لم يكن المخلوع صالح كأي رئيس.. فقد كان –ولا زال– مزيجا شيطانيا من الفساد والغدر والتآمر وشراء الذمم والخيانة والكذب والخداع والشعور القاتل بالنقص والجوع للتسلط والنهب في محاولة مضنيه للتغلب على شعوره الدائم بالنقص وهذا ما يسمى في علم النفس بالتعويض السلبي.. وهو ذو عقلية ابليسية تجيد الإغواء والإغراء، وهو أيضا يعرف كيف يخوف أولياءه وكيف يقتل وكيف يخرب.. يجيد قتل وتخريب كل شيء جميل، يجيد القتل الفسيولوجي تماما ويعرف كيف يخرج مسلسلات القتل والتصفية الجسدية والتخريب، وكيف يصنع أدوات القتل والتخريب وكيف يسوقهما، وكيف يوظفهما لصالحه، والجميع بات يعرف –إلا من أبى وأصبح لديه مناعة ضد الفهم– كيف كان الدم والمال المدنس -معا- قطب الرحى في مؤامرة صالح وقفزه واستيلائه على السلطة واختطافه لليمن طيلة 33 عاما من حقبة حكمة المظلمة. صالح وإمكانيات القتل والخراب لكن هل حمد صالح ربه، وتجمل من الشعب وتركه ليرمم كيانه ويضمد جراحه، وينجو بما معه من أموال الشعب المنهوبة ليعيش بها وأسرته في الخارج بقية حياته؟! كلا إن عقليته الشيطانية -في تقديري– قررت أن تستمر في إدارة شبكة الفساد والإجرام التي قام حكمه عليها، وأعادها بأخطر ما تكون إلى الواجهة، من خلال وسائلها القديمة كلها، إضافة إلى استراتيجية كارثية جديدة قديمة تتمثل في استراتيجية القتل والتخريب والتدمير والتقطع والاغتيالات والدعاية الهدامة.. إنها الثورة المضادة في أخطر صورها، وإذا نظرنا في هذه الحالة وما تملكه من إمكانيات لوجدنا: * مليارات الدولارات التي سرقها صالح ونهبها من الشعب وتقدر ب 58 مليار دولار ويوجد بضع مليارات منها في اليمن نقدا، إضافة إلى الجزء الموجود في قصر المخلوع في سلطنة عمان الذي يقدر بمليار دولار، ومثله نقدا في قصره في أديس أبابا وأضعاف هذه المبالغ تحت التصرف في دبي في الإمارات وما أدراك ما الإمارات، وهذه كلها مسخرة للقتل والتخريب وشراء ولاءات ضعاف النفوس ومنحرفي الفكر الضمير ومنابر ووسائل تزييف الوعي، واستمرار شراء وربط الأزلام القدامى كما سيتضح أكثر في النقاط اللاحقة. * قانون حصانة وما أدراك ما قانون الحصانة. * كم مرعب من السلاح والعتاد المكدس في بيوت صالح في صنعاء وكهوف سنحان التي يمكنها تزويد جيش مصغر. * غرفة عمليات تعمل على مدار الساعة لإدارة التخريب والثورة المضادة. * قيادات الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية الصغرى والوسطى والعليا، وقد وصلتني أبناء مؤكدة من مصادر موثوقة أنهم يستلمون مرتبات وأموال كل بحسب مكانته خارج (أطر الدولة والأطر الرسمية)، فقط للتخريب والدعاية المركزة وتسويق الكذب وترسيخه في الذهن العام وفي أذهان الجنود وكأنه حقائق، وهذا كله تمهيد وانتظار لساعة الصفر حين يطلب منهم التحرك، ولقد سبق أن حضروا وهموا قبل أشهر قليلة القيام ب(محاولتين انقلابيتين تم كشفهما وإفشالهما من قوى الثورة وقيادة الدولة قبل وقوعهما)، ولا يستبعد أنهما كانتا محاولتين لجس النبض ومدى التماسك واليقضة في صفوف الثوار، ويبدو أن الجاهزية كانت صادمة بالنسبة لهم، ولكن هل سيوقفهم ذلك على المدى المنظور؟! لا أعتقد. * قيادات الأجهزة الإدارية والذين مازالوا يمثلون أكثر من 90% يتوزعون من موقع (مدير إدارة) فما فوق وحتى وكلاء وزارات ومحافظات ( إنها الدولة العميقة)، هدفهم إفشال وإحباط كل أمل في التغيير من خلال أساليب بيروقراطية تخريبية تقضي على روح التغيير (وكله بالنظام كما يقال في مصر)، وإذا تم المساس بأحدهم قامت القيامة واشتغلت اسطوانة الإقصاء، وهم من أقصى الشعب 33 عاما، حتى أصبح مجرد التعيين ناهيك عن الترقية إلى رئيس قسم أو إدارة أو إدارة عامة مرتبط تماما بالأمن السياسي والقومي أو أحد النافذين الكبار(مسئول أو شيخ أو صهر أو... أو..) إلا ما ندر جدا، واليوم يتكلمون عن الإقصاء وكأننا قادمون من سويسرا، ويتم تسويق معالجات الإقصاء الذي تم خلال 33 عام على أنه هو الإقصاء. * عدد هائل من المرتزقة وتجار الكلمة الذين يطلون عبر ما يسمى صحافة وفضائيات ومواقع وغيره، تمارس دور تخريب الوعي وخلط الأوراق وسرقة الأمل وإحباط الناس وتكريس حالة جلد الذات عند كل من ساند التغيير وتحويل الأحلام الجميلة إلى كوابيس وإسقاط ثقة الناس في أنفسهم وثقة قوى التغيير في قدرتها على التغيير. * عدد