كنت معتاد في كل مرة اغادر فيها البلاد متجها الى عدن يبدأ جوالي بالرنين مكالمة تلو الاخرى حينها ينتابني شعور جميل وذلك بمعرفتي للمكانة والاهتمام من قبل امي وسؤالها الدائم عني وتحديدا اثناء الفعاليات الجنوبية وخوفها الشديد من بطش وعنجهية قوات صنعاء . الان اصبح لي يومين في عدن وبكل شغف ورجاء اراقب شاشة جوالي انتظر ذلك الاتصال الذي افقدني الكثير وجعل مني مجرد جثة بلا روح كسفينة اضاعة بوصلتها تتلاطمها امواج البحر دونما شفقة أو رحمة أحيانا اسلي نفسي مخاطبا اياها بسرية تامة ان ما حدث مجرد حلم لا غير ولكن للأسف يصدمني الواقع بكل ما اتاه الله من قوة وتقهرني تلك الحقيقة التي تقول "بأن امي قد رحلت وانتقلت الى جوار ربها" حينها تموت في جسمي كل عروق الحياة معلنة السكون الذي يقفل في وجهي كل معاني الفرح والسعادة رحلت أمي ورحل معها الشعور الجميل بالحياة رحلت دون سابق انذار.. نعم انه الموت ذلك المربع المخيف والمرعب الذين ينتظرنا جميعا اكملت امي مشوارها وانتقلت الى جوار ربها لتعلو روحها الى السماء بطمأنينة وسلام بعد حياة حافلة ومفعمة بالعطاء والخيرات فقد كانت وستظل نعم الام في تربية ابنائها الذين عانو حياة اليتم وفقدان الاب منذ سن مبكرة، واستطاعت وبجدارة عالية من اخراجهم الى بر الامان وضحت بكل سنوات عمرها الجميل في رعايتهم والسهر على راحتهم ليكونوا بعد ذلك قدوة سرمدية تنير طريقها بكل فخر واعتزاز، ماذا اقول يا أمي وكيف باستطاعتي ان افيك حقك بهذه الاسطر المتواضعة والتي لا تمثل ولو قطرة من الماء في بحرك العظيم. اسال الله لكي الرحمة والغفران يا أمي يا ملهمتي قبل موتك وبعده .