من يناضل حباً في الوطن لا ينتظر أجراً ، ومن يناضل من أجل السلطة دائما يترصد غنيمة. فمن يقبل بتعويض مقابل نضاله هو ليس مناضلاً بل مرتزقاً، إن ثقافة الأستعلاء والهروب إلى الأمام هي أفضل مايتقنه ويتفنن فيه ''أشباه المناضلين'' حينما يقفون على المحك، أو حينما تعرض على أنظارهم ''منجزاتهم'' المتعثرة التي يعكسها الواقع، هم محترفون في ذلك أكثر مما يتصور المرء، ولكن المواطن اليقظ سرعان ما ينتبه لضحالة مواقفهم وزيف إدعاءاتهم المغلفة بالحذلقة المقيتة والانتهازية الرعناء، إن من صفات المناضل الملتزم نكران الذات والأناقة في التواصل والتواضع،وهذا مانفتقده في عصرنا الحالي ،فأما نكران الذات فيتأسس على خدمة الناس ومشاركتهم هموهم ومعاناتهم مادياً وإعتبارياً ومعنوياً، وأما الأناقة التواصلية فأتعني الإصغاء للآخر بصرف النظر عن خلفياته وتوجهاته وقناعاته المغايرة، ومجادلته بالكلام اللبق ،النضال غاية منبعها الوعي،والأخلاق والحس الجماهيري والروح النقدية، ينمو مع الشخص ويلازمه طالما هو حي، في الحل والترحال،
ولنا من الشواهد التاريخية ما يؤكد هذا الأمر،النضال حضور وتجذر وإنتماء، يكسب صاحبه محبة الناس وتعاطفهم لعلمهم علم اليقين بأنه لن يخذلهم مهما تغيرت الأحوال،النضال وعد ووفاء بالعهد،إنه الشرط الإنساني الوحيد الذي يسمح للكائن الآدمي بالارتقاء إلى منزلة الإنسان ،وهذا هو حقيقة النضال فالشخص الذي يمتطي صهوة النضال السياسي أو الجمعوي من أجل تحقيق مآرب شخصية دون أن يخجل من نفسه ولا من جشعه، هو كائن وصولي محتال، لا يمكن وصفه بالإنسان ، فهو ربما إلى الشيطان أدنى وأقرب..