عاجل: القوات الأمريكية تعلن إصابة ناقلة نفط في البحر الأحمر بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    4 إنذارات حمراء في السعودية بسبب الطقس وإعلان للأرصاد والدفاع المدني    الرقابة الحزبية العليا تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    الاحتلال يواصل توغله برفح وجباليا والمقاومة تكبده خسائر فادحة    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كردستان.. انتصار ملهم للشعوب المقهورة!!
نشر في عدن الغد يوم 30 - 09 - 2017


تمهيد:
غالبا ما اتى الحديث عن (حراك الحدود والسيادة) المتمردة على حدود اتفاقية سايكس بيكو بصورة وعظية او يشوبها تاثير نظريات المؤامرة الكبرى وبعاطفية قويمة او دينية وبروية تشبه "حديث المسيحيين واليهود عن (معركة هرمجدون) ما يقولون انها الحرب النهائية بين الحكومات البشرية والله حد وصفهم وبموجبها تقاوم هذه الحكومات ومؤيدوها الله‏ فمنذ الآن برفضهم الخضوع لسلطانه وهي المعركة التي يقولون انها ستطوي الصفحة الاخيرة في تاريخ الحكم البشري ولم ياتي الحديث بعقلانية وبطريقة علمية تتفهم استحالة بقاء حدود مابعد الحرب العالمية في الشرق الاوسط نتيجة تململ الاقليات الاثنية والعرقية والدينية وحتى المذهبية واستحالة بقاء الحدود التي رسمتها اتفاقية نوفمبر من عام 1915 ومايو من عام 1916 التي اتت بعد مفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك والتي كشفت ونشرت بعد وصول الشيوعيين إلى سدة الحكم في روسيا عام 1917.
تحليلات وتناول عاطفي:
على مدى الاعوام القليلة الماضية التي اضطرب فيها الشرق الاوسط، تم عرض أطروحات لتقسيم المنطقة عبر مراكز الدراسات الاستراتيجية ومنابر الصحافة العالمية، لا ترقى هذه الأطروحات لتوصيفها ب(المخططات) لأنها أولًا أقرب للتوقعات، وثانيًا، أنها قد جاءت في كتابات بعض المحللين، ولم تأتِ من دائرة صنع القرار، ثم أنها ثالثًا تخلو من هدف استراتيجي جامع يربط بينها.
ومن بين تلك الأطروحات، أطروحة (الدولة المدينة)، النموذج الذي يُتوقع أن ينتشر في الشرق الأوسط خلال العقود القادمة:
القدس- الحجاز– بغداد- مصراته– جبل الدروز، كلها مدن مرشحة للاستقلال بذاتها كدويلات ذات طابع خاص.
وغيرها من الاطروحات التي اتت كوجهات نظر لكتاب او محللين كذلك، ومنها فكرة تقسيم باكستان وأفغانستان ل4 دول، وهناك مقال شهير نشر في النيويورك تايمز قبل سنوات تحت عنوان (كيف يمكن أن تتحول 5 دول ل14 دولة؟) كان فيه تحليل لم يوافق الواقع حتى الان ولايزال رغم ذلك مرجع لكثير من كتاب العرب من محبي نظرية المؤامرة.
كما كانت هناك بعض التوقعات تتنبأ بضربة جوية ضد إيران ترد عليها إيران وحزب الله بمهاجمة إسرائيل، وبعض دول الخليج بالصواريخ، ومع تصاعد المعارك تقوم إيران بإغلاق مضيق هرمز، يعقب ذلك تقسيم إيران وإنشاء الدولة الشيعية العربية.
واللافت ان معظم التوقعات تلك اتفقت جزئياً على أن" مصر وتركيا والسعودية ستستعصي على التقسيم بمعناه المفهوم، ولكن يُقتطع منها (سيناء من مصر– كردستان من تركيا– الحجاز وجنوب غرب وشرق السعودية)، يُخطط لهذه الدول الثلاث أن تنتهي إلى مصير الدول الفاشلة، اما ما اجمعت عليه فهو الدول العربية التي سيتم تقسيمها مع تاكيد ذلك وهي العراق– سوريا– اليمن– ليبيا– لبنان.
ولعل من ابرز ما يقدمه الكتاب والمحللين كدلائل على "المؤامرة" كما تململ عرق او مذهب او شعب في الشرق الاوسط نتيجة للظلم والاهمال وغياب المواطنة المتساوية هي ما يعرف (بخطة برنارد لويس) لاعادة رسم حدود الشرق الاوسط والتي غالبا ما قدمت بصورة "عاطفية قومية دينية".
