«الجمال بمتناول الجميع» مقولة باتت صحيحة تماماً، لكثرة تشعّبات مجال الطبّ التجميليّ الذي يُتيح للمرأة أن تتربّع على عرش الجمال-حسب الحاجة والرغبة- بخطوات عمليّة مدروسة، تؤمّن لها بشرة نضرة يافعة، خالية من التجاعيد والمشاكل والبقع والتجوّرات. من سنة إلى أخرى، نلحظ تقدّماً هائلاً في التقنيّات المستعملة، إذ يتطوّر العلم والطبّ بلا توقّف لتقديم الأفضل: نسبة ألم أقلّ ومدّة نقاهة أقصر، كي تتابع المرأة العاملة حياتها بشكل طبيعيّ. تتدّرج العلاجات من روتينيّة يوميّة بسيطة، إلى دوريّة متخصّصة، إلى طبّية مكفولة. فمن الكريمات والماسكات والتقشير الخفيف، إلى التقشير المتوسّط فالعميق، إلى بري الجلد، إلى الإستعانة بالليزر لمختلف مشاكل البشرة، وصولاً إلى الحقن المغذّية والبوتوكس ومواد التعبئة... كلّها تندرج تحت خانة «تجميل من دون جراحة». وتجدر الإشارة إلى أنّ الجراحة التجميليّة تكون ضروريّة في بعض الأحيان، ولا غنىً عنها لحالات معيّنة، ذلك أنّ كلّ التقنيّات الأخرى لا تُعطي النتيجة المطلوبة في حال وجود تجاعيد عميقة أو ترهّل كبير أو تشوّه مثلاً. بيد أنّ هذه التقنيات غير الجراحيّة من شأنها أن تحسّن بشكل ملحوظ الطلّة المتكاملة وتعزّز إشراقة الوجه. لكن يبقى الأهمّ هو التوجّه إلى طبيب متخصّص، للحصول على النتيجة المكفولة، من دون عواقب جانبيّة. يتعرّض الإنسان لعوامل خارجيّة وملوّثات من شأنها أن تؤثّر سلباً على صحّته وحتى على بشرته. إذ تكثر الأمراض والضغوط، ويتبدّل نمط الحياة سريعاً، ليرزح المرء تحت وطأة كلّ ما من شأنه أن يُسيء إلى صحّته وجماله. كثيرة هي العوامل التي تسبّب الشيخوخة المبكرة للبشرة، وتساهم في ظهور علامات التعب والتقدّم في السن، وتؤدّي إلى تكوّن الشوائب على البشرة. ولعلّ أبرزها التعرّض المستمرّ للتلوّث بشتى أشكاله، والتعرّض لأشعّة الشمس من دون وقاية، ونمط الحياة السريع، والنظام الغذائي العشوائي والتدخين وقلّة الرياضة وإهمال تنظيف البشرة وعدم العناية بالمشاكل البدائية للجلد. وتتضاعف المشاكل إذا لم تعالج منذ البداية، لتتفاقم الشوائب وتكثر، مما يستدعي التوجّه إلى الحلول الجذرية. ويبقى المطلوب هو تدارك الأمر والبدء بالوقاية، وإستكمالها لاحقاً بوسائل طبّيّة تجميليّة، للمحافظة على الطلّة الجميلة والبشرة الصحّيّة.
