الاحتلال يواصل توغله برفح وجباليا والمقاومة تكبده خسائر فادحة    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زواج القاصرات في اليمن.. تهديد الطفولة.. وإغتيال المستقبل

بعد أقل من سنة على رفع الطفلة اليمنية “نجود” دعوى طلاق في المحكمة من زوجها الذي يكبرها ب 25 سنة، أصبحت “نجود” أصغر فائزة بجائزة “امرأة العام” العالمية التي تمنحها مجلة “غليمور” وترعاها شركة لوريال لنساء قدمن خدمات عظيمة لبنات جنسهن في العالم.. وفي نوفمبر 2008 كانت الطفلة :نجود علي حسن الأهدل 8أعوام تقف إلى جوار وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس والسيناتور هيلاري كلنتون وسبع أخريات لتقاسم جائزة امرأة العام، وهي جائزة دفعت بالطفلة “نجود” إلى بقعة الضوء الكثيف، حيث تم استضافتها في ألمانيا وباريس ولبنان والإمارات للحديث إلى مؤسسات حقوقية وبرامج تلفزيونية معنية بحقوق الطفولة، وفي مارس 2009 صادرت أجهزة الأمن القومي اليمني جواز “نجود” وأرجعوها من المطار، ومنعها من السفر إلى النمسا لتسلم جائزة دولية أخرى، حتى لا تنشر “نجود” غسيل النظام الذي لا يدافع عن شرف أبنائه.
وطن يأكل أبناءه
في بلدٍ تعاني فيه النساء العنوسة وتأخر شريك الحياة، يبزغ فجأة “الزواج المبكر” للقاصرات، وما لبث أن تحول إلى ظاهرة تلف بجانبيها حسرتين؛ محتملة ومرتقبة: الأولى المخاطر المحتملة لزواج القاصرات، والأخرى تشتعل بصمت: المخاطر المرتقبة من بقى العانسات على حالهن.
وبين الأمرين غاب القانون والمسئولية الاجتماعية، فالقانون فيه الكثير من التراجع، والتناقض، فضلاً عن مخالفته لعدد من المواثيق الدولية التي صادقت ووقعت عليها اليمن بشأن الطفولة وحمايتها. والمسئولية الاجتماعية تغيب بمبررات “الستر” و«المرة مالها إلا زوجها»، و«أزوجها وإلا تنحرف»... وغيرها من المسوغات.
في هذا التحقيق نجد “نجود” تؤكد فرحتها بإعادة طفولتها المسروقة إليها، وتسكن الفرحة محيا “ريم” وهي تسبح وسط الألعاب والأشجار، تلهو وتعبث وتضحك، غير أنها لا تنسى أبداً كيف تتشبث بطفولتها، حتى الرمق الأخير، كما لا تنسى من سرق طفولتها ل11يوماً فقط، كانت فيها زوجة وربة بيت، وهي الطفلة التي لم تكمل بعد قراءة أبجدية التكوين الأسري.
وعند وجه أروى ينكسر القلب، بل يمتلئ بالكمد، فهذه الطفلة لم تصل ربيعها العاشر، ولا تعرف بأي الحواس تدرك كلمة “زوجة”، لا تعرف من الحياة الزوجية غير شيء واحد؛ تقوله ببراءة فتسقط من وجع القلب دمعتين: “زوجي قليل أدب... كان في الليل يشتي يبعد لي السروال...”.
قالت ذلك بالإنابة محاميتها “شذى ناصر” بسلوك رفيع، وألم كبير؛ بعد أن أخرجت “أروى” إلى الحديقة للعب مع الأطفال!!
العوض في بناتي
“بسملة” (28) قدمت من المحويت (120كم غرب العاصمة) إلى صنعاء في 2001م لتدرس الحاسوب في الجامعة، فكانت الطالبة الوحيدة ذات الأربعة أطفال.. هي الآن موظفة في القطاع الخاص، تقول ممتنة لوظيفتها “راتبي محترم مقارنة براتب زوجي...لكن أطفالي ستة والنفقات اليومية وإيجار البيت ضيق علينا الحال”.
