تبدو خارطة المشهد السياسي في اليمن غامضة مع دخول الحرب عامها الثالث واقترابها من الرابع وتعدد الخيارات السياسية للحل في اليمن وايجاد تسوية سياسية للقضية الجنوبية جنوبا . ومنذ اندلاع الحرب ظلت الخيارات السياسية متعددة جنوبا وشمالا إلا ان اجماع كبير من قبل مراقبين سياسيين يؤكد ان خارطة التحالفات تغيرت ومعها تغيرت الكثير من المعطيات على الأرض. ولايبدو الجنوب بعيدا عن خارطة التحالفات السياسية الحاصلة في اليمن ونتائج الحرب وغيرها . أصبح اليوم اليمن على صفيح سياسي ساخن وفصول عسكرية تغيير المناخ السياسي الذي خيم على طيلة السنين الماضي "يبحث كل طرف إنجازات يحققها وفرص اغتنامها قد لاتتكرر أو ترمي بظلالها مرة آخر "قد يرسم كل فريق سياسي ملامح الفصول الأخيرة من الحياة السياسية التي قد تعصف بالبعض وقد تكون بردا وسلام على الفريق الآخر. بين هذا وذاك تقف الكثير من العقاب والمطبات السياسية داخلياً وخارجيا " وقد يخيم الكثير من المكر والمماحكات والمصالح والمطامع الخارجية على طاولة التسوية "فقد أيقنت كل القوى المتصارعة والمتناحرة ان لا حلول ولا حسم إلا بالطاولة التي يجتمع فيها " ويجلس جميع الأطراف على الكراسي ولا تحتمل تغيب طرف وخلو كرسي " اذن صفيح ملتهب وطاولة لاتقبل خلو الكراسي وتسوية لإنقاذ ما أفسده الصراع وما خربته التدخلات الخارجية. وها يحاول القسم السياسي بصحيفة "عدن الغد" ان يبحث الخيارات المتاحة جنوبا وما الذي يمكن له كمشروع سياسي ان يطبق جنوبا مابين دعوات الانفصال إلى دعوات تنفيذ مخرجات الحوار الوطني أو بقاء الوحدة اليمنية كهذه. كل هذه المشاريع السياسية لها مؤيدون ومعارضون ومطالبون بتطبيقها على الأرض أو رفضها . وأول هذه المشاريع مخرجات الحوار الوطني في اليمن . أقاليم(الشرعية) :- يكتسب هذا المشروع السياسي زخما خارجيا كبير وتدعمه دول الخليج العربية والامم المتحدة وجامعة الدول العربية ويقود زمام الأمور من منبع التأثير الخارجي والدولي ( الرياض) ويحظي بتأييد دولي وإقليمي وأممي " يقود مشروع الأقاليم( الستة) وحكم كامل الصلاحيات ويراهن على شرعية الدولية في إنجاح مشروعة وتطبيقه على الواقع الذي ينصدم به "نتيجة للتشعبات والمشروعات المتعددة والانتماءات المختلفة والأطماع المحدقة بالوطن ... فمشروع الشرعية بخيار الأقاليم يعتبره مؤيدون وأنصار وحلفاء انه (الحل) الأنسب والأفضل ويلقي رواجا وزخما دولياً وإقليميا ويلقي تعاطف أممي " ولكن مايعيق هذا المشروع فشله داخلياً نتيجة الصراعات والنزعات وقد يكون غير مرغوب محلياٌ وخاصة( جنوب) الوطن ويحظى بإسناد( شمالاً) من أرض الوطن ... ولكن يبقي السؤال الأهم...هل تلقي الأقاليم قبولا وتأييد وتعصف بكل الخيارات الأخرى وتعتلى طاولة الأمم. تبدو أول الاعتراضات على هذا المشروع جنوبا حيث عارض قطاع كبير من الجنوبيين هذا المشروع بفترة ماقبل الحرب باغلبية ساحقة اعلنت رفضها عبر احتجاجات شعبية واسعة النطاق هذا المشروع لكن مؤيدو هذا المشروع باتوا يتزايدون مؤخرا بسبب الحالة الأمنية المضطربة لمرحلة مابعد الحرب والخوف المتزايد لدى قطاعات شعبية كبيرة من انزلاق الوضع في الجنوب نحو الفوضى في حال ماتمت عملية استقلالية جنوبية مباشرة دون التدرج نحو مرحلة استقلال بسيطة تنتقل لاحقا إلى مرحلة استقلال كاملة . ويرى المراهنون على هذا المشروع بأنه الانجع ويحذرون من استقلال فوري في الجنوب في ظل غياب مؤسسات الدولة وغياب جيش موحد وتزايد حالة الانقسامات بين كافة الأطراف المتصارعة الموجودة على الساحة اليوم .
الانفصال المباشر (مشروع الحراك الجنوبي) دعا الحراك الجنوبي منذ انطلاقته إلى تحقيق انفصال فوري ومباشر للجنوب عن الشمال ورغم انطلاقة الحراك الجنوبي قبل عشر سنوات من اليوم إلا ان الانفصال لم يتحقق حتى اليوم. يؤيد قطاع كبير ربما يكون الأغلبية من الجنوبيين مطالب استقلال الجنوب عن الشمال لكن تحديات مابعد الحرب الأخيرة وحدوث الكثير من الارهاصات جعلت من هذه المطالب بحاجة إلى مراجعة كبيرة وصلت إلى ان كثيرين باتوا يرون ان الانفصال ربما يأتي على مراحل عدة بينها مرحلة انتقالية قد تتم عبر فيدرالية مزمنة أو خلافها .
