رحم الله البردوني حين قال: ماذا أحدث عن صنعاء يا أبتي مليحة عاشقاها السل والجرب سبق وأن كتبت في مقال سابق أن صنعاء لن تتخلى عن طبيعتها المذهبية والعنصرية وأن أبناءها من كل الاتجاهات سيتحالفون مع الشيطان من أجل الإبقاء على مصالحهم ونفوذهم إلا من رحم الله وهم قلة لا حول ولا قوة لهم .. لم أندهش ولم أستغرب حشود السبعين الغفيرة وهي حشود حقيقية تعودنا عليها في 2011 وليست كما يروج له البعض نوع من الدبلجة.. حشود السبعين جاءت لا لشخص صالح كم قد يفهم البعض ولكنها حضرت لمصالحها التي يرون أن صالح يمثلها من على الأرض ولو في المياه الآسنة التي تناسب تركيبتهم البكتيرية التي يصعب عليهم العيش خارجها.. صفقوالصالح الذي أشعل نار الحرب ضد المشروع الفيدرالي ويحاول خنقه في المهد وتركوه يمر بقواته ووقفوا مع القوى المتخلفة التي تدعي الحق الإلهي وهم يعلمون إنها خطيئة عظمى، لكنهم يدركون "أن ما لله لله وما لقيصر لقيصر" جاءوا إلى السبعين حاملين معاول الهدم لمشروع التحرر والانعتاق من ظلم الفرد للفرد والفئة للفئة والمذهب للمذهب .. خرجت الآلاف المؤلفة وزحفت من أقليم آزال وما جاوره رغم هدير الطائرات ليشكلوا (سونامي بشري) يجتاح ميدان السبعين.. في مشهد مذهل بكل المقاييس، ولكنه ليس مستغرباً على شعب اعتاد على تربية الثعابين ! التي رقص صالح على رؤسها كثيرا وشكل منها دمى محنطة ينقلها إلى أي مكان شاء وتحت أي لافتة وفي أي معرض.. صالح لم يكن إنسان فاشلا لأنه استطاع خلال ثلاثة عقود أن يخرج لنا شعب ممسوخ محنط وزرع في فكره وفي قلبه أنه نبض حياته ومصدر رزقه وولي نعمته ليكون لسان الحال " ما علمت لكم من إله غيري" فاستخف قومه فأطاعوه وهم يؤمنون بأنه مصدر تدفق الدماء في حياتهم، فانقادت صنعاء ببساطة لصالح إلى ميدان السبعين مثلما انقادت له بالأمس ضد جهة واحدة .. المرة الأولى تأييدا و الثانية نكاية وتشهيرا .. وفي الحقيقة هم ضد مشروع النظام الفيدرالي مشروع الحياة لكل اليمنين .. مشروع الوحدة الحقيقية المكتملة التي لكل الناس وبغض النظر عن الملاحظات التي تحيط بهذا المشروع أو تنتقص منه وفق رأي البعض.. مهما يكن فإن الصراع على أشدة بين شعب يريد أن يعيش بكرامة وعقليات تريد أن تعيش على أنقاض الكرامة وهذا ما أطال فترة الحرب وجعل السواد الأعظم من الناس يسأمون ويصيبهم اليأس والقنوط فصاروا لا يؤمنون إلا بما هو واقع وعفاش والصماد وعبد الملك، هم الواقع الماثل أمامهم لأنهم على الأرض يسرحون ويمرحون في أرجائها ، ومن هذا المنطلق يجب على دول التحالف بقيادة السعودية أن تخلق واقعا آخر يؤمن به الناس ويكون ماثلا أمامهم وأن يكون مصدر شرعية هادي ومن معه واقعا على الأرض المحررة مالم فعلى القوى الفاعلة ان تحترم إرادة الجموع المحتشدة اينما وجدت وتحت أي لافتة، فأنها لا تجتمع إلّا مع من تراه أمامها وتعتقد بأنه يحمل همها ويتبنى طموحاتها وأهدافها. صنعاء رفعت شعار التأييد لمشروع صالح وحسم أهلها أمرهم، فماذا أنتم فاعلون ؟!!