ا تفاق ستكهولم الذي أعقبه قرار مجلس الأمن الدولي 2451 يؤسس حقيقة مخرج لجميع الأطراف ، الحوثيين كانوا في الحديدة قاب قوسين أو أدنى من الانكسار ، وهذا الشيء ليس معناه مطلقا أن الحديدة ميناء ومدينة ستنعم بالدفء في أحضان الشرعية وستسقط تباعا لذلك صنعاء ، ثلاثة أفعال كانت ستلحق كارثة إنسانية وبيئية عند اقتحام ميناء الحديدة من قبل قوات العمالقة الجنوبية ، ما بعد الاقتحام سيكون الميناء عبارة عن كوم من التراب والأحجار ، صحيفة البيان الإماراتية أفردت افتتاحية مطولة عن تفخيخ ميناء الحديده من قبل الحوثيين لتدميره ، حتى مخزون القمح لسنيين سيتم إتلافه وإحراق ما يعادل مليون برميل من النفط في صافر ، طالما أن الهدف من الميناء إيصال المساعدات الإنسانية لأكثر من 20 مليون نسمة وكذا مراقبة تهريب الأسلحة لجماعة أنصار الله الحوثيين يكون اتفاق استكهولوم قد حقق النصيب الأكبر من هذا الشيء وحقن كثير من الدماء . ليس معنى اتفاق السويد بشأن الحديدة أن التحالف العربي بقيادة السعودية في طريقه للسقوط بقدر أن هذا الاتفاق جنب التحالف العربي أن يتهم بتدمير البنية التحتية والإنسان اليمني ، هذه الجزئية الخطيرة أثقلت التحالف العربي أخلاقيا أمام العالم المدني حتى أصبحت محافل دولية تتحرك من اجل إيقاف الحرب ، والكثير طالبوا دولهم منع تزويد السعودية بالسلاح و إسقاط أي صفقات بهذا الصدد . بالمطلق لا يمكن لجماعة فتية توثبت بقوة أن تتسيد المشهد وقد تركت خلفها كثير من الألم والجراح والموت والدمار ، بالمطلق لن تؤتمن إقليميا ودوليا على الأرض والإنسان والمستقل الآمن لليمن ، حتى اليمنيين أنفسهم في خوف عظيم ، جزء كبير من المشكلة تكمن في الكيفية التي تعاطت دول الوصاية مع ثورة صنعاء التي قامت على صالح في فبراير 2011م ، لقد أبقوا على صانعي الأزمات وفيما بعد شكلوا جبهة الشرعية من نفر لهم نصيب كبير في ألم ومعاناة الشعب ولا يحملون بذاتهم مشروع مقاومة أصيل أو مشرع سياسي نقي ، لذا لا غرابة أن يشكوا التحالف اليوم مرارة أطراف فاعلة في الشرعية ، بل أن مساحة عريضة في الشرعية لا تعتبر التحالف العربي منقذ أصيل لليمن بالرغم أن الحرب أفرزت مقاومة أصيلة شابه قوية قادرة على إدارة الفعل العسكري والسياسي بفاعلية أكبر . الحوثيين استطاعوا إقناع الكثير من الدول النافذة أن أرضهم تتعرض لعدوان ، واستطاعوا إقناع العالم أن الشرعية مجموعة نفر على مائدة دول العدوان وليس بمقدورهم مطلقا أن يتسيدوا على جزء يسير من الأرض ؛ لذا يتباهى الحوثيين وصف أنفسهم بوفد صنعاء الوطني بينما يصفون الشرعية بوفد الرياض . العالم يراقب جراءة هذه الجماعة وكيف يزرعون شبكة الموت من الألغام سواء في المدن والقرى المنسحبين منها أو في ناطق سيطرتهم ، يراقبوا جراءتهم إطلاق الصواريخ ، والتفخيخات المسيرة في البحر ، وطائرات التجسس ، وحاملات المقذوفات ، يراقبوا تطويرهم الصاروخي رغم الحصار ، وإدارتهم لسلاح الدولة تحت مسمى الجيش الوطني لإخضاع الداخل وإرغام الخارج أنهم الواقع الذي يجب التعامل معه بجدية واحترام . اتفاق السويد بشأن ألحديده ميناء ومدينة وتوابعه لن يتنصل احد منه بل ليس بمقدور أي طرف الانقضاض على الآخر ، جزئية من يبقى في الحديدة والموانئ كفيل أن يحلها المراقب الاممي وفريقه ، ولن تسعف أي طرف مناوراته إشعال الحرب وسيحترق بنارها قبل أن يشعلها . فريق المراقبين الأمميين بقيادة الجنرال الهولندي باتريك كاميرت يعمل على الأرض ، وهذا الأمر له مدلولات كبيرة أهمها أن الحرب لم ولن تتوقف في المناطق البعيدة عن الحديدة ، هناك مساحات واسعة للقتال ولكن بسلوك اقل