نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



13 يناير 25 عاماً من الألم .. هل تفلح ثقافة التصالح والتسامح في طي الصفحة السوداء؟
نشر في عدن الغد يوم 13 - 01 - 2011

كان الجو حاراً للغاية والشمس التصقت بكبد السماء في المدينة الساحلية عدن الحارة اغلب فصول السنة ،حينما توقفت سيارة الحراسة الخاصة بالأمين العام للحزب الاشتراكي علي ناصر محمد قبل 25 عام من اليوم لم يكن يتوقع كثيرون ان يكون هذا اليوم سيكون يوم تاريخي في حياة الجنوب.
الزمان 13 يناير 1986 العاشرة وال 14 دقيقة صباحا المكان قاعة الاجتماعات الخاص بالمكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني بعدن،علي حين غرة لعلع صوت الرصاص في أرجاء المكتب لتختلط الدماء بأكواب مياه مثلجة كانت موضوعة على حواف طاولة الاجتماعات .
في ذلك اليوم فتح اثنان من حراسة الأمين العام للحزب علي ناصر محمد النار بكثافة من أسلحة رشاشة على قيادات الحزب التي كانت تنوي الاجتماع بالرجل يومها لمناقشة خلافات حادة نشبت بين الجانبين لتدشن بذلك دوران عجلة اعنف صراع عاشه اليمن .
يتذكر نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض ذلك اليوم ويقول في شهادته عنه :" ما حدث شيئا لم يكن متوقع بالنسبة لنا فلقد حضرنا صباح 13 يناير إلى قاعة الاجتماعات لمواصلة الاجتماع الذي بدأتاه في يوم 9 يناير يوم الخميس الماضي ومواصلتا للمناقشات التي قد بداءناها كان علينا أن نحضر الاجتماع يوم الاثنين الذي كان علي ناصر غير متحمس لانعقاد هذه الاجتماعات من بعد المؤتمر ولكن بعدما بدئنا الاجتماعات ودخلنا في بعض الأحاديث الخاصة بكثير من المواضيع المعلقة اتفقنا أن نواصل اجتماعاتنا يوم الاثنين 13 يناير وحضرنا كالعادة وحضرت أنا شخصيا متأخر قليل حوالي الساعة عشره وعشر في ذلك اليوم.
ولم احضر الساعة العاشرة تماما وبعد دخولي قعدت بجانب الرفيق صالح مصلح قاسم وكان على يساري وبين الرفيق علي عنتر يفرق بيني وبينه أربعه مقاعد على اليسار وهو يقع إلى يمين كرسي الأمين العام
أول مقعد على الطاولة بجانب الأمين العام (علي ناصر) وجلس بعض الرفاق على يسار كرسي الأمين العام منهم عبد الفتاح إسماعيل وسالم صالح وعلي شايع وآخرين .
وكنا بداءنا جالسين نتحدث كالعادة والكراسي التي تفرق بيني وبين علي عنتر الاربعة هذي كلها من العناصر التابعة لعلي ناصر أو التي تآمر ت معه ونحن لم نلحظ ولا واحد منهم في القاعة لم يكن ببالنا هذا ولم نكن نفكر أن الناس يتآمروا .
يضيف البيض بالقول:" جلسنا بشكل طبيعي أنا أتحدث وكان الرفيق علي عنتر يفتح شنطته وهو واقف ويتحدث معنا، نتبادل الحديث أنا وهو وصالح مصلح قاسم ولكنه يبعد عنا بأربعة كراسي.
ثم دخل أحد الحرس يحمل شنطة الأمين العام ويمر من وراء ظهر علي عنتر ووضعها بجانب كرسي الأمين العام وعاد لما عاد فجأة الا ونسمع إطلاق النار التفتنا التفت وإذ بي أشوف إطلاق النار في ظهر علي عنتر من قبل هذا الحارس حسان اخذ رشاش عنده نوع اسكروبي 42 طلقه.
وبدا يطلق النار على علي عنتر من فوق إلى تحت وتوقف عليه الرشاش بعدما أطلق عدت طلقات كلها صارت في ظهر الرفيق علي عنتر وهو كان واقفا .
نحن بسرعة نزلنا تحت الكراسي وأخذنا مسدساتنا وحاولنا نطلق النار على الحارس هذا وكان يوجد في الجانب الآخر اثنين حرس آخرين دخلوا واحد يحمل دبة شاي قال أيضا للامين العام والآخر بعده يطلقون النار على المجموعة الأخرى في الصف الثاني من الاجتماع.
وفجأة والقاعة كلها تمطر رصاص ونحن حاولنا أن نضرب هذا الحارس هو عاد من جديد وبدا يطلق النار.
وكان الوضع صعب لأنه كثر رش النيران علينا في القاعة بعد ذلك وجدنا مجموعه من رفاقنا على الأرض
الرفيق صالح مصلح والرفيق علي شايع والرفيق علي عنتر طبعا أول واحد ضرب في مقعده ووقع على الأرض والرفيق علي اسعد خارج القاعة والرفيق علي صالح ناشر في غرفة صغيره تقع بجانب القاعة.
غرفة السكرتارية هؤلاء الرفاق كلهم على الأرض وعلينا الرصاص مستمر من الخارج قاموا أيضا بإطلاق النار على كل الحراس الذي معنا وصفوهم تصفيه جسديه وبقينا نحن في القاعة لوحدنا ما عندنا أي شيء إلا مسدساتنا حاولنا ان نستعين بمسدسات رفاقنا الذين استشهدوا أصبح مع الواحد أكثر من مسدس للدفاع وجلسنا ساعات في هذه الوضعية الصعبة ثم استطعنا أن نستنجد .
سمعنا صوت لحارس من حراسنا في الخارج حاولنا أن نأخذ ستاره ونقطعها ونعملها في شكل حبل وننزلها من الخلف على شان يربطوا لنا بندقية، وفعلا ربطوا لنا أول بندقية وثاني بندقية وأصبحنا نملك اثنتين بندقيات داخل القاعة نحن الأحياء الذي بقينا وحاولنا نسعف رفاقنا ولكن البعض منهم استشهد والبعض حاولنا أن نربطهم بالستائر لكن لا توجد أي وسائل للإسعاف نستطيع من خلالها أن ننقذهم .

