في عام 490 قبل الميلاد قامت حرب بين اليونان والفرس في منطقه أسمها (ماراثون )وأنتصر اليونانيون على الفرس ،وبعدها خرج مسرعاً شخص أسمه فيدي بيدس وجرى مسأفه 40كيلو متراً من ماراثون إلى أثينا ليخبر جماعته بالنصر فمات من شده التعب والإرهاق ،وهكذا سمي سباق الماراثون تيمناً بهذا العسكري .. وفي خلجات كل منا هناك النور والظلمة .. وان الظلم هي الظلمة .. ففتش عن ظلمات قلبك،علَّك تتداركها بتوبة تلقى فيها العدل والقسط والنور, ولا تأمنن بجهل عن جهلك, لست معصوما ولا مرابطا, فتنبَّه, واتهم في عزلة النفس نفسك, اتهم في عزلة النفس...نفسك.
حاسبها وراقبها, ولا تترك لها زمامك فتقودك بهواها في مسالك شقواها, فتضل صوابك... ولا تتبعها وتمجدها وتسلم لها بما تراه كأنها طيبة نقية, صالحة معصومة, فما أوتيت كما أوتيت من رفعة وكمال ..
وتمهل قبل أن ترمي الناس بأحجار ظنك, وما أوتيت مسبار السرائر, فلربما كان من ترميه بالبخل فقيرا يتعفف, ولربما كان من أحصيت زلله, واحتقرت عمله, لمَّا رأيت لممه, لربما كان من أهل السبق الذين لا ينتقض باللمم برّهم, ولا يضرهم مع بقية الصدق الحبس عن العمل.. ولربما اتهمت بالتقصير من كان متفضلا بالكثير قبل اليسير..
كأني بالنفس في سباق كبير شامل للسير, كالماراثون, وكأني بها تلهث وتهرول, وتهرول وتلهث في قطع المراحل, كل دقيقة تضيع تفوّت فرصة في اللحاق بخط النهاية المرصود في الظن..وفي هذا اللهاث المحموم ربما تسقط أشياء صغيرة لا يلقي لها العابر المشغول باله وقلبه ولا يدري أن في تفويتها وباله وهلاكه ..
في أحد سباقات الماراثون كان المتسابق الفائز هو الشخص الوحيد الذي وصل إلى خط النهاية, لم يصل أي من بقية المشاركين الألف لنقطة النهاية, ولم يكن الفائز الوحيد الذي أكمل السباق أوفرهم قوةً ولا نضالاً ولا صموداً ولا دأباً في السعي, فكلهم كان يجِد ويكدُّ في المحاولة, لكنه كان الشخص الوحيد الذي سلك الطريق الصحيح بينما ظل الباقون يركضون في الاتجاه الخاطئ..
إن الخطأ الذي تتهاون به في مراحل الطريق يشبه انحراف المكوك عن مسار انطلاقه بزاوية ضئيلة جدا أقل من جزء من المائة من الدرجة الواحدة.لكن هذه الانحراف الطفيف الذي يوشك ألا يلحظ سينتهي به مع اتساع محور الانطلاق في الجو لأن يهبط منتكسا في أعماق المحيط ولما يقطع في رحلته الموسومة شيئاً قط .لا تركض في الاتجاه الخاطئ..
ومهما كنت في انشغال محموم فلا تنخدع ولا تنساق اليه .. هو سباق الماراثون الكبير.والكل مشارك فيه مسبقا وبتلقائية, لا أحد يريد أن تفوته الفرصة في اجتياز خط الكمال المحدد سلفاً..