شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    علي ناصر محمد يفجر مفاجأة مدوية: الحوثيون وافقوا على تسليم السلاح وقطع علاقتهم بإيران وحماية حدود السعودية! (فيديو)    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    شاهد الصور الأولية من الانفجارات التي هزت مارب.. هجوم بصواريخ باليستية وطيران مسير    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة روسيا إلى اليمن
نشر في أخبار اليوم يوم 22 - 03 - 2020

تعود العلاقات اليمنية الروسية إلى (1928) إذ كانت اليمن (المملكة المتوكلية) من الدول الأولى التي تقيم علاقات مع الاتحاد السوفيتي في الشرق الأوسط. ومرَّت تلك العلاقة عبر المملكة العربية السعودية حيث سلّم مندوب (الإمام يحيى حميد الدين) في جدة رسالة إلى «المندوب الروسي» وعلى أساسها تم توقيع اتفاقية تجارية بين الدولتين. لكن العلاقات الدبلوماسية لم تقم إلا في عام 1955.
نقلاً عن مركز ابعاد للدراسات والبجوث
وترتكز العلاقات بين روسيا واليمن على معاهدتي الصداقة والتعاون مع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (عام 1979) -جنوباً؛ والجمهورية العربية اليمنية (عام 1984) -شمالاً. وحكم جنوب اليمن نظام إشتراكي قريب من محور موسكو. وعلى الرغم من ذلك كان دعم الاتحاد السوفيتي ضئيلاً مقارنة بدول أخرى، فلم تكن موسكو تبحث عن انتصار «ماركسي» جنوبي اليمن بل كانت مصلحتها في استخدام المرافق البحرية والجوية للنظام في عدن. وفي عام 1990 توحدت اليمن، لتتعامل موسكو مع «الجمهورية اليمنية» كدولة أصبحت أكثر قرباً إلى المحور الغربي.
في نهاية الحرب الباردة تخلت موسكو عن قواعدها جنوب اليمن، وفقدت التأثير الجيوسياسي في المنطقة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية. وتبرز هذه السوابق مجدداً مع عودة روسيا إلى المنطقة وتراجع التأثير الأمريكي، ليس فقط كرغبة روسية في هدفها مواجهة الغرب لكن لإعادة قوتها العسكرية والجيوسياسية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وبرزت الرغبة الروسية بالعودة إلى اليمن في 2009 عندما تحدث مسؤول عسكري روسي عن رغبة بلاده بإنشاء قاعدة عسكرية على مقربة من مضيق باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية[1]، والذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن. وتمر من خلاله 18% من نفط الخليج. وعادة ما تشير دوائر صنع القرار ومراكز البحوث الروسية إلى إنشاء تلك القاعدة طوال السنوات الخمس الماضية.
تعاني اليمن من اضطرابات مستمرة منذ 2011 عندما أسقطت ثورة شعبية الرئيس علي عبدالله صالح الذي حكم البلاد 33 عاماً، وتطورت تلك الاضطرابات إلى حرب مع سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر/أيلول2014 وتدخل تحالف تقوده السعودية تدعمه الولايات المتحدة في مارس/أذار2015، وتستمر تلك الحرب مسببة أكبر أزمة إنسانية في العالم حسب الأمم المتحدة إذ دفعت تلك الحرب معظم سكان البلاد (ما يقارب من ثلاثين مليوناً) إلى حافة المجاعة. وفي ظل تلك الحرب كانت موسكو مراقبة للأوضاع في اليمن بحذر، وأبقت نفسها على مسافة واحدة من كل الأطراف، في وقت كانت قد وقفت بقوة إلى جانب نظام بشار الأسد في سوريا.
في مارس/أذار2020م، اندلعت حرب النفط بين السعودية وروسيا، ولا يبدو أن العناد الروسي/السعودي سيصل إلى اتفاق سريع ينهي الأزمة. لذلك قد تتحول إلى محاولة تأثير متبادل بين الدولتين في مناطق النفوذ الرئيسية لِكليهما من أجل تعميق الخسائر. ولن تجد موسكو تأثيراً على صادرات السعودية من النفط أفضل من التواجد الكبير في باب المندب، وربما مد اليد إلى جماعة الحوثيين التي أعلنت سابقا أنها استهدفت عملاق النفط السعودي أرامكو بالصواريخ، لكن هذه التوقعات لن تكون أقوى من التواصل الذي اصبح مباشرا مع المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات في جنوب اليمن.
