في ظل استمرار وضع لا دولة ولا نظام ، وفي ظل تلاشي أي بوادر للأمل والذي كان ينتظره أبناء يافع أن تقوم الدولة به نيابة عنهم ، و في ظل تدهور الأوضاع على المستوى الداخلي ، ما كان من أهالي مناطق يافع إلا الإعتماد على الله ومن ثم على أنفسهم وعلى رجال يافع الخيرين ، فقامت ثورة شق الطرقات وسفلتتها وتنظيم وترتيب الأسواق والحفاظ على الامن . وبما أن اليزيدي جزء لا يتجزأ من يافع ، ومن السابقين في البدء في تبني مثل هذه المشاريع الحيوية بنفقات أهليه خالصة ، اقدم مكتب اليزيدي بالبدء في تنفيذ خطة استكمال سفلتت الطريق العام التي توقفت الدولة عن استكماله بسبب الأوضاع التي تمر بها البلاد ، علما بان هذا الطريق يعد الشريان الرئيسي الذي يربط اليزيدي ببقية المناطق ، كذلك يعد هذا الطريق هو الطريق الرابط بين محافظتي لحج وابين.
فكانت هبّة اليزيدي لسفلتت هذا الطريق هي الشرارة التي أشعلت ثورة سفلتت الطرق في يافع وبتمويل أهلي 100% .
ما أن أعلن الاهالي بدأ هذا المشروع هب الناس هبّة رجل واحد ، رجال ونساء ، شبابا وشيوخا ، تجارا ورجال اعمال ، استنفروا كل مجهوداتهم وما جادت به نفوسهم في منافسة منقطعة النظير قل ما تجدها في وقتنا الحالي في ظل ترتيب وتنظيم واشراف لجان معتمدة ومشهود لها بالكفاءة والأمانة والحرص وحب الخير من أبناء المنقطة ، وبعون الله وتوفيقه تم استكمال طريق جبل اليزيدي بمجهود ونفقة اهليه خالصة ساهم بها الجميع من اليزيدي ومن محبي الخير من يافع عامة , ومن ثم تم عمل دراسة للخطوة الثانية من المشروع والذي يتمثل في مد وتوصيل الاسفلت الى المجمع التربوي والإداري في جبل اليزيدي والذي يقع في قرية الشرف وكان لأبناء قرية الشرف اليد الطولى في هذا العمل او كاد ان يكون كاملا على نفقتهم مع بعض المساهمات البسيطة من إخوانهم من ابناء اليزيدي .
وبالفعل تم تحديد الهدف والوصول اليه في ساعات او ايام معدوده وكان الهدف هو تكلفة المشروع بعد الدراسة المقدمة من المقاول الذي يشق الطرقات ويسفلتها في يافع حاليا , وما كاد ان تنتهي هذه المرحلة حتى هبت عواصف الخير وتحركت القلوب عند مشاهدة هذا العمل الجبار فقرر أهل الخير من قرية احرم وقرية تي كبابة بالمضي في درب صنع المعجزات التي تسطر في اليزيدي ويافع ، فاجتمعوا لإقرار مشروع جبّار ومعلم تاريخي وهو سفلتت طريق القريّة احرم تي كبابة .
وبعد دراسة الموضوع من جميع جوانبه فتح باب التبرع في القريتين فانهمرت الصدقات والتبرعات بقلوب سخيّة وعطاء غير ممنون وشارك فيها جميع اهل القريتين بطيب نفس وكرم وسخاء ، شارك المقتدر وغير المقتدر ، رجال ونساء ، اطفال وشباب وشيوخ كلٌ بما جادت به نفسه .
ونذكر هنا بعض المواقف التي ستخلد أبد التاريخ في روعة فعل أصحابها أطفال فتحوا حصالاتهم التي جمعوا فيها من مصروفاتهم وقدموها مع ابتسامة أمل لمستقبل مشرق لهذا المشروع ، ومنهم من استلم عيديته وذهب بها الى لجنة التبرعات مفضلا فرحة اهله وجيرانه عن فرحته ومتعته بالمال.