تشرح “بسملة” قصة زواجها بالقول: زوّجني أبي وعمري (13سنة) خوفاً عليَّ من “الانحراف”، وفي نفسه كان يخاف علي العنوسة، فقد تأخر كثيراً زواج أختي وبنات خالي، وكان سن زوجي (21سنة)، لم أكن قد بلغت...في أول يوم من العرس هربت إلى بيت أخت العريس، فأعطتني الأمان أسبوع، وبعدها هربت إلى عند أمه “خالتي”، فأعطتني الأمان شهر.. وكان جميع أهله يقولون له البنت طفلة اصبر عليها سنة.. سنتين، فقال لهم: لها وجهي أمهلها ثلاث سنين، طمأنني.. ولم أكمل الشهر الثامن من المهلة حتى دخل علي، وفي نفس الليلة أسعفوني من القرية إلى صنعاء، “لأني نزفت كثير”!!
تكاد “بسملة” تبكي وهي تقول لا أعرف شيئاً عن طفولتي، “في البداية أجلب الماء وأحطب.. وفجأة زوجة وربة بيت”.
بسملة لا تنسى أن تتذكر زميلاتها في الجامعة بالقول: “يمكن أنا محظوظة ومش داري، زميلاتي يجئين بيتي ويقولين: أحمدي الله أنت في بيتك، إحنا يعلم الله وين مصيرنا، العنوسة تلاحقنا”، وتعتبر أهم شيء خرجت به من تجربة زواجها المبكر، أن زوجها أصبح عاقلاً، “خاصة بعدما أبصر العاقبة: ستة أولاد وغلاء ووظيفة متعبة، وبيت وتربية وتعليم... جاء يوم وهو يقول لي: بسملة والله ما أزوج واحدة من بناتي إلا بعد ما تخلص الجامعة”.
المستقبل المخيف
«ع. الصوفي» رغم اعترافه بوجود مشاكل صحية (نفسية وجسدية)، تعاني منها ابنته التي زوجها وعمرها لم يتجاوز (14عاماً) لا يزال مصراً على صحة موقفة: “لو عاد معي بنت ثاني سأزوجها وعمرها (10) سنين” ويسأل: هل الأفضل أزوجها وإلا أخليها “تصيع”.. “الزواجة عز وستر.. المرة ما لها إلا بيتها وزوجها”.
هكذا يتحدث وكأن انتظار البلوغ الطبيعي للفتاة هو انتظار للانحراف، وهو ما لا تحتمله الأسرة في مجتمع محافظ كاليمن.
ويرى الصوفي أن انتشار الرذيلة جعله أكثر تمسكاً برأيه في الزواج المبكر للفتيات، “أنا مع زواج البنت من أول عريس يجيء، بشرط أن يكون أبن ناس محترمين يعزها ويقدرها... مش مهم كم يكون عمرها”.
ويبدي تحسره عند تذكره ابنته التي زوجها طفلة: “كانت في المدرسة تجيء الأولى كل سنة.. وهي في صف ثامن زوجتها، وزوجها منعها من مواصلة الدراسة”.
زواج بطعم الانتحار
“أخبرتُ عائلتي أنني غير سعيدة مع زوجي، وأريد الطلاق، لكن كلهم تجاهلوا طلبي، ولم يهتموا بمشاعري” هكذا تتحدث “ريم” الطفلة التي لم تتجاوز ال(12عاماً)، استبدلت مفردات: دفاتر المدرسة وأقلامي وألعابي، بمفردات: زوجي، الطلاق، المحكمة، هروب، انتحار.
“لقد حاولت عدة مرات الهروب، ولم أتمكن، ففكرت بقتل نفسي مرتين، حاولت الانتحار بإلقاء نفسي من سقف العمارة، وسوف أقتل نفسي إذا عدت إلى زوجي أو أبي” تضيف “ريم” وهي تتحدث عن خلاف أسري مرير بين والديها، هي إحدى ضحاياه، “كان أبي يتصل بأمي ويقول لها ريم ستتزوج، وعندما يسمعها تبكي علي، يسألها هل أنتِ تبكي، أريد أسمعكِ وأنت تبكي”.
