عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    مكاتب الإصلاح بالمحافظات تعزي رئيس الكتلة البرلمانية في وفاة والده    أقرب صورة للرئيس الإيراني ''إبراهيم رئيسي'' بعد مقتله .. وثقتها الكاميرات أثناء انتشال جثمانه    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    الثالث خلال أشهر.. وفاة مختطف لدى مليشيا الحوثي الإرهابية    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    بعثة اليمن تصل السعودية استعدادا لمواجهة البحرين    انفراد.. "يمنات" ينشر النتائج التي توصلت إليها لجنة برلمانية في تحقيقها بشأن المبيدات    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    ماذا يحدث في إيران بعد وفاة الرئيس ''إبراهيم رئيسي''؟    عودة خدمة الإنترنت والاتصالات في مناطق بوادي حضرموت بعد انقطاع دام ساعات    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    صيد حوثي بيد القوات الشرعية في تعز    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    أول فيديو من موقع سقوط طائرة الرئيس الإيراني ووصول فريق الإنقاذ "شاهد"    تغاريد حرة.. هذا ما احاول ان أكون عليه.. الشكر لكم    هادي هيج: الرئاسة أبلغت المبعوث الأممي أن زيارة قحطان قبل أي تفاوض    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    تناقض حوثي مفضوح حول مصير قحطان    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    عاجل: نجاة أمين مجلس شبوة المحلي ومقتل نجله وشخصان آخران (صور)    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    إعلامية الإصلاح تدعو للتفاعل مع حملة للمطالبة بإطلاق المناضل قحطان وجعلها أولوية    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احتفالات الحوثيين بما يسمى الغدير !! محمد سيف عبدالله
نشر في عدن أون لاين يوم 02 - 11 - 2012

ان الذي يقرأ القرآن الكريم سيجد أنه مليء بالمفردات الدالة على ضرورة أعمال العقل ، فعلى سبيل المثال هناك 49 كلمة مشتقة من الجذر فقه ، وأن الكلمات المشتقة من الجذر نظر تكررت في 102 موضع ، وأن لفظ "أولو الألباب" ذكرت 16 مرة ، إضافة إلى العديد من الآيات الأخرى التي تحث على ضرورة السماح للعقل بالتفكير الحر والتي جعلت المسلمين روادا للعقلانية وليس أعداءا لها قبل عصور الا نحطاط وهنا نتسأل ماهي اهم الا سباب لتغيب العقل؟ اقول :أهم الا سباب الصراع السياسي والتعصب المذهبي والطائفي واعتماد النقل واتباع ماتحويه مصادرها الفقهية دون اشراك العقل ومقاومة النقد والتحليل لمعرفة المخالف للكتاب وصحيح السنة سنداومتنا التي لا تخالف القران فنحن نلا حظ ان أئمة الشيعة وضعوا معتقدات كثيرة يقودوا بها الناس باسم الا سلام و لا يمكن أن يسمح فقهاءهم بتحكيم العقل فيها من مثل مسألة الإمام الغائب منذ القرن الثالث الهجري أو التشكيك بعودته ، أو التفكير بتلك النصوص التي تعطى قدسية لعلي بن أبي طالب ونسله ، ونلاحظ كيف يستخدم الحوثيون ليلة غدير كمناسبة لا عطاء انفسهم شرعية الحكم باسم الحق الا لاهي ولا يمكن أن يعقل الشيعي أن الإسلام بريء من هذا التقديس ، ومثل الشيعي هناك بعض السنة يقدسون نصوصا منسوبة الي رسول الله وهي مخالفة للقران وصحيح السنة سندا ومتنا ونحن نلاحظ ان الشيعة يستندون الي احاديث يؤمن بها غالب السنة وكل هذه المعتقدات التي يعتقد بها الشيعة وبعض الفرق الإسلامية الأخرى مردها أنهم عطلوا أعمال العقل ولا شك ان السياسة ساهمت في ايجادالغلوعند كل فريق و بما لديه ، وتقلبت الأوضاع والأحوال بكل فريق حسب موقف الحاكم ، فكان كلما مال حاكم لرأي فريق فإن الفريق الآخر سيكتب عليه الاضطهاد والتكفير والمحاكمة والقهر والتعذيب والسجن ايران والسعودية نموذجا مصغراللماضي، حتى يأتي حاكم آخر يميل للرأي المخالف ليفسح المجال لأهل ذلك الفريق بأخذ ثاراتهم وتجريع منافسيهم من نفس الكأس التي تجرعوها من قبل ومع أن العصر قد تغير وأن العلم قد انتشر إلا أن ا راء المذاهب الفقه بقيت تتوارثه الأجيال بالصورة