وتجد الكتابات حولها على النحو التالي :"وفى عهد جيمي كارتر الذى كان رئيساً لأمريكا فى الفترة من 1977- 1981 تم في عهده وضع مشروع التفكيك, الذى وضع فى عهده "برنارد لويس" المستشرق الأمريكي الجنسية, البريطاني الأصل، اليهودي الديانة، الصهيوني الانتماء الذى وصل إلي واشنطن ليكون مستشارًا لوزير الدفاع لشئون الشرق الأوسط. وهناك أسس فكرة تفكيك البلاد العربية والإسلامية, والتي وافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع وفي جلسة سرية عام 1983م عليها كمشروع وتمَّ تقنين المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية المستقبلية وهى الاستراتيجية التى يتم تنفيذها وبدقة واصرار شديدين ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضًا، عبر مشروع لويس وهو الذى ابتدع مبررات غزو العراق وأفغانستان ولعل ما يحدث فى المنطقة من حروب وفتن يدلل على هذا الأمر."
هكذا وبعاطفية تدرس خطة لويس ويقدم مع تجاهل دراسة اسباب تململ الشعوب والاعراق في الشرق الاوسط وانتشار الظلم وغياب المساواة في الحقوق كما لا يتم الالتفاف الى خطأ توقع برنارد لويس فيما طرح ووجود احتمالات تقسيم لا تاتي حسب ما توقعه او رسمه لويس في خطته.
فلويس رسم تقسيم الجزيرة العربية بصورة تلغيها احداث الواقع الحالي او حتى تحليلات الانقاسامات المستقلبية فهو قال حسب الخطة والخرائط :"في شبه الجزيرة العربية سيتم إلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات العربية من الخارطة ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة والخليج ثلاث دول فقط 1) دولة الإحساء الشيعية وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين 2) دولة نجد السنية 3) دولة الحجاز السنية." كما هو واضح في صورة الخريطة ايضاً.
ولانه لايجب التعميم فيجدر الاشارة الى بعض التحليلات التي تناولت الوضع من منظور سياسي استراتجي يخص الادارات الحالية للعالم دون التعمق في التاريخ او الحديث بعاطفية قومية او خلفية دينة وقالت ان التركيز الاعلامي على فكرة اعادة تقسيم الشرق الاوسط ياتي في صورة تخص الحقبة هذه و كورقة ضغط على:
1- تركيا.... في حالة معارضتها لمشروع الدولة الكردية في كردستان العراق المقترح خلقها في حال فشل المشروع الأمريكي السياسي والعسكري في العراق لتكون كردستان المكان الأمن لقواتها في حالة انسحابها .
2- إيران.... كتهديد مباشر على تدخلها السافر في العراق وتجاوزها لخطوط حمراء وضعتها الإدارة الأمريكية لها.
3- السعودية .... لمنعها من دعم (المتمردين) أو لفيدرالية شيعية في الجنوب.
4- باكستان.... لضمان عدم ترددها بضرب (طالبان) والعناصر الإسلامية المتشددة وضمان بقائها ضمن المشروع الأمريكي.
الاكراد تمرد على الظلم ام ادوات لمؤامرة:
والمستجد الحالي من الحراك "القومي" الرافض لحدود (سايكس بيكو) هو ما اقدم عليه اقليم كردستان العراق من اجراء استفتاء حول انفصال الاقليم عن العراق ويمكن تناول الحدث بعيدا عن العاطفة القومية والدينية ونظرية المؤامرة الكونية على العرب والمسليمن حتى نفهم الامر.
فللاكراد مسيرة طويلة، تميزت بالظلم واستلاب الحقوق وانكارها، وفي المقابل هناك بسالة وتضحيات دفاعاً عن الكرامة والكينونة وهو عامل يعولون عليه في تحريك ضمير العالم لنصرة تحركهم متسلحين بقضية عادلة بامتياز، امام من يدّعون التزامهم بالقيم الانسانية، وفي المقدمة منها، الحق في الحرية، والكرامة، وتقرير المصير في العالم ويحاولون استثمار عقدة الذنب لدول "الحلفاء في الحرب العالمية الثانية وهي صانعة حدود العالم فيما بعد " محملينها المسؤولية الأخلاقية والتاريخية تجاههم بحرمانهم من وطنهم القومي المستقل، المتواصل جغرافياً وديمغرافياً، بمساحة تقارب نصف مليون كيلومتر مربع، وتكريس واقع توزيعم (أكثر من 35 مليون انسان)، ضمن كيانات أربع دول (تركيا، ايران، العراق، سوريا)، وليعيشوا حالة مستمرة من الصراع والتوتر وعدم الثقة، بل والعنف والحروب الدموية عبر تاريخيهم النضالي الطويل. وعلى الرغم من تجانسهم السكاني (بغالبية اسلامية)، ووحدتهم الحضارية، ومساهماتهم التاريخية في تعزيز الدولة الاسلامية، والذود عن مصالحها ومقدساتها، من خلال نماذج ساطعة، كصلاح الدين الأيوبي وآخرين، إلا أن ذلك لم يكن كافياً، ولا مقنعاً، للدول والقوى الفاعلة في هذا العالم الذي لايريد التخلص من الظلم والكيل بعدة مكاييل(!) كما يرون .