دوافع السياسة الروسية في اليمن
يأتي موقع اليمن الاستراتيجي على مضيق باب المندب مصدراً للرؤية الروسية بخصوص المنطقة، ويمكن الإشارة إلى مجموعة محددات تجعل من روسيا فاعلاً متوقعا في اليمن خلال المرحلة القادمة:
بالنسبة للمخاوف الجيوسياسية الروسية فإن اليمن عنصر لا غنى عنه في طموحات الكرملين المتنامية في جميع أنحاء منطقة الساحل، عبر البحر الأحمر. وعودتها إلى جزيرة سقطرى، سيكون مقروناً بإمكانية إنشاء قاعدة بحرية منفصلة في السودان جرى الحديث عن هذه القاعدة بين الرئيس السوداني السابق عمر البشير والرئيس الروسي (2017). وهو ما يعزز قوة روسيا ليس فقط في خليج عدن ولكن في منطقة البحر الأحمر بأكملها. وبالتزامن مع الجهود التي تبذلها موسكو لتوليد الطاقة في الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، ستكون قادرة على توسيع سيطرتها إلى حد كبير في البحر الأحمر وكذلك زيادة القدرات التشغيلية الروسية في المحيط الهندي.
كان اليمن أحد الأولويات الرئيسية لموسكو في الشرق الأوسط أثناء الحرب الباردة. ابتداء من عام 1962، أرسل الاتحاد السوفييتي بدعوة من جمهورية مصر التي ساندت الجمهوريين، «مستشارين» عسكريين ومعدات إلى اليمن. وتوسع هذا الوجود بعد 1968 عندما تواجدت روسيا جنوب البلاد. وبالتحديد، سُمح لموسكو بتأسيس قاعدة بحرية في جزيرة سقطرى (زارتها، خلال مدتها، 120 سفينة سوفييتية). بفضل وصوله إلى هذه القاعدة عند مصب خليج عدن، قام السوفييت بعمليات مستمرة في المحيط الهندي حتى عام 1985.[2] وعلاوة على ذلك، خلال 1968-1991، خدم ما لا يقل عن 5245 من الأخصائيين العسكريين السوفييت في اليمن[3]. فلا شك أن استراتيجية الكرملين الحالية لإعادة بناء النفوذ الروسي في الشرق الأوسط - وهي سياسة متأثرة بشدة بأفكار رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف- لن يتم اعتبارها كاملة دون إعادة كسب موسكو المركز السابق في اليمن[4].
في منتصف 2019 أعادت روسيا تقديم رؤيتها للأمن الجماعي في منطقة الخليج العربي إذ تعتبر الاستقرار في الخليج العربي بالغ الأهمية للمصالح الاستراتيجية الروسية. وتلعب اليمن دوراً في خطة روسيا للأمن الجماعي وينظر إلى اليمن كمنطقة نزاع في الإقليم بين إيران والسعودية زاد التوتر بينهما مع انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل المشتركة الخاصة بإيران (الاتفاق النووي الإيراني). لذلك فإن روسيا تعتقد أن وجودها في المنطقة يجعل لها دور في حل المشكلات العالمية المؤثرة على مصالحها. تمكنها رؤية الأمن الجماعي في منطقة الخليج من التواجد بشكل دائم في المنطقة، وأيضاً التأثير على خطوط الملاحة الدولية المهمة.
تمتلك معظم الدول الكبرى قواعد عسكرية قرب مضيق باب المندب على الجانب الأخر من اليمن في القرن الأفريقي يشمل ذلك (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وتركيا وبريطانيا) ودول أخرى وفشلت محاولات متعددة من موسكو للحصول على قاعدة عسكرية في القرن الأفريقي. وتبدو اليمن منطقة استراتيجية إذا ما تمكنت من الحصول على تلك القاعدة لتلحق بالقوى الغربية. على مستوى الإقليم، تمكنت روسيا من تحقيق توازن في الخليج بعد 2015 فمن جهة عززت تحالفها مع إيران ومن ناحية أخرى أقامت علاقة جيدة للغاية مع السعودية والإمارات. يأتي ذلك على الرغم من وقوف موسكو إلى جانب النظام السوري ممزقاً علاقته بدول الخليج العربي. لكن بعد عام 2015م وعدم الوقوف ضد قرارات مجلس الأمن بشأن الحملة العسكرية ضد الحوثيين فقد دفع ذلك إلى عودة تلك العلاقات تربطها دعم «مشروعية» السلطة القائمة -من وجهة النظر الروسية. لكن كانت روسيا منتقدة بشدة للحرب في اليمن والغارات الجوية السعودية وعادة ما استخدمت الحرب في اليمن لتبرير عملياتها الحربية ضد المدنيين في سوريا مع أن هناك فارق كبير بين ما تقوم به روسيا في سوريا وعمليات التحالف في اليمن. إلى جانب ذلك فإن سعيها في اليمن يحاول تحسين الصورة السيئة التي نُقلت للشعوب العربية بالوقوف مع نظام بشار الأسد.
