وسط صمت الداخل وتجاهل المجتمع العربي والعالمي تشير الإحصائيات في سجلات مركز الأمل لعلاج الأورام بمحافظة تعزجنوباليمن أن ( 5600 ) حالة.. أصبحت ظروفهم تحت حكم المليشيات الهمجية التي تحاصر المدينة دون ذرة رحمة أو إنسانية.. وتقول هذه الإحصائيات أن ( 643) حالة وفاة هي ما أثبتته السجلات فقط خلال 2015 وحتى فبراير 2016... وهذا لمن تمكن من الوصول.. فكيف هو حال البقية؟ وفي ظل خلو أرفاف المركز من الدواء فأشباح الموت تقترب أكثر فأكثر من حيث كان للأمل عنوان!! وطبقا لتقرير نشرته إدارة الإعلام التابعة للمركز أنه منذ تأسيسه تكفل مركز الأمل لعلاج الأورام التابع للمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان تعز بتقديم الخدمات التخصصية التي يستلزمها علاج مرضى السرطان من فحوصات وتشخيصات وأطباء أورام وعلاجات كيماوية خاصة بدائهم. أخذ المركز على عاتقه تقديم أنواع الدعم النفسي والمادي والصحي لمريض تتجاوز معاناته حدود المعروف من الألم بأوجاع مزمنة وتكلفة مادية متفاقمة تتهاوى أمامها الإمكانيات العالية في سبيل الحصول على لحظة عافية وسلام. ومنذ بدء هذه الحرب الجائرة والمركز يسعى بثبات لاستمرار تقديم الخدمات لأكثر من 5600 حالة كانت تتردد للحصول على الخدمات العلاجية اللازمة لها.. ورغم ماتعرض له المركز من نهب وتدمير وإغلاق فقد سعى بإدارته وكادره المتفاني للبحث سريعاً عن مركز بديل يستمر من خلاله في تقديم الخدمات بحسب المتاح. من( 150) حالة تردد يومي كان المركز يستقبلها في الأيام العادية.. أصبح اليوم يستقبل ما بين( 40 - 60 ) حالة يومياً في ظروف هي الأسوأ على الإطلاق، حيث اضافة لانعدام الأمن ومشقة المواصلات وخطورتها تنعدم كذلك الأدوية الكيماوية المتخصصة وتنعدم ظروف التحضير الصحية القياسية التي كانت متبعة في المبنى الأساسي.. حين تم تدمير الكثير من الاجهزة التشخيصية في المختبر وكابينة التحضير الكيماوي والأثاث والتي تبلغ كلفتها بالملايين.. الدواء.. ثم الدواء.. ثم الدواء.. يقول التقرير الذي تحصل عليه يمن فويس أن المأساة الحقيقية لمرضى السرطان تكمن في عدم توفر الأدوية الكيماوية المتخصصة في أي مرفق صحي آخر.. حيث أن خصوصيتها وتكلفتها الباهظة والأدوية الداعمة لها والخدمات المصاحبة تستلزم مكاناً خاصا ًوخبرات خاصة. وفي ظل هذا الوضع من الدمار الشامل الذي اجتاح كل أركان الحياة اليومية انشغلت الجهات المعنية بأدوية الجرحى ومواد الإغاثة العامة.. ولم تلتفت لمرضى السرطان... أدوية مرضى السرطان لا تتوفر في الأسواق المحلية، وإيصالها من الشركات الخارجية يشكل عقبة كبرى في ظل الحصار الخانق والمحكم على المدينة.. هذه العقبة لتجاوزها تستلزم بشكل حاسم دور المنظمات والجهات الإغاثية في تحرك سريع وحاسم كي لا يتوقف العمل في المركز الذي يستمر في تقديم جهوده على كل الأصعدة النفسية والاجتماعية والدوائية للمرضى. حياتهم على المحك.. ( 643) حالة وفاة خلال فترة الحرب والحصار في محافظة تعز وحدها.. وهي الحالات التي وصلت إلى سجلات المركز ناهيك عن حالات الانقطاع والحالات المستجدة، ورغم هذا الوضع فقد خدم المركز ما يربو على( 2700 ) حالة في العام 2016 وبشكل مجاني تماماً حيث تترك الظروف الأمنية والمعيشية أثقالها على المرء الصحيح فكيف به وهو موجعٌ ومثقلٌ بأعباء مرضٍ خبيثٍ كمرض السرطان!!! تزداد حالات الوفيات والانتكاسات نتيجة عدم القدرة على الانتظام أو الحصول على الدواء.. وذلك رغم استمرار المركز في محاولاته الحثيثة لتوفير الأدوية الكيماوية وتقديم خدمات الدعم الاجتماعي والنفسي للمرضى دون توقف.. وما نزال نعي حجم مسؤوليتنا ودورنا .. ومع كل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها المركز.. فهو لم يألوا جهدا في طرق جميع الأبواب المحلية والدولية في البحث عن موارد لتوفير الأدوية واستمرار الخدمات.. يتواصل المركز بسمعة طيبة مع الكثير من الجهات المختصة لكن لم تفي بحجم احتياج متخصص يزداد حدة بإزدياد الحصار.. وكذلك.. فهو لم يهمل دوره في نشر الوعي الصحي في أوساط المجتمع بحسب المتاح في سلسلة من المحاضرات التوعوية والأنشطة المجتمعية المختلفة.. كي نقاوم ونستمر.. نحن بحاجة عاجلة وطارئة لتوفير الدواء الكيماوي أولاً وثانياً وثالثاً حيث تبدو أرفف صيدلية المركز خالية من العلاجات بينما تزدحم الممرات بالمرضى الباحثين عن الأمل.. ثم نحن بحاجة إلى توفير كادر يغطي العجز الحاصل في الاستشاريين وأطباء الأورام.. كما أن المركز بحاجة إلى إعادة تأهيل وتجهيز المبنى الأساسي لمركز الأمل لعلاج الأورام حيث يمكن احتواء عدد اكبر من المرضى وتقديم خدمات أفضل.. وفي ختام التقرير توجه المركز بمناشدة عاجلة لكل من بيده تقديم العون المادي واللوجستي... مناشدة بتوفير الدواء المتخصص.. للتخفيف من كارثة حقيقية لمرضى أنهكتهم رحى المرض الخبيث وسندان الحرب الجائرة..