هائل من المخربين والقتلة وقطاع الطرق وما (كلفوت) إلا رمز من رموز هذه المجموعة الطفيلية الإجرامية المستأجرة. * ما يسمى بتنظيم القاعدة الذي يضم مجاميع من المجرمين الإرهابيين الجاهزين للقتل والنسف والتفجير باحترافية وبأوامر من صالح وبالتنسيق معه مستفيدا من أزلامه وعملائه داخل الأجهزة المختلفة كما حدث في تفجير السبعين الإجرامي وكما حدث عند اقتحام مجمع الدفاع الدموي التخريبي، وذلك بعد أن تدربوا في أجهزة صالح الأمنية طوال سنوات طويلة بهدف الابتزاز المحلي والدولي. * خصمه القديم (وحليفه الجديد اللصيق) المتمثل في ميليشيات الحوثي اللذين تقاطعت مصالحهما الحيوية الاستراتيجية، متمثلة في ضرورة إفشال الحوار، والحؤول ضد أي تحرك في اتجاه بناء الدولة، وأن هذه مسألة حياة أو موت بالنسبة لكليهما، فكلاهما يعرف ما معنى نجاح الحوار وبناء الدولة.. إنها مسألة وجودية لكيانيهما اللامدنيين الفاسدين المسلحين، ولم يعد يخفى على أحد تناغم حركة مخربي صالح وأتباعه من المشائخ وانقيادهم لأوامر وتحركات الحوثي في كل الفعاليات، ولم لا فالهدف واحد والمهم استمرار التمويل للتخريب وإثارة الانقسام في كل قرية. * مجموعة هائلة من كبار المسئولين والقادة الحزبيين والمشائخ اللذين يعملون أذلاء صاغرين يخشون الفضيحة ويرتبطون بشبكة المصالح الفاسدة أو يرمى إليهم بالفتات، بعد أن تم ترويضهم من خلال الإمساك بهم في وضع ذليل يتمثل في ملفات سيئة السمعة. * إن صالح يهدف من هذا كله إلى تخريب كل شيء جميل في البلد والانتقام من الشعب الذي خلعه، ثم تحميل الثورة والثوار والمشترك والرئيس هادى المسئولية وإظهار الجميع بمظهر العاجز ليقول : ألم أكن في السلطة أرحم لكم مني خارجها.. سأريكم جميعا كيف يكون انتقامي حتى تتمنوا عودتي. حذاري أيها المشترك: وبالنسبة لصالح، أعتقد أن ما حدث في مصر قد أعطاه دفعة معنوية وفتح شهيته، ولكن يفترض أنه -أيضا- يكشف لقوى التغيير في اليمن مدى خطورة اللعبة المميتة، وأهمية الحفاظ على وحدة وتماسك قوى التغيير وفي القلب منها تحالف أحزاب اللقاء المشترك وشركائه ونشطاء وقيادات الشباب المستقلين المظلومين المهمشين، فالجميع يجب أن يتيقظ ولا ينخدع بالمغريات وبما تحقق حتى الآن ولا يظن بإمكانية تغيير التحالفات ومداهنة أصحاب المشاريع الصغيرة أو بإمكانية الاستعجال في جني الثمار واقصاء الآخرين، أو باستمراء الهجمات التشويهية التي تشن ضد الحلفاء (لاسيما الأقوياء والمؤثرين منهم)، وما أسوء سكوت الحليف وتفرجه عليك في وجه المدفع، والأسوأ أن يفكر في الاستفادة من هذه الهجمات وممارسة الابتزاز عليك،،،، وأخيرا -في تقديري- أن هكذا تكتيكات بين الحلفاء تضعف تماسك الحلف وتزرع وتنمي الهواجس وعدم الثقة، وتفتح الثغرات التي يمكن أن تنسل منها فيروسات وجرذان الثورة المضادة. ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد. تحية للرئيس المحترم هادي، ولا نعفيه من المسئولية لا أزعم أني أحب الرئيس كثيرا ولكنه –بصراحة– يكبر في عيني كل يوم، وإذا كان الجميع قد أشاد بتحركه الشجاع إلى قلب الأحداث وقيادته المباشرة لضرب المهاجمين وتطهير وزارة الدفاع، فإني أتمنى عليه ألا يكررها فبعض الشجاعة قد تكون قاتلة، ولو لا سمح الله حدث لهادي مكروه في هذا الظرف فلا يعرف أحد كيف سيتم خلط الأوراق وكيف وما هو حجم المأزق الذي ستدخل فيه العملية السياسية في اليمن، وأنا أقول هذا ولا أعفيه من ضرورة تطوير وتشديد ويقظة وسائل مكافحة الإرهاب القاعدي الصالحي وحماية أجهزة ومقدرات الدولة، ونحن معه بأرواحنا ودمائنا وكل ما نملك، ولا نعفيه أبدا أبدا ضروة العمل على اكتشاف العملاء المتواطئين مع المهاجمين ومحاكمتهم وإعدامهم ليكونوا عبرة لمن يعتبر، ولا سبيل لوقف القتل إلا بقتل القتلة. أخيرا، التحية والتقدير لأبناء الشعب حدثت جريمة مجمع الدفاع، ولم يمض 15 دقيقة على إعلان التلفزيون اليمني عن الحاجة إلى الدم لإنقاذ حياة المصابين حتى هب أبناء اليمن الطيبين وخلال دقائق كان قد توافد مئات البسطاء يتزاحمون للتبرع، وخلال دقائق لاحقة حصل اكتفاء تام من الدم.. ما أعظمكم وأطيبكم أيها المكافحون المطحونون يا أجمل ما في هذه الأرض المباركة، لقد أعدتم لنا الأمل بهذه اللحمة ووجهتم صفعة لمن راهن على إسقاط الأمل. *باحث في شئون الجماعات السياسية