حكايتي مع الرئاسة التلالية الأولى (2-2)    دراسة صادمة: "تشات جي بي تي" يوجه المراهقين إلى سلوكيات خطيرة وانتحارية    إيطاليا تعطي الضوء الأخضر لمشروع ب5،15 مليار دولار لبناء أطول جسر معلّق في العالم    يوليو 2025 يدخل قائمة الأشهر الأشد حرًا عالميًا    جهد إعلامي متكامل.. "ثمانية" تنقل بطولات الكرة السعودية حتى 2031    لهايات للبالغين تنتشر في الصين لتخفيف التوتر والإقلاع عن التدخين    "أكسيوس": اجتماع أوكراني أمريكي أوروبي يسبق قمة بوتين ترامب    وزارة الثقافة والسياحة تنعي الشاعر والباحث والناقد كريم الحنكي    مركزي عدن المحتلة يغرق السوق بعملة جديدة وسط اقترابه من الإفلاس    إذا أقيل الشاعري فعلى كل جنوبي ان يستعد لحلاقة رأسه    حان الوقت للفصل بين الهويات اليمنية والجنوبية    لا قوات التحالف و وزارة الدفاع تستطيع الدخول إلى وادي حضرموت    بيت هائل.."نحن الدولة ونحن نقود البلد وهم يتبعونا!!"    وزراء خارجية 5 دول يرفضون خطة إسرائيل احتلال غزة    تير شتيجن يستعيد شارة القيادة    المدرسة الديمقراطية تكرم الصحفي حسن الوريث    الترب يعزّي في وفاة الشاعر والأديب كريم الحنكي    إيران.. ونجاح صفقة S-500 ودورها في تغيير موازين القوى (2)    مهرجان القاهرة السينمائي يطلق «CAIRO'S XR»    المدينة التي لن تركع (2): مأرب.. من جبهة مقاومة إلى نموذج دولة    هل يحذو محافظو محافظات الجنوب حذو المحافظ لملس في دعم المعلمين؟    العديني:تحويل مسار الخطاب الإعلامي بعيدًا عن مواجهة الانقلاب يصب في مصلحة المليشيا    رسميا: بوتافوغو البرازيلي يضم الحارس المخضرم نيتو    السهام يكتسح النور بخماسية في بطولة بيسان    وديا ... تشيلسي يتخطى ليفركوزن    السعودية ومصر ترفضان احتلال غزة وتطالبان بوقف الإبادة في القطاع    مأرب تحتضن العرس الجماعي الأول ل 260 عريساً وعروس من أبناء البيضاء    وفاة ستة مواطنين بينهم نائب رئيس جامعة لحج في حادث مروّع بطور الباحة    مقتل ضابطين برصاص جنود في محافظتي أبين وشبوة    السامعي يوجه رسالة شكر وتقدير وعرفان لكل المتضامنين معه ويؤكد استمراره في أداء واجبه الوطني    مستشفى الثورة… حين يتحوّل صرح العلاج إلى أنقاض    وزير التجارة يكشف أسباب تعافي الريال ويؤكد أن الأسعار في طريقها للاستقرار(حوار)    الفاو: أسعار الغذاء العالمية تسجل أعلى مستوى خلال يوليو منذ أكثر منذ عامين    إعلاميون ونشطاء يحيون أربعينية فقيد الوطن "الحميري" ويستعرضون مأثره    القبض على 5 متورطين في أعمال شغب بزنجبار    الأمم المتحدة تعلن وصول سوء التغذية الحاد بين الأطفال بغزة لأعلى مستوى    الذهب يسجل مستويات قياسية مدعومًا بالرسوم الجمركية الأمريكية    الإدارة الأمريكية تُضاعف مكافأة القبض على الرئيس الفنزويلي وكراكاس تصف القرار ب"المثير للشفقة"    اشتباكات مسلحة عنيفة بين فصائل المرتزقة في عدن    تفشي فيروس خطير في ألمانيا مسجلا 16 إصابة ووفاة ثلاثة    فياريال الإسباني يعلن ضم لاعب الوسط الغاني توماس بارتي    اكتشاف معبد عمره 6 قرون في تركيا بالصدفة    دراسة تحذّر من خطر شاشات الهواتف والتلفاز على صحة القلب والشرايين!    في تريم لم تُخلق النخلة لتموت    إنسانية عوراء    الراجع قوي: عندما يصبح الارتفاع المفاجئ للريال اليمني رصاصة طائشة    وتؤكد بأنها على انعقاد دائم وان على التجار رفض تسليم الزيادة    وسط تصاعد التنافس في تجارة الحبوب .. وصول شحنة قمح إلى ميناء المكلا    تغاريد حرة .. عندما يسودنا الفساد    القرعة تضع اليمن في المجموعة الثانية في تصفيات كأس آسيا للناشئين    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في إب    الصراع في الجهوية اليمانية قديم جدا    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبهة فهد القرني
نشر في يمن برس يوم 08 - 03 - 2016

قبل أسبوع نشر ناشطون صورة للفنان فهد القرني من خطوط التماس بعد فرضة نهم، كانت تلك الصورة وحدها تواجه سيلا من الشائعات التي بثتها ماكينة الإعلام الإنقلابي الكذوب حول جبهات الحرب!