الاستراتيجية الروسية في اليمن
تحتفظ موسكو بعلاقة جيدة مع طرفي الصراع الرئيسين في اليمن. وحتى اغتيال الرئيس اليمني علي عبدالله صالح من قِبل الحوثيين في ديسمبر/كانون الأول2017 حافظت موسكو على السلك الدبلوماسي في كلٍ من صنعاء وعدن. كما أنها تعتقد أن عمليات التحالف الذي تقوده السعودية يصعد من الحرب في اليمن.
ولفهم أكثر نتطرق لطبيعة الاستراتيجية الروسية وعلاقتها بالمفاعيل المحلية والدولية المرتبطة بالحرب والسلم في اليمن:
أولاً: المفاعيل المحلية
الحكومة الشرعية: تعترف موسكو بشرعية الحكومة التي يقودها الرئيس عبدربه منصور هادي، وفي يوليو / تموز2018 عين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أول سفير لليمن في روسيا منذ سقوط الرئيس السابق علي عبد الله صالح من السلطة في عام 2011. ومثل تعيين الوحيشي مؤشرا على تحول استراتيجية موسكو اليمنية من النقد الخطابي السلبي للنزاع الدائر والذي استمرت موسكو في تلقينه للعالم عبر الأمم المتحدة، إلى السعي النشط لوقف إطلاق النار من خلال الوسائل الدبلوماسية. في العام التالي (2019) زار وزير الخارجية الأسبق عبدالملك المخلافي موسكو طالباً دعم موسكو للضغط على إيران وقف دعم الحوثيين. تتميز علاقة موسكو وطهران بكونها أكثر قرباً في ملفات عِدة معظمها في سوريا والاتفاق النووي الإيراني خاصة بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق.
كان قرار مجلس الأمن رقم 2216 أول اختبار وإعلان لنوايا لروسيا. حث النص الحوثيين على الانسحاب من جميع المناطق التي تم الاستيلاء عليها على الفور، وأعاد تأكيد سلطة «حكومة هادي الشرعية في اليمن». امتنعت موسكو عن التصويت قائلة إن النص «لا يتماشى بالكامل» مع شروط الحل السياسي ودعت جميع الأطراف إلى وقف إطلاق النار. استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) عدة مرات منذ ذلك الحين لتعديل القرارات والبيانات الرسمية للأمم المتحدة وعارضت أي محاولات لسحب القضية خارج إطار الأمم المتحدة، كما كان الحال مع إنشاء الرباعية الدولية التي تضم (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسعودية والإمارات)[5].
جماعة الحوثيين: في الرابع من كانون الأول/ديسمبر2017، أقدم الحوثيون على قتل حليفهم الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. مثل موته العنيف والهزيمة العسكرية التي لحقت بالموالين له في صنعاء تتويجاً لشهور من التوترات المتنامية بين حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة صالح من جهة والحوثيين من جهة أخرى. كانت السفارة الروسية في ذلك الوقت محطاً للقاءات «علي عبدالله صالح»، ومكاناً لتعزيز وجود الحوثيين. لكن تلك الواقعة أدت إلى مغادرة روسيا صنعاء. ظلت العلاقة متوترة بين الحوثيين والروس على الرغم من الوساطة الإيرانية التي طلبت من موسكو لقاء الحوثيين وهو أمرٌ لم يحدث بشكل معلن -على الأقل- إلا في نهاية2018م.[6] أعقبها عدة لقاءات في موسكو ومسقط حيث يقيم وفد الحوثيين المفاوض.[7]
في عام 2016 دعمت روسيا «المجلس السياسي الأعلى» الذي شكله الحوثيون وعلي عبدالله صالح ويعود ذلك إلى عدة أسباب: تخلي الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي عن حسم ملفات المنطقة، والذراع الإيرانية القوية داخل روسيا التي ضغطت من أجل الاعتراف بهذا المجلس. إضافة إلى العلاقة الجيدة بين «صالح» ومسؤولين روس. وقد تحدث إلى قناة «روسيا 24» التابعة للحكومة الروسية في أغسطس/آب2016 قائلا « في معركتنا ضد الإرهاب سنقدم كافة التسهيلات ونحن على استعداد لتقديم مطاراتنا وموانئنا للاتحاد الروسي». ما يعني أن «صالح» قدم وعوده بإقامة قاعدة عسكرية للروس في اليمن. وهو أمرٌ لم يكن يثير الروس في ذلك الوقت بسبب حالة الغرق الدائمة في سوريا. لكن لاحقاً في آب/أغسطس 2017، دعا القائد السابق لسلاح البحرية الروسي فليكس غروموف إلى إنشاء قاعدة بحرية روسية على مقربة من الطرقات التجارية في خليج عدن ووصفَ معهد الدراسات الشرقية في موسكو جزيرة سقطرى بأنها المكان المثالي لبناء قاعدة روسية في اليمن.
