أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    4 إنذارات حمراء في السعودية بسبب الطقس وإعلان للأرصاد والدفاع المدني    الرقابة الحزبية العليا تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    بينها مطار صنعاء .. اتفاقية لتفويج الحجاج اليمنيين عبر 5 مطارات    الاحتلال يواصل توغله برفح وجباليا والمقاومة تكبده خسائر فادحة    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصالح «الإخوة الأعداء» وأبعاده على القرن الأفريقي
نشر في عدن الغد يوم 24 - 07 - 2018

اتفاق السلم والصداقة الذي وقعه زعيما دولتي إريتريا وإثيوبيا، الاثنين قبل الماضي، في أسمرة، ماذا يعني بالنسبة للبلدين؟ وما تداعياته على دول القرن الأفريقي؟
تفاجأ العالم بزيارة رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد إلى أسمرة، عاصمة إريتريا، وعناقه من قبل الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، والاستقبال الحار الذي حظيت به الزيارة يوم الأحد 8 يوليو (تموز)، وبالاتفاق الذي توصل إليه الطرفان، والذي وضع حداً لحالة الحرب وقطع العلاقات الدبلوماسية بينهما لأكثر من عشرين عاماً.
وقد وُصف الاتفاق الذي وقع بين الزعيمين في 9 يوليو بأنه اتفاق تاريخي، من حيث النقاط الخمس التي توافقا عليها، بعودة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات، وعودة الاتصالات بين البلدين، وفتح الأجواء الإريترية الإثيوبية، واستخدام إثيوبيا للموانئ الإريترية، بالإضافة إلى وقف كافة أشكال التحركات العدائية بينهما.
إذا خلصت النوايا، وفتحت صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، فسيعني ذلك قفزة كبيرة إلى الأمام؛ حيث سيتيح ذلك لإثيوبيا التي ليست لها منافذ بحرية، الاستفادة من جديد من مينائي إريتريا، عصب ومصوع، الواقعين على البحر الأحمر، واللذين كانت تستخدمهما إثيوبيا قبل انفصال إريتريا التي استقلت عنها في عام 1993.
ومن الجانب الإريتري، ما يهمها بالمرتبة الأولى من تطبيع العلاقات مع إثيوبيا، أن تنسحب من بلدة يومي، وبقية المناطق الحدودية المتنازع عليها، تنفيذاً لبنود اتفاقية الجزائر، الموقعة بين البلدين في 12 أبريل (نيسان) 2000. وبصورة خاصة الالتزام بتطبيق حكم اللجنة الحدودية المستقلة، الذي صدر في لاهاي في 13 أبريل 2002، والذي رفضت حكومة رئيس الوزراء الراحل زيناوي قبوله، مطالبة إريتريا بضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات، لحسم القضايا العالقة، قبل الشروع في تطبيق بنود الاتفاقية.
وكان إعلان آبي أحمد في يونيو (حزيران) الماضي، عن استعداد بلاده لاحترام قرار حكم اللجنة الحدودية، قد مثّل مفاجأة سارة لإريتريا، وتمخض عنه ذهاب وفد رفيع المستوى للمرة الأولى منذ عام 1998، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في نهاية يونيو الماضي، للتفاهم حول هذا الموضوع، وإن كان عملياً لم يتم بعد أي انسحاب من المناطق الحدودية المتنازع عليها.
والسؤال المطروح الآن، عن أبعاد هذه المصالحة الإثيوبية الإريترية على دول القرن الأفريقي، سواء بالنسبة لجمهورية جيبوتي وجمهورية الصومال.
بالنسبة لجيبوتي، ستخسر كثيراً من عدم اعتماد إثيوبيا بشكل كبير على استخدام مينائها، بعد أن أصبح متاحاً لها الآن استخدام المنفذين البحريين الإريتريين، مصوع وعصب، اللذين فقدتهما إثيوبيا بسبب أزمتها مع إريتريا، ومثلت جيبوتي المنفذ البحري البديل للوصول إلى الأسواق الدولية.
فقد كانت إيرادات الميناء تمثل نحو 76 في المائة من الناتج المحلي لجيبوتي، التي تعتمد بنسبة 80 في المائة على استخدامه من قبل إثيوبيا، التي حاولت تقليل اعتمادها على جيبوتي، من خلال سعيها لإيجاد موقع قدم لها في الصومال، بتعزيز استقلالية جمهورية أرض الصومال عن دولة الصومال، للاستحواذ على ميناء بربرة، الذي يعتبر الأقرب إلى إثيوبيا، ويصل المنطقة الشرقية من إثيوبيا (وهي منطقة يعتبرها الصومال في الأصل جزءاً منها) إلى أديس أبابا، لتصدير الماشية والزراعة. ولهذا قامت إثيوبيا بتشجيع إحدى دول الخليج العربي للاستثمار في ميناء بربرة، للكلفة العالية بالنسبة لها.