وفي المقابل يعيش في كردستان الاشوريون والكلدان والسريان الى جانب الكرد والتركمان كما تعايشت الديانات والمذاهب المختلفة، فالكرد مثلا، بعضهم من اتباع الديانة اليهودية ممن عاش واستوطن في زاخو وعقرة واربيل ومناطق اخرى وقد هاجروا بعد الحرب العالمية الثانية من كردستان لاسباب مختلفة، واكثر الكرد من اتباع الديانة الاسلامية وقله منهم من اتباع الديانة الايزيدية وهي ديانة قديمة اقدم من الديانة المسيحية ومن الكرد ممن هم من اتباع الديانة المسيحيه الى جانب مذاهب مختلفة مثل (الكاكه ئية، والشبك والعلوية ) ورغم ذلك فان حرية العبادة وممارسة الطقوس والشعائر الدينية مكفولة للجميع ولم تشهد كردستان مشاهد العنف بين القوميات او اتباع الديانات او اتباع المذاهب.
اكراد العراق الاسباب المباشرة:
ويمكن القول ان "مسعود البرزاني، أحسن اختيار التوقيت الذي يقدم فيه إلى العالم أوراق اعتماد دولة كردستان العراق المستقلة" التوقيت الذي يقدم فيه إلى العالم أوراق اعتماد دولة كردستان العراق المستقلة، وهو ما يؤكده المشهدان، العراقي والإقليمي، وتداخلاتهما الدولية. المشهد العراقي، وبعد الصراع الدموي 14 عاماً، أصبح مهيئاً للقبول بدولة فيدرالية متعددة الأقاليم، فما الذي يمنع قيام دولة كونفدرالية، تكون دولة كردستان عضواً فيها. وللمشهد الإقليمي جوانب متعددة. تركيا التي أعلنت صراحة تحفظها على الاستفتاء، لا يبدو أنها تعني ذلك واقعياً، فهي وثّقت علاقاتها بإقليم كردستان، وعقدت معه ما يكفى من اتفاقيات أمنية، واقتصادية مستقبلية. ومن مصلحة دولة كردستان المزمعة أن تبني علاقاتٍ وثيقة مع تركيا التي تمثل لها منفذاً مهماً إلى العالم، والبحار المفتوحة، بحكم كونها دولة حبيسة. أما إيران فقد وثّقت مبكرا علاقاتها مع كردستان العراق، وأكراد إيران لا يمثلون خطراً للجمهورية الإسلامية، فهم أقرب إلى الفرس من العرب. والمشهد العربي، خصوصا المحيط الإقليمي للعراق، يعاني من تصدّع شديد، سواء في سورية والصراع المفتوح، متعدّد الأطراف، على أرضها، أو في الخليج العربي، وما يشهده من أزمات وانقسامات، وحرب مفتوحة في اليمن.
وكان تقرير صدر عن المركز العالمي للدراسات التنموية ومقره العاصمة البريطانية لندن أن رصدد اسباب توقع من خلالها “ انفصال إقليم كردستان عن العراق وإعلان الدولة الكردية”.
فقد أوضح التقرير أن “الظروف المحيطة بإقليم كردستان وعدم قدرة الإقليم على تحمل الضغوط المالية من بغداد جراء عدم صرف الموازنة والسماح بتصدير النفط ستدفع بسلطات الإقليم لإعلان الدولة الكردية والانفصال”.
ومن المتوقع ان تسهم نعومة وطبيعة المشروع الكردي في تفهم الكل له حيث لايقدم على انه تفتيت لبلد او "انفصال " ناجز من قبل قيادته فقد سبق لمسعود البرزاني رئيس الإقليم ان قال في حواره مع الإعلامية زينة يازجي، مقدمة برنامج “بصراحة ” على فضائية سكاي نيوز العربية، “إنه حان الوقت للاتجاه للصيغة الكونفدرالية، وعلى الشعب الكردي تحديد القرار بما يخصه وليس لدولة العراق” مضيفاً “إن استقلال كردستان عن العراق أمر سيتحقق في يوم ما”.
