إن العنصرية المناطقية مثلها مثل القبلية والمذهبية والطائفية والحزبية لا تزال تضرب أطنابها وتغرس شوكتها في خاصرة اليمن شمالها وجنوبها و أصبحت في الوقت الحاضر تشكل أزمة أخلاق وقيم لا ينفع معها دفن الرؤوس في الرمال والتغاضي عنها , لأن البعض أصبح يمارسها علناً كإحدى متطلبات التميز والمفاضلة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي مختلف المجالات السياسية و الإعلامية والاجتماعية والحوارية , البعض الذي يعتمد على مزاجية التصنيفات الفكرية الناقصة المثقلة بحمولات نارية اتهامية تشكك في الأصل وفي الدين و الولاء للوطن . وهذا التشكيك من بذور التفرقة والفتنة والخطر, لأنه جمرة من تحت رماد ستطل برأسها مع أول نسمة هواء لتشتعل مع أي أطروحات مناطقية يدعو لها البعض عن قصد أو غير قصد , البعض الذين لا يفهمون أن العنصرية المناطقية لا يتغنى بها إلا الإنسان الجاهل الفاشل الذي لا قيمة له فهو شخص محطم من الداخل ضعيف لا يملك ثقافة ولا هوية تميزه .
ولذا تجده يدخل على المواقع الصحفية تحت غطاء منطقته أو قبيلته أو مذهبه كي تكون هي الو سيلة الوحيدة التي يتفاخر بها وطريقة سهلة لإعطاء نفسه قيمة ولكنها للأسف قيمة ناقصة تميزه كانسان جاهل , أما الإنسان المتعلم المتسامح فهو يبتعد عن هذه الأمور التافهة وهذه التصنيفات الملغمة بالعنصرية المناطقية والتشكيك بالوطنية لأنها من سلوكيات الجهلة الذين لهم مواقع إنترنت تزيد الفرد تعصباً وتعمقاً في الانطواء و الفردية والأنا المناطقية و القبلية والمذهبية والطائفية.
وتدخله في عداوة ونزاعات وممارسات عنصرية مع الآخرين , ليبتعد بعدها أكثر عن مفهوم الأمن الاجتماعي الذي هو أساس تماسك وتطور الشعوب والدول التي تحترم الإنسان و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يعلن أن البشر يولدون جميعا أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وأن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المقررة فيه، دون أي تمييز لا سيما بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي،
وأن جميع البشر متساوون أمام القانون ولهم حق متساوي في حمايته لهم من أي تمييز ومن أي تحريض على التمييز.أنا شخصياً لا أرى أي تنقيص في أن يحب المرء منطقته (مسقط رأسه) , أو يميل إلى أناس من أبناء منطقته يحملون نفس التربية و الذكريات والثقافة, أو أن يكتب المرء شعر يصف حبه لمنطقته أو يتغنى بها ,
شريطة أن لا يتجاوز حب المنطقة حب الوطن و كل مكوناته وبعيداً عن تطبيق سلوكيات العنصرية , التي هي من الأمور الخطرة جداً في حياتنا وتعتبر ظواهر قاتلة للمجتمعات وتعد احد أسباب الفتنة و تمارس من خلال بعض السلوكيات والمعتقدات التي يمكن من خلالها أن تعلي من شأن فئة ما بحيث تمكنها من التحكم بفئة أخرى , ولها أسس وضعها البشر يعتمدون عليها في تطبيقها مثل لون البشرة , والقومية , والدين والمذهب واللغة , الثقافات والعادات , العرق والإثنية ,
ومن بين هذه الأسس ظهرت في اليمن بعض الأيادي الخفية تعبث بها في الظلام وتبذل المحاولة تلو الأخرى لبعثها بهدف بث الكراهية المناطقية بين أبناء اليمن شمالاً وجنوباً تحت غطاء مفاهيم عنصرية مناطقية معيبة مثل دحباشي , عدني 48 , خادم , حجري , بدوي , ...الخ , و لو تتبع أحدكم تعليقات قراء المواقع الإلكترونية الخاصة ببعض الصحف سيلاحظ أن القراء في تعليقاتهم يشتمون الكاتب بذات الألفاظ ويشتمون بعضهم البعض تحت أسلوب التخمين في فك شفرة ألا صول من خلال المناطق و الأسماء. وأسلوب الكتابة والتعليق وهو ما يكشف عن نفس تعصبي مريض , حيث أن بعض التعليقات تنم عن عقده مناطقية نتنة مزمنة وشعور واضح بالنقص والدنيوية لدى المعلق الذي تحمل تعليقاته عنصرية مناطقية قديمة و خبيثة بالكاد تخلصت منه هذه البلاد ,
و المعيب أكثر أن يعلق البعض ويكتب في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى صفحات المواقع الإخبارية كلمات مليئة بألفاظ بذيئة تطعن بمواطنة الأفراد وأسرهم وتجرح وتؤثر نفسياً واجتماعياً فيهم و في مكونات اجتماعية أخرى أصيلة لها جذورها الضاربة في البلاد والمجتمع ولها كامل الحقوق ولا تختلف بشيء عن أحد من أولئك المرضى.
المتفاخرين بالمنطقة و القبيلة بل ربما تكون أكثر وطنية وانتماء منهم , وهناك فئة أخرى من المعلقين الحذق ممن يسلطون سيف المناطقية والمحاسبة والتهديد والوعيد كل من لا ينتمي لهم ولمناطقهم ولأفكارهم , هؤلاء فئة تسمي نفسها بالمثقفة ولديها حبتين من الثقافة والدراسة فتكتب تعليقات أو مقالات يتيمة فيها دعوى للجاهلية وتستخدم ألفاظاً عنصرية ذكية و مناطقية تمس ثوابت الدولة والروابط الوطنية والاجتماعية وتحاول أن توصل صوتها بهذه ألطريقه الإجرامية , وللأسف هي بمثابة دليل , على أن مرض العنصرية المناطقية يصيب الناس على اختلاف درجاتهم العلمية وانتماءاتهم المناطقية والقبلية .
المهم أن نعلم أن هذه الأصوات والتعليقات الغير أخلاقية ستظل ظاهرة خافتة ضعيفة سرعان ما تختفي مهما حاولت أن تضخم من نفسها وتبث سمومها في المجتمع , لأن الناس أصبحت تعي أن المناطقية والبدائل الخاطئة في الانتماء والتحريض ضد الآخرين تولد النزعات العنصرية والقبلية والطائفية وهم في حذر منها لأنها تنشر الخراب والدمار للبلدان وشعوبها , ويحاربوها في حدود إمكانياتهم البسيطة.و يعتبرون أن السكوت والتغاضي واعتبار ما يصدر عن البعض من تصريحات عنصرية مناطقية ليست حوادث شخصية أو فردية وإنما عمليه ممنهجة وتمارس بشكل مدروس.
وأن هذا يزيد المشكلة تفاقماً ويجعل علاجها مستقبلاً أكثر صعوبة , و لذا ارجوا من مسئولي السياسة الإعلامية والمواقع الالكترونية أن يساعدوهم في محاربة هذه القضايا بوطنية شفافة ,لأنها ظاهرة خطرة على دولة شعبها يدعي الإسلام و يؤمن بالله ورسوله ( صلعم ) التي كانت أحد أهم مبادئه هو لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى , وعن العنصرية بكل أشكالها قال : دعوها فإنها منتنة .