هيام الأحمد شاعرة سورية مجيدة تكتب الشعر العربي العمودي بحرفية عالية لها مشوار طويل في نسج الشعر .. وجدنا في قصائدها الصدق الفني والخيال الواسع والصافي .. لها كاريزما فائقة تشدك وتجذبك بسلاسة وعذوبة .. حاولنا أن نقتحم أسوار حرفها عبر صحيفة عدن الغد فخرجنا بحروف وروائع .. كونوا معنا .. حاورها / سعيد المحثوثي
- كسؤال تقليدي .. من هي هيام الأحمد ؟ هيام عبد الكريم الأحمد .. المؤهل : إجازة في الحقوق من جامعة دمشق إجازة كلية تربية معلم صف من جامعة البعث متزوجة وعندي أولاد عملت بالتدريس فترة طويلة ، والآن أعمل موجهة إدارية في إعدادية العصماء عندي مجموعة شعرية واحدة ( ذئب العيون ) والكثير من الأشعار تنتظر أن ترى النور ..
- أين موقع المرأة في الشعر العربي ؟ في الواقع مع وجود بعض الأسماء اللامعة على الساحة العربية إلا أنّ المرأة في مجتمعنا العربي ما تزال متأخرة عن الرجال في كثير من المجالات ومنها الشعر .
يقولون إن الشعر يولد بالفطرة ثم بعد ذلك يتم صقل الموهبة بالأدوات فما رأي شاعرتنا بهذا .؟ هذه مقولة صائبة فالشعر موهبة تولد مع الإنسان ، وإذا أتيحت لها ظروف العناية والاهتمام نمت وترعرعت وأثمرت ، وإلا ظلّت البذرة مدفونة حتى تعافها التربة وتموت دون أن ترى النور .
بعيداً عن كونكِ شاعرة هل أنصف الشعر المرأة ؟ لا أشعر بأن الشعر قد أنصف المرأة ، فما هو متاح للشعراء ممنوع عن الكثيرات من الشواعر ولذلك نجد عدد الشواعر قليلاً جداً إذا ما قيس بعدد الشعراء ، ولكن الشاعرة المجيدة تشق طريقها مجتازة كل الصعوبات .
هل أثنت شاعرتنا يوماً على المرأة بقصائدها .؟ نعم كتبتت الكثير للمرأة وصفاً ، وغزلاً ، وأثنيت عليها وأذكر مما كتبت لها : ( الضرّة ) يا قصّة الأيامِ ذوبي في فمي زوري فُصولاً قد تعشّقها دمي حتّى أُعاتِبَ مَنْ تَنَكّرَ للهوى مَنْ كُنتُ ألثمُ قَيْدَهُ في مِعْصمي قد كنتُ أنسجُ في هواكَ قصائدي كم كنتَ في روحِ القصائدِ مُلْهمي ! علّمتني معنى الهوى وفنونه مِنْ همسِ حُبِّكَ قد بدَأْتُ تَعَلُّمي ! لو راعني الدهرُ المُقَنَّعُ بالأسى آتي إليكَ لأستجير وأحتمي أُلقي عذابي للجحيمِ وأهلهِ كفراشةٍ في روضِ صدرك أرتمي هل كانَ ذنبي أنّ حظي عاثِرٌ ؟ وبأنني للجرحِ دوماً أنتمي ؟! كم ليلةٍ بِالشوقِ قدْ أشعلْتُها ليظلَّ ماسَكَ في غيابةِ منجمي ! أتظنُّ أني لا أتوقُ لِحملِهِ ؟ طفلاً يُبدّدُ ليلَ خوفٍ مُظلمِ !؟ ألقاهُ مثلَ الفجر يأتي ضاحكاً و الخدُّ يشكو عِشْقَه للمبسمِ !! فأُوزّعُ القُبُلاتِ مثلَ حمائمٍ مالتْ لها الأغصانُ ميْلَ مُتَيَّمِ وتضجُّ كلُّ خليّةٍ في داخلي شوقاً لعاطفةِ الأمومةِ في دمي أحبيبُ قلبي من يُجرّعني الردى ! للهِ أشكو ظُلامَتي وتَظَلُّمي ! أَتسوقُها لي ضُرّةً ، لا تتّقي من صرخةٍ شقّتْ فضاءَ تَأَلُّمي ؟ وسنابلُ الشعرِ السخيّ تركتها فَلِمَنْ سَتُهدي يا ربيع الموسم ؟ وتريدُني مثلَ الحمام وَدَاعةً ؟ وتقودُني من جنّةٍ لجهنّمِ .. ؟!! لمْ تكترثْ للنار تأكلُ خافقي فأذوبُ حرقاً من لظاها المُضرمِ ! وأظلُّ خلْفَ البابِ مثلَ ذبيحةٍ والقهرُ سكّينٌ تحُزُّ بأعظمي هيَ في سريري الآن تخطُبُ ودّها وسقيتَها من كأس الوصالِ المنعمِ ؟؟ صُبِغتْ خدودي من خضاب أناملي فالعضُّ صيّرها بلونِ العندمِ ما كنتَ تسألُ كيفَ يشرَبُني الأسى في جرعةٍ فاقتْ مرارَ العلقمِ كيفَ المنامُ يزورُ جفنك لحظةً ! وبجوفِ صدركَ ألفُ قلبٍ آ ثمِ ؟ سأظلُّ يا فرعون أنثاك التي صانَتْ هواكَ بألفِ عقدٍ مبرمِ إن شِئتَ أسبابَ السماءِ فإنّني سوّيْتُ من أضلاع صدري سُلّمي أنى رحلتَ فإنّ قلبي راحلٌ فاهنأْ بقلبٍ قد أحبّكَ وانعمِ لكنْ ، سأكتبُ والدموعُ وسيلتي في يوم عرسكَ كنتُ أشهدُ مأتمي
كيف استطاعت الشاعرة أن توفق بين بيتها ومسؤولياتها وكتابة الشعر وهل هناك من عوائق تواجهها .؟ نعم أستاذ سعيد ، الإنسان عامة والمرأة خاصة تمتلك قدرات هائلة إن هي أرادت ، أنا موظفة و عندي أسرة كبيرة والحمد لله و لعملي وأسرتي المقام الأول ، ولكن الشعر هاجس يقتحم علي كل الأماكن ، أحياناً تباغتني فكرة فأكتبها حيثما كنت ومعظم كتاباتي نتاج سجالات في المنتديات الأدبية ، طبعاً علاقاتي الاجتماعية كانت محدودة تقتصر على الواجبات الملحّة ، والآن وبعد الأزمة تكاد تكون معدومة ، فكل وقت فائض عن واجباتي اليومية هو للشعر .
يقولون وأنت تعلمين جيداً تقاليد وأعراف مجتمعنا العربي المحافظ في الغالب إن على الشاعرة أن تقتصر على المواقع الالكترونية والدواوين وما شابه لنشر ما تجود به قريحتها وأن تهجر المنابر والأمسيات والإعلام المرئي بصفة عامة ، فما رأي شاعرتنا بهذا الأمر .؟ صدقت أخي المحثوثي ، تعاني المرأة ضغوطات المجتمع والعمل والأسرة ، ونحن في سورية نعاني مزيداً من الضغوطات بسبب الأزمة التي كبّلتنا بألف قيد وقيد ، لي قصيدة أصف فيها حال المرأة الشاعرة وبعضاً من معاناتها : ( لا تكوني شاعرة ) إنّي نصحْتُكِ ، لاتكوني شاعرة عيْنُ الزمانِ عليك دوماً فاغِرة لا تلْمَسي جُرْحَ الأنامِ بِهَمْسةٍ إنّ الجراحَ من الجراحِ مُسافرة !! لا تقربي للذكرياتِ فإنّها هجعتْ على سُررِ الأنينِ الذاكرة للهِ يا وَجعَ القصيدِ بِداخلي لو قستُهُ بجراحِها المتكاثرة ! كانتْ إذا هاجَ الحنين بقلبِها هرعتْ إلى أوراقها المُتناثرة صحراؤهم مغرورةٌ لم نعترفْ لسحابةٍ بغيومِ حبٍّ ماطرة سدّوا المسالِكَ والنوافِذَ دونها أمستْ منَ الإحساس دنيا شاغرة ظلت تكابدُ ما تلاقي خلسةً أحشاؤها في جوفها متناحرة رشقوا قصائدَها بسوطِ لسانِهم يا ويح من تهوى