وبصورة اعمق يشرح الباحث الدكتور آزاد أحمد علي بالقول أن “إقليم كردستان العراق لا ينفصل، بالمعنى الدقيق للكلمة وإنما يسعى للانتقال إلى إعلان الاستقلال، من جهة أخرى إن إعلان تلك الدولة، إن حدث، فلن يكون في (شمال العراق)، وإنما في أراضي جنوب كردستان”. مضيفاً “على ما يبدو حتى التقارير العملية لم تتحرر بعد من الثقافة الكولونيالية التقليدية البريطانية اتجاه الكرد”.
كما ان المصالح ستلعب دورا في تليين المواقف وبالعودة الى التقرير البريطاني فقد اشار إلى أن “تصدير النفط من الإقليم سيكون أولى ملامح الدولة الكردية خاصة وأن إشارات عديدة صدرت من الحكومة التركية تبين عدم وجود معارضة لقيام تلك الدولة. فتركيا وحكومة أردوغان تنظر إلى إقليم كردستان كحليف استراتيجي وما زيادة حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 10 مليار دولار و تواجد قرابة 1600 شركة تركية في الإقليم والاستعداد لتصدير النفط الكردي إلى تركيا ومنه إلى العالم إلا إشارات صريحة على رضى تركيا لإعلان دولة كردية في شمال العراق رغم ارضاء القوميين الاتراك من قبل الحكومة بتصريحات او حتى اجراءات لكنها غير مجدية.
وبحسب التقرير فإن إيران أيضاً “لا تمانع في قيام الدولة الكردية لأن طهران تدرك تماماً أن ذلك يقلص من حصة العراق في أوبك خاصة وأنها تخطط للعودة بقوة لسوق النفط العالمية بعد رفع العقوبات عنها”.
أما سوريا “فلا يبدو أنها قادرة اليوم على إبداء أي رأي يتعلق بالقضية الكردية خاصة وأن أكراد سوريا باتوا جزءا من الصراع الدموي الدائر” بحسب التقرير ذاته.
ويبين تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية أن الولايات المتحدة وأوروبا “لا تمانعان من جهتهما من إعلان الدولة الكردية لوجود معظم شركاتها النفطية في إقليم كردستان، مع اهتمام واضح بميزات العقود المبرمة مع الإقليم والرغبة في تجاوز عقبة الخلافات بين بغداد وأربيل التي تعرقل وصول الصادرات إلى الأسواق العالمية”.
وبحسب التقرير ذاته “فإن إقليم كردستان العراق قادراً حاليا على تصدير 700 ألف برميل من النفط يومياً وهو ما يعتبر مرحلة حاسمة في تاريخ العراق وكردستان على حد سواء”.
وتطرح وجهات نظر اخرى حول الاسباب المباشرة لطرح الاستفتاء في الوقت الحالي بالذات من قبل قيادة كردستان لاسيما الحزبين الاكبر في الاقليم.
ويقول محلل كردي :" لماذا طرح "بارزاني" مشروعه في هذا الوقت بالذات (25 سبتمبر) وقبل موعد الانتخابات العراقية القادمة؟! هل لكي يمنع الطرف الكردي بكافة اطيافه السياسية من المشاركة فيها كنوع من الضغط السياسي على بغداد لقبول شروطه وتنفيذ مطالبه وفي مقدمتها تطبيق المادة 140 الدستورية والاشراك في الحكم، كما يقول به بعض المحللين، ام اراد ان يوصل رسالة من خلال الاستفتاء للعالم والولايات المتحدة الامريكية التي تمارس ضغطا دائما على الاقليم على ضرورة حل مشاكله مع بغداد دون ان تتدخل او تظهر في الصورة!، فحوى الرسالة ؛ ان العلاقة مع بغداد قد وصلت الى طريق مسدود والاتفاق معها ضرب من المستحيل!
ماذا عن الضوء الاخضر العالمي:
في عالم حتى وان تعددت اقطابه الا ان البعض يراه شديد المركزية وان خيوط اللعبة تكون دائما فيه بيد الاقوياء ان لم تكن اغلبها بيد الولايات المتحدة الامريكية يصعب القول ان تحرك قيادة كردستان جاء بدافع منها فقط ودون حسابات معقدة لمن يملك القرار في العالم او وضع حساب لمصالحه.
يقول يتناول السياسي الروسي أفيغدور إيسكين، في مقال نشرته صحيفة "إيزفيستيا"، عن ما اسماه بعواقب الاستفتاء في كردستان العراق :"صوَّت البرلمان العراقي يوم 12 سبتمبر/أيلول الجاري لمصلحة قرار يدين الاستفتاء الذي جرى يوم 25 من الشهر الجاري في كردستان العراق. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الكرد، الذين يبلغ عددهم 35 مليونا تقريبا، يناضلون من أجل الاستقلال على امتداد نحو 100 عام. ومعظمهم يعيشون في تركيا والعراق وإيران وسوريا، وليس لديهم دولة مستقلة؛ ما يعدونه أمرا غير عادل.