في عام 2018 بعث المجلس السياسي الأعلى (الذي يقوده القيادي الحوثي مهدي المشاط) رسالة إلى الرئيس الروسي[8]. أشارت الرسالة إلى الحرب اليمنية وطلباً من روسيا بالمساعدة في مواجهة الأمريكان والتوجه الغربي في البلاد. ينطلق الحوثيون في رسالتهم من فرضية أن موسكو إلى جانب طهران تواجهان المد الغربي في منطقة الشرق الأوسط، ويعتبرون ذلك نقطة جيدة لعودة الروس إلى اليمن.
المجلس الانتقالي الجنوبي: في مارس/أذار2019، كانت وزارة الخارجية الروسية أول من دعا المجلس الانتقالي الجنوبي لزيارة رسمية إلى موسكو؛ في إشارة إلى العلاقة المتنامية بين الإمارات التي تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي، والكرملين. كما أن السفير الروسي لدى اليمن زار مقر «المجلس الانتقالي في عدن في نفس الفترة[9]. تعزز ذلك في بيان صدر في 10 أغسطس/آب2019 حين رفض نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي إدانة سيطرة «الانتقالي الجنوبي» على عدن. كما أنه لم يؤكد أهمية الوحدة اليمنية كما جرت العادة.
في ذات الوقت من غير المرجح أن تدعم روسيا استقلال جنوب اليمن بشكل مباشر، لأن هذه البادرة ستخلق خلافات خطيرة مع السعودية، يمكن أن تنظر موسكو إلى تسهيل دخول «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى مفاوضات السلام التي توسطت فيها الأمم المتحدة كوسيلة لكسب مصالح الإمارات، دون تعرض استراتيجيتها في « التوازن الإقليمي» للخطر. كما أنها وسيلة لكسب وجود في جنوب اليمن سبق أن وعدت به الإمارات.
ثانياً: المفاعيل الإقليمية
الإمارات العربية المتحدة: يعتبر انخراط روسيا المتزايد في الشرق الأوسط واحد من التطورات الإيجابية من وجهة النظر الإماراتية التي تسعى لتصبح عاملاً إقليمياً قوياً. وتسعى موسكو من هذه العلاقة دعم مصالحها في المنطقة، فيما تعتقد الإمارات أن علاقتها مع الكرملين سيدعم طموحها في اليمن وفي المنطقة. خلال السنوات الثلاث الماضية زار محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، موسكو 4 مرات (2016-2019) وفي يونيو/حزيران 2018 وقع الشيخ محمد بن زايد و والرئيس فلاديمير بوتين، إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والتي تشمل أيضاً التشاور بشأن القضايا الإقليمية[10]. بحلول نهاية العام كانت الإمارات قد بدأت العودة إلى سوريا، بإعادة فتح سفارتها بعد إغلاقها (منذ2012) ودعم جماعات معارضة للنظام السوري[11]. وانخرطت روسيا مؤخراً في الحرب الليبية لصالح اللواء المتقاعد خليفة حفتر حليف الإمارات الرئيس[12].