كانت رغبة والدها في الانتقام من أمها سبب رئيسي في تزويجها، فوالديها انفصلا منذ فترة، ورغب الأب في تصفية حسابه مع الأم، وتصدرت “ريم” قائمة التصفيات.
في السابع من يوليو 2009 ذهبت ريم إلى المحكمة تطلب الطلاق من ابن عمها (31عاماً)، الذي تزوجته بضغوط كبيرة من أبيها، غير أن المحكمة رفضت طلبها “حتى الآن لم توافق المحكمة على طلاقي، قالوا أرجع لما يكون عمري 15 سنة، ويكون لي الخيرة في الزواج أو الطلاق”.
الطفلة “ريم” التي حملت لقب زوجة ل(11يوماً) فقط، فاتحها أباها برغبته في تزويجها من ابن عمها عند ال11ظهراً، وفي الثالثة مساءً من نفس اليوم كان زفافها، فقد تم ترتيب كل شيء بعيداً عنها.
وبعد حياة زوجية قصيرة تحفها المنغصات ارجعها زوجها إلى بيت والدها للبقاء وقت قصير، تهدأ فيه من عصبيتها المتكررة، وبدأ الأب في الضغط عليها للرجوع إلى بيت زوجها، غير أنها نجحت في تسريب معلومات هامة إلى أمها عن طريق الجيران، وتمكنت الأم من التواصل مع قسم شرطة “الحميري” وسط العاصمة، الذي أستدعى الأب، وباشر التحقيق معه، فيما الأم ذهبت بابنتها إلى “مركز الأمل لرعاية الفتيات”.
حماية من الاختطاف
بالصدفة البحتة تعرفت “نجود” على محاميتها “شذى ناصر” في أروقة المحاكم، كانت المحامية “شذى” في المحكمة تترافع في إحدى قضاياها، بينما سجلت الطفلة “نجود” (10سنوات) أول حالة لفتاة يمنية قاصرة تذهب إلى المحكمة تطلب الطلاق، وجه نجود وصيغة الطلب هز مشاعر المحامية، وشد انتباهها وجود طفلة لا تعرف أن تكتب كلمة “طلاق”، سألتها عن قصتها، فكانت الإجابة فاتحة لملف “زواج القاصرات في اليمن”، بعد أن استقرت مع زوجها فترة قصيرة في مديرية المحابشة بمحافظة حجة.
ونفس المشكلة الأسرية التي عانتها “ريم” تتكرر مع “نجود”، فعند طلبها الطلاق من زوجها الذي يكبرها ب(20عاماً)، لم تجد في أسرتها من يستمع إليها، “لأن الأب يريد حمايتها من الاختطاف”، ففكرت باللجوء إلى القضاء.
الطعام مهرها!!
قصة زواج “أروى” ذات الثمان سنوات فقط، ليست نتاج خلاف بين والديها، فقد وحد الفقر بينهما، ووجد الأب أن ثمن إنقاذ بقية أفراد أسرته من شبح الجوع المتربص بهم، لن يكون غير تقديم “أروى” كبش فداء، ليصبح مهرها ثمناً لطعام أسرتها، فالديون المتراكمة لصاحب البقالة (30 ألف ريال تقريباً 130 دولار) جعلت والدها يقرر الموافقة على “زواج البنت” لصاحب البقالة مقابل ديونه وبعض من المال.
اللقاء بالصدفة والترافع بالمجان
المحامية شذى ناصر التي تطوعت بالترافع عن الفتيات الثلاث بالمحاكم تقول إنها تعرفت على الطفلة المتزوجة “نجود” في المحكمة بالصدفة البحتة، ووجدتها متألمة تشكو من حرمانها طفولتها بالقوة، وإدخالها إلى بيت الزوجية، لتكون مسئولة عن بيت وأولاد وزوج، دون أن تعرف ما معنى الحياة، فوجدت المحامية شذى أن من واجبها تخليص “نجود” من محنتها وتشجيعها على التعليم.
