الحاكم اليمني النازح الذي عجز عن تحرير أرضه لم ولن يوفر الخدمات لأرض غيره    الأحزاب اليمنية حائرة حول القضية الجنوبية.. هل هي جزئية أم أساسية    العليمي يعمل بمنهجية ووفق استراتيجية واضحة المعالم لمن يريد ان يعترف بهذه الحقيقة.    هل ستُصبح العملة الوطنية حطامًا؟ مخاوف من تخطي الدولار حاجز 5010 ريال يمني!    في ذكرى عيد الوحدة.. البرنامج السعودي لإعمال اليمن يضع حجر الأساس لمشروع مستشفى بمحافظة أبين    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    خبير جودة يختفي بعد بلاغ فساد: الحوثيون يشنون حربًا على المبلغين؟    الرئيس رشاد العليمي: الوحدة لدى المليشيات الحوثية مجرد شعار يخفي نزعة التسلط والتفرد بالسلطة والثروة    الرئيس العليمي : قواتنا جاهزة لردع اي مغامرة عدائية حوثية    رئيس إصلاح المهرة: الوحدة منجز تاريخي ومؤتمر الحوار الوطني أنصف القضية الجنوبية    الرئيس العليمي يبشر بحلول جذرية لمشكلة الكهرباء    جماعة الحوثي تعلن الحداد على ل"7 أيام" وتلغي عيد الوحدة اليمنية تضامنا مع إيران!    "العدالة تنتصر.. حضرموت تنفذ حكم القصاص في قاتل وتُرسل رسالة قوية للمجرمين"    "دمت تختنق" صرخة أهالي مدينة يهددها مكب النفايات بالموت البطيء!    بطل صغير في عدن: طفل يضرب درسًا في الأمانة ويُكرم من قِبل مدير الأمن!    قيادي إصلاحي: الوحدة اليمنية نضال مشرق    إيقاد الشعلة في تعز احتفالا بالعيد الوطني 22 مايو المجيد والألعاب النارية تزين سماء المدينة    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    الونسو: اتالانتا يشكل تهديدا كبيرا    أبين.. منتخب الشباب يتعادل مع نادي "الحضن" في معسكره الإعدادي بمدينة لودر    الوزير الزعوري يناقش مع وحدة الإستجابة برئاسة مجلس الوزراء الملف الإنساني    وزير الشؤون الاجتماعية يشيد بعلاقة الشراكة مع اليونيسف في برامج الحماية الإجتماعية    التعادل يسيطر على مباريات افتتاح بطولة أندية الدرجة الثالثة بمحافظة إب    القبض على متهم بابتزاز زوجته بصور وفيديوهات فاضحه في عدن    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من رفع الفائدة الامريكية على الطلب    الامين العام للجامعة العربية يُدين العدوان الإسرائيلي على جنين    لاعب ريال مدريد كروس يعلن الاعتزال بعد يورو 2024    المبعوث الامريكي يبدأ جولة خليجية لدفع مسار العملية السياسية في اليمن مميز    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    الوزير البكري يلتقي رئيس أكاديمية عدن للغوص الحر "عمرو القاسمي"    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خفايا التقارب الإيراني الأمريكي في المنطقة وتداعياته على دول الجوار
نشر في العصرية يوم 07 - 01 - 2015

لعل أبرز الملفات العالقة في منطقة الشرق الأوسط هو التوصل لاتفاق نهائي بشأن برنامج إيران النووي المتعثر منذ سنوات، بفعل السياسات الخارجية لقوى الإقليم، والانعكاسات المحتملة إن تم حسم الملف في المرحلة المقبلة.
إيران التي تتعرض لعقوبات بين الفينة والأخرى بسبب "تعنتها" في تقديم تنازلات فيما يخص برنامجها النووي، وتعثر المفاوضات مؤخرًا، تقترب شيئًا فشيئًا من الولايات المتحدة الأمريكية، رغم حالة العداء المعلنة بينهما في ملفات كثيرة.
ارتفاع وتيرة الاقتراب بين الدولتين في الوقت الحالي، يرجع لجملة المتغيرات التي طرأت مؤخرًا على المنطقة العربية والإقليمية، واتخاذ مواقف حولها، خاصة فيما يجري بدول اليمن والعراق وسوريا، والعلاقات المتداخلة لأمريكا وإيران فيها.