والكرد في العراق، حيث سيُجرى الاستفتاء، يتمتعون بحكم ذاتي واسع. فكردستان العراق هي في الواقع دولة مستقلة لها حدودها ورئيسها وبرلمانها وحكومتها. لذلك فإن هدف الاستفتاء هو التحول إلى دولة مستقلة قانونيا.
ولكن، هل يدرك الكرد العواقب التي ستنجم عن خطوتهم ليس فقط في العراق، بل وفي مجمل منطقة الشرق الأوسط؟ إذ إن هذه الخطوة قد تلهم الكرد في تركيا وإيران وسوريا أيضا، حيث تتمكن سلطات هذه البلدان إلى الآن من كبح ميلهم إلى الانفصال، على الرغم من أن ذلك لم يكن بالطرق السلمية. فمثلا تَعدُّ أنقرة حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، وهو، كما تؤكد أنقرة، كان وراء العديد من العمليات الإرهابية في تركيا. وإن نشاط الكرد أجبر أنقرة على التدخل عسكريا في سوريا. وبالطبع، ليست الأمور في سوريا هادئة. فقد أعلن الكرد في مارس/آذار 2016 عن إنشاء منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا، والآن يُعِدُّون لإجراء انتخابات للإدارات المحلية. وكل هذا يجري من دون تنسيق مع دمشق.
وهذا يهدد من جديد وضع هذه المنطقة، التي روت الدماء أرضها، على حافة فوضى واضطراب. فقرار البرلمان العراقي قد يُفهم كضوء أخضر لإيران، لكي ترسل قواتها إلى الدولة المجاورة لقمع انفصاليي العراق، ليكون ذلك درسا للكرد في إيران. بيد أن القليلين يعرفون بوجود عمليات عسكرية، ينفذها المتمردون الكرد في إيران. ولذلك بما أن القوات الإيرانية منشغلة الآن بمحاربتهم، فإنها قد ترفض توسيع منطقة النزاع. وليس مستبعدا قيام تركيا ببعض العمليات النشطة أيضا.
وقد دفعت السيناريوهات المريعة لاستفتاء كردستان وزير خارجية الولايات المتحدة ريكس تيلرسون إلى توجيه نداء إلى سلطات الإقليم لتأجيله. لكن الطلب رفض بأدب. ومقابل هذا تحظى مساعي الكرد للانفصال بدعم كامل من جانب إسرائيل، ليس معنويا فقط بل وفعليا أيضا، حيث زودت قوات البيشمركة الكردية بالأسلحة لتتمكن من محاربة "داعش" بفعالية أكثر.
ومهما كان الأمر، فقد أصبح الشرق الأوسط على عتبة ترسيم جديد للحدود، التي وضعتها بريطانيا وفرنسا قبل 100 عام. وإن انفصال الكرد عن العراق، قد يؤدي إلى فدرلة سوريا، وتقسيم تركيا وإيران. أما الكرد فمصرون، ويقولون: إذا لم يكن الآن، فمتى؟ ولكن هل يدركون ماذا يفعلون؟"..انتهى مقال إيسكين.
لكن هل يمكن مجارة المحلل الروسي والاعتقاد ان لا ضوء اخضر عالمي للاستفتاء؟ يمكن بقراءة للمواقف الغير متعنتة من قبل الدول الكبرى ان يخرج المراقب بتصور اخر.
"عندما ترفض الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي فكرة انفصال إقليم كردستان، فهذا لا يعني أنهم سوف يرفضون ذلك في المرحلة المقبلة، فربما تتحول الأمور في الأشهر القادمة وستكون هناك تغييرات جذرية."
هذا ما كتبه محلل كردي قبل سنوات قليلة عن الرفض غير المتعنت للدول الكبرى والذي يعني في علم السياسة "الموافقة" باحراج مع رظى داخلي.
ويقول الباحث السياسي الكردي علي الفيلي ان "التصريحات السياسية في العلن تختلف عن ما يتداول خلف الابواب الموصدة"، مضيفا ان "ما يبحث في امريكا مع صناع القرار يختلف عن تصريحات بعض الاشخاص هنا وهناك".
وتابع ان "هناك خللا في العلاقة مع الحكومات المتعاقبة التي حكمت العراق، رغم اختلاف الحاكم"، مبينا ان "ما يجري على العراق لغاية اليوم هو ضريبة يدفعها نتيجة تعامله غير المنطقي وغير الواقعي مع القضية الكردية".