الأولى نفسها التي وجد عليها واصبح فهم الاموات يقود الا حياء والماضي يدير الحاضر وأصبح غالب فقهاء السنة وكل فقهاء الشيعة والفرق الأخرى التي بقيت حتى هذا العصر ينظرون إلى علوم الدين على أنها حرم مقدس لا يدخله غيرهم ، وأنهم وحدهم من له الحق بإخراج كلمة الله لأتباعهم ، ولا حق لغيرهم بنقاشهم ، لأنهم وحدهم الذين يقولون ما يريد الله قوله ، وعلى غيرهم أن يسمعوا ويطيعوا أو يسكتوا، وكل من خالفهم فقد حقت عليه لعنة الله والملوك والناس أجمعين والتكفير جاهز الا من رحم الله. وتم بهذا التوارث وأد العقل وتغييبه عن نقاش المسائل الدينية لدى كل من بقي من المذاهب والفرق الإسلامية ، لأنهم يزعمون أن العقل لا يمكن أن يكون ميزانا للتشريع ، بحجة أن ما هو معقول عند شخص قد يكون غير معقول عند شخص آخر ، وأن الدين يجب أن يعتمد على النقل من النصوص ، حتى في إثبات وجود الله والتصديق بيوم القيامة وكل الأمور الغيبية الأخرى .وحسبنا الله ونعم الوكيل بل وصل الا مر عند البعض الي منع الاعتماد على أعمال العقل للتعرف على حقيقة التأويل والتفسير للآية ، أو صحة متن الحديث أو ثبوت نسبته إلى الرسول أو توافقه مع الحقائق العلمية التي أودعها الله في كونه ، أو حتى مناقشة خبر منسوب إلى صحابي أو رأي فقيه سالف ، في مسألة لم يأت لها ذكر في كتاب الله أو قال بها رسوله يقينا.والامر سهل فلو سمح العلماءوالمتخصصون لعقولهم بالتفكير الجماعي المؤسسي والعمل الجماعي المؤسسي لوجدوا أن الدين نقل كله ، لأنه لو لم ينقل الرسول صلوات الله وسلامه عليه ما كان ينزل عليه من الوحي لما عرفنا الدين ، وأن الدين عقل كله ، فلو أننا لم نحكم عقولنا باحتمال صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته للإيمان بالله ، الذي لا نراه ولا يمكن أن نتأكد من وجوده بطرق محسوسة ، لما أصبحنا مسلمين نعمل للآخرة ، التي لا يمكن لنا أن نتأكد من وجودها بطرق محسوسة أيضا ، والدين في العقائد والعبادات موقوف على الدليل قطعي الثبوت والدلا لة وفي غير العقائد مرن ، فلو لم ينقل لنا عن رسول الله هيئة الصلاة والحج لما عرفنا كيف نؤدي شعائرهما ، والدين بعضه عقل ، فنحن نعرف بأن دين الله المنزل على موسى وعيسى وإبراهيم وبقية الرسل هو نفس الدين الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه من غير المعقول أن يخلق الله الناس بنفس الاستعدادات العقلية ويفرض على بعضهم أحكاما لا تفرض على الباقين، أو يطلب من البعض عبادات لا تطلب من الآخرين أو يعذب الله أناسا بأفعال يبيحها لآخرين. ودين الله تعالى لا يقر الإبقاء على عادة أو عبادة مخالفة لقطعيات الدين بحجة أنها موروثة وجزء من التراث الاجتماعي ، وإذا كانت تتعارض مع ما جاء به محمد رسول الله من تشريعات حديثة ونحن نلاحظ خطاب الله علي لسان ابراهيم :{ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ * قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ * وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلَّا كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ * قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ} (الأنبياء :54 63 ) ، فانتصر صوت العقل على النقل والتقاليد البالية :{ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (الأنعام : 83 ) . ان السماح للعقل بالتفكير بحرية وشفافية نوع من الحكمة التي أودعها الله في كل شخص ، ولكن ممارسة تلك الحكمة تعود إلى الشخص نفسه :{ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ} (الأنبياء : 51 ) . والراشد من يستخدم عقله لا من يحمله ، ولم يتوقف إبراهيم عن تساؤلاته العقلانية بعد معرفته للخالق وبطلان عقائد قومه ، وبعد أن أصبح رسولا لله :{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة : 260 ) ، لقد أراد أن يقطع الشك باليقين في أمر خاص من أمور الخالق الذي لا يتحقق الإيمان إلا بالتسليم به غيبيا ، وهو قدرته سبحانه على بعث الموتى إلى الحياة مرة أخرى ، وهي عقلانية تنسجم مع محدودية عقل الإنسان