في التقرير التالي، تطرح "ساسة بوست" جملة من التساؤلات حول طبيعة التقارب الإيراني الأمريكي، وتأثيراته على دول الجوار، فضلاً عن الدوافع الكامنة لدى البلدين إزاء ذلك.
ما هي جذور العلاقة بين الدولتين؟
منذ أن توصلت إيران مع وزراء خارجية دول مجموعة 5 1 "الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، روسيا، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا"، إلى اتفاق في عام 2014، وتعثره العام الماضي؛ اشتعلت المنطقة بالتكهنات والتحليلات لتحديد طبيعة العلاقة بينهما.
وبموجب الاتفاق آنذاك تخفف العقوبات الاقتصادية على إيران تدريجيًّا، ويفرج عن جزء من أموالها المجمدة لدى أمريكا وبعض الدول، وتحصل على عائدات تبلغ 1.5 مليار دولار من التجارة بالذهب والمعادن النفيسة وغيرها.
وتتفق كل من إيران والغرب بصفة عامة، وأمريكا بصفة خاصة، على أن العدو المشترك بينهما هو الجماعات السنية المسلحة، وقد تعاونا من قبل ضد هذه الجماعات، ولعل القادم سيحمل مزيدًا من التعاون بينهما لمواجهة الحركات الجهادية في المنطقة، حسب مراقبين.
لكن المتابع والمدقق والمتفحص لطبيعة العلاقة بين الغرب بصفة عامة وأمريكا بصفة خاصة، مع إيران؛ يعرف أن العلاقات بينهما لم تنقطع على مدار التاريخ، من صراع نفوذ إلى توافق في الأهداف والطموحات والتوسع.
لذلك، التنسيق بين الأمريكان وإيران لم ينقطع يومًا ما، واستمرت العلاقات السرية مع أمريكا بعد موت الخميني، في عهد رفسنجاني، حيث تم التنسيق بينهما خلال حرب الخليج الثانية، وكانت الفرصة مواتية للقضاء على العراق العدو اللدود لإيران.
والسر في هذه العلاقة أن أمريكا تتفق مع الشيعة في أن عدوها الرئيس هو الحركات الإسلامية السنية، التي تقف في وجه الإمبريالية الأمريكية في العالم الإسلامي بأسره، خاصة في أفغانستان والعراق وسوريا ومصر، وغيرها.
ما أبرز ملفات المنطقة المتفق عليها بين الجانبين؟
قضايا المنطقة الملتهبة بين فترة وأخرى، تحمل في طياتها تعاونًا كبيرًا بين الجانبين، فمنذ أحداث أيلول/ سبتمبر عام 2001، وبعد احتلال العراق أيضًا، أعطت أمريكا الضوء الأخضر لضرب الإسلام السني والحركات الإسلامية السنية في العراق وسوريا، وتحقيق إيران حلمها بتصدير الثورة وأمة الحزام الشيعي، ومحاصرة العالم الإسلامي السني.
وبناءً على ما ذكرته مجلة "البيان" من أن أمريكا لم تدخل مع إيران في صراع حقيقي، فبمجرد محاولة العراق إنشاء مفاعل نووي تم ضرب منشآته في 1981م، وهذا ما لم يحدث مع إيران، وغاية ما في الأمر أن العلاقات السرية بين البلدين تحولت للعلن، حتى تتم الاتفاقيات على مسمع ومرأى من العالم.
أما فيما يتعلق بالصراع الجاري في سوريا، رأت المجلة أنه مع وصول الصراع في سوريا لذروته وتدخّل إيران التي لم يكفها مؤازرة النظام السوري سياسيًّا، بل تقف معه عسكريًّا وليس بالسلاح فقط بل بالرجال أيضًا، وهي تهدد التدخل الأمريكي والضربات الأمريكية، وأوقفت بمساعدة روسيا سعي أمريكا لإنجاز ضربة عسكرية للنظام السوري بعد استخدامه الكيماوي.
مع كل المقدمات السابقة وصل الصراع السياسي بين إيران وأمريكا إلى مرحلة جديدة يبدو فيها أن تجديد العرض الإيراني بامتلاك السلاح النووي مع تقديم التنازلات الاستراتيجية لأمريكا؛ هو الخيار وسيد الموقف.