بعد أشهر من المواجهات التي أشعلتها رصاصات الحارس الشخصي لعلي ناصر محمد والتي راح ضحيتها أكثر من 12 ألف شخص في مواجهات مسلحة وتصفية جسدية بحسب الانتماء المناطقي كررت قيادات من الحزب الاشتراكي اليمني الاتهام لعلي ناصر محمد بانتهاج أسلوب الغدر تجاه عدد من قيادات الحزب.

فيما كان حسان ومبارك سالم وهما اثنان من ابرز عناصر الحراسة الشخصية لعلي ناصر يفرغون رصاص أسلحتهم في أجساد قيادات الحزب في قاعة اجتماعاته كان ناصر في طريقه إلى محافظة أبين مسقط رأسه .
بعد 25 عاما على المجزرة لم يتمكن احد ما من فك شفرات لغز هروب علي ناصر محمد يومها عن الساحة رغم تمكن حراسته من تصفية ابرز خصومه في المكتب السياسي.

في الذكرى العشرون لأحداث يناير الدامية يتذكر ناصر هذا الحدث وعبر مقال صحفي له نشر حينها يقول الرجل:" الثالث عشر من يناير هذا العام، يكون قد مر عشرون عاماً كاملاً على تلك الأحداث المؤلمة التي شهدها الشطر الجنوبي من اليمن في عام 1986م. وما يهمنا نحن عندما نتذكر هذا الحدث وغيره من أحداث الصراعات التي شهدتها اليمن خلال نصف القرن الأخير من التاريخ السياسي المعاصر في اليمن، هو أن نقف أمام دروسه وعبره، ليس لاجترار الماضي، أو توظيفه كله، أو جزء منه لأغراض سياسية آنية.

ويضيف:" وفي الذكرى العشرين لأحداث 13 يناير 1986م المأساوية فإن المهم ليس اجترار ذلك الماضي الأليم، أو نبش القبور، بل الوقوف أمام مثل تلك الأحداث، للاستفادة من دروسها التاريخية البليغة وعدم تكرارها في المستقبل. وقد جرت مبالغات كثيرة في أعداد القتلى وضحايا الأحداث من قبل بعض الجهات لأغراض شخصية وسياسية، لكن مهما كان عددهم محدوداً، فإن سقوط ضحية واحدة هو خسارة لنا جميعاً.

