عدن أونلاين/ استطلاع/ دنيا هاني يتخذ جانب كبير من المواطنين في محافظة عدن والمحافظات الساحلية المجاورة مهنة صيد الأسماك مصدرا لكسب الرزق توارثوه أبا عن جد فيما تعد الأسماك الوجبة الرئيسية لأهالي هذه المحافظات أو هكذا كانت قبل أن تصل أسعارها إلى أرقام جزافية لا يقوى عليها المواطن البسيط. ورغم أن اليمن تتسيد على شريط ساحلي يضاهي ال 2000كم إلا أن ما تحتويه تلك البحار الغنية من ثروة سمكية باتت حكرا على موائد النخبة فقط، القادرين على دفع آلاف الريالات ثمنا للكيلو الواحد من السمك، عدا ذلك فتصدير جائر لأطنان من الأسماك بشكل يومي إلى دول الجوار والأسواق الأجنبية على حساب المواطن البسيط الذي بات عاجزا عن أطعام أطفاله وجبة سمك.
لنتعرف عن قرب على أسباب الارتفاع الجنوني في أسعار الأسماك في مدينة عدن التي تحد البحار من مختلف اتجاهاتها التقينا أولا الصياد مجمل سالم هادي، الذي أحترف الصيد منذ نعومة أظافره، والذي قال: "الأسعار تتفاوت من موسم إلى آخر خاصة عندما يكون الموسم هو موسم رياح أو مطرب كما كنا في الأشهر الماضية فيكون هناك ارتفاع في أسعار السمك|، وليس له سعر محدد فمثلاً إذا اصطدنا حوت كبير يزن تقريباً 50 كيلو وأكثر يطلع سعره بالخمسين أو ستين ألف ريال وإذا اصطدنا كوم جحش يطلع بخمسة ألف ريال وإذا كان 5 حيتان صغيرة أو 7 مقدار ذارع أو أكثر تباع من 1500 ريال أو 1800 ريال وما إلى ذلك بالتفاوت وعلى حسب الحوت وأيضاً الكيلو التمد أو الزينوب يكون سعر الكيلو الواحد 2500 ريال وأحياناً يصل إلى 2000 ريال ويتفاوت أيضاً بالسعر وكل نوع وله سعر ويعتمد ذلك على سوق الحراج الذي نقوم ببيع الأسماك له وهو الذي يحدد السعر على حسب نوع وكمية السمك أو الحوت". وأضاف قائلا: "وإجمالا فإن تجريف سفن الاصطياد الأجنبية للثروة السمكية أدى إلى شح كبير في الأسماك التي يصطادها الصيادين التقليديين بمعداتهم البسيطة، إضافة إلى تصدير الأسماك بكميات كبيرة وبشكل يومي إلى دول الجوار، الأمرين الذين تسببا في قلة الأسماك المعروضة في الأسواق وارتفاع أسعارها بشكل كبير أرهق المواطنين وحرم غالبيتهم من تناول الأسماك بعد أن كانت أساس المائدة خاصة في مدينة عدن الساحلية والغنية بالثروة السمكية حتى وقت قريب".
السمك.. للأغنياء فقط باسم فضل، بايع أسماك في سوق كريتر، تقل أسعار الأسماك التي يقوم ببيعها بنحو النصف عن باقي الباعة في داخا السوق، والسبب عدم دفعه إيجار كون المفرش خاص به وغير مستأجربينما في داخل سوق الأسماك يدفع أصحاب المفارش إيجار يبلغ في السنة حوالي 120 ألف ريال وهو ما يدفعهم إلى رفع أسعار الأسماك التي يتم شراؤها أصلا من سوق الحراج بأسعار مرتفعة. يقول باسم عن أسعار السمك: "في الأيام الأخيرة بلغ سعر الكيلو من سمك التمد 2500 ريالا وأكثر، أما الديرك فوصل سعره إلى 3000 ريال وأحياناً يرتفع سعره إلى أكثر من ذلك، وأما مشك الباغة الذي يعد النوع الشعبي للبسطاء فأرتفع سعره بشكل كبير عن السنوات الماضية فبعد ان كان بمائتي ريال أو أكثر قليلا فقد أصبح يصل الآن إلى الألف ريال، وبالنسبة للبياض فيباع ب 800 ريال وهناك ب 600 ريال وأسعاره متفاوتة على حسب حجم الحوت". يؤكد بائع الأسماك باسم أن أسعار الأسماك شهدت خلال الأعوام القليلة الماضية وحتى يومنا هذا ارتفاعا كبيرا فاق بكل المقاييس القدرة الشرائية للمواطنين.. ويقول: "المواطنين أصبحوا غير قادرين على شراء الأسماك لأسرهم، وان قاموا بالشراء فغالبا ما يطلبون منا نصف كيلو لعدم قدرتهم على دفع قيمة كيلو من السمك تصل إلى نحو ألفين وخمسمائة ريال.. فعلا هذا الوضع مستغرب سواء من قبل الباعة أو المستهلكين فأسعار الأسماك فاقت أسعار لحوم الماشية بينما نحن في بلد بحري من الدرجة الأولى ويتمتع بثروة سمكية ضخمة ويفترض أن تكون أسعار الأسماك منخفضة وفي متناول الجميع!؟".