وترى “شذى” أن الفقر والعادات والتقاليد تحالفوا ودفعوا أهالي القاصرات إلى تزويجهن.
وتلخص دوافع تزويج كل من القاصرات الثلاث؛ “ريم” تزوجت بسبب الخلاف الأسري بين والديها، و”أروى” زوجها أبوها بثلاثين ألف ريال ثمن القمح والدقيق لإطعام بقية الأسرة، و “نجود” يبرر أبوها زواجها بحمايتها من الاختطاف.
اليونسيف تحمل الآباء المسئولية
مدير الإعلام بمنظمة اليونسيف في اليمن “نسيم الرحمن” حمّل الآباء والأمهات مسؤولية ما يحدث من انتهاك لطفولة فتياتهم القاصرات، عند تزويجهن، وما يترتب على ذلك من أضرار جسدية ونفسية واجتماعية.
وقال نسيم الرحمن إن الحالات المعلنة لزواج القاصرات في اليمن “رمزية” لحالات كثيرة مخفية، تم زواجهن بدوافع مختلفة «فقر وعادات وتقاليد»، ونحن جميعاً مسئولون ومذنبون بطريقة أو بأخرى تجاه هؤلاء الفتيات القاصرات”.
وأضاف: أكبر ذنب نقترفه هو أن نتجاهل أطفالنا وكثيراً ما يكون هناك ممارسات خاطئة بمبررات اجتماعية “عادات وتقاليد”.
وحيا نسيم الرحمن “القاصرات اللواتي تحدين واقعهن وطالبن بالعودة إلى طفولتهن وبراءتهن”.
التشريع السليم ضمان للقاصرات
رئيسة منتدى الشقائق العربي أمل باشا طالبت بإيجاد تشريع يضمن محاسبة من يقوم بتزويج القاصرات وتقديمه للعدالة، “هو ومن يتزوجها”، وعدم حصر المسألة في الجانب التشريعي، وإنما القيام بحملة إعلامية موازية، وتنظيم دورات توعية من قبل المنظمات المدنية المعنية.
واعتبرت أن الثقافة الاجتماعية تدفع الرجال نحو الزواج من الفتيات القاصرات، وترك الكبار في عنوستهن.
وطالبت وسائل الإعلام إطلاق حملة توعية بأضرار ومخاطر الزواج المبكر، وقالت: على الصحفيين التعامل مع قضايا الزواج المبكر بجدية أكبر، وعدم اعتبارها مناسبات للانفعال والتعاطف دون القيام بواجبهم، تجاه الظواهر السلبية ومنها الزواج المبكر.
وانتقدت باشا ما أسمته ب«الإمتاع الجنسي» الممارس ضد قاصرات في بعض الفنادق والمراقص (لم تسمها) في محافظة عدن.
الضرر في الحمل فقط
الدكتور علي المضواحي (طبيب) يقول من الناحية الطبية نفرق بين نوعين من الزواج: الزواج المبكر، والزواج المبتسر.
المبكر يمكن أن يقع في سن ال12، 13،14، وليس فيه أي أضرار صحية على المرأة طالما وهي لا تحمل، لأن الخطر الصحي يحدث عندما يقع الحمل قبل سن ال18 وبالتالي نحن نقول إذا ارتبط الزواج بالحمل، فيجب أن يتم بعد ال18سنة.
وفي رأيه أن الزواج دون حمل “الزواج المبتسر”، ليس فيه ضرر، وهو الذي يحدث قبل سن النضوج، أي في سن ال12، 13، 14 والمرأة لم تستعد بعد فسيولوجياً أو وظيفياً لعملية الزواج.
ويضيف: يجب أن نكون حذرين عند تعاملنا مع هذا النوع من الزواج، “حتى عند مطالبتنا بتأخير سن الزواج يجب أن يكون لدينا مبرر صحي واضح يتعلق بالحمل والولادة”.