نساء قدمن حليهن تبرعا للمشروع ، احداهن قدمت من اغنامها لانها تعد أغنامها اغلى شي لديها ، وأخرى قدمت سيارتها الخاصة الجميع شارك بأنفس طيبة هنيئة وحتى الأموات غفر الله لهم جميعا أيضا كان لهم نصيب في هذا الاجر جزاء ما زرعوا في قلوب ابنائهم وأحفادهم من تربية حسنة على حب الخير والعمل الصالح ، كيف لا يكون لهم موطئ قدم في هذا المشروع الذي يعد من الصدقات الجارية وفي ظل وجود أُناس مثل هؤلاء بعدهم يجودون بالغالي والنفيس في ساحات الاعمال الخيرية.
لكن وبعد كل هذا الاستنفار من أبناء القريتين لم يستطيعوا من تجميع المبلغ المرصود لهذا المشروع نظرا لطول الطريق وكبر المشروع وتكلفته الباهضة كادوا أن يفقدوا الأمل ، ولكن كان عندهم يقين بأن لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس وخاصة وهم يعلمون المجتمع الذين يعيشون فيه ( يافع ) ، فاستعانوا بإخوانهم من حولهم فجاءهم سيل عرمرم يمسح القلوب قبل مسح الطرقات ، ويسفّلت الصدور بالحب والاخاء والترابط والتكاتف قبل أن يسفلت الطرقات , فقد جاء المدد من الله عبر مجموعة واتساب فتحت في اليزيدي ومن يريد المساهمة من اهل الخير في يافع باسم طريق احرم تي كبابة.
فهناك تجلّت صور الاخاء صور العطاء صور السخاء صور الكرم في عمل مهيب وكرم وسخاء عظيم تدافع اهل الخير من اليزيدي ، يزيدي الجبل ويزيدي الواد ومن يافع قاطبة كلا يريد ان يحظى بلبنة من صدقة جارية يسجل فيها اسمه في قلوب اهل القريتين وفي مذكراتهم وفي مجلدات توثيقهم للأحداث وقبل ذلك تسجل عند الله سبحانه وتعالى صدقة جارية خالصة لوجه الله الكريم .
فعن أي شيئا اكتب وعن أي شيئا اتحدث هناك ظهرت وتجلت الاخوة في ابها صورها ، وتجسدت واقعا ملموسا ، وردمت وسدت جميع فجوات الفرقة والاختلاف والتي زرعها دعاة الفتن وتجار الحروب في معظم مناطق الجنوب ، فعادت روح التعاون والمخوة يدا واحدة ، وتجاوز كرم العظماء والخيرين حدود مناطقهم وقراهم فتدفق سيلا عرمرم كما اشرت سابقا ينبع من قلوبا مملؤة بالحب والخير تتدفق الى قلوب الناس قبل ان تتدفق الأموال الى المشروع .
حقيقة تعجز اللسان عن وصف المشاعر التي حصلت وتحصل ونعجز ايضا ان نرصد ونوثق كل المشاهد الجميلة التي رأيناها فقد حصل تسابق وتنافس مهيب في اشكال مختلفة لا تخلوا من المرح والدعابة والكرم , وفي نكهة إبداعيه جميله صاغها المشرفين على المشروع واللجنة المنظمة وكأننا في كرنفال ثقافي او مسابقة جماهيرية لا نستطيع وصفها , اكتب هذا المقال وما زال الباب مفتوح الى ان نبلغ الهدف حسب الخطة المقدمة من المقاول ، وبعدها سيكون دور مشروع اخر فقد بدأت عجلت التطور والبناء ولن تتوقف , من مجال الى اخر ومن قرية الى أخرى وسنعمل وسنوجد إن شاء الله بالتكاتف وتوحيد الصف ما لم توجده لنا الحكومات والدول .
فشكرا لأهل الخير من يافع قاطبة ومن ال يزيد وشكرا للجنة المنظمة وشكرا للمشرفين وأمناء الصناديق وشكرا للمحصلين تشكلت جميع هذه اللجان بصورة عفوية تلقائية كواجب وضرورة ملحة على الجميع ان يشارك بها كلا حسب امكانيته وقدراته وذلك في استكمال هذا المشروع .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضاه وتقبل من المنفقين ما أنفقوا وجزاهم الله الجنة وجعل ما يقدمونه خالصا لوجهه الكريم وجعل هذا المشروع صدقة جارية تدُر الاجر والثواب للإنسان في حياته وبعد مماته اللهم آمين..