يشرح الدكتور أنطوان أبي عبّود، إختصاصيّ في جراحة الترميم والتجميل، مختلف الطرق غير الجراحيّة التي تمكّن المرأة من الإهتمام بجمال وجهها. كما يتطرّق الدكتور فريد إسطفان، إختصاصيّ في أمراض الجلد، إلى العناية الدورية بالكريمات والمستحضرات المتخصّصة، عارضاً لدور الليزر في العلاج المتكامل. تجميل الوجه
يهدف الكلام عن تجميل الوجه عموماً إلى إعادة الوجه إلى سابق عهده، من حيث الشكل ونقاوة البشرة. إذ تمرّ البشرة بتغيّرات شتى مع التقدّم في السنّ، والتعرّض لمختلف العوامل. ويقول الدكتور أبي عبّود: «قد يفقد الوجه مع الوقت استدارته وتخسر البشرة مطاطيّتها ويتغيّر لونها وتبدأ التجاعيد بالظهور. كما قد تظهر حبوب أو بقع أو تجوّرات، نتيجة الشمس والتعب والضغط وسوء التغذية وقلّة المياه وسواها. لذلك لا بدّ من تصحيح هذه الشوائب عبر الإستعانة بمختلف الوسائل، حسب العمر وحالة البشرة». وبغية تصحيح الوجه، قد يتوجّه البعض إلى الجراحة التجميليّة لشدّ البشرة Lifting. وهي تبقى الأكثر فعاليّة من حيث النتيجة. ولكن هذا لا يمنع اللجوء إلى حلول بديلة، بعضها موقّت وغيرها أكثر ديمومة، للحصول على البشرة الشابة والخالية من الشوائب. الإهتمام بالبشرة
يقول الدكتور إسطفان إنّ «العناية البسيطة تبدأ بإستعمال كريمات طبّيّة تلائم نوعيّة البشرة وتلبّي حاجاتها، من دون الإستعانة بوصفات الآخرين. إذ لكلّ حالة فريدة، كريم أو مستحضر خاص بها، يعالج مشاكلها ويقيها من مشاكل أخرى. تتمّ ذلك بعد زيارة طبيب الجلد الذي يشخّص البشرة ويصف ما يناسبها. وتجدر الإشارة إلى أنّ إستعمال الواقي من الشمس مهمّ للغاية، بهدف الحماية من مضار أشعّة الشمس. ولا بدّ من تجديده مع التعرّض للشمس في اليوم الواحد». ومن الممكن البدء بإستعمال الكريمات منذ العشرينات، ليكون كريم النهار مرطّباً ومغذياً وكريم الليل معالِجاً حسب الحالة. من جهة أخرى، يضيف الدكتور إسطفان: «هناك كريمات طبّيّة متخصّصة لتبييض لون البشرة وتوحيدها. كما توجد مستحضرات مقشّرة، لإزالة الخلايا السطحيّة الميّتة وتجديد الكولاجين في الوجه، إضافةً إلى كريمات تحسّن مظهر البشرة ونضارتها». تقنيات طبية - تجميلية
يشرح الدكتور إسطفان: «من الممكن أن تلجأ السيّدة إلى تقشير وجهها عند الطبيب الإختصاصيّ للتخلّص من المشاكل الجلدية. والتقشير أي ال Peeling، يتدرّج من خفيف إلى متوسّط إلى عميق. يشتمل على مواد عدّة وحتى على الأسيد، وذلك لمعالجة الشوائب والبقع وتحسين التجاعيد الصغيرة. يهدف التقشير الخفيف إلى إعادة النضارة المفقودة إلى البشرة، فيما يُستعمل التقشير العميق للقضاء على التجاعيد وإعادة تجديد الخلايا والتخلّص من التصبغات والبقع الناتجة عن الحبوب. كما يمكن الإستعانة بتقنيّة البري Dermabrasion للتخلّص من الجلد الميّت، لكنها أقلّ إستعمالاً الآن بسبب وجود الليزر». في ما خصّ الليزر، يرى إسطفان أنه «بالإمكان الإستعانة بعدّة ماكنات ليزر، تُقسم إلى نوعين أساسيّين: Rejuvenation Laser و Resurfacing Laser . يهدف الRejuvenation ليزر إلى تحسين نوعية البشرة وإشراقتها، لكنه لا يقشّر ولا تظهر نتائجه على الفور. وأمّا ال Resurfacing ليزر مثل الCo2 Laser أو ال Fractional Laser فهو يقشّر الخلايا الميّتة لإعادة تجميل بشرة الوجه و التخفيف من وطأة التجاعيد والكلف والبقع والتصبّغات والحبوب والندوب وسواها».
Mesotherapy
يقول الدكتور أبي عبّود: «طريقة الميزوثيرابي Mesotherapy شائعة الإستعمال أيضاً في مجال تجميل الوجه. وهي كناية عن حقن فيتامينات ومغذّيات ومكوّنات من الHyaluronic Acid في الوجه أو الشعر للنضارة وتجديد الخلايا وتحفيز إنتاج الكولاجين والإيلاستين. وقد جرى أخيراً تطوير المكوّنات وإدخال عنصر الHyaluronic Acid- أقلّ تركيزاً- بغية تعبئة التجوّرات الموجودة حول العينين. وهو لا يعمل على تصحيح اللون، أي الهالات السوداء، بل يُستخدم كتعبئة للفراغات. وقد بدأ إستعماله في الدول الغربية ومن المتوقّع تطبيقه قريباً في الشرق».