ومؤخرا برز إلى العلن المجلس الانتقالي الجنوبي والذي يراه كثيرون ،حامل مشعل انفصال الجنوب عن الشمال وعودة المياه والحياة السياسية إلى ماقبل 94م ويقود خيار ومشروع الإنفصال ويحظى بزخم شعبي وتمدد على الأرض في ( الجنوب) ويبسط على وزمام الأمور العسكرية في المناطق المحررة بدعم وإسناد أحد دول التحالف ( الإمارات) " وكل مايعيب هذا الكيان نقص التمدد الخارجي والإقليمي والدولي على الرغم من التحركات في الآونة الأخيرة " ولا يجد قبول من شمال الوطن الذي يسعي لإفشاله بكل السبل والطرق .
يسعي انفصال الانتقالي إلى كسب ود وتأييد الأمم والمجتمع الدولي وان يضع له موقع قدم وتحقيق ماعجزه عن عجاف وسنين النضال . هل يحقق انتقالي الانفصال مايصبو إليه بورقة( الأرض) .
وحدة(صنعاء) :- اعلنت الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990 وكانت مطلبا مجتمعيا في اليمن رغم أنها كانت في الاساس نتاج هروب النظام الحاكم في الجنوب من الكثير من الازمات التي كانت تلاحقه. ابرمت الوحدة اليمنية يومها على عجل ولم تحافظ على إي شراكة حقيقية للجنوب في مواجهة الشمال ليتحول الأمر إلى حرب اهلية اندلعت في مايو من العام 1994 وتنتهي بسقوط الجنوب بيد القوات الشمالية التي سيطرت على الجنوب طوال أكثر من 21 عام لاحقة . مشروع قديم جديد حيث تسعى القوى في صنعاء إلى عدم التنازل عنه أو المساس به وإبقاءه بأي طريقة كانت وتحت إي مسمى وكيان وتسمية " ويلعب بأعمال الأرض والقوة العسكرية لتشكيل ضغوطات على القوى الإقليمية والدولية ويعقد كثير من التحالفات مع بعض الدول التي تشكل ثقلاً دولياً ( إيران - عمان- روسيا- الصين-سوريا) ويسعي إلى بعض المناورات الداخلية لكسب حلفاء وشركاء جدد ودعم لمشروعه " ويعول على التعبئة الداخلية ومناورات الحدود وورقة المذاهب والأوضاع الإنسانية ويراهن على سلاح الحسم العسكري والمكر السياسي .وقد يقدم كثير من التنازلات في سبيل الحفاظ على مشروعه الوحدوي وعقد صفقه مع أعداء اليوم وتحويلهم إلى شركاء وحلفاء في سبيل المحافظة على الوحدة...
قد يسأل الكثير ماعلاقه ذلك في الأمور المتعلقة بالأزمة( اليمن) لان السؤال أخذ الجانب السطحي وتجنب باطن الأمور وتناسى دوائر مرتبطة بها وسياسات إقليمية ودولية قد تغيير آمو وبوصله الانتقالي وترمى به إلى أحضان أخرى غير الإنفصال وخيارات تقوده إلى بر الأمان وعدم الخوض في نزعات إقليمية ودولية وهدم مشروع طال انتظاره بتعنت داخلي وعناد خارجي ..." فقد يلجأ هذا الكيان إلى خيار الإقليمين كخيار وسط ومرضي دولي ومقنع داخلي .
تنازلات التحالف تصب لمن :-
هي مطامع ولعبة دولية وإقليمية يسعي كل حليف لإرساء قواعده ويرسخه تواجده على بقعه جغرافيه معينة بعيد عن العاطفة والعواطف "فعدو الأمس صديق اليوم وحليف الأمس عدو اليوم " فقد يغلب طابع المصالح وتأمين الأرض والحفاظ على المصلحة بوصلة تحركاتهم ونبض تواجدهم . وتلعب دول التحالف دور كبير وعامل عنصري في تغيير القرارات وخارطة المشروعات " وقد تلجا دول التحالف إلى تنازلات قد تصب بمصلحة مشروع على حساب مشروع آخر وتغيير المعطيات في أخر رمق وكل المؤشرات توحي إلى تنازلات قد تحدث وتعصف بالبعض لم تكن في الحسبان ولم تكن في البال ... فأي المشروعات يستغل ويصب في صالحة تلك التنازلات المقدمة من التحالف في الرمق الأخيرة على طاولة تسوية الأمم..
من يجني فرصة الأنفاس الأخيرة :-
لابد من رابح وخسران ولابد من إخفاق ونجاح ولابد من فوز وخسره في نهاية المطاف " كون ان الأزمة تحمل الكثير من التعقيدات والمطبات السياسية سواء داخليا أو خارجيا وفي الأخير يجب ان ينتصر مشروع ويلتهم المشهد السياسي بإكماله " وقد تلجا الدول الفعلة والمحركة في تقديم فرص وبعض الاختيارات التي ترى توافقها مع سياسيته ونهج سيرها ومصالحها " ويجب على الجميع الأعداد والتهيئة وتشمير حضورهم وقوت تواجدهم " فمن يجني ثمار ومحصول الفرص المقدمة "ومن يحسب ويعد ويضرب ضربة( معلم) ومن يلعب بعامل المجتمع الدولي ومن يستغني عامل الأرض ومن يغتنم الحسم العسكري وتحويلها إلى ورقة ضغط ومن يقطف ثمار المحصول ويجني فرصة الأنفاس الأخيرة على طاولة تسوية الأمم.