موجة جديدة من مرض الكوليرا بدأت بالانتشار سريعاً في مناطق يمنية مختلفة.. بعد أن كان شهر مارس/آذار الماضي شهد إعلانات رسمية عن انخفاض حالات الإصابة تبعاً لجهود منظمة الصحة العالمية، ليعود المرض في الانتشار في اليمن منذ أسابيع وبشكل مخيف. وتتزايد حدة التحذيرات من تحول المرض إلى وباء في البلد، في ظل انهيار النظام الصحي، وتأخر دفع ورواتب موظفي وزارة الصحة. فضلاً عن التدهور الكبير في أمن اليمن الغذائي. ومنذ بدء انتشار المرض في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، بلغ مجموع حالات الإصابة بالكوليرا 23 ألفاً و506 حالات، بما في ذلك 108 حالات وفاة مرتبطة بالمرض. وقد جرى إثبات الإصابة بالكوليرا من إجمالي 198 حالة من الحالات المبلغ عنها بعدما أثبتها التشخيص المخبري لعينات جمعت من 15 محافظة. وكان ثلث الحالات المصابة بالكوليرا الحادة من الأطفال ما دون الخامسة من العمر. جائحة جديدة ومؤخراً أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" ومسؤولون بوزارة الصحة في صنعاء الاشتباه بإصابة مئات الأشخاص بالكوليرا في اليمن الذي يشهد أزمة صحية وغذائية كبرى على خلفية الحرب المستمرة في البلد من أكثر من عامين. وقال ممثل "أطباء بلا حدود" في اليمن غسان أبو شعر لوكالة "فرانس برس"، الأحد: "قدمنا العلاج لأكثر من 570 حالة على الأقل في الأسابيع الثلاثة الماضية، يشتبه في إصابتهم بالكوليرا" في مناطق عدة من البلد". وذكر أن المناطق التي تدير فيها المنظمة مراكز صحية هي إب والضالع وعمران وحجة والمحاويط، مشددا على أن "حالات الإصابة بالكوليرا ازدادت بشكل كبير في الأسبوع الماضي". وفي صنعاء التي تشهد منذ نحو أسبوع إضرابا لعمال النظافة، على خلفية عدم تلقيهم رواتبهم منذ أشهر، قال مسؤولون في وزارة الصحة إن الوزارة سجلت إصابة أكثر من ألف شخص بالكوليرا منذ 27 أبريل/نيسان الماضي. وقد أدى النزاع إلى تدهور كبير في أمن اليمن الغذائي، وأصبحت ثلث محافظاته ال22 على شفير المجاعة. كما تسبب النزاع في تدهور المرافق الصحية وصعوبة إيصال المساعدات إلى عدد كبير من المناطق اليمنية. وشهد اليمن العام الماضي موجة من الكوليرا أسفرت عن وفاة 16 شخصا. وقال أبو شعر إن هناك "تخوفا من إمكانية تحول المرض إلى وباء، إذ أنه بعد سنتين من الحرب انهار النظام الصحي، ودمرت مستشفيات كثيرة، ورواتب موظفي وزارة الصحة لم تدفع منذ أشهر". وتابع "يتنقل المرضى من منطقة إلى أخرى بحثا عن مراكز صحية لا تزال تعمل، وينقلون معهم المرض، ما يساعد على انتشاره في مناطق أخرى". مخاوف الوباء وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت الثلاثاء أن 34 شخصا لقوا حتفهم لأسباب مرتبطة بوباء الكوليرا ويشتبه بوجود ألفي إصابة أخرى بالوباء خلال أقل من أسبوعين في اليمن. وأكدت المنظمة انه تم تسجيل 34 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا و2022 حالة إسهال حاد في تسع محافظات منها صنعاء خلال الفترة الممتدة بين 27 نيسان/ابريل و7 أيار/مايو. يذكر أن هذه الموجة الثانية من الوفيات المرتبطة بالكوليرا خلال عام في اليمن حيث دمرت الحرب العديد من المستشفيات، ويكافح ملايين الأشخاص للحصول على الغذاء والمياه النظيفة. وتقدر سلطات الحوثي عدد حالات الإصابة بالكوليرا بنحو 1681 حالة في 12 محافظة، حسبما نقل موقع "صنعاء نيوز" الإخباري عن وزير الصحة المعين من قبل الجماعة/ محمد بن حافظ. وتدهور مستوى الرعاية الصحية بصورة كبيرة في اليمن مع استمرار الصراع بين الحوثيين المدعومين من إيران والحكومة المعترف بها دوليا المدعومة من السعودية. وتصنف منظمة الصحة العالمية اليمن حاليا كواحد من أشد حالات الإغاثة العاجلة بجانب سوريا وجنوب السودان ونيجيريا والعراق. وقال المتحدث باسم منظمة أطباء بلا حدود، غسان أبو شعر، لوكالة فرانس برس للأنباء: "توجد مخاوف من تحول المرض إلى وباء. بعد عامين من الحرب، انهار النظام الصحي ودمرت المستشفيات. توقفت رواتب الموظفين الحكوميين". وأشار أبو شعر إلى أن "أطباء بلا حدود" لاحظت زيادة كبيرة الأسبوع الماضي في الحالات المشتبه إصابتها بالكوليرا في خمس محافظات في البلاد. أماكن الانتشار وأدى إضراب عام إلى مخاوف بشأن الصرف الصحي في العاصمة صنعاء، مع انتشار القمامة في الشوارع في مطلع الأسبوع الجاري. وأكد مسؤولون في وزارة الصحة ظهور الكوليرا في اليمن الأسبوع الماضي، مع الإبلاغ عن حالات في عشر محافظات. وبحسب مصدر خاص في وزارة الصحة والسكان، فإنّ حالات الاشتباه قد ظهرت في عدة محافظات هي محافظة صنعاءوحجةوالحديدةوإب والمحويت وتعز والضالع. ونقل "العربي الجديد" عن المصدر إشارته إلى أنّ 4 حالات مات أصحابها من بين الحالات المشتبه بها في مدينة باجل بمحافظة الحديدة (غرب)، كما مات 3 أشخاص آخرين في محافظة إب. وتؤكد وثيقة صادرة من عمليات رئاسة الوزراء التي يسيطر عليها الحوثيون، أنّ إجمالي الإصابات في مستشفيات العاصمة صنعاء بلغ 154 إصابة من بينها 3 حالات وفاة. توزعت الإصابات في العاصمة على الوجه الآتي: 36 إصابة في "المستشفى الجمهوري" من بينها حالة وفاة واحدة، و6 حالات في "مستشفى الكويت"، و3 حالات في "المستشفى الألماني الحديث"، و3 حالات في "مستشفى هاشم الغرافي"، وحالتان في "مستشفى نبض الحياة". وبحسب الوثيقة فإنّ إجمالي عدد الإصابات في كلّ من مستشفيات "العواضي" و"السبعين" و"آزال" و"العلوم والتكنولوجيا" و"الاستشاري" و"بن حيان" و"المجد" و"السعودي الألماني" و"اليمن المصري" و"المؤيد" و"مركز الرازي" و"القهالي" بلغ 104 إصابات من بينها حالتا وفاة في "السبعين" و"القهالي". تصاعد الحالات وتزايدت الحالات المشتبه فيها باضطراد في الشهرين الماضيين. وكان تقرير رسمي من وزارة الصحة أفاد في 23 مارس/ آذار الماضي أنه وخلال الفترة من 6 إلى 12 مارس جرى إبلاغ الوزارة عن 88 حالة جديدة يشتبه بإصابتها بالكوليرا بالإضافة إلى حالتي وفاة، وكان معظم تلك الحالات من محافظاتحجة والبيضاء وصنعاء. وفي مسعى لمواجهة انتشار الوباء، أعلنت وزارة الصحة في صنعاء عن تخصيص أقسام خاصة لموجهة الكوليرا في مجمعي "أزال الطبي" و"22 مايو" و"مركز بن حيان" و"المستشفى الجمهوري التعليمي" و"مستشفى السبعين" بمدينة صنعاء لاستقبال حالات الإصابة بالإسهال المائي الحاد. وأشارت وزارة الصحة العامة والسكان في مارس الماضي أنّ عدد حالات الكوليرا الجديدة كانت تنخفض باستمرار في معظم المحافظات والمديريات اليمنية بفضل جهود التدخل الناجحة التي بذلتها مجموعة الصحة المكلفة بقيادة منظمة الصحة العالمية بالاشتراك مع وزارة الصحة العامة والسكان. فمع توقف الخدمات الصحية الحكومية لمواطني اليمن منذ مارس 2015، قدمت منظمة الصحة العالمية إمدادات طبية طارئة إلى بعض المستشفيات التي تعالج حالات الكوليرا، ودعمت إعادة تأهيل وصيانة 16 مركزاً لعلاج الإسهال في صنعاء وعدن وأبين وريمة وتعز والحديدةوإبوحجة والبيضاء، وذمار، وصنعاء. كذلك، كانت منظمة الصحة العالمية قد أكدت أنّ الحالات المشتبه فيها آخذة في الانخفاض، فيما تبقى حالات جديدة تصاب بالمرض بسبب ضعف فرص الحصول على خدمات الرعاية الصحية، ومحدودية قدرة العاملين الصحيين على التحقق من تلك الحالات بسبب افتقار كثير من المناطق اليمنية إلى الأمن. أما المحافظات المتضررة خلال موجة الانتشار الأولى فهي أبين وعدن وعمران والحديدة والبيضاء والضالع وذمار وإبوحجة ولحج وريمة وصنعاء وتعز والجوف. وبحسب الكثافة، فإنّ 65 في المائة من إصابات الموجة الأولى تركزت في 5 محافظات هي أبين، والحديدة، وإب، ولحج، وتعز. منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عامين، يعاني أكثر من 14 مليون يمني من صعوبة في الوصول إلى الأدوية والرعاية الصحية. وحذرت منظمة الصحة العالمية من ازدياد صعوبة تنقل فرقها الطبية لمعالجة المصابين بالمرض. تشير المنظمة إلى أنّه بالرغم من انخفاض عدد الأطباء في المناطق الريفية النائية أساساً، فقد غادر كثير من المتوفرين منذ بدء الحرب تبعاً لانقطاع الرواتب، وانقطاع الدعم الطبي لكثير من المنظمات الدولية.