الذي يصعب عليه الاقتناع بالغيبيات دون دليل مادي محسوس ، وقد استجاب الله لإبراهيم وحقق رغبته ، لأن سؤاله لم يكن لتبرير عدم إيمانه بالغيب ، لأنه مؤمن ، ولم يكن سؤاله مثل أسئلة مماثلة طرحها كفار كل الأمم السابقة على رسلهم للتعجيز وليس للإيمان واليقين ، كطلب رؤية الله أو مخاطبته أو تنزيل ملائكة . وهكذا أصبح إبراهيم قدوة لنا في استخدام العقل على مر العصور ، وقد كافأه الله على تفكيره الحر ، بماورد ذكره في القرآن الكريم ، فقد شرف الله إبراهيم ببناء ، أو إعادة بناء ، أول بيت لعبادة الله سبحانه ، في أرض الجزيرة العربية على الأقل :{ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }(آل عمران : 97 ) ، وأصبحت الطريقة التي تعبد إبراهيم بها ربه ملة لدين الله بعده وهانحن نحج الي بيت الله:{ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (النحل : 123 ) . ومن المظاهر الواضحة لتلك الطريقة الإبراهيمية التي بقيت من بعده على مر العصور : أداء شعائر الحج التي لم تتغير عن الطريقة التي أداها إبراهيم ، وختان الصبي ، والأضحية ، وعندما تسمى إبراهيم بالمسلم :{ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (البقرة : 131 ) ، سمى الله كل من يتبع دينه مسلما :{ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (البقرة : 132 ) . وليستمر الإسلام كاسم لدين الله بعد ذلك :{ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (الحج : 78 ) ، وباستخدامه العقل بكل شفافية صار إبراهيم يعدل أمة كاملة :{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (النحل : 120 ) ، وفوق هذا كله اختاره الله ليكون خليلا له مع أنه بشر :{ وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (النساء : 125 ) .وهنا ندرك أن القرآن الكريم يحث على استخدام العقل ، وأن كل الآيات التي نزلت على كل الرسل كانت تحث الناس على تحكيم عقولهم للاهتداء إلى أن دعوة الرسل صحيحة ، وأن من خلق الخلق أول مرة يسهل عليه خلقهم مرة أخرى يوم القيامة ، وأن دين الله حجر ألماس أصلي لا يخدشه أي حجر آخر ، فلا خوف على الدين من العقل ، كما أن أي نص يخالف هذا الحجر الكريم الأصلي سيتعرض للخدش دون أن يصاب الإسلام بأي أذى ، وأن أي نص نظن أنه من الدين إذا ما خدشه نص آخر أو موقف عقلاني أو حقيقة علمية فلا يمكن أن يكون من الدين ، وأن علينا تخليص دين الله منه ، وأن علينا أن نتيقن أن أي آية قرآنية لا يمكن أن تخدش ، ليس لأننا نتكلم بعاطفة كمسلمين ، ولكن لأن الله الذي صدر منه القرآن يقول :{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} (الإسراء : 88 ) . كما أن علينا أن نعقل أن أي نصوص قرآنية لا يمكن أن تتعارض مع بعضها وإن بدت لنا كذلك فهو دليل على أن تفسيرنا لأحد الآيتين أو كلاهما كان خاطئا ، وعلينا أن نعقل أن أي نص يعارض آية كتاب الله فليس من الدين ، وأن أي نصوص ليس قرآنية وتتعارض مع بعضها فليست من الدين :{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }(النساء : 82 ) .ان الجهل يساعدعلي استمرار بعض المسلمين على الإصرار بأن دين الله لا علاقة له بالعقل وأنه دين نقل فقط،و في جدال عقيم ، ظاهره الدفاع عن دين الله ، وحقيقته الدفاع عن أنفسهم حتى لا يطال النقد بروجهم العاجية التي بنوها لأنفسهم من عند أنفسهم وتحصنوا بها من دون أن يأتيهم بها كتاب من الله ، فنصبوا أنفسهم بأنفسهم أولياء لله في أرضه بحجج واهية لا يدعمها نص قرأنى ولاعقل ولا يسندها منطق وستتهاوى بمجرد توجيه أول نقد عقلاني لها ، يقول تعالى :{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ
عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} (الحج :8 9 ) . والمسلم من تبع دين الله كما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان إبراهيم رائد العقلانية على مستوى البشرية ، فهل من المعقول أن يحرم من التفكير أتباع محمد صلى الله عليه وسلم والله الموفق

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.