تعتقد الإمارات أن بإمكان روسيا دعمها لتثبيت وجودها في اليمن، ومساعدة حلفائها المحليين بالحصول على اعتراف «شبه رسمي» دولي. والضغط لتمثيل القوى التابعة لها في أي مشاورات قادمة ترعاها الأمم المتحدة مثل «المجلس الانتقالي الجنوبي» و»عائلة صالح». ظلت روسيا تدعم طرف «علي عبدالله صالح» الحليف للإمارات في اليمن ويقيم ابنه «أحمد علي عبدالله صالح» في أبوظبي منذ 2014، حيث فرض قرار مجلس الأمن عقوباتٍ عليه. تفضل الإمارات «عائلة صالح» لاستعادة السلطة في اليمن -شمال اليمن على وجهة التحديد- بدلاً من القوى التي أفرزها الربيع العربي بعد 2011م. يعود ذلك إلى حالة الخصومة الشديدة والفوبيا التي يعاني منها صانع القرار في أبوظبي من وجود الإسلاميين المصنفين على قوائمها للإرهاب. هذا الغضب يشمل «حزب التجمع اليمني للإصلاح» الذي نفى مراراً ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين. في فبراير/شباط2020 قالت الإمارات بشكل رسمي للمرة الأولى أنها كانت تحارب «إخوان اليمن» في إشارة لحزب الإصلاح على الرغم من أن «الإصلاح» يقاتل في جبهة واحدة مع الإمارات ضد الحوثيين. وبعكس أبوظبي، قد لا ترى موسكو مشكلةً في الحزب اليمني طالما أنه لا يؤثر على مصالحها في المنطقة.
في عام 2017 زار «ابن زايد» موسكو والتقى «بوتين»، وأشارت معلومات أن أبوظبي عرضت على موسكو مساحة لرسو سفنها البحرية في عدن، ما يعطي روسيا رابع “محطة توقف” من قناة السويس في البحر الأبيض المتوسط إلى بحر العرب- النقاط الأخرى هي الإسكندرية والعقبة والفجيرة. كما تخطط روسيا لتصبح قوةً بحرية خفيفة وسريعة داخل المياه الدافئة ، ويتطلب هذا محطات للصيانة وإصلاح المخازن المهمة للعمليات البحرية الروسية لوجودها في الشرق الأوسط [13]. ورفضت دولاً مثل جيبوتي مراراً طلباً روسياً بإقامة قاعدة عسكرية بحرية على أراضيها بسبب مخاوف من التوتر مع القواعد الأمريكية والصينية على أراضيها.
بالمقابل ذلك تدعم موسكو خطة إماراتية بعملية سياسية تشمل إجراء انتخابات رئاسية في اليمن وتسليم وزارة الدفاع إلى أحد أفراد «عائلة صالح» [14]. الإمارات قامت بالفعل بعقد لقاءات جمعت مسؤولين روس مع أحمد علي عبدالله صالح، خلال (2016 و2017) من أجل الدفاع عن والده وإيقاف العقوبات الدَّولية المفروضة عليهما حسب القرار الأممي الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2014م.[15] كما عقدت لقاءات مع «أحمد علي عبدالله صالح» بعد مقتل والده على يد الحوثيين. وتمت هذه اللقاءات في أبوظبي مكان إقامته بعد القرار الأممي القاضي بالحظر والمنع من السفر.
بعكس الإمارات التي تعتبر وجودها في اليمن مصيرياً فإن موسكو تنتهج النهج «الزئبقي» بما يخدم مصالحها. لذلك عندما قدم «علي عبدالله صالح» عروضه لروسيا من أجل الوصول إلى الأراضي اليمنية كانت روسيا متفائلة بإمكانية الوصول إليها لكنها في نفس الوقت لم تكن تريد أن تغرق في دعم «عائلة صالح» و»الحوثيين» كما فعلت في سوريا وتريد الوصول دون كلفة.
كما تهدف إيماءات روسيا التصالحية تجاه «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى تعزيز علاقة موسكو بالإمارات ، فارتباط روسيا مع «المجلس الانتقالي الجنوبي» يعكس الأهمية المتزايدة لدولة الإمارات كشريك، وهناك توقعات بتعاون إماراتي روسي في جنوب اليمن من خلال شركات أمنية وعسكرية روسية خاصة كما هو في ليبيا .
