الاحتفال بالمولد إن كان من الدين فلن يتركه صلى الله عليه وسلم، ولا الصحابة ولا التابعون ولا الائمة الأربعة. والله العلي يقول (اليوم أكملت لكم دينكم). فمن زعم أنه من الدين فقد كذب، بل هي مجرد احتفالية لا تمت إلى الدين. بل هي بدعة من البدع. ولو كانت خيرا أو دينا لفعلها النبي والصحابة والخلفاء الراشدون، فلم يفعلها أبوبكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا الحسن ولا الحسين ولا غيرهم من السلف، وأول من ابتدعها سياسة وتضليلا هم الباطنية الفاطمية في القرن السادس. فالواجب على المسلم الاتباع لا الابتداع. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". وفي رواية: "من أحدث في ديننا ما ليس فيه فهو رد". (وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أن حديث: الأعمال بالنيات ميزان للأعمال في باطنها، فكما أن كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود على عامله، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله، فليس من الدين في شيء). وقد صح عند أحمد وأهل السنن حديث العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. فليست من سنته ولا من سنة خلفائه الراشدين. بل هي مشمولة بعموم قوله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: "إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها.. فجعل شر الأمور المحدثات والبدع. وفقنا الله لما يحب ويرضى.. آمين. ومع هذا ينهى عن هذه البدعة بالحكمة والموعظة الحسنة لأن كثيرا ممن يعملها قصده حسن بخلاف من له غرض ومأرب أخرى. فالدعوة إلى الله قائمة على الرحمة والإحسان، وإن أدى في بعض الأماكن النهي عنها لفتنة تركت حتى تعالج بالحكمة دفعا للفتنة. ملاحظة: فرق بين الاحتفال وجعلها عيدا وبين مجرد تذكير الناس في خطبة الجمعة أو درس بسيرته ومكارمه صلى الله عليه وسلم، إذ شأن ذلك كشأن تذكيرهم ببدر والأحزاب وغيرها. والله عز وجل يقول (وذكرهم بأيام الله). ومن قلد من العوام عالما مجتهدا في الجواز فهو معذور ولكن العالم القائل بذلك هو من يناظر ويحاجج لا العامي المقلد له؛ بل يتعامل معه برحمة وحكمة واحسان عند البيان له.