وقال الدكتور المضواحي: نحن لا نشجع على الزواج قبل سن الثالثة عشرة ولا نقول للفتاة متى يجب أن تتزوج، ولكن نوسع دائرة الاختيارات، ومن الناحية العلمية إذا كانت الفتاة تستطيع أن تتزوج وعمرها (15عاماً) لا يمكن أن نقول لها لا تتزوجي إلا بعد (18عاماً).
ويؤكد الدكتور المضواحي أن الجانب النفسي يختلف من شخص إلى آخر في مسألة الزواج، وإذا كانت الشابة ذات ال15 عاماً قادرة على تحمل حياة زوجية من غير إنجاب فهذا أمر طبيعي، فممارسة الجنس في دول الغرب تبدأ من سن ال13عاماً.
لا زواج بضرر
إذا كان رأي الطب أن لا ضير في زواج قاصرة لا تحمل، فإن رأي علماء الشريعة الإسلامية لا يبتعد كثيراً عن ذلك، ويعتبرون زواج القاصرات غير جائز إذا ثبت فيه ضرر للمتزوجة. فالباحث في العلوم الشرعية فؤاد دحابة قال إن ظهور كثير من الحالات النفسية والاجتماعية تؤكد وجود أضرار ناتجة عن الزواج المبكر، وهذا أمر يدعو إلى عقد مؤتمرات بحثية عاجلة يجتمع فيه علماء الدين والطب والنفس والاجتماع للخروج برؤية واضحة تتماشى مع نتائج هذه الحالات.. مشيراً إلى وجود مخارج شرعية لمثل هذا النوع من الزواج، أبرزها ما جاء في المذهب الحنفي الذي قال أنه “أيد وجود سن محدد للزواج”، وأضاف: “لا أرى وجود إشكال من الناحية الشرعية خاصة إذا ثبت الضرر فلا يجوز تزويج القاصرة، والقاعدة الشرعية العامة هي قول الرسول الكريم: “لا ضرر ولا ضرار”.
تراجع القانون
كثير من المهتمين والمتابعين لقضايا “الزواج المبكر” يعتقدون أن قانون الأحوال المدنية في عهد دولة الوحدة فيه تراجع كبير، لحساب المندفعين نحو هذا النوع من الزواج، فقانون اليمن في الشطر الشمالي “سابقاً” حدد الزواج ب(16عاماً) للفتاة، شريطة أن تكون “صالحة للوطء”، ويمنع تزويجها دون هذه السن، حتى وإن كان ولي أمرها موافق على ذلك، بل حددت المادة (20) عقوبة بالحبس لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث لمن يخالف القانون وأرش يدفع للفتاة القاصر باعتبار تزويجها “جناية”.
أما قانون الأسرة في الشطرالجنوبي”سابقاً” فقد حدد سن الزواج للجنسين: الذكر (18عاماً) والفتاة (16عاماً).
وجاء قانون الأحوال الشخصية رقم (20) لسنة 1992م في عهد دولة الوحدة مفتوح النص، دون تحديد لسن الزواج، مما دفع بعدد من البرلمانيين والمنظمات المدنية المعنية، إلى المطالبة بإعادة النظر في القانون النافذ، ووضع نص يحدد سن قانونية للزواج.
الدكتور عبدالمؤمن شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء يعتبر القانون الحالي - حتى بعد تعديله في 1998م - يمثل تراجعاً عما كان مقرراً في النص السابق، بل يعتبر التعديلات “أهدرت مبدأ تحديد سن الزواج الذي كان من المبادئ المستقرة في القوانين اليمنية السابقة”.
ومن عجائب القانون الحالي أن مادته ال(15) نصت: (لا يصح العقد للصغير إلا لمصلحة”!! دون تحديد هذه المصلحة.
وتتناقض المادة السابقة مع المادة (22) من ذات القانون التي تنص أن “رضا البكر سكوتها” وبحسب الدكتور شجاع الدين أن رضا الصغير لا يعتد به شرعاً ولا قانوناً، “لأنها تجهل مصلحتها”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.