حتى اللحظة لم يتقدم أيا من القيادات التي شاركت في أحداث يناير الدامية بأي اعتذار لضحايا المجازر التي تلت ذلك اليوم ، خلال ثلاثة أيام فقط قتل الآلاف من المدنيين في حرب وصفها كثيرون بأنها حرب عبثية حولت عاصمة الجنوب حينها إلى قرية .

مساء الرابع عشر من يناير 1986 ساد عدن ظلام دامس كانت تقطعه أضواء ساطعة هي أضواء القذائف التي كانت تتساقط بين الفينة والأخرى على مناطق متعددة من المدينة .

يتذكر م، س، العوذلي وهو من ساكني حي الفتح بالتواهي ذلك اليوم وقيادي سابق بسلاح البحرية ويتحدث إلى "عدن الغد" بعد 25 عام على المذبحة .
شيء ما لايصدق خلال ساعات فقط تحولت عدن كلها إلى ساحة حرب مخيفة سقطت القذائف في كل مكان لم نكن نفهم ما الذي يدور حولنا .
يصمت قليلا ويبدو انه قد استعاد ذكريات ألمته بشدة وعلامات حزن بادية على قسمات وجهه الأسمر، يشير بيده من أعلى تله واقعة بالقرب من معسكر للبحرية اليمنية بالتواهي حيث كان يعمل قبل ان يحال أخيرا إلى التقاعد.
يضيف بالقول:" حينما نشبت الاشتباكات تلقينا أوامر من قيادات عسكرية من أبين المحافظة التي انتمي لها وتقضي هذه الأوامر بان أوجه الأمر باحتجاز عدد من زملائي من محافظات الضد .

يصمت العوذلي دقائق عدة قبل ان يكمل حديثه :" لاحقا ورغم التوسل الذي أبداه الكثير من زملائي إلا إنني أمرت بقتلهم جميعا ، لاادري لماذا فعلنا ذلك وحتى اليوم لازلت أحس بألم شديد .
يطلب العوذلي عدم الإشارة إلى اسمه الحقيقي .


بعد أسبوع من الاقتتال في الشوارع تحولت عدن المدينة إلى عاصمة أشباح تعرضت كل مؤسسات الدولة لعملية تدمير كاملة وتضررت مئات المنازل في المدينة وبلغ عدد قتلى أسبوع من القتال أكثر من 12 ألف قتيل في عملية تصفية كانت هي الافضع في التاريخ السياسي للجنوب وربما المنطقة العربية بأسرها.

وفيما كان الرفاق في عدن يخوضون عمليات اقتتال واسعة النطاق وجه الرئيس علي عبدالله صالح الذي كان حينها حاكما للجمهورية العربية اليمنية نداء إلى جميع الأطراف طالبها بوقف القتال إلا ان دعواته لم تلاق إجابة .

صنف سياسيون كثر حينها ماحدث في عدن بأنها الإشارة الأولى على بدء انهيار الاتحاد السوفيتي وقد احتاج انهيار القوة العظمى الثانية في العالم خمس سنوات أخرى ليصبح أمراً واقعاً.
وقعت أحداث 13 يناير في ما كان يسمّى "جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية". وقتذاك، كان رئيس الدولة في جنوب اليمن علي ناصر محمد.
والأهم من ذلك أن علي ناصر كان يشغل موقع الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني الذي لم يكن يختلف في شيء عن الأحزاب الشيوعية التي كانت تحكم دول أوروبا الشرقية وتتحكم بها لمصلحة الأخ الأكبر الذي اسمه الاتحاد السوفياتي. كانت اليمن الجنوبية جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الاشتراكية.
كانت في الواقع العملي استثماراً سوفياتياً في منطقة إستراتيجية أرادت القوة العظمى الثانية في العالم أن تمتلك فيها موطئ قدم يجعلها على مشارف منابع النفط في دول الخليج وخطوطه. وبكلام أوضح أتاح الوجود العسكري للاتحاد السوفياتي في اليمن الجنوبية أن يكون على حدود المملكة العربية السعودية التي كانت ولا تزال أكبر منتج للنفط في العالم. انفجر الوضع في عدن يوم 13 يناير 1986. احتدم الصراع على السلطة بين "الرفاق" طوال أشهر عدّة، وغدر علي ناصر بخصومه قبل أن يغدروا به.