حصل «أبعاد» على معلومات تفيّد بأن أبوظبي عرضت على موسكو، قاعدة عسكرية بحرية في «عدن أو سقطرى أو ميناء الشحر في حضرموت أو في ميناء المخا التابع لتعز غربي البلاد»[16]. مقابل المضي قُدماً في تحقيق الخطة الإماراتية على الأرض، ودعم «المجلس الانتقالي الجنوبي» و»عائلة صالح» التي تتمركز في الساحل الغربي لليمن. تشتد حاجة روسيا إلى هذا الوجود مؤخراً خاصة مع «حرب أسعار النفط الأخيرة» التي أعلنت عنها السعودية لإجبار موسكو على الرضوخ بتقييد انتاج النفط. وتضاءل المعارك في سوريا بعد تمكين نظام بشار الأسد.
المملكة العربية السعودية: ترتبط العلاقة بين المملكة وروسيا بعلاقة متذبذبة، إذ تعتمد السعودية على الحماية الأمريكية الغربية. أدى الموقف الروسي في سوريا إلى أن زيادة التوتر بين الدولتين المحوريتين في المنطقة والعالم والمسيطرتان على سوق النفط داخل أوبك وخارجها. كان الموقف الروسي في اليمن بعدم الاعتراض على القرار 2216 واحداً من أسباب التقارب مع الرياض، إلى جانب التوتر الأمريكي مع السعودية أثناء ولاية الرئيس السابق أوباما.
في أكتوبر/تشرين الأول2019 زار الرئيس الروسي فلادمير بوتين المملكة العربية السعودية. بعد زيارة قام بها ملك السعودية في 2017م، وكان الملف اليمني حاضراً بالتأكيد في تلك المباحثات بين زعماء الدولتين. تؤكد الزيارات بروز روسيا بصفتها أحد أصحاب المصالح الجيوسياسية الرئيسيين في شبه الجزيرة العربية، وتعطي موسكو فرصةً لتوطيد شراكتها مع السعودية في قضايا متنوعة بين أمن الطاقة وانعدام الاستقرار في شمال إفريقيا. هذه الشراكة التي انفجرت في أحد الزوايا المتعلقة بالاتفاق وأدى إلى تخفيض إنتاج النفط وتهاوي قيمة البرميل إلى أقل من 25 دولارا.غير أنَّ هذه الزيارة تأتي في وقتٍ يواجه فيه التحالف السعودي-الإماراتي توترات، إذ تتنافس الدولتان على أهداف مختلفة في اليمن.
وعلى عكس الولايات المتحدة الأمريكية التي تأمل أن تحل المملكة العربية السعودية والإمارات خلافاتهما، ويمثِّلا جبهةً موحدة ضد إيران، فإنَّ روسيا تعتبر التباعد المتزايد بين أجندتي السياسة الخارجية السعودية والإماراتية فرصةً جيوسياسية. ونظراً إلى أنَّ سياسات الإمارات تجاه اليمن وسوريا وإيران لا تحظى بدعمٍ من الرياض أو واشنطن، تحاول روسيا استغلال النقاط المشتركة بينها وبين الإمارات في هذه الجبهات لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وأبوظبي. هذا ويتزامن تودُّد روسيا إلى الإمارات مع إبدائها إشاراتٍ استرضائية موازية تجاه المملكة العربية السعودية، وهو ما يضمن استمرار تحسُّن العلاقات بين موسكو والرياض، وإمكانية استفادة روسيا من أي تقاربٍ بين السعودية والإمارات في المستقبل[17].
تأمل روسيا أن تؤثِّر الإمارات في سياسات السعودية تأثيراً يعود بالنفع على مصالح موسكو في نهاية المطاف، وأن تعيد الرياض وأبوظبي ترتيب سياساتهما. ويُمكن القول إنَّ إيمان روسيا بإمكانية تحقيق هذا السيناريو ينبع من الطريقة التي تنظر بها موسكو إلى ديناميات القوة الكلية في الخليج. إذ قال أندريه كورتونوف، المدير العام لمجلس الشؤون الدولية الروسي، إن دور الهيمنة الإقليمية في الخليج “مشترك” بين السعودية والإمارات، لكن أبوظبي هي التي تضع “الأيديولوجية السياسية والرؤية الاستراتيجية” لذلك التحالف[18].
في نوفمبر/تشرين الثاني2019 رحبت روسيا بالتوقيع على وثيقة اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي. وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها أن موسكو ترحب بتوقيع الوثيقة وتعدها خطوة مهمة لتوحيد المجتمع اليمني، ومثالاً إيجابياً للتوصل إلى حلول وسط ومقبولة وضرورية في الظروف الحالية التي يمر بها اليمن[19]. ويعتبر ذلك جزء من التوازن الذي تبديه روسيا وتأكيدا لمواقفها من المجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره طرفاً يمكنه التأثير.