BOTOX
من جهة أخرى، يقول أبي عبّود: «لا يزال الإقدام على حقن البوتوكس للوجه وتحت الإبطين والرجلين وراحة اليدين يلاقي رواجاً، بسبب النتائج التي يقدّمها. إذ يعمل على صعد عدّة. فحقن البوتوكس في الوجه تعمل على شلّ العضل لمنع ظهور التجاعيد الرفيعة على الجبين وبين العينين، وعلى طرف الحاجبين. وتدوم نتيجتها بين 3 إلى 6 أشهر. وأمّا في بقية مناطق الجسم المذكورة، فيعمل على تخفيف التعرّق».
FILLER
أمّا حقن مواد التعبئة أي الفيلير Filler، فينصح الدكتور أبي عبّود «بإستعمالها حول الفم وفي الخدّين وحول الأنف وفي الرقبة لأنها تعبّئ المناطق الفارغة وتخفي التجوّرات. ومن المحبّذ إستعمال الHyaluronic Acid ذي التركيزات المختلفة حسب الحاجة لأنه آمن وسليم ويذوب بعد فترة 6 أشهر إلى سنة». حقن الدهون
يتحدّث أبي عبّود عن تقنيّة حقن الدهن الطبيعيّ في الوجه، مشيراً إلى أنّ «هذا الإجراء يستدعي جراحة في الجسم وليس في الوجه. إذ يتمّ إستخراج الدهون وشفطها من السيّدة ومن ثمّ توضع في ماكنة خاصة لإعادة حقنها في وجه السيدة عينها، عبر الإستعانة ببنج موضعي أو عام، بحسب الحالة. فبعد تحضير الدهن وفصله عن الدم، تُستعمل Canula خاصة دقيقة لحقن الدهن في المنطقة المحاذية للعينين أو في منطقة الفم والخدّين. إلاّ أنّ الدهن المحقون يذوب وقد يستدعي إعادة الكرّة أكثر من المرّة للحصول على النتيجة المطلوبة، بسبب خسارة من 40 في المئة إلى 60 في المئة منه بُعيد الحقن».
يضيف الدكتور أبي عبّود: «أمّا الآن، فقد طُوّرت عمليّة حقن الدهن الطبيعي، عبر إستعمال الخلايا الجذعيّة Stem Cells والبلاسما. فيحقن 10سس من الدم المستخرج -والمعالج بحسب مكوّناته- مع الدهن لتحسين عمليّة حقن الدهن وتأكيد ديمومته».
ويمكن أن يحقن الدم المُعالج Processed، بلا دهن، في منطقة الوجه، على غرار تقنية الميزوثيرابي، لتحسين نوعيّة البشرة ونضارتها. إلاّ أنّ النتائج لا تظهر سريعاً، وإنما تكون واضحة من خلال الفحوص والزرع المخبري، لتبان على المدى الطويل.
خيط حديث!
يفسّر الدكتور أبي عبّود تقنيّة شدّ الوجه بالخيط بقوله: «كانت الخيوط في السابق قاسية وجامدة وسميكة وتسبّب الإلتهابات. أمّا الإختراع الحديث، فكناية عن خيوط رفيعة تذوب مع الوقت، وتحتوي على Cones لتعلق تحت الجلد. يستعان بإبرة واحدة لإحداث ثقب صغير، ويُدخل الخيط يميناً ويساراً، صعوداً ونزولاً تحت البشرة. وبعدها، يُقصّ الخيط. وهذه ليست جراحة لأنها لا تحتوي إلاّ على ثقب واحد. وتستمر النتائج قائمة بين سنة وسنتين.
طبيب إختصاصيّ
كلّ التقنيّات المذكورة يجب ألا تُنفّذ إلاّ على يد طبيب مختصّ. وقد صدر بروتوكول في وسائل الإعلام اللبنانية بضرورة الإلتزام بالتعاون مع طبيب جلد أو طبيب تجميل للإشراف على كل الوسائل التجميلية التي تتضمّن حقناً أو تعبئة أو شفطاً أو ليزر أو ذبذبات، حتى في المراكز التجميلية. يختم الدكتور إسطفان: «إنّ العناية المبكرة قد تقي المرء من العلاج في مراحل لاحقة. ومن المهمّ أن تستخدم السيّدة ما يناسب بشرتها وسنّها ونوعيّتها لتفادي تفاقم الضرر». ومن جهته يقول الدكتور أبي عبّود إنه «بات من الممكن تحسين الوجه وتجميله من دون اللجوء إلى العمليات الجراحية الكبرى-متى سمحت الحالة بذلك- للحصول على وجه مشرق نضر وصحّي».
