة ودخلت مرحلة العناية المركزة بعد قرار توقيف وتجميد الاتحاد، قبل أن يتخذ أبناء اللعبة قرار لم الشمل بإختيار البرلماني العزاني رئيسا للجنة المؤقتة .. ولأن الرجل المناسب في المكان الأنسب حقق الخضر، المراد ورمى بكل ثقله وخبرته في سبيل تطوير اللعبة، من خلال مشاركته الفاعلة في إجتماع الاتحاد الآسيوي الذي عقد في العاصمة التايلاندية بانكوك، وفرض إسم الاتحاد اليمني للسلة في عضوية اتحاد غرب آسيا. استقرت أحوال اللعبة في 1998، من خلال إقامة المنافسات المحلية وانتظام الدوري الممتاز بطريقة الذهاب والإياب، وإقامة الدوري الشامل بالمحافظات، فضلا عن المشاركة في بطولة غرب آسيا للناشئين لأول مره في لبنان، وتحقيق أول انجاز لكرة السلة اليمنية، بحلوله المركز الثاني، والتأهل إلى نهائيات بطولة غرب آسيا بماليزيا. الإنجازات السلوية لن تتوقف في عهد باني نهضتها الخضر العزاني، حيث استضافة بلادنا أربع بطولات غرب آسيا للناشئين اثنتين في العاصمة الأم صنعاء ومن إحداهن حقق منتخبنا المركز الثالث، واحتضنت العاصمة الاقتصادية عدن بطولة واحدة حقق فيها منتخبنا المركز الثالث أيضا، وفي مدينة المكلا أحرز المنتخب الوطني للناشئين المركز الثاني والميداليات الفضية كأفضل إنجاز سلوي فضلا عن إحراز المنتخب الوطني للشباب المركز الثالث في البطولة العربية بسوريا. وجاءت فرص الأندية الفائزة بلقب الدوري، للمشاركة في بطولتي أنديه غرب آسيا والأنديه العربية، أبرزها أندية، أهلي صنعاء والميناء والتلال وشعب إب واليرموك. في الدورة الانتخابية 2004 ، 2008، لم تشفع للعزاني الترشح مرة أخرى لرئاسة الاتحاد بسبب اللائحة، ليتم تعيينه في العام 2006 رئيسا للجنة المؤقتة، وفي العام 2008، عاد لكرسي الاتحاد بانتخابه رئيسا حتى العام 2012، ليترك المجال للرئيس الحالي عبدالستار الهمداني الذي فاز في انتخابات الدورة 2012، 2016. في يوم السبت الموافق 27 يوليو 2019، خيم الظلام ودب الحزن في الوسط الشبابي والرياضي، بمجرد إعلان وفاة الخضر العزاني في العاصمة المصرية القاهرة، جراء مرض عضال، ليسدل الستار على حياة أفرزت معاني التفاني والحب والإخلاص في خدمة الوطن بشكل عام ولعبة كرة السلة التي دخلت النفق المظلم والعناية المركزة لغياب الحكمة التي تسببت في ضياع جيل ينتظر مصيره المجهول. لفتة لابد منها: نثمن جهود ودور الكابتن عبدالسلام صبرة ابن النادي الأهلي و أحد فرسان هذه اللعبة، وكذا الأستاذ القدير جميل أبو الأيهم في منح المعلومات ورصدها لصفحة النادي الرسمية في الفيس بوك فألف تحية لهما.