جمهورية إيران الإسلامية: يدين الحوثيون بقدراتهم القتالية على المساعدات الإيرانية. ويشمل التدريب القِتالي والصواريخ الباليستية والصواريخ الذكية البحرية التي استهدفت مطارات وموانئ سعودية وسُفن تجارية وبوارج خليجية وأمريكية.
يعتمد النشاط الإيراني على التعاون مع روسيا، التي تحمي الحرس الثوري الإيراني من قرارات مجلس الأمن التي تحاول إدانة إيران ودعمها لجماعة الحوثي. وقد اعترضت روسيا أكثر من مرة على محاولات بريطانية امريكية سعودية لإدانة إيران بتهريب الأسلحة للحوثيين في اليمن على الرغم من أن تقارير للأمم المتحدة تؤكد ضلوع طهران في تهريب أجزاء من صواريخ باليستية وأسلحة إلى الحوثيين. وبالتالي فإن روسيا هي جهة فاعلة مهمة مكنت لإيران من بسط سيطرتها ونفوذها في اليمن.
يعود ذلك إلى العلاقة الإيرانية-الروسية في سوريا حيث يقاتلان جنباً إلى جنب مع نظام بشار الأسد. يعتقد الحوثيون أن هذه العلاقة الجيدة بين طهران وموسكو يمكنها أن تساعد أهدافهم وإيجاد اعتراف دولي بسلطتهم في صنعاء، لكن ذلك لم يحدث -على الأقل حتى مطلع2020- فما تزال الحكومة الشرعية تملك ذلك الاعتراف الدولي على الرغم من تضرر صورتها الدولية بفعل تفكك التحالف وتراجع القوات الحكومية أمام الحوثيين.
يرتبط توافق روسيا وإيران بمدى استمرار شراكتهما في سوريا. ولا يبدو أن هذه الشراكة ستستمر طويلاً بناءً على الغضب الإيراني من التغول الروسي في صناعة قرار النظام السوري. لكن ذلك لا يعني أن موسكو ستترك علاقتها الجزئية مع الحوثيين باعتباره مكون محلي يمكن أن يحقق طموحها ومصالحها.
شركات عسكرية وأمنية روسية:
في الرسالة التي بعثها «مهدي المشاط» رئيس المجلس السياسي للحوثيين، إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يشير إلى أن على روسيا: استخدام ثقلها السياسي ونفوذها لوقف الحرب في اليمن،. في الوقت نفسه اتهم «المشاط»، واشنطن والرياض بالتوق لنشر الفوضى في اليمن، واستهداف مبادرات السلام المزعومة التي تقودها روسيا. رسمياً لم توافق الحكومة الروسية على الطلب مع ذلك فإن تجربة روسيا في جورجيا وأوكرانيا وسوريا توضح بالتأكيد الشكل الذي يمكن أن تصبح فيه موسكو صاحبة مصلحة في هذا الصراع، عبر شركات عسكرية روسية.
رئيس الدراسات الإسلامية في معهد التنمية المبتكرة، كيريل سيمينوف، على الرغم من أنه يشك في أن الشركات العسكرية الإستشارية الروسية تعمل حالياً في اليمن، إلا أنه يحتمل حدوث ذلك[20]. وقال سيمينوف: «ليس [من أجل] مصلحة استراتيجية للكرملين، ولكنه مثال على تأمين بعض المصالح التجارية مثل مشاريع البنية التحتية في جزيرة سقطرى، أو البعثات الإنسانية المتعلقة بتسليم الغذاء». ويمكن النظر إلى حديث سيمنيوف بتمعن؛ فعلى عكس ما يقوله يملك الكرملين مصلحة استراتيجية في اليمن. تتعلق النقطة المحورية الثانية التي يتحدث بها سيمينوف بالدور الذي تلعبه الشركات العسكرية الخاصة التي قد تكون متورطة على الأرض. في الواقع، رفضت جميع المصادر الروسية تقريبًا إمكانية وجود شركة «فاغنر»- كما اقترح الخبير نفسه. بدلا من ذلك، فإن الخيار الأكثر احتمالا هو PMC وهي شركة روسية أخرى، أو ما تسمى بمجموعة باتريوت، وهي شركة أكثر تطورا مجهزة بأجهزة شركة «فاغنر» الشهيرة وتحمل سوء سمعة، والتي تم الكشف عنها أيضا في جمهورية أفريقيا الوسطى[21]. وهذه الشركات تابعة للكرملين.