أيضًا، هناك تنسيق كبير، وتحديدًا فيما يجري في اليمن، حيث ينبغي الاهتمام بمشاكل اليمن، وهي جزء أصيل في الصراع مع إيران، وبالتالي إهمال اليمن سيجعله الثغرة التي ستنفذ منها إيران لدول المنطقة، فالحوثيون في شمال اليمن يراد لهم لعب نفس دور حزب الله في جنوب لبنان، وترك مشاكل اليمن وعدم الحسم العسكري مع الحوثيين سيجعلهم خنجرًا مسمومًا في ظهر دول الخليج.
لماذا يحرص البلدان على التقارب في الوقت الحالي؟
على الرغم من أن العلاقات بين الدولتين قديمة تعود إلى أواخر القرن الثامن عشر, وشهدت حينها توترات، خاصة مع بداية تعاون أمريكا مع شاه رضا بهلوي، وفي فترة الثورة الإيرانية عام 1979، إلا أن خفايا العلاقات الحميمة تبقى حاضرة بينهما، وإن كانت غير معلنة.
قد يسأل سائل حول السر في تمسك أمريكا بالعلاقة مع إيران، أو العكس، ليتضح بعد ذلك، أن المصالح المتزايدة في المنطقة، وبالتزامن مع الأزمات المتلاحقة هي من تفرض قوة العلاقة، ومصيرها.
ثمة من يرى أن أمريكا تريد أن تجعل إيران أداة لمكافحة "الإرهاب"، وهو الهاجس الأمني لدى الغرب عمومًا، وقدرتها – أي إيران- على منع الطيف السني خليجيًّا وباكستانيًّا وأفغانيًّا، حيث تشكل مفتاح حل أساسي لا يمكن الاستغناء عنه، في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من صراعات من شأنها أن تهدد أمنه واستقراره.
وزادت الحاجة لها في الوقت الحالي بعدما أدركت أمريكا عدم قدرتها على مواجهة تنظيم الدولة وحدها، الأمر الذي دفعها لإنشاء تحالف دولي وضم دول إقليمية إليه، ولكن عدم وجود إيران في هذا التحالف يحدث فجوة استراتيجية قد تؤدي إلى فشل الجهود الرامية إلى "ردع" تنظيم الدولة، كما يرى المراقبون.
أما بالنسبة للأسباب الكامنة وراء سعي إيران للتقارب مع أمريكا، فهي تندرج تحت تخطي أزمة العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب عليها قبل سنوات عدة، والتي نتج عنها التضخم المتسارع الناجم عن العقوبات المصرفية والنفطية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي. ومن الأسباب أيضًا التقليل من حالة الاحتقان السياسي والمتزامنة مع الأزمات المتلاحقة في المنطقة، فضلاً عن إقناع الغرب لاستعادة دورها التقليدي في الخليج، وهو ما كانت تمارسه قبل قرابة نصف القرن أيام الفترة "البهلوية".
ما انعكاسات التقارب الإيراني الأمريكي على دول الخليج؟
دول مجلس التعاون الخليجي
يجعل التحرك الإيراني الأمريكي، والمكثف خلال الفترة الأخيرة دول الخليج العربي في حالة من التوتر، فبمجرد الحديث عن قرب أي اتفاق بشأن برنامج إيران النووي يسري الخوف داخل هذه الدول، لاعتقادها أن الاتفاق سيغير في السلوك السياسي الإيراني بالمنطقة، لا سيما سوريا ولبنان والعراق واليمن، والأكثر أهمية بالنسبة لدول التعاون هو التدخل في الشؤون البحرينية.
وحسب متابعين فإن الهاجس الخليجي مبني على إمكانية ظهور "مباحثات سرية" بين واشنطن وطهران قد تفضي إلى تنازلات أمريكية على حساب تلك المصالح، على أن يكون قصب السبق في ذلك هو للمصالح الأمريكية- الإسرائيلية.
والجدير ذكره، أن دول الخليج لها مشكلات ونزاعات متعددة مع إيران تعود أسبابها إلى عوامل الجوار الجغرافي، أو التنافس الاستراتيجي، أو الاختلاف المذهبي، وبالتالي أي اتفاق مع أمريكا سيكون حسب الحقوق الخليجية، خاصة وأن المفاوضات الأمريكية الإيرانية غالبًا ما تتم بشكل سري.
