السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق استغل ضعف المركز العراقي وحالة الفوضى الطائفية وأعلن أن قوات البشمركه سيطرت نهائيا على مدينة كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها مع الحكومة العراقية وبالتالي يكون قد ادخل إقليم كردستان ملعب النار الذي تلعب فيه الأطراف العراقية التي تحركها أطراف إقليمية أخرى من خارج العراق , وعلى ما يبدو كذلك أن مستشاري السيد مسعود البارزاني لم يحذروه أن من يلعب بالنار تحرقه وهم يعلمون أن هناك قوى تعمل على نار هادئة لإشعال كردستان لأنها تتخوف من وجود إقليم قوي وغني للأكراد في العراق مهدد لدول الجوار التي تعيش على أرضها الأكراد والذين لديهم حلم حقيقي و كبير يوحد سماء المناطق الحدودية مع تركيا وإيران وسوريا مناطق يطالب بها الأكراد لإعلان دولتهم المتكاملة المستقلة ولديهم أمل في إقامتها فهم يعلمون أن بداية الغيث قطرة . خطورة المشهد الكردي مرتبط بتلك الأخبار التي تناولتها وسائل إعلام عربية تأجج المشاعر السلبية لدى العرب والمسلمين عن تدفق نفط إقليم كردستان إلى إسرائيل و وضعت تلك الوسائل الإعلامية خطوط حمراء تحت الخبر وربطته بخيط العلاقة السرية بين إسرائيل والإقليم علاقة تجارية سرية وعسكرية ومخابراتية مع الأكراد وتنسى تلك الوسائل الإعلامية أن تشير إلى حقيقة أن الأكراد أيضا شاركوا في تحرير القدس عبر شخصية صلاح الدين الأيوبي احد أعظم الشخصيات في التاريخ الكردي , ولكن الهدف من تلك الأخبار والتسريبات السلبية عن الحكومة الكردية هو التشويه وخلط الأوراق وإثارة غضب العرب والمسلمين الذين يملكون احتياط بشري جزء كبير منة جاهل يسهل توظيفه ضد الأكراد والإقليم وحكومته , حيث تتناول تلك القنوات الأخبار المسمومة عن الإقليم بشكل يومي و تصور المشهد وكأن الحكومة الكردية وحدها من يقيم علاقة مع إسرائيل وإخفاء حقيقة أن هناك حكومات عربية تمتلك مستويات اكبر من العلاقة مع إسرائيل وبشكل علني .
العراق الآن ساحة مشتعلة باستثناء إقليم كردستان الذي ينعم بالهدوء والسلام والرخاء وهناك أيادي خبيثة تريد أن تجر هذا الإقليم الهادئ إلى مربع العنف عبر استغلال أي ثغرات أو هفوات سياسية أو عسكرية وعلى ما يبدوا أن السيد مسعود البارزاني قد بلع الطعم الكركوكي , وسوف يواجه تحديات منظمة ومنسقة وأولها التطرف الديني كمدخل لزعزعة الوضع الداخلي للإقليم , فالإسلام هو دين الأغلبية الساحقة في كردستان ذو ألأكثرية السنية وقلة شيعية في جنوب الإقليم فالدين والمذهب يسهلان اختراق أي شعب وأي دولة من دول العالم الثالث ولا يقف في وجههم أي حدود و هما من أهم العوامل المشتركة التي ترتكز علية القوى الظلامية التي استطاعت بفضل هاذين العاملين من هز وأضعاف أقوى الأنظمة في المنطقة وهو النظام السوري الذي كان يمتلك مقومات دولة وجيش قوي متكامل , ولا احد يستطيع أن ينكر أن الجماعات المتطرفة حاضرة على ارض الإقليم وبرزت أثناء الغزو الأمريكي للعراق في إقليم كردستان وهي ألان خلايا نائمة وفي غالبيتها جاهلة و تراقب الوضع في الشمال ومسائلة اتحادها مع إخوتها من المنظمات المتطرفة الأخرى في العراق مسائلة وقت ومن ثم واجب يفرضه الدين وقوة الدفع النقدي , أما التحدي الأخر أمام القيادة الكردية هو امتحان تجاوز لوبيات وأمراء النفط في المنطقة الذين لا يريدون ظهور قوى نفطية جديدة وناشئة لا تخضع لمعاييرهم وشروطهم والحكومة الكردية كما هو ظاهر للعالم تتبع سياسة مستقلة وفرض امر واقع وقرارات أحادية الجانب وهو ما يمكن فهمه من قبل قوى إقليمية بأنه تهديد لمصالحها وأمنها لتحرك بعدها هذه القوى الإقليمية أذرعتها في المنطقة لقلب حسابات وموازين الإقليم الذي يقف على أرضية أحزاب سياسية متنازعة تسعى للحكم وحركات مسلحة عسكرية تسعى للاستقلال داخل وخارج الإقليم .
عانى الأكراد الكثير من الظلم والاضطهاد والحروب والمذابح الأمر الذي دفعهم إلى المطالبة بتكوين دولتهم خاصة وأن العالم يمر في مرحلة جديدة من التاريخ في العلاقات الدولية بعد أن أفرزت التسويات والمعاهدات دولاً جديدة في خريطة العالم , و وفقاً للقانون الدولي لا يوجد قانون يمنع الانفصال و لا يوجد حق يمنع ذلك و القانون الدولي لا يضمن بقاء تركيبة الدولة كما هي إلى الأبد و قضايا المطالبة بحق تقرير المصير تكبر وتتوسع في دول العالم وخاصة في دول العالم الثالث وفي الدول العربية هي بمثابة القنابل الموقوتة .