ورأى ان "استفتاء تقرير المصير قد يتم نهاية العام الجاري"، موضحا ان "الاقليم تلقى اشارات من دول كبرى واقليمية بالموافقة على اجراء الاستفتاء".
ويمكن التركيز على تاريخ واشنطن في دعم حق تقرير المصير في العديد من الأماكن حول العالم مثل جنوب السودان وكوسوفو وتيمور الشرقية.
و رؤساء أمريكا السابقين ومنهم وودرو ويلسون وفرانكلين روزفلت كانوا يعتبرون حق الاستقلال قيمة محورية في جهودهم الحربية، إضافة إلى أن مبادئ الأمم المتحدة تنص على المساوة وحق الشعوب في تقرير المصير.
وكان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون صرح في وقت سابق بأن "واشنطن يجب أن تدعم الديمقراطيات الناشئة في كفاحها لتصبح أممًا تحترم حقوق الإنسان بغض النظر عن تصنيفها العرقي".
الأكراد تحدوهم آمالًا كبيرة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويمكن الاشارة الى لقاء تم في مايو الماضي، بين منصور البرزاني مستشار مجلس الأمن بالإقليم جاريد كوشنير مستشار ترامب وصهره، وهيربت ماكماستر، مستشار الأمن القومي الأمريكي.
وفي يونيو الماضي، كتبه مسعود البارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان، مقالاً في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أكد فيه أن بغداد ستكون جار عظيم لبغداد وأنه سيكون هناك تعاون كبير بينهما في محاربة الإرهاب، مطالبًا الولايات المتحدة والمجتمع الدولي باحترام قرار الشعب الكردي.
و "يعني هذا أن واشنطن لا ترفض استفتاء كردستان وإنما تطالب بتأجيله"، مشيرة إلى أن بارزاني سبق وأن سمع هذا الحديث من مسؤولين أمريكيين طالبوه بمزيد من الحوار.
و أمريكا تمتلك علاقات قوية مع الأكراد تشبه علاقة واشنطن بإسرائيل، ويمكن تذكر حصول قوات البيشمركة على مساعدات عسكرية بقيمة 400 مليون دولار وفقًا لاتفاق مع واشنطن في يوليو 2016، إضافة إلى تأكيدات من السفير الأمريكي بالعراق دوجلاس سيليمان، على استمرار دعم واشنطن للبيشمركة في المستقبل.
ويقول جوناثان شانزر، نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "يبدو أن الإدارة الأمريكية منحت ما يشبه وعد بلفور للأكراد مؤكدة حقهم في تقرير المصير لكنها لم تتحدث عن المناطق أو السياسات العراقية"، مشيرًا إلى أن واشنطن ربما تقبل إجراء الاستفتاء في العام القادم".
وفي مؤشر جلي اكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن بول مانافورت رئيس حملة الرئيس دونالد ترامب خلال فترة الانتخابات الرئاسية لعام 2016، عمل على الترويج للاستفتاء الكردي للانفصال عن العراق، بالرغم من أن الولايات المتحدة أبدت معارضتها له.
وأضافت الصحيفة في تقرير مطول لها أن مانافورت الذي يعد محور التحقيقات في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية عام 2016، يعمل مع حلفاء زعيم المنطقة الكردية في العراق، مسعود برزاني، للمساعدة في إدارة وتعزيز الاستفتاء على الانفصال الكردي عن العراق.
موقف العرب:
وبالنسبة للموقف العربي شعبيا جبل على النظر الى مثل هذه القضايا من زاوية تفتيت البلدان العربية وبعاطفة قومية ودينة الى انه من الناحية النخبوية بدأت نخب فيه تتفهم بعض المتغيرات وبحسابات علمية دقيقة.
وفي هذا الخصوص يقول الدكتور زهير في عمون الاردنية:"وفي ما يخصنا كعرب، فإن القضية الكردية، والتي لا تختلف كثيراً عن شقيقتها الفلسطينية، من حيث الظلم الواقع على شعبيهما وتطلعاتهم المشتركة نحو الاستقلال وتقرير المصير.. نقول إن موقفنا مصاب بالشيزوفرينيا السياسية والأخلاقية، وكأننا نتقن وباعجاب (!) سياسات التفريط بالأصدقاء وتحويلهم الى أعداء، وهذا ما هو حاصل في تعاملنا مع القضية الكردية، والقبرصية، وحتى مع جيراننا القريبين والبعيدين، ممن تربطنا بهم مصالح استراتيجية حيوية (ايران، دول حوض النيل غير العربية،وغيرها).