انتهت أحداث يناير بهزيمة تيار علي ناصر وهروب الآلاف من مسلحيه إلى الشطر الشمالي من الوطن حينها واستضافة العربية لهم حيث أقيم للآلاف منهم معسكرات تدريب على الحدود بين الشطرين واستمر الحال حتى الثاني والعشرين من مايو يوم التوقيع على الوحدة اليمنية.

وبعد عشرين عاما على أحداث يناير تداعى المئات من أبناء محافظات الصراع وقرروا عقد لقاءات واسعة أطلقوا عليها "لقاءات التصالح والتسامح" ووصف القائمون عليها بان الهدف منها إزالة الاحتقان القائم بين أبناء المحافظات المتصارعة وهي أبين وشبوة من جهة والضالع وردفان ويافع من جهة أخرى.

في ال 13 من يناير 2006 اجتمعت 350 شخصية من محافظات الضالع ولحج وأبين وشبوة في خطوة تصالح وتسامح انتهت بعد أيام باتخاذ السلطات المحلية قرارا يقضي بإغلاق الجمعية ومنع نشاطها .
بررت الحكومة اليمنية حينها قرارا الإغلاق بان الجمعية مارست نشاطا سياسيا محظور فيما رد المنظمون باتهام السلطات بمحاولة عرقلة جهود سلام ومحبة .


بعد خمس سنوات على اللقاء الأول لجمعية ردفان يتذكر صالح هيثم فرج العبدلي وهو احد منظمي ذلك اللقاء الشهير عبر مقال له نشر مؤخراً يقول فيه:" خمس سنوات مضت على لقاء التصالح والتسامح التاريخي الذي دعت له جمعية ردفان الخيرية الاجتماعية - عدن في يوم الجمعة الثالث عشر من يناير 2006 في مقرها الكائن حينها في مدينة المنصورة وحضره أكثر من 350 شخصية من مختلف مناطق الجنوب وقد أعلنوا في هذا اللقاء انطلاق مسيرة التصالح والتسامح ليس بين فرقاء أحداث يناير المأسوية بل مختلف الصراعات الجنوبية الجنوبية للمراحل التي سبقتها وتلتها حتى ذلك اللقاء اليوم الذي صادف رابع أيام عيد الأضحى المبارك من عام1426هجرية وعلى إثر ذلك تم إغلاق الجمعية بقرار من نظام صنعاء الذي نص بحضر أنشطتها الخيرية ونشاط هيئتها الإدارية والجمعية العمومية والتصرف بأموالها وممتلكاتها.
لاحقا وبعد اقل من عام على انطلاق فعاليات التصالح والتسامح دشن الحراك الجنوبي فعالياته السياسة ورفع شعار التصالح والتسامح وأقام مهرجانا في ذكرى المأساة في العام 2008 انتهى بمقتل شخصين وإصابة آخرين.