القريضَ الكافرة ؟! تمشي على جرحِ العذابِ يمينُها وحروفُها مطعونةٌ بالخاصرة لو أطعمتْ جوعاً بهم من شهدها ألقوا الحبالَ لِرَدِّ كيدِ الساحرة أو أزلَفَتْ للعشْقِ جنّةَ قلْبِها مجنونةً قالوا ، و قالوا : فاجرة !! كوني كما شاؤوا ، وشاءَ كبيرُهم مسلوبةً ، مقموعةً ، أو عاهرة ! لا تكْشِفي بالبوحِ عن سَوْءَاتِهم كوني الستار لكل عينٍ صاغرة وإذاارادوا من مباهج ليلهم لنوالها ظلي خلايا ساهرة لا تُفْسِدي بالشعرِ صفوَ حياتِهم كوني جماداً ، لا تكوني شاعرة
هل شعر الغزل حكر على الشاعر دون الشاعرة .؟ لا أبداً الشعر مضمار واسع والحلبة فاتحة صدرها للجميع وفي كل المجالات الغزل وغيره من فنون الشعر .
لماذا يركز المجتمع العربي بشكل خاص على ذكر الخنساء كشاعرة قدوة للمرأة ، ما قصة الخنساء باختصار وهل عند ضيفتنا أسماء شاعرات قدوة غيرها لا نعلمهن ؟ (أم الشهداء) أم عمرو تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد من أشهر شاعرات العرب. وقد أجمع علماء الشعر أنه لم تكن امرأة أشعر منها، وشعرها كله في رثاء أخويها معاوية وصخر اشتهر رثاؤها في أخويها وعظم مصابها. وأنشدت الخنساء في سوق عكاظ بين يدي النابغة الذبياني وحسان بن ثابت فقال لها النابغة:- (اذهبي فأنت أشعر من كل ذات ثديين. ولولا أن هذا الأعمى (يعني الأعشى) أنشدني قبلك لفضلتك على شعراء هذا الموسم).. وهناك شواعر كثيرات مجيدات / الخرنق بنت بدر أخت طرفة بن العبد من أمه و ليلى بنت عبد الله بن الرحال بن شداد بن كعب الأخيلية والكثيرات كالشاعرة عاتكة بنت زيد و عمرة بنت مرداس وسعدى بنت الشمردل وحسانة التميمية .
هل لضيفتنا الشاعرة تأثر بشاعر ما أم لها طابعها الخاص .؟ أحببت شعر نزار قباني جداً ولكن أعتقد أن لشعري طابع يكاد يكون خاصا .
أنتِ عضو في نخبة شعراء العرب كيف تقيمين المجموعة وكيف تجدين مسيرتها باختصار والنخبة الآن أين وإلى أين ؟ نخبة شعراء العرب اسم على مسمى إنها واحة تضم خيرة الشعراء والنقاد أراها الآن تتبوّأ مقاماً محموداً وهي في مصاف المجموعات الأدبية المتقدّمة وأظنها في سمو وارتقاء دائمين إلى أن تنفرد بالمراتب السمية العلية .
لو كنتِ مخيرة هل ستختارين نفسكِ شاعرة ؟ نعم أختار أن أكون شاعرة ، وأتمنى أن أستحق هذا اللقب .
- كلمة أخيرة توجينها لزميلاتكِ الشاعرات في العالم العربي وللصحيفة .؟ اكتبن الشعر فالشاعر أقرب في الوصف إلى الرسول ، بالشعر نرقى ونسمو، إنه غذاء الروح و زاد المشاعر ، وهواء النفس ، وماء القلب وإكسير الحياة .. وأقول للصحيفة (عدن الغد ) وللعاملين فيها لكم المجد والتوفيق والسؤدد أيها الأباة حماة الشعر والفكر ، الحريصون على الثقافة والتراث الحافظون عهود اللغة إلى يوم يبعثون .. بوركتم ودمتم الأروع .