يمكن لهذه الشركات أن تعمل مع الحوثيين، حيث تقدم المشورة وإطلاق الصواريخ. تقوم مجموعة «فاغنر» بدعم قوات حفتر في ليبيا وقد يتم التدخل بنفس الطريقة بالنسبة للحوثيين. الأمر نفسه متعلق بدعم المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات. وحتى يتم التأكد من تلك المعلومات يمكن معرفة المدى الذي تريد أن تحقق الاستراتيجية الروسية في اليمن.
سيناريوهات العودة إلى اليمن
وفي ظل سياسة الانفتاح والتقارب المتوقع مع الحوثيين في الشمال برعاية إيرانية والتعاون الاستراتيجي مع الإمارات التي تتحكم في المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى جانب حاجة روسيا للعودة إلى مناطق تأثيرها التي رحلت عنها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وإلى جانب الضغط الاقتصادي المتبادل مع السعودية، والعودة للتنافس العسكري مع الولايات المتحدة وبريطانيا وأوربا، فإننا أمام عدة سيناريوهات لخطوة روسيا القادمة في اليمن في سبيل الوصول إلى موطئ قدم يحقق لها وجودا مؤثرا في باب المندب:
السيناريو الأول:
استمرار روسيا في سياسة دعمها لخطط إيقاف الحرب في اليمن مع ضمان دور مؤثر للشركاء الجدد الحوثيين في الشمال والانتقالي في الجنوب و»عائلة صالح» مع استمرار اعترافها بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي-الحكومة المعترف بها دوليا وإبقاء علاقات جيدة مع السعودية، ضمن سياسة توازن القوى التي تعتقد موسكو من خلالها أنها ستضمن وجود أقوى لها في اليمن قرب مضيق باب المندب لتسهيل عملياتها البحرية، وضمان أمن المنطقة وفق رؤيتها للأمن الجماعي في الخليج.
السيناريو الثاني:
فتح المجال للتعاون مع إيران والإمارات لتحقيق أهداف استراتيجية في التواجد داخل اليمن، لكن بشكل غير رسمي من خلال شركات أمنية وعسكرية خاصة على الأرض، تقوم بتدريب وتسليح الحوثيين حلفاء إيران في الشمال، والمجلس الانتقالي حلفاء الإمارات في الجنوب، وهذا يحقق لموسكو الضغط اقتصاديا وعسكريا على الرياض بدرجة أساسية ثم واشنطن دون كلفة كبيرة. ويحقق لها في المستقبل انتصاراً يمكنها من التأثير في السياسة اليمنية وتحقيق استراتيجية وجودها قرب مضيق باب المندب.
السيناريو الثالث:
قبول دعوة الإمارات ببناء قواعد عسكرية في مكان سيطرة الاتحاد السوفيتي سابقا بالقرب من باب المندب، وهذا قد يضطرها للتفاهم مع إيران والقبول بدعوة الحوثيين لشراكة عسكرية، ما يجعل كلفة تحقيق استراتيجية التواجد في اليمن كبيرة، كون التواجد العسكري المباشر في هذه المرحلة قد يؤدي بموسكو لصدام مع الرياض وواشنطن.
خلاصة:
عودة الدب الروسي إلى مكان تأثيره السابق إبان حقبة الاتحاد السوفيتي بالقرب من باب المندب والقرن الإفريقي وبالقرب من ممرات التجارة الدولية وخطوط نقل الطاقة لم يعد حلما، بل استراتيجية تسعى موسكو إلى تحقيقها بأقل كلفة، وهو ما يرجح تحرك روسيا لتحقيق السيناريو الثاني البدء بالتواجد العسكري في اليمن بشكل غير رسمي من خلال شركات أمنية وعسكرية خاصة، مع تحقيق الجزء الأهم من السيناريو الأول السعي إلى إيقاف الحرب في اليمن، تمهيدا لتحقيق السيناريو الثالث وهو التواجد العسكري الكامل، مؤملة أن يكون التواجد في الشمال بتنسيق مع السعودية في حال نجحت مفاوضات مسقط بين الرياض والحوثيين، كما هو التواجد بالشراكة مع الإمارات جنوبا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.