وقعت كل من إسرائيل والإمارات العربية المتحدةوالبحرين مساء الثلاثاء اتفاقيتين تاريخيتين لتطبيع العلاقات في البيت الأبيض بالعاصمة الأمريكيةواشنطن، بحضور رئيس الولاياتالمتحدة دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزيري الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد والبحريني عبد اللطيف الزياني. وأكد ترامب أن "خمسة أو ستة بلدان" عربية ستوقع "قريبا" اتفاقيات مع إسرائيل، مضيفا أن هذه الاتفاقيات سوف تؤسس لسلام شامل في المنطقة قائم على الصداقة والاحترام المتبادل.
شهد البيت الأبيض الثلاثاء توقيع اتفاق لتطبيع العلاقات بين دولة الاحتلال إسرائيل والإماراتوالبحرين، ووعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي رعى الاتفاق، بانضمام دول أخرى من المنطقة للتطبيع، بينما تحدث الموقعون عن بدء مرحلة تاريخية جديدة وعن مرحلة جديدة في الشرق الأوسط.
وحضر هذا التوقيع كل من ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد ووزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن القائم بأعمال سفير السودان بالولاياتالمتحدة وصل إلى مراسم التوقيع في البيت الأبيض، بعد أن أعلنت سلطنة عمان في وقت سابق أنها سترسل سفيرها لحضور المراسم.
ومع بدء مراسم التوقيع، قال ترامب إن إسرائيل والإماراتوالبحرين سوف تتبادل السفراء وستتعاون فيما بينها كدول صديقة.
للمزيد: من قيام الدولة العبرية إلى التطبيع مع الإماراتوالبحرين...8 حروب و4 اتفاقيات بين إسرائيل والعالم العربي
ومن جهته، تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن بزوغ "شرق أوسط جديد".
وقال "بعد عقود من الانقسامات والنزاعات، نشهد فجرا لشرق أوسط جديد"، فيما وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو هذين الاتفاقين بأنهما "منعطف تاريخي".
وتابع أن هذه الاتفاقات سوف تؤسس لسلام شامل في المنطقة قائم على الصداقة والاحترام المتبادل، وستقضي بالسماح للمسلمين حول العالم بالصلاة في المسجد الأقصى.
وتابع ترامب "هذه الاتفاقات تؤكد على التحرر من النهوج الفاشلة السابقة وهناك بلدان أخرى ستلحق بالركب".
وقبل التوقيع، قال الرئيس الأمريكي في المكتب البيضوي في حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي "حققنا تقدما كبيرا مع نحو خمس دول، خمس دول إضافية"، مضيفا "لدينا على الأقل خمس أو ست دول ستنضم إلينا قريبا جدا، سبق أن بدأنا التشاور معها"، من دون تسمية هذه الدول.
تغيير الشرق الأوسط
أما وزير الخارجية الإماراتي فقال إن الهدف من معاهدات السلام هو العمل من أجل استقرار المنطقة، معتبرا أنها ستساعد على الوقوف أكثر إلى جانب الشعب الفلسطيني.
وأضاف أن أي خيار غير السلام سيعني الدمار والفقر والمعاناة الإنسانية، معتبرا أن اليوم يشهد حدثا سيغير الشرق الأوسط.
وشكر عبد الله بن زايد رئيس الوزراء الإسرائيلي "لاختياره السلام"، وقال "لم تكن هذه المبادرة ممكنة لولا جهود الرئيس الأمريكي".
فجر جديد
وبدوره، قال نتانياهو إن "السلام الذي نشهده اليوم ليس فقط بين القادة بل بين شعوب إسرائيل والإماراتوالبحرين"، مؤكدا أنه سوف يستمر وأنه يمكن أن يضع حدا للنزاع العربي الإسرائيلي إلى الأبد.
ووعد نتانياهو بانضمام دول أخرى لاتفاقات السلام، معتبرا أن هذا اليوم هو تحول تاريخي ويبشر بفجر جديد للسلام.
وأضاف "نحن مفعمون بامتنان عميق للرئيس ترامب لقيادته الحاسمة وقد اصطف إلى جانب إسرائيل بشجاعة. أشكر الرئيس ترامب لأنه واجه طهران ولجهوده في أمريكا والشرق الأوسط والعالم".
وتابع "لقد عملت على تعزيز ركائز إسرائيل لكي تصبح قوية جدا لأن القوة تفضي إلى السلام".
خطوة تاريخية في الطريق إلى سلام دائم
أما وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني، فقال إن اليوم يمثل لحظة تاريخية لكافة شعوب الشرق الأوسط وإن الاتفاق خطوة تاريخية في الطريق إلى سلام دائم.
