أرادت شهرزاد الجعفري، ابنة السفير السوري في الأممالمتحدة، تحصيل الماجستير في العلاقات الدولية في جامعة كولومبيا، لكن ضغوط الجالية السورية على إدارة الجامعة دفعتها إلى سحب قبولها، فلجأت إلى الجامعة الجديدة في نيويورك، آملة أن تنال الدكتوراه لاحقا من كولومبيا. بعد موجة احتجاجات عارمة في الولاياتالمتحدة ضد قبول شهرزاد الجعفري، ابنة سفير سوريا في الأممالمتحدة والمستشارة الإعلامية للرئيس السوري بشار الأسد، كطالبة في برنامج الماجستير بجامعة كولومبيا العريقة، قررت الجعفري بهدوء تام أن تدرس فصلها الدراسي الأول بالجامعة الجديدة الصغيرة ذات المستوى الأقل بمدينة نيويورك، في قسم العلاقات الدولية. شهرزاد الجعفري لم يتم قبولها في جامعة كولومبيا وقد كان قبول الجعفري في جامعة كولومبيا الحدث التعليمي الأكثر جدلًا في الولاياتالمتحدة لهذا العام، فتصدر الخبر النشرات الإخبارية التي ناقشت الجانب الأخلاقي في السماح لشخص بإكمال دراسته أو منعه، وهو مُرتبط بنظام بشارالأسد المُتهم هنا بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية. كولومبيا المحتارة وقعت جامعة كولومبيا في حيرة حول قبول الجعفري بقسم العلاقات الدولية، لا سيما بعد حملة نظمتها الجالية السورية في أميركا في وجه عميد قسم العلاقات الدولية، بإعتباره شريكًا في إعمال عنف النظام السوري بطريقة غير مباشرة. حدت هذه الحملة بصاحب القرار في جامعة كولومبيا إلى التفكير مليًا في الرجوع عن قرار قبول الجعفري في قسم العلاقات الدولية، لكنه لم يعلن رفضه لإبنة سفير سوريا في الأممالمتحدة، خشية الوقوع في شكل من أشكال العنصرية، التي يترتب عليها إستحقاقات قانونية ومالية. يقول رشاد الدباغ، مدير الإتصالات بالمجلس السوري الأميركي الذي يعنى بأوضاع الجالية السورية في أميركا، في حديث ل"إيلاف": "بالرغم من مطالبنا الحثيثة التي توجهنا بها إلى جامعة كولومبيا لإلغاء قبول شهرزاد الجعفري في قسم العلاقات الدولية، بإعتبارها جزءًا من النظام، ومن يعطيها فرصة الدراسة هو شريك غير مباشر في العنف الأسدي، لكن لم يُحقق المسؤولون مطالبنا". ولعل التماس الجعفري، إبنة الثانية والعشرين، طريق الدراسة بالولاياتالمتحدة عبر بوابة الجامعة الجديدة، أتاح لكولومبيا هامش التحرك والابتعاد قليلًا عن الحملة الإعلامية الشعواء التي واجهتها، منذ منحها القبول في برنامج الماجستير في العلاقات الدولية. يلاحقونها! فرناندو بينادو طالب إسباني، كادت الأقدار أن تجمعه بزمالة دراسة مع شهرزاد الجعفري بجامعة كولومبيا لولا عزوفها وتوجهها نحو جامعة الجديد. يقول ل"إيلاف": "لا شك في أن ذهاب شهرزاد الجعفري لجامعة الجديد أراح إدارة كولومبيا، التي وقعت تحت ضغوط شديدة، على خلفية منحها القبول في برنامج الماجستير في العلاقات الدولية". وتنعم الجعفري بهدوء وسكينة خلال فترة دراستها بالجامعة الجديدة من دون أن يلحظها من وقفوا في وجه تحصيلها العلمي في جامعة كولومبيا. يقول بينادو: "تتلقى الجعفري دروسًا في السياسة والإقتصاد الدوليين كطالبة ماجستير بقسم العلاقات