تسعى كل من إثيوبيا وإريتريا للظهور كقوتين إقليميتين في منطقة القرن الأفريقي، حيث كانت إثيوبيا والصومال - تاريخياً - في مطلع الستينات، تمثلان أهم دولتين في القرن الأفريقي. وكانت العلاقات بينهما متوترة، إثيوبيا المسيحية يقابلها الصومال المسلم، وبسبب النزاع بينهما حول إقليم أوغادين الذي يعتبره الصومال جزءاً من أراضيه؛ حيث إن غالبية سكانه صوماليون، وضمته إثيوبيا التي ترى أنه يشكل جزءاً من أراضيها.
وبوصول سياد بري إلى سدة الرئاسة في الصومال الموحد في عام 1969، استطاع بسبب توجه نظامه الاشتراكي، الحصول على تأييد الاتحاد السوفياتي له، الذي قام بتسليحه عسكرياً، في سبيل استعادة إقليم أوغادين من إثيوبيا، وفعلاً تمكن الصومال من السيطرة على نحو 90 في المائة من الإقليم.
وكما هو معتاد في المناطق التي لها أهمية جيواستراتيجية للدول الكبرى، كمنطقة القرن الأفريقي، فإن التحالفات مع دول المنطقة تتغير وفق مصالح الدول الكبرى. فقد أدت نهاية حقبة الإمبراطور هيلاسلاسي، وتحول إثيوبيا إلى نظام ماركسي بزعامة هيلي ماريام، إلى تخلي الاتحاد السوفياتي عن دعمه لصومال سياد بري، وتحالفه مع إثيوبيا الاشتراكية، التي استطاعت استعادة إقليم أوغادين، بفضل التعزيزات العسكرية التي قدمها للجيش الإثيوبي، مسنودة بآلاف الجنود الكوبيين، ومن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ذات النظام الماركسي حينها. وبهزيمة الصومال في حرب أوغادين، بدأت مرحلة تفكك الدولة الموحدة، بانفصال هرجيسا (الصومال البريطاني) عن مقديشو (الصومال الإيطالي)، والذي دخل في مرحلة فوضى وعدم استقرار.
من هنا أتاحت حالة عدم الاستقرار والفوضى المسلحة، الفرصة أمام إثيوبيا للتدخل في الشأن الصومالي، وفرض سيطرتها على مقديشو، عاصمة الصومال الموحد سابقاً. فقد اعترفت إثيوبيا رسمياً لأول مرة في ديسمبر (كانون الأول) 2006 بإرسالها الآلاف من عناصر قواتها المسلحة مدعومة بالطيران الحربي، للقتال مع قوات الحكومة الانتقالية الشرعية، ضد ما يسمى «اتحاد المحاكم الإسلامية»، وبعض الإسلاميين المتشددين الذين اعتبرتهم يهددون أمنها القومي، مما تتطلب منها أن تقوم بحرب استباقية ضدهم، واعتبرت تدخلها يدخل ضمن حق الدفاع عن النفس، وتلبية لطلب من الحكومة الانتقالية الصومالية.
ومن جانبها قامت إريتريا في ديسمبر (كانون الأول) 1995، باحتلال أرخبيل حنيش في البحر الأحمر، التابع للجمهورية اليمنية، وقيل حينها إن الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح لم يسع إلى مواجهة عسكرية ضد إريتريا، كرد جميل لموقف الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الذي سمح لقواته أثناء حرب صيف عام 1994 ضد الجنوب، باستخدام قواعد إريترية لضرب عدن وبقية مناطق الجنوب، ولهذا لم يستسلم للضغوط الشعبية والحزبية الداعية إلى استخدام القوة ضد إريتريا لتحرير أرخبيل حنيش. وفضل بديلاً للمواجهة العسكرية قبول الوساطة الفرنسية، باللجوء إلى التحكيم الدولي الذي أسفر في منطوق حكمه في أكتوبر (تشرين الأول) 1998 عن اعتبار أرخبيل حنيش يمنياً وليس إريترياً كما ادعت إريتريا! ولم تخرج إريتريا من التحكيم خالية الوفاض، أو كما يقول الإخوة المصريون: «لم تخرج من المولد بلا حمص»؛ بل حصلت على عدة مزايا في مجال تنظيم الصيد البحري، لم تكن تحظى بها في السابق، ومزايا أخرى ليس هنا المجال للحديث عنها.
وإشارتنا هنا إلى هذه السابقة التاريخية، لإبراز المفارقة بين موقف السلطات اليمنية التي احترمت حكم هيئة التحكيم الخاص بحنيش، وبين رفض حكومة زيناوي العمل بقرار اللجنة الحدودية الذي أصدرته في عام 2002 لحل النزاع الحدودي بين إثيوبيا وإريتريا، واحتاج الأمر إلى تولي رئيس الوزراء الجديد آبي أحمد لتفعيل العمل بحكم اللجنة المذكور.
في الخلاصة، يمكن القول: إن اتفاق الزعيمين الإريتري والإثيوبي قد يضفي استقراراً أكبر لمنطقة القرن الأفريقي، إذا صاحب ذلك بدوره توافق بين القوى الدولية الكبرى الموجودة في المنطقة، وخفت حدة التنافس بينها وبين القوى الإقليمية الصاعدة، في سعيها للسيطرة على موانئ المنطقة، في سبيل تحقيق طموحاتها الجيواستراتيجية. والشيء الأكيد أن البحر الأحمر سيظل بحيرة غير عربية خالصة، بحكم أن إريتريا وإثيوبيا ليستا دولتين عضوين في جامعة الدول العربية.

مقالة الدكتور محمد علي السقاف /صحيفة الشرق الأوسط /
الثلاثاء 24 يوليو 2018


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.