واعتبر الزياني أن الشرق الأوسط تأخر لفترة طويلة جدا بسبب انعدام الثقة، وأن التعاون الفعلي هو أفضل طريق لتحقيق السلام وللحفاظ على الحقوق.
وشكر الزياني الرئيس ترامب على جهوده "التي جعلت من السلام واقعا"، مضيفا "نرحب ونثمن الخطوات من قبل إسرائيل لتحقيق السلام".
قبل الانتخابات
وقبيل توقيع الاتفاق، أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض اجتماعات منفصلة على التوالي مع كل من الوفد البحريني ثم الوفد الإماراتي وأخيرا الوفد الإسرائيلي.
ويأتي هذا الحدث قبل 7 أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي يأمل ترامب بالفوز فيها بولاية ثانية.
مكاسب سياسية لترامب في سباقه للبيت الأبيض
ويرى الرئيس الأمريكي الذي يسعى للوصول إلى البيت الأبيض، في اتفاق التطبيع نجاحا يعترف فيه حتى خصومه الديمقراطيون.
هل يؤسس اتفاق التطبيع بين الإماراتوالبحرين وإسرائيل لحقبة جديدة في الشرق الأوسط؟ من المرجح أن تدخل منطقة الشرق الأوسط في عهد جديد مع توقيع الإماراتوالبحرين الثلاثاء اتفاقي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل في البيت الأبيض. وكانت بعض الدول الخليجية تقيم علاقات سرية مع إسرائيل منذ سنوات، وبالتالي يتيح اتفاق التطبيع لهذه العلاقات بأن تصبح علنية وتعزز التعاون. ويبقى السؤال المطروح، هل ستحذو السعودية حذو جارتيها وتقيم علاقات رسمية مع الدولة العبرية؟
هل دخل الشرق الأوسط في مسار حقبة جديدة بعد توقيع دولة الإمارات ومملكة البحرين الثلاثاء في البيت الأبيض اتفاقي تطبيع العلاقات مع إسرائيل؟
المؤكد أن "اتفاقات أبراهام" كما يسميها الأمريكيون (تيمنا بالنبي إبراهيم) تقوض إجماع العالم العربي بشأن القضية الفلسطينية.
فقد اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الإثنين أن الاتفاقين "هزيمة لجامعة الدول العربية، التي لم تعد جامعة بل مفرقة". واحتج المسؤولون الفلسطينيون عموما على "الصفقات المخزية" في ظل تصدع مبادرة السلام العربية لعام 2002 التي رعتها السعودية والتي تدعو إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 1967 مقابل تطبيع العلاقات.
وهذه أول انفراجة من هذا النوع منذ معاهدتي السلام بين إسرائيل ومصر في 1979 وإسرائيل مع الأردن في 1994. لكن بعض الدول الخليجية تقيم علاقات سرية مع إسرائيل منذ سنوات، ما يشير إلى أن اتفاق التطبيع يتيح لهذه العلاقات بأن تصبح علنية وستعزز التعاون.
فمن المتوقع أن يولد التطبيع تعاونا مثمرا بين اقتصادات الدول الثلاث في مجالات عدة من بينها الأمن والأعمال والطاقة والعلوم، علما أن الإماراتوالبحرين تلتقي مع إسرائيل في الخصومة مع إيران التي تطل على مضيق هرمز الاستراتيجي والذي يفصلها عن دول الخليج.
خلاف حول شروط الاتفاق
وبينما رفع العلم الإماراتي على مبنى بلدية تل أبيب، لم يظهر العلم الإسرائيلي بعد على برج خليفة في دبي، أطول مبنى في العالم والذي يعرض عادة إنجازات الدولة الخليجية وحلفائها.
وبعد دقائق من الإعلان المفاجئ عن الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل في 13 آب/أغسطس، برز خلاف حول شروط الاتفاق مع الإمارات بشأن "وقف" أو "تعليق" ضم إسرائيل لأراض فلسطينية في الضفة الغربيةالمحتلة.
كما كشف عن خلاف بين الطرفين حول رغبة الإمارات في شراء طائرات مقاتلة أمريكية من طراز "إف-35"، إذ قال نتانياهو إنه يعارض هذه الخطوة على اعتبار أنها يمكن أن تقوّض التفوق الاستراتيجي لإسرائيل.
اتفاق سيعزز دور الإمارات في منطقة هيمنت عليها السعودية ومصر لعقود طويلة
لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكد الثلاثاء لشبكة فوكس نيوز أن "لا مشكلة" لديه في بيع مقاتلات إف-35 للإمارات.
وقال محللون إن الإمارات، باستراتيجيتها البراغماتية للغاية في السياسة الخارجية، على استعداد تام للمضي في اتفاق من شأنه أن يعزز دورها في منطقة هيمنت عليها القوى التقليدية، السعودية ومصر، لعقود طويلة.