من هنا، واعتماداً على هذه المبادئ الراسخة، فإن على قوى الحق والعدل أن تنحاز الى الخيار الذي يجسد ارادة الكرد، ويزيل كل ظلم واجحاف تاريخي حصل بحقهم، نتيجة للتجاذبات المتناقضة للقوى الاقليمية والدولية، لحماية مصالحها الضيقة، فالقيم والحقوق، كل واحد لا يتجزأ. وأخيراً، فإن ما دفعني للخوض في هذا الموضوع، هو شعور داخلي قديم بعدالة القضية الكردية، اعتماداً على القيم الانسانية الواحدة، التي لا تحتمل التأويل، مع ادراكي التام بأن ما نطرحه يعد بمثابة التجديف عكس التيار، بمفهوم من يرى في ذلك تهديداً للمصالح العربية، مع أن جُلّ المشكل الكردي ليس عند العرب، بل في تركيا وايران، خاصة إذا أخذنا بالاعتبار أن الوضع في كردستان العراق الساعة يقع بين حالتين: فهو أكثر من حكم ذاتي، وأقل من دولة كاملة السيادة بقليل. ومن يدري، فقد يجد الكيان الكردي القادم مصلحته الحيوية في علاقات وثيقة مع محيطه العربي، فالمصالح المشتركة، واحترام تطلعات وآمال الآخر، ضرورية في بناء جسور الصداقة والثقة والمحبة والتعاون، ومسيرة العلاقات الكردية الأردنية نموذج على ما نزعم.
ولكن على المستوى الرسمي يمكن قراءة ما كتب في وسائل الاعلام الرسمية العربية لعكس وجهة نظر الانظمة فيما يخص قضية الاكراد.
ويمكن قراءة ما جاء من ردود أفعال وتخوف بعض الصحف مما سماه “كابوس الاستفتاء القادم”، وعبر فيه كتّاب عن ثقتهم بأن الاستفتاء لن يحدث، بل توقعوا أن تنفرج الأزمة أو أن يتم إلغاء الاستفتاء في اللحظة الأخيرة.
صحيفة “عكاظ” السعودية، تحت عنوان “دولة الأكراد الكابوس القادم”، يقول فيها خالد عباس طاشكندي: “على الأكراد أن يتفهموا ويتقبلوا الحقيقة التاريخية الدامغة وهي أنهم شعب بلا دولة تخصهم وحدهم، والمطالب الكردية بإقامة دولة مستقلة على أساس عرقي لم تعد أمراً منطقياً في زمن العولمة وسوف تدفعُ حكومات المنطقة وشعوبها إلى حروب جديدة ومستمرة ضد الأكراد، وبالتالي زعزعة الأمن والاستقرار”.
وفي صحيفة “الدستور” الأردنية كتب جمال العلوي مقالاً بعنوان “الاستفتاء وحافة الهاوية” يصف فيها يومَ الخامس والعشرين بأنه “سيكون علامةً فارقة في المنطقة والإقليم”.
ويضيف “السبب في ذلك يعود لدعوة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني إلى إجراء استفتاء شعبي للانفصال عن الدولة الأم العراق، في خطوة لا تكاد تكون محسوبة أو أنها خطوة تسعى لجر الجميعِ نحو حافة الهاوية أو إعادة خلط الأوراق في الإقليم مجدداً”.
بينما محمد عاكف جمال في “البيان” الإماراتية يقول: “حكومة الإقليم مصممة على إجرائه في موعده على الرغم من فشلها في الحصول على تعاطف محلي وإقليمي ودولي حول ذلك، وعلى الرغم من المخاطر التي تعترض تنفيذه مع وجودِ خصوم أقوياء في الجوار من أشد المعادين للقضية الكردية لم يخفوا عزمهم على القيام باتخاذ إجراءات قوية قد تصل حدود استخدام القوة”.
في حين يرى محمد قواص في صحيفة “العرب” اللندنية أنه من غير المتوقع أن يتم الاستفتاء على أرض الواقع.
ويضيف: “يعرف البرزاني أن تركيا وإيران والعراق لن تسمح، ولو بالقوة وبالحرب الكبرى، بقيام دولته الكردية المستقلة، لن تسمح هذه الدول بشيوع العدوى باتجاه أكراد إيران وتركيا، بما يشجع قيام كيانات أخرى تتجاوز المكون الكردي أيضاً”.
