بفضل الهلع، وتوهم الأشباح التي تحاول اغتياله، اتخذ عبده منصور جهاز التنصت على المكالمات جليسه الوحيد، وبفضل ذلك أصبح مصدر السبق الصحفي لقناة الجزيرة التي تتحف متابعيها بين الحين والآخر بمكالمة مسجلة للرئيس السابق علي عبدالله صالح، وكأنها كشفت السر الأعظم. كان جميع اليمنيين، ناهيك عن الرئيس صالح يعرفون أن هادي يتجسس على معظم المكالمات التي لا تستثني حتى مكالمات الغزل والتحرش.. وبالنسبة لرجل عرف بالدهاء وبراعة التلاعب بالخصم، لم يكن الرئيس السابق يحتاج لأكثر من هذا الغبي، أن يكون خصمك جاسوسك الذي ينقل عنك إلى نفسه ما تريد إبلاغه به دون وسيط.. يرفع صالح سماعة هاتفه الخاضعة لجهاز التنصت، الذي لا يفارقه الرئيس المتجسس، ويتصل بأحد أصحابه ليخبره بأمر ما، بينما الاتصال ومضمونه موجه لهادي. مؤخراً بثت الجزيرة مكالمة هاتفية يطلب فيها الزعيم من الشيخ كهلان أبو شوارب إبلاغ اللواء علي الجائفي تحذيرات مشوبة بالتهديد. ورغم أن المكالمة قديمة حيث مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات لم يُصبْ فيها الجائفي بمكروه ولم يتعرض خلالها لمحاولة اغتيال، فضلاً عن عدم نشوء أي توتر في صداقتهما كرفقاء سلاح، والأهم أن التهديد والوعيد كان موجهاً آنذاك لهادي على قاعدة (إياك أعني) غير أن المخابرات السعودية التي تحتفظ باستديو متكامل من مكالمات اليمنيين، وجدت في هذا التسجيل أملاً في الخروج من مأزق مذبحة الصالة الكبرى.. التنصل من الجريمة وتدعيم هذيان المرتزقة. كان هذا قبل أن يشتد الخناق على المجرمين ليعترفوا بعد ذلك بالجرم المشهود. ورغم كل شيء فالحقيقة التي لا يختلف عليها جميع البشر هي أن عبدربه هادي أسوأ رئيس حكم اليمن وأسوأ جاسوس استخدمته السعودية، وكما كان بقرة نحس وخراب على اليمن، فإن حظ السعودية منه ليس أفضل حالاً. أمضى ولايته كرئيس توافقي أسيراً لأبنائه الفاسدين ومرتهناً لقادة الإخوان المسلمين وسفراء المبادرة الخليجية.. يوقع، معصوب العينين، على كل ما يكتبه آسروه من أوامر رئاسية وقرارات تعيين وقرارات عزل وقرارات هيكلة وقرارات خراب ودمار، وتقارير تجسسية.