الدولية منذ شهر ايلول (سبتمبر) المنصرم من دون ضجة إعلامية تعكر صفوها الذهني". مع والدها سفير سوريا في الأممالمتحدة لكن..! لا يزال الإستقرار الأكاديمي للجعفري محفوفًا بالمخاطر، إذ تتربص الجالية السورية في أميركا كل تحركاتها، وتعتزم ملاحقتها في الجامعة الجديدة بنيويورك كما فعلت في كولومبيا. يقول الدباغ ل"إيلاف": "لن نترك موضوع قبول شهرزاد الجعفري في الجامعة الجديدة يمر بسهولة، فسوف نحشد الوسائل الإعلامية الأميركية مرة أخرى، كما فعلنا في جامعة كولومبيا، وسنعمل على إقناع المعنيين في الجامعة بأن شهرزاد الجعفري تساهم في تضليل الرأي العام، وتسوق لديكتاتور قتل شعبه". نَسَوها.. يبدو أن ابنة سفير سوريا في الأممالمتحدة لا تُعير إهتمامًا كبيرًا هذه المرة لتلك التحركات الرافضة لدراستها، إذ تُراهن كثيرًا على صلابة موقف الجامعة الجديدة المتمسكة بها كطالبة متميزة ومثابرة على التحصيل الأكاديمي، وكذلك على عامل الزمن الذي قد يضع قصة قبولها في أدراج النسيان. ويقول بينادو إن قبول الجامعة الجديدة للجعفري أمر طبيعي، إذ تم اختيارها نظرًا لمزاياها، فهي تتسم بالذكاء والفطنة". ويتابع: "اعتقد أن اهتمام الأميركيين وابناء الجالية السورية بقصة قبول الجعفري في الجامعات الأميركية تراجع إلى حد بعيد، حتى أن فضولنا كطلبة في جامعة كولومبيا تراجع بمعرفة قصتها، فقد انتهى الأمر والآن والجميع نسي موضوعها". تنازلت شهرزاد الجعفري عن جامعة كولومبيا، المعقل الأكاديمي الأهم في الولاياتالمتحدة والعالم، والذي اشتهر بتخريج الساسة وعلماء الإقتصاد والحائزين على جوائز نوبل، فكان تنازلها إنكفاءً قسريًا وخيارًا مرًا لم تكن لتستسيغه، لولا الجدل الحاد الذي أحدثته بين صفوف طلبة الجامعة النيويوركية العتيدة. يرى الدباغ: "انخرطت الجعفري في الجامعة الجديدة مجبرة فهي كما هو معروف فتاة طموحة لا ترضى بالقليل، فكيف تفرط في فرصة الدراسة في جامعة كولومبيا الشهيرة". خيرها.. بالدكتوراه بالرغم من حداثة سنها، عُرف عن الجعفري شخصيتها الطموحة وبحثها عن العلياء دائمًا. فهي فتاة تنجح في رسم أهدافها بدقة متناهية، "إذ مثل صعود نجمها اللافت داخل أروقة قصر المهاجرين الرئاسي بدمشق مثالًا حيًا لتحقيق الطموح، وقد بدأت في لفت أنظار الجميع بما فيهم بشار الأسد بسبب جمالها وذكائها، حتى إستطاعت أن تكون واحدة من اصحاب النفود داخل اروقة قصر المهاجرين"، بحسب ما يقول الدباغ ل "إيلاف". ولا يختلف بينادو عن قناعة الدباغ تجاه طموح الجعفري. يقول: "صحيح انها ذهبت إلى الجامعة الجديدة، لكني سَمِعتُ منها إصرارًا على التمسك بجامعة كولومبيا عندما قابلتها في أيلول (سبتمبر)، وأكدت لي والدتها أن ابنتها تخطط لنيل درجة الدكتوراه في جامعة كولومبيا". قد تحاول الجعفري إعادة الكرة مرةَ أخرى، والتقدم لدراسة الدكتوراه في كولومبيا، ولا يمكن التكهن بما سيحصل حينها، لكن ما هو مؤكد في هذا الوقت، وبعد المواظبة على الحضور في الجامعة الجديدة بمدينة نيويورك، أن حلم دراسة ماجستير العلاقات الدولية بجامعة كولومبيا الشهيرة تلاشى دون رجعة.