وفي صحيفة “المشرق” العراقية، يتوقع “شامل عبد القادر” انفراج الأزمة الكردية، قائلاً: “القضية برمتها فوق طاولة الدول الكبرى والإقليمية لمناقشة أوضاع العراق الحدودية التي قد تتعرض إلى الانكماش في حال حصول أية غلطة من أي جانب.. ولكن ليس ثمة سماء سوداء تظلل العراق بعد أن تحلحلت القضية على المنضدة الكردية وتحول التصلب الكردي إلى ليونة تفاوضية مع المركز بدعم من الولايات المتحدة والقوى السياسية الفاعلة في العراق، صمتت لغة التهديد، وتلاشت عنتريات أمراء الحرب، وانتصر اللسان على السيف”.
وأخيراً ننهي هذه الجولة، مع صحيفة “القدس العربي” اللندنية ويدافع فيها “عماد شقور” عن حق الكرد في تقرير المصير ويقول: “إن تصرفاً عربياً حكيماً مع الأكراد، وحقهم في التحرر والاستقلال، هو مفتاح إقامة تحالف عربي كردي مثمر ومستمر، وهو مفتاح إقفال باب التحالف الإسرائيلي الكردي، لا يمكن للمرء أن يكون صادقاً وعادلاً في تأييده لتحرر الشعب الفلسطيني واستقلاله، وأن يكون في الوقت ذاته رافضاً ومعادياً لتحرر الأكراد واستقلالهم”.
الاكراد والجنوب:
وفي فيما يخص الجنوب شهدت وسائل التواصل الاجتماعي تعاطف جنوبي واسع مع الكرد حد التماهي في المشروع حيث غير كثير من رواد الفيس بوك صورهم وحملت شعار انفصال كردستان.
ويدعم الجنوبيين اي تجربة للاستقلال او الانفصال بحكم تشابه قضيتهم مع اي قضية لها طابع خاص ولكن التعاطف الشعبي شيء وتشابه الحال كذلك واستغلال الفرص واستمثارها لصنع فعل مشابه للاكراد في الجنوب شيء اخر.
فمقومات الجنوب يمكن لها ان تكون اكثر حضورا حتى من ما لدى الاكراد حسب كثير من الكتاب والمفكرين الجنوبيين لكن ما ينقص الجنوبيين هي قيادة تغتنم اللحظة.
ويمكن القول انه حتى في قوة القضية السياسية التي يميز واقع الاكراد عن الجنوب ,هو في كون الاكراد مكون اساسي ضمن فسيفساء قوميه واثنيه وطائفيه في اطار الدول الذي يقطنون فيها بينما شعب الجنوب هو دوله مستقله بحدود جغرافية معترف بها عالميا واقليميا كانت عضوا في الجامعة العربية والامم المتحدة .
وهناك تشابه في عدم وجود اطار سياسي يضم كل الطيف في الجانبين الا ان تجربة الاحزاب الكردية ضتع تجربة المجلس الانقالي الجنوبي على المحك وتضع امل يبدد فكرة حتمية الفشل في وجود مكونات كثر فاكراد العراق ايضا منقسمين بين كيانيين سياسيين الاول يمثله مسعود البرزاني الذي مع عائلته يهيمن على كل مفاصل الحكم في اربيل عاصمه الاقليم وهو زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني بينما منافسه الاخر في السليمانية عائلة جلال الطالباني الذي تتزعم الاتحاد الوطني الكردستاني ,ويبدو من خلال هذا الواقع ان اكراد العراق يخضعون لنظام عائلي لكلا من اسره البرزاني والطالباني ,فهما مختلفان في التوجهات والتحالفات السياسية .فالبرزاني حليف لتركيا وامريكا واسرائيل ,اما الطالباني فهو على علاقه وثيقه بإيران كما سبق لهذان الحزبان ان خاضا حروب داخليه بدعم اقليمي خارجي.
ويمكن ان يكون العامل الحاسم هو عمل القوى الكردية ضمن المشهد السياسي العراقي حتى التمكن فمسعود البرزاني زعيم الاستفتاء كان شريك في كل حكومات العراق الذي انتجها الاحتلال الامريكي وساهم في صياغه الدستور الحالي وشارك في الانتخابات العامة ولم يتهم الحكومة حينها بانها طائفيه او قوميه لأنه كان يحصد مزيد من المكاسب السياسية
ويمكن القول الورقة الكردية تشكل تهديد حقيقي لجيرانها ظاهريا مع هذا نجحت وهو مايعطي امل للجنوب الذي لا يهدد احد من دول الجوار ,حتى الشمال ليس لدى الجنوبيين اي نيه في تهديده او اطماع في ارضه وثرواته.
فهل يغتنم الجنوبيين الفرصة في المتغيرات الدولية ويبادلون الدول الشقيقة والصديقة المصالح مقابل حل عادل لقضيتهم او السماح وغض الطرف عن استفتاء شبيه بما حدث في كردستان؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.