في غرة مارس الجاري، جاء فهد القرني إلى مأرب، قادماً من تعز، كان البعض قد صنفه ضمن "شلة المحايدين" في هاشتاق الهجوم على الحياد السلبي #حايدي_و_ارقدي، لكن فهد قال فيه إنه كان نائبا للتوجيه المعنوي في مقاومة تعز، لم يكن غائبا البته، قال إنه كان يقوم بواجبه في اللحظة الفارقة التي لا يتخاذل فيها وعنها إلا مخذول.
الليلة عدنا من اللواء 302 ميكا في مأرب، لواء الفتح، كان فهد القرني يقاتل وحده، يحارب بجدارة وجسارة ونضج، كان يقف شامخاً بطلاً ممتلأً بالعتاد الفكري والفني، حاضر الوعي يردم الفجوات التي تُهزم منها الجيوش على مر التاريخ.
راقبت ألفاظه وانفعالاته الدرامية والمسرحية، وكان تلقائيا، لكنه لم يخن أمانته ولم يختل مسؤوليته، ولم يخذله دوره لحظة واحدة، فهد منظومة وطنية متكاملة، حين تتزاحم المصطلحات تحت لسانه يتأتأ بمسؤولية وينتقي الألفاظ والتوصيفات العميقة في أثرها ومدلولاتها، يحرص أن يوصّف شرذمة العصابة الحوثية بالإنقلابيين والمتمردين، ويخاطب الضمائر ويبرمج العاطفة والمشاعر، ويغرس قيم الحرب بالابتسامة.
في مسرحية من جزئين، حارب فهد القرني بقوة، ألقى ببنات أفكاره في عقول الجنود، ملأهم بالحماس، حملهم مخدرين، بالضحك، وأنضجهم بالفكاهة، ثم نوّمهم مغناطيسيا بالفن والدراما المسرحي البارع، ثم تجول بعقولهم في عقولهم، وبحث معهم عن العدو الحقيقي، كان الجنود مشدوهين يشاهدون أنفسهم، يتابعون صورة مصغرة لما يجري لهم في الجبهات بشكل يومي، واكتشفوا حجم الأخطاء التي تتحول إلى أخطار ومخاطر مهلة رغم صغرها في نظرهم، لكن فهد القرني كبّر الصورة، وقرّبها وسلط عليها الأضواء ووضعها تحت مجهره الفني، وقال للجنود: هكذا تخذلون أنفسكم، بالاستسلام للإشاعات، والانصياع خلف الواتس والفيس، والضخ الإعلامي المتلاعب بالأفكار، الذي يسرق النصر ويهزم الخصم نفسياً ومعنويا، فتح لهم فهد الستار عن حجم خطر الواتس في جبهات القتال، وعن أشياء عديدة.