بدأ تيار «التصالح والتسامح» بالظهور العلني على إثر لقاء جمع شخصيات سياسية وعسكرية في «جمعية ردفان» في 13 يناير 86م المصادف للذكرى العشرين لصراع طارت فيه رؤوس قيادات تاريخية.
وعقب اللقاء تشكلت لجنة تضامنية من شخصيات قانونية وأكاديمية وإعلامية لمتابعة قضايا انتهاك الحقوق والحريات في بعض المحافظات الجنوبية، وعلى إثر اللقاء قررت وزارة الشئون الاجتماعية فرع عدن إغلاق مقر الجمعية بحجة قيامها بنشاطات حزبية.
وكان سبب ذلك التوجه الرسمي اتصال هاتفي من السفير السابق لليمن في سوريا أحمد الحسني واللاجئ السياسي ببريطانيا للحديث إلى من حضروا اللقاء.
وأصبح «تيار التصالح والتسامح» ضمن الإطارات السياسية التي تشكلت منذ مهرجان 7-7-2007م، وسقط على إثر فعالياتها المستمرة جرحى وشهداء، كان من أبرزهم «صالح أبو بكر اليافعي» الذي استشهد في 13يناير 2008م بساحة الهاشمي بمدينة الشيخ عثمان بعدن.
وأدت أعمال حفر خلف معسكر الصولبان في نهاية ديسمبر 2005م بمنطقة العريش بمديرية خور مكسر بعدن إلى اكتشاف مقبرة جماعية دفن فيها عشرات العسكريين وتم اكتشاف نحو 19 جثة يعتقد أنهم من ضحايا معارك يناير 86م.
ومع مطلع 25 ديسمبر 2006م كان محافظ عدن السابق أحمد الكحلاني يشرف على عمليات هدم مقبرة داخل معسكر طارق بخور مكسر، تحوي رفاة عدد من الجنود الذين سقطوا في أحداث 13 يناير، وتم خلالها جرف النصب التذكاري الموجود بجانب المقبرة الجماعية.
وأدت هذه العملية إلى احتقانات متواصلة، وأقام المعتصمون خياماً فيها، وشكلت لجنة برلمانية برئاسة د. غالب القرشي التي أوصت السلطة المحلية بتسوير المقبرة ووقف أي عملية بناء فيها.
غير أن دعوة «التصالح والتسامح» لإقامة فعالية في عدن 13 يناير 2008، ومواجهة السلطة لها باعتقال مئات المواطنين، واستخدام الرصاص الحي والمسيل للدموع، أعادت إلى الواجهة من جديد هذه القضية، خصوصاً مع خروج أصوات من الحراك احتجت على استمراره ومحاولة قيادات التيار اختطاف الأنظار نحوها.
غير أن تيار التصالح والتسامح، المحسوب على قيادات كبيرة في الخارج، قد تحول إلى كيان آخر، تم تشكيله في منطقة «العسكرية بيافع»، وبات ممثلاً عنه، لكن قيادات وناشطين آخرين ينتمون إليه وقفوا أمام التشكيلة الجديدة، ولا زالوا يتمسكون بملتقيات التصالح على مستوى المديريات، ويحيون فعالية يناير من كل عام.

ورغم ترحيب كثيرين بدعوات التصالح والتسامح التي أطلقها الحراك الا ان آخرون ابدوا معارضتهم لهذا النهج وطالبوا بمحاسبة المتسببين والقتلة حد قول الكثير منهم .

وكان من ابرز الرافضين لدعوات التصالح والتسامح القيادي البارز في السلطة المحلية بمحافظة الضالع ووكيلها الأول لحسون صالح مصلح ، قتل والد لحسون في اجتماع المكتب السياسي ضمن عدد من قتلوا صبيحة ال 13 من يناير1986.
في يناير من كل عام لاينسى لحسون ان يجدد رفضه المطلق لدعوات التصالح التي يطلقها الحراك الجنوبي .
((نرفض التصالح والتسامح القائم اليوم رفضاً قاطعاً كونه مسيساً، ولا يترجم المعاني السامية والنبيلة لكلمتي التسامح والتصالح المعروفتين في ديننا الإسلامي الحنيف وفي القواميس الإنسانية)).
هكذا رد لحسون على أول دعوة وجهها الحراك الجنوبي لإحياء المناسبة وأضاف:" «إن تلك العناصر التي تهتف اليوم بالتصالح والتسامح، عناصر مريضة ومأزومة وبعيدة كل البعد عن التصالح والتسامح واليوم يأتون لرفع شعار التسامح والتصالح.. وليعلموا أن قتل الأنفس لا ينتهي بالتقادم وإننا ننتظر محاسبتهم أمام القضاء وبشرع الله».

بعد مرور 25 عام على نكبة 13 يناير في الجنوب وفي ذكراها نظم الحراك الجنوبي صباح اليوم الخميس مظاهرات عدة لإحياء ما اسماها ذكرى التصالح والتسامح .
سار المئات في عدد من المدن الجنوبية ورفعوا جنبا إلى جنب صور القيادات التي تسببت بمقتل 12 ألف مواطن من أهل الجنوب ورددوا هتافات مناوئة للوحدة اليمنية.
بعد 25 عام من المأساة ثمة سؤال يثور اليوم ويفرض نفسه وهو هل سيتمكن "الحراك الجنوبي" من طي هذه الصفحة السوداء من تاريخ الجنوب ام ان صراعات قياداته قد تنتج في المستقبل يناير جديدة؟.
*خاص "عدن الغد" يمنع النشر دون الإشارة الى المصدر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.