وبالفعل، صرح وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش الثلاثاء أن قرار بلاده تطبيع العلاقات مع إسرائيل كسر الحاجز النفسي وهو السبيل لمضي المنطقة قدما. وأضاف أن الاتفاق سيساعد الإمارات والمنطقة وسيزيدهما نفوذا.
وقال إن تعليق إسرائيل لخطط ضم أراض فلسطينية سيضع حدا لتقويض حل الدولتين.
تداول وسم "بحرينيون ضد التطبيع" على موقع "تويتر"
أما في المنامة، فقد أعرب بحرينيون معارضون لاتفاق إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عن رفضهم للخطوة. وعلى النقيض من الإمارات، فإن معارضة التطبيع شديدة في البحرين، لا سيما من جانب المجتمع المدني الذي تم التعامل معه بقسوة في العقد الماضي.
وتداول مستخدمو موقع "تويتر" وسم "بحرينيون ضد التطبيع" و"التطبيع خيانة" على نطاق واسع.
ولكن، حسب بعض المراقبين، فقد تمر الأطراف المعنية بالاتفاقين حاليا بمرحلة من التعارف يمكن أن تشهد الكثير من سوء الفهم والتعقيدات.
فالبنسبة إلى السفيرة الأمريكية السابقة لدى الإمارات باربرا ليف، والباحثة حاليا في "معهد واشنطن"، فالأمر يتعلق ب "ثقافتين اجتماعيتين وسياسيتين يشوبهما اختلاف كبير". وقالت لوكالة الأنباء الفرنسية إن الأوساط الإماراتية "ذهلت جراء الضجيج الإسرائيلي الكبير والنقاش حول كل شيء"، مشيرة إلى أنه "سيكون من المثير للاهتمام مشاهدة (المسؤولين من الدول الثلاث) معا".
ويبقى السؤال المطروح من الآن فصاعدا: هل ستخفف السعودية موقفها من إسرائيل؟ فقد شكل دعاء إمام الحرم المكي عبد الرحمن السديس في 5 سبتمبر/أيلول المسلمين إلى تحاشي "الركون للعواطف المشبوبة والحماسات الملهوبة" تجاه اليهود، تحولا ملحوظا في المملكة.
ويعكس السديس، الذي يعينه العاهل السعودي، آراء المؤسسة الدينية المحافظة وآراء الديوان الملكي. وبالتالي، ورغم أنه ليس من المتوقع أن تقتدي السعودية بحليفتيها الخليجيتين قريبا، فمن الممكن أن تكون تعليقات السديس مدخلا للأسلوب الذي ستتناول به المملكة مسألة العلاقات مع إسرائيل وهي قضية حساسة لم يكن من الممكن تصورها من قبل.
وستكون العلاقات مع السعودية، التي يحمل عاهلها لقب خادم الحرمين الشريفين، الجائزة الدبلوماسية الكبرى لإسرائيل.
وقال الأكاديمي بمعهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر البريطانية مارك أوين جونز إن تطبيع الإماراتوالبحرين العلاقات مع إسرائيل سمح للسعودية باختبار الرأي العام. وأضاف: "من الواضح أن تلك الوكزة من جانب السعوديين عن طريق الإمام صاحب النفوذ خطوة واحدة في محاولة لاختبار رد الفعل الشعبي والتشجيع على فكرة التطبيع".
إبرام اتفاق رسمي مع إسرائيل من المستبعد أن يحدث أثناء وجود الملك سلمان على رأس المملكة
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، تعهد بتعزيز الحوار بين الأديان في إطار إصلاحاته الداخلية. وسبق أن قال إن من حق الإسرائيليين العيش في سلام على أرضهم شريطة إبرام اتفاق سلام يضمن الاستقرار لجميع الأطراف.
وقال الباحث في معهد "تشاتام هاوس" بلندن نيل كويليام: "من المؤكد أن محمد بن سلمان عازم على تجديد الرسائل التي تحظى بموافقة الدولة والمتبادلة مع المؤسسة الدينية ومن المرجح أن يوجه جزء من ذلك لتبرير أي اتفاق مستقبلي مع إسرائيل وهو ما لم يكن متصورا من قبل".
وفي خطوة لافتة على حسن النوايا، سمحت المملكة للرحلات الجوية بين إسرائيل والإمارات بالعبور في أجوائها. وقال دبلوماسي في الخليج إن المسألة بالنسبة للسعودية مرتبطة أكثر بما وصفه بوضعها الديني القيادي في العالم الإسلامي وإن إبرام اتفاق رسمي مع إسرائيل سيستغرق وقتا من المستبعد أن يحدث أثناء وجود الملك سلمان على رأس المملكة.