شيع الوسط الإعلامي بمدينة تعز اليوم جثمان فنان الكاريكاتير الصحفي الفقيد عارف أحمد عائض البدوي الذي توفاه الموت بعد صراع مرير مع المرض عن عمر ناهز 54 سنة أمضى معظمها في خدمة العمل الصحفي في مجال الكاريكاتير الذي يعد البدوي من أهم رموزه في اليمن. وشُيع جثمان الفقيد إلى مثواه الأخير بمقبرة الجحملية بعد الصلاة عليه في جامع عبد القادر. وكان في مقدمة المشيعين وكيل محافظة تعز عبد الله أمير ومدير عام مكتب الإعلام ابو بكر ألعزي ونقيب الصحفيين بالمحافظة خالد حسان وجمع غفير من الصحفيين و الإعلاميين والشخصيات الاجتماعية والسياسية وأسرة وأصدقاء الفقيد. و أشاد المشيعون بخصوصية التجربة الصحفية للفقيد الفنان عارف البدوي من خلال ما قدمه من أعمال أسهم من خلالها في خدمة الحقيقة مؤكدين أن رحيله يترك فراغا كبيرا ويمثل خسارة كبيرة للصحافة اليمنية ولفن الكاريكاتير في اليمن . إلى ذلك كتب الأستاذ عمار المعلم مدير عام اذاعة تعز أول رثا في فقيد الصحافة اليمنية بعنوان " أنت أخترت الصفحة الاخيرة " جاء فيه : ترجَّل فارس الريشة الساخرة عن جواده , و استراح من عناء السفر الطويل ... مات عارف البدوي , و كان يرقب اخر اوجاع الوطن بنظرة , لم ترسمها ريشته الكاركاتيرية هذه المرة , وانما رسم الالم بالدمعة الاخيرة , لانكسار أخر احلامه , و اخر خيباتنا و احلامنا المؤجلة .. عارف البدوي ... الذي ظل و لأكثر من ثلاثين عام , يصَّور مشاهد الحياة , بإحساسه الشفيف , و ريشته المنحازة للناس, ... عارف البدوي ... لم يمت بعبوة مفخخة , ولا بطرد ملغوم , ولا بطلقة قناص على دراجة نارية , كما كل يوم ... لكنه مات كسيراً , حزيناً , مكلوماً , بفعل الاهمال المتعمد , و تجاهل حكومة و نظام , ظل يرمم تجاعيدها التي استحالت على الترميم , و التحسين , و الظهور بمظهر لائق .... ابتسمت للصورة , لأنها مضحكة , و لم اكن أعرف في ذلك الحين , المغزى الحقيقي لهذا النوع من الفن الذي يحاكي هموم الناس , وبقليل من التوضيح , أدركت ان الصورة ليست مدعاة للضحك ... ومع مرور السنين , كانت الصورة تزداد وضوحاً , و الالوان القاتمة , تعلن سخريتها من كل شي يمس حياة المواطن , ( الكهربا , الغلاء , المستشفيات , المياه , الاسواق , التعليم , التجنيد , النظافة ) كل يوم اطالع وجه عارف البدوي , يكبر مع كل رسمة , تقترب من الوجع , ولا تعرف الى اي ذهن ديماغوجي , تسير . كل يوم ينزف الفارس , من شرايينه , دماً و يعتصر من اعماقه ألماً , للناس الذين يقرأون الصورة كل يوم قبل الجريدة ,... كل يوم و الوجوه التي احبت عارف البدوي , تلقي النظرة الاولى , على الصفحة الاخيرة , لترى ما الذي يقوله المتحدث الشعبي بأسم الشعب . وحين انكفاء الفارس على جرحه العتيييييق , في مستشفيات المدينة , لم يجد الدواء و لا الشاش ولا القطن و لا الحقن و لا الطبيب.. كأنه , على موعد مع الفصل الاخير من سفر أحزانه النبيلة التي أشهرها من أجل المرضى و المتعبين , الذين قدموا من القرى طوال خمسين عاماً من عمر الثورة والمستقبل و الغد و و و و و .... ولم يجدوا شيئاً من هذه المفردات . لكنه وجد الناس الذين احبوه .. وجد رصيده الضخم من العيون التي ابتسمت لرسوماته التي ترجمت مواجعهم , و تحدثت بأسمهم ... صديقي المتألق بريشته , والمُشهرُ سيف رفضه الابدي , حتى الموت ... هأنت تحتفي بموت يليق بك , الاهمال و التجاهل و الاعراض و التطنيش و الجحود و النكران , كل هذه العقاقير التي ذاقها , فرسان الكلمة , و الفن والريشة و الابداع و الموقف الباسل , - هأنت تأخذ حظك منها , لأنك حاربتها و رفضتها وجسدت مرارتها في رسوماتك اليومية , وكنت صادقاً في تعاطيك معها , و تناولك لموضوعاتها , فرفضت إلا ان تموت كما تموت الالوان الاصيلة ( زاهية و وبهية و اكثر نظارة وخلوداً , يستحيل على النسيان ) ... وداعاً ... عارف البدوي , صديق العيون المتعبة , والوجوه الشاحبة , و اصدقاء الصفحة الاخيرة .. وداعاً .... عارف البدوي , رئيس جمهورية الاطفال في جنتهم الموعودة كل خميس , في ملحق الاطفال .... انا حزين لذبولنا , بأنطفائك .. حزين لقهرنا و نحن نرقب موتك المثير , في ارض معركتك مع كل مظاهر و معاني ومسميات الفساد ... أما أنت يا صديقي ... فقد أخترت الصفحة الاخيرة كما أردتَ ...