ضرر من نتائج تدمير الحرب ميناء الحديدة أو تعطيله . الميناء في الأصل يغذي مناطق ذات كثافة سكانية هائلة في الشمال وإسقاط الميناء في قبضة مجلس الأمن نجاح مبهر للتحالف العربي لان الورقة الإنسانية التي أربكت حساباته وأضعفته سيتلاشئ أثرها ومرارتها ، وسيتفرغ لمرحلة كسر العظم القادمة ، التحالف العربي بعد أن بح صوته وهو ينادي بضرورة تدخل أممي في حرب اليمن قد نجح في الحديدة وقد يتوسع هذا الأمر مستقبلا في مناطق أخرى . بن دغر ابتسم بعد إقالته من رئاسة الوزراء وإحالته للتحقيق تعكس ابتسامته واقع لم يكن هو سببا مباشرا فيه ولم تكن له يد في معاناة الجنوبيين معيشيا وخدميا ولا يعني هذا انه ليس سببا في كثير من الاحتقان و الإرباك و الأزمات ؛ إلا أن تطبيب معيشة الناس وتحسين أحوالهم وخدماتهم - في حده الغير مربك- بأيام معدودة من مغادرته رأس الوزراء عززت هذا الأمر . التحالف العربي ترك الفوضى في الجنوب لأهداف سياسية وعسكرية على أمل رسم معالم الجنوب القادم بعد إسقاط صنعاء وكانت النتيجة عكسية وخطيرة لان الشمال لم يسقط بيده سريعا ، تأخر إسقاط صنعاء عزز من تغيير سلوك التحالف العربي تجاه الجنوبيين معيشيا وخدميا وانخفض تبعا لذلك سخطهم . بقاء الشمال بعيدا إلى اللحظة تحكمه أسباب كثيرة أهمها أن الشمال يقع منذ فترة طويلة في قبضة قوة الزيدية النافذة على كل المفاصل وان دثرت بالجمهورية المشلولة ، ولا يمكن أن تأمن الشمال أو أن تتعايش مع جارتها الرياض خصوصا بعد هذه الحرب . تنظيم الحركة ألاقتصاديه وتفعيل أداء البنك المركزي بتناغم وتجانس في جميع المناطق وفتح مطار صنعاء عوامل معززة ليس لإنهاء الحرب إنماء للتفرغ بوعي دون أي إرباكات للحل السياسي القادم وهو بيت القصيد ، حقيقة إلى هذه اللحظة ليس من مصلحة الجنوبيين إقحام أنفسهم في حلول لم يصنعوا مشاكلها بل مصلحتهم تكمن في رفع قدراتهم على إحداث أزمة مقلقه لأي حل سياسي يستثنيهم . إخوان اليمن اعتذروا للحوثيين عبر دائرتهم الإعلامية وتم وصفهم مكون رئيسي وحاكم لليمن واعتذروا عن توصيفهم بالمجوسيين ، قوة المؤتمر تتهجن مع الحوثيين ، والشرعية أكدت أيضا أنها ستتعايش مع الحوثيين تحت سقف واحد ولا بأس أن يكون ممثل الحوثيين رئيسا للوزراء ، النسيج السياسي العام في الشمال يتماهى مع الحوثيين إلى حد بعيد شريطة أن يعيشوا تحت كنفه بلا أذى . لم يكن خروج الزبيدي وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في تصريحاته على صدر صحيفة الاندبندت أمر اعتباطي ، إذ ليس من الصعوبة على الجنوبيين فرض قضيتهم أمر واقعا ، المعطيات على أرض الجنوب تغيرت بصورة مفصلية ، تعايش الشرعية والحوثيين معناه التوجه نحوا تأديب الجنوب ، في كل الأحوال قد يتمدد الحوثيين على خارطته الأصلية نحوا مأرب وستحدث تفاهمات في تعز ، الصدام العنيف سينشاء إذا حول أنصار الله الحوثيين تصريحات قادتهم عن عدن واقعا عبر إسقاط شبوة أولا وحضرموت ثانيا ثم حصار وإرهاب وتدمير عدن حتى تستسلم . في الشمال كل قواه تؤسس بلا كلل نحو تفتيت وإضعاف قوة الجنوبيين ، من الخطورة استهداف الأحزمة الأمنية والنخب وقوة الإسناد الجنوبية وألويته الضاربة وقواعده العسكرية ، الواجب دعمها محليا وإيجاد سبل تعزيز فاعليتها وعملقتها بصورة نافذة في الجنوب ، ومن الخطورة أيضا أن لا يكون في بيت كل جنوبي قطع متعددة من السلاح الشخصي أسوة بالشمال . قد تتعايش الشرعية مع الحوثيين ولكن في إطار حل سياسي قادم سيكون فيه الجنوب واقعا حيا نابضا بعيدا عن صنعاء وهذا الفعل لن يصنعه الانتقالي الجنوبي بمفرده بل كل قوة الجنوب الضاربة في كل الجبهات .