مخرجات الحوار الوطني الشامل رفعتها الأطراف السياسية اليمنية على فوهات البنادق، كما رُفِع القرآن على أسنة الرماح (مع فارق الدهاء والخبث!). وبدت في صراع "الدُمى" الناري الدائر وسط مدن التنوير اليمنية ك"قميص عثمان"! أمسكت بعض الأطراف المعنية بنصوص من المخرجات وأخلّت بأخرى. بعض آخر حرص على مادةٍ في وثيقة الضمانات متجاوزاً مواد المخرجات، وأطراف ثالثة هدفت إلى تحوير بند من بنود الضمانات. ورابعة لم تكلف نفسها عناء مطالعة النصوص وإن ادعت حرصاً على تنفيذها رغم مخالفتها. وهكذا تعيش الكائنات السياسية حالة نسيان وإيمان انتقائي لما اتفقوا عليه، فنسوا -بفطرة الإنسان وفسادهم المكتسب- أن ما صاغوه أو كلفوا غيرهم بصياغته بوحيٍ منهم ورضاهم المسبق، يلزمهم التنفيذ التام وعدم المراوغة والتأرجح بين إلغاء ما قالوه، وبين قبول المتفق عليه مع نظرائهم. وإن عُذِروا بكميةِ المخرجات التي تُرهق أنظارهم وأذهانهم، بينما لا يرهق ضمائرهم العواصف المترتبة على اختلافهم وخلافهم وفسادهم تحت ستار "توافق" زائف على مخرجات الحوار وإيمان منقوص به! إذا آمنوا بالحوار ومخرجاته حقاً ما احتربوا. وإن حرصوا على وطنهم وأبنائه ما اقتتلوا. لكنها إرادة الله القائل: "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَ?كِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ". وقبل الانصراف يُساق للتذكير من وثيقة الحوار الوطني الشامل استقلالية الهيئات ذات الخصوصية: القضايا الاجتماعية: الجماعات المسلحة ص 180: ما يُنكِرُ على المتشدقين بمخرجات الحوار ما جلبوا على اليمن من حالة شنعاء: "موجه دستوري رقم (2) يحرم (القصد يُجرم) منح أي جهة أجنبية الحق في انتهاك السيادة الوطنية واستخدام الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية لليمن لتنفيذ أي عمليات قتالية أو عسكرية تحت أي مبرر. موجهات قانونية رقم (1) يُجرم قيام أي فئة أو حزب أو جماعة أو تنظيم نصب نفسه كجهة تسلط أو ضبط على أي جزء من الوطن أو جزء من المجتمع بأي حال من الأحوال". والله ولي الهداية والرشاد لمن أغواهم الفساد، وولي الصبر والنصر للمؤمنين الأبرياء.