في محور آخر أثناء العرض المسرحي، كان فهد القرني يغرس في أذهان الجنود وقادتهم أخلاقيات الحرب، وكان يعيد تعريف الصراع، ويعزز من جبهة التحالف العربي، قال للجنود: "هم يقولون إنكم مرتزقة سلمانيين، تقاتلون في صفوف السعودية" أليست السعودية دولة عربية، ثم سألهم: هل كنتم ولا تزالون تنادون بتحرير فلسطين؟ فهتف الجنود: بلى، قال فهد: أنتم تريدون تحرير فلسطين لأنها أرض عربية، والسعودية جاءت تخلصنا من الاحتلال الفارسي لأننا أرض عربية أيضاً، فلا تحزنوا من قول أذناب فارس وإيران وروسيا، الذين يعيروننا بالأشقاء، بينما هم أذناب للأعداء.
تنقل فهد في مسرحيته التي لم تتجاوز الساعة والنصف، بين ترتيب أفكار القادة والجنود، وتحرير بعض السلوكيات الخاطئة، وبين التعبئة النفسية والتحصين المعنوي للجنود، وبين التذكير بالأهداف الكبرى للصراع، وأنها حرب دولة ضد عصابة متمردة انقلابية، ولم يكن يبخل بالمزيد من المزاح والضحك وشد العزيمة والنصح والوعظ، فهد يقاتل ببسالة في جبهته التي وجد نفسه فيها وحيداً.
يوم وصل القرني إلى مأرب تشرفت بالجلوس معه، وتناقشنا كثيرا، وضحكنا وتجادلنا بالحسنى، وكنت منذ أول لحظة جلست فيها معه، قد عقدت العزم على رفع سقف الحديث معه متجاوزا مساحات مجاملات اللقاء الأول، لا أزال أتذكر منسوب الوعي الذي صنعه فهد القرني في مخيلتي منذ سنوات في مسرحيته الأقوى بعنوان " وبعدين يا عرب"!!
قال لي فهد: كيف أتيت إلى مأرب، قلت له هارباً متخفياً ملاحقا، وقد تخلخلت الأواصر الاجتماعية، بعد أن فككها الاحتلال وانقلب على أخلاق المجتمع وضميره، فباع الأقارب في أقاربهم والصاحب في أصحابه وابن القبيلة في قبيلته، وبلغت العداوة والبغضاء إلى تحت العظم، وأضفت له: لكنني تشردتُ هارباً يوم دخل أبطال الجيش والمقاومة إلى فرضة نهم بعد تشردهم منها قبل نحو أحد عشر شهراً.
عندها ابتسم فهد وقال: اللحظة المأساوية التي تعرض لها أصدقاءك في أرحب ونهم قبل أحد عشر عام تعرضت لها أنت بعد عام ربما، وبنفس التفاصيل، أي أن من تآمر على إخراجهم وتدمير منازلهم وقتل اخوانهم في أطراف صنعاء وعمران، كانوا من أبناء قراهم وقبائلهم، وذلك حدث قبل عام، وبعد العام عاد أولئك المظلومون المشردون إلى منازلهم، بينما هرب الحوثة والمتحوثون من القرى المحررة من الانقلاب، وفي تلك الأثناء كان المشهد بذاته يتكرر عندكم في عنس ذمار!! قلت بلى للأسف!
قال فهد: ولو كانت الدراما حاضرة لما حدث الوجع مرتين، ولحاربنا مرة واحدة بكلفة أقل، ذلك أن الدراما لا تنقل الأخبار، بل تعكس الواقع بكل تفاصيله الاجتماعية والنفسية والسياسية والعسكرية، وتخاطب الجميع أينما كانوا ومن كانوا!
يقاتل فهد القرني وحيداً، يناضل منذ عقدين بمفرده، مخذول لم يجد من يسانده كما يجب أن يكون فهد الفنان والمخرج والمفكر، والمشروع، يحتاج هذا الرجل إلى بيئة ترد له بعض الجميل، وتسانده مثلما ساندها يوم كانت الساحات خالية، فلا تخذلوا فهد القرني، ولا تتركوا جبهة الدراما مكشوفة لأن التقصير في جانب ما مصيبة لا تغفرها الأيام..
كونوا مع جبهة القرني يا أيها المعنيين، وأنقذوا الدراما، وساندوا جبهة فهد القرني لعلكم تنصرون.
Print


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.