تصدير جائر الصياد علي بوهي أكد من جانبه أن ارتفاع أسعار الأسماك في أسواق عدن وباقي المحافظات الأخرى يعود إلى عدد من الأسباب أبرزها التصدير الجائر للأسماك من اليمن إلى الخارج. وأوضح البوهي، الذي أفنى عمره في مهنة صيد الأسماك، قائلا: "عندما يتم إنزال الأسماك من قبل قوارب الاصطياد والصيادين في نقاط البيع يقوم مندوبي شركات تصدير الأسماك وأصحاب شاحنات نقل الأسماك إلى الدول المجاورة بالمضاربة على أسعار الأسماك حتى تصل إلى أسعار خيالية لا يقوى عليها باعة الأسماك في أسواق عدن وبالتالي فأن هذه الأسعار تنعكس على المستهلك البسيط الذي يصله الكيلو الواحد من سمك التمد مثلا بألفين وخمسمائة ريال وهو مبلغ كبير لم تشهد أسواق الأسماك في عدن على مدى العقود الفائتة". وبقول البوهي أن السبب الآخر وراء الارتفاع الجنوني في أسعار الأسماك هو "الصيد الجائر للأسماك من قبل بواخر الاصطياد التي تقوم بتجريف مراعي الأسماك وتدمير البيئة البحرية، الأمر الذي هجر الأسماك والكائنات البحرية ذات الجدوى الاقتصادية مثل الشروخ والحبار والجمبري إلى خارج البحار اليمنية.. تصور ان الصيادين اليمنيين أصبحوا مجبرين على ارتياد الشواطئ الصومالية طلبا للأسماك بعد أن كانت بحار اليمن زاخرة بمختلف أنواع الأسماك". واختتم بالتأكيد على أن "ما يحدث استنزاف للثروة السمكية في اليمن وإهدار لمخزونها وحرمان المواطنين من خيرات بحارهم فيما يتلذذ بها مواطني الدول الأخرى".
عبث ولا مبالاة أحمد عبدالله، صياد من أبناء عدن، يقول ان "الموسم الحالي شهد تقلبا في الطقس واشتداد الرياح، إضافة إلى التجريف العشوائى للأسماك من قبل أساطيل الاصطياد الأجنبية خلال السنوات الماضية ما تسبب بتناقص كميات الأسماك من الأسواق وبالتالي ارتفاع أسعارها". واستطرد باستياء: "لا يوجد اهتمام ومعالجات من قبل الجهات ذات العلاقة والجمعيات السمكية، ويتوجب على الدولة المبادرة العاجلة لوضع حد لشركات الاصطياد الأجنبية التي تجرف ثروتنا السمكية". وفي نفس السياق قال الصياد عبدالواسع مطلوب، 54 عاما، ان ترك البحار اليمنية مفتوحة أمام سفن الاصطياد الأجنبية تنهب ما شاءت منها وتعبث بالمراعي السمكية الفاعل الأساسي لشح الأسماك في الأسواق وارتفاع أسعار المعروض منها بشكل جنوني. وقال مطلوب: "ما تعرضت وتتعرض له مراعي الأسماك من جرف عشوائي منذ سنوات طوال وحتى وقتنا الراهن على يد شركات الاصطياد وخصوصا الأنواع التي تسوق وعليها طلب كبير خارجيا لم يؤدي فقط إلى استنزاف الثروة السمكية بل وسيصل بنا إلى مرحلة لن تكون اليمن قادرة على إستعادة هذه الثروة التي تعتمد عليها دول كبرى في تنمية اقتصادها وذلك نتيجة للتدمير الجائر للمراعي البحرية وانهاء فرص تكاثر الكائنات البحرية في بحار اليمن بعد ان كانت موطن خصب لتكاثر الأسماك بمختلف أنواعها". وأضاف قائلا: "نستغرب عدم قيام الدولة بضبط السفن الكبيرة، ونحن الصيادين حتى ما فيش معانا جمعية تدافع عنا وتدعمنا، انتخبناهم زمان ولا عملوا لنا شي".