تقتات أرصفة الشوارع من جوعي وترتوي كل الآبار من عطشي.. وتلتصق النجوم بخوفي وسهدي وتعشق الجدات كل الحكايات التي أسردها عن الليل والقمر وأبطالها..الخوف..الصمت..الضعف والألم منذ زمن أشعلت في الروح قنديلاً لكنه انطفئ!! فنضب الكلام ولم يعد في القلب ما يجدي لأقراه فكيف من جديد أشعل في الروح قنديلاً؟؟ وهذا الوطن لم يمنحني عود ثقاب حتى أطرد به حزناً يتحرش بي كل مساء.. كيف أشعل في الروح قنديلاً؟؟ وقلبي مفخخٌ بأسرار أخاف أن تتسرب يوماً على حين غفلة فتلهب الآفاق صفراءٌ هي أكفان الشجر.. حمراءٌُ هي أكفاني فتعالي أيتها الريح لأثقلك بهمومي وأحزاني وتعالي يا نايات الليل لأشرخك بأحلامي وأشعاري ولأسأل خيبة الأمل داخلي: لماذا لا تستبدل السماء زرقتها؟؟ لماذا لا يوضح البحر غموضه؟؟ لماذا لا تنصب الجدران أفخاخاً لاقتناص المطر؟؟ لماذا تسمم الليل بعتمة أشعاري والحنين؟؟ لماذا أصبحت كخريف العمر أحمل أوجاع كل النساء؟؟ أخامر كل خيبة أمل وأنكسر عند كل مفترق للبكاء.. لماذا لم يطلق أحد براءة طفولتي ؟؟ لماذا لا يعود لي ثدي أمي لأسامحه..وأصفح عنه لأني منذ زمن كنت طفلة لكني لم أشرب منه.. كيف من جديد أشعل في الروح قنديلاً؟؟ ليهديني مع ضوئه يقيناً بقدراتي الخارقة لأصارع هذه الحياة..وأصرعها في الأخير كيف أشعل في الروح قنديلاً؟؟ حتى تستطيع عصافيري الصغيرة التقاط فتات من الأرض حين تنام البنادق.. لكنها حتماً ستظل خائفة.. كيف أشعل في الروح قنديلاً؟؟ لتتركني الحرب قليلاً.. لتهديني مساحة للتمدد والانتشاء والهدوء.. لكني أتساءل: هل سيكفي هذا الوقت لحلم أو أمنية؟؟ وماذا عن خيبة الأمل داخلي .. وماذا عن تأبين هذه الخيبة!! وهل سيكفي هذا الوقت لأحب وطني من جديد ؟؟ أين وطني؟؟فأنا مازلت أحلم بالرجوع إليه لكنني أتفاجئ أنني هنا مقيمةٌ فيه!! هل سيكفيني هذا الوقت؟؟ لأحب رجلاً ما.. لأحرر أنوثتي المعذبة.. لأبحث عن ذاتي الهاربة وعن وجعي القديم وأبحث عن جوعي بين أكداس القمامة.. ربما سألقي نظرة أخرى على وطنٍ لا تستباح فيه الكرامة.. وعن جرحٍ آن له الأوان أن يفقد إحساسه بالألم.. هل سيكفيني هذا الوقت لأشعل في الروح قنديلاً لاينطفىء!! لأستقبل الأمل الأخير.. وأنهي سريعاً تأبين هذه الخيبة..