وفي حال تحول التقارب الحذر بين إيران والولايات المتحدة لاتفاق منعقد وموثوق به، ستحدث حالة إعادة اصطفاف إقليمي، فبينما تقترب إيران من الغرب رغم رفض إسرائيل لذلك، فقد تركز دول الخليج العربية على تطوير علاقاتها مع الصين الحليفة لإيران.
هل سيتأثر التحالف الأمريكي الخليجي فور الإعلان عن تقارب مع إيران؟
لا يخفى على أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية لها علاقات وارتباطات وثيقة مع دول الخليج العربي، فإعلانها الاتفاق مع إيران، وإنهاء فرض العقوبات مع حل جذري لبرنامجها النووي يعني فك الارتباط مع هذه الدول، وستضطر دول الخليج للاعتماد على حلفائها الأوروبيين في حماية الممرات البحرية تحديدًا، كما يرى متابعون.
لذلك، هذا التحالف سيجعل الدول العربية الخليجية معرضة لمواجهة خيارات صعبة، فهي إما أن تقبل بالتقارب مع إيران، وإما أن ترفض خيار التقارب، وعندها ستكون مطالبة بامتلاك بدائل وسياسات قادرة على المنافسة والصراع.
وبالتالي، فإن خيار المواجهة والتحدي هو صعوبة المحافظة على موقف خليجي جماعي متماسك في ظل ظهور نوايا لدى أربع دول من أعضاء المجلس للتقارب مع إيران، إذ لم يبق غير السعودية والبحرين فقط خارج نطاق هذا التقارب، كما أن هذا الخيار في حاجة إلى منظومة تحالفات جديدة.
يطرح المراقبون ثلاث قوى إقليمية للتحالف مع الدول الخليجية منفردة أو مجتمعة في حال تم التوافق مع إيران وأمريكا، وهي تركيا وإسرائيل ومصر، بيد أن كل واحدة منها لها حساباتها الخاصة.
فتركيا حريصة على أن تعيد تقاربها مع إيران، رغم أنها تريد أن تكون حليفًا لما يسمى ب"الدول السنية" في المنطقة لأسباب اقتصادية وسياسية، فضلاً عن أن علاقتها مع مصر في ظل استمرار انحيازها للمشروع الإخواني متأزمة، مما يعرقل فرص التحالف الخليجي معها.
ثاني الخيارات أمام دول الخليج هو إسرائيل المتلهفة للتحالف مع "محور عربي" لمواجهة التقارب الأمريكي- الإيراني، وفرض صراع عربي– إيراني يحل محل الصراع التاريخي العربي– الإسرائيلي، وتفجير الصراع الطائفي السني– الشيعي لفرض هذه المعادلة الصراعية الجديدة أو البديلة.
وتبقى مصر هي الحليف العربي المرجح لإعادة بناء منظومة جديدة للأمن الإقليمي الخليجي، يربط هذا الأمن بالأمن القومي العربي عبر الدور المصري، ويؤسس لمفهوم جديد للأمن هو "الأمن التعاوني" المرتكز على قاعدة "توازن المصالح" بين العرب وإيران بدلاً من الأمن الاستراتيجي القائم على قاعدة "توازن القوى".
ما نتائج التقارب على سوريا؟
حسب ما يرى الكاتب هاني سليمان في تقدير موقف له عن "التقارب الأمريكي الإيراني وتأثيره على القضية السورية"، أن سوريا أصبحت ملعبًا تتقاطع عنده مصالح الدول المؤثرة في النظام الدولي، وقد يتمثل المدخل الأسرعُ الآن لهذا النظام الجديد في العمل بجديةٍ وقوة لإيجاد أمر واقع يفرض نفسه في سوريا؛ لأنها باتت الساحة التي ستكون المفرق في تحديد خارطة المنطقة.
ووفقًا لتلك المعطيات المشار إليها في المركز العربي للبحوث والدراسات، فقد باتت الضربة الأمريكية للنظام السوري بعيدة المنال، وأضحت حلمًا بعد أن كانت واقعًا ملموسًا على الأرض، فإدارة أوباما لبّت لإيران وروسيا، وقدمت لهما الانتصار في الشرق الأوسط، فهي تراجعت عن الهدف المعلن لإسقاط النظام في دمشق، وهي تعهدت بحجب أي دعم لتغيير النظام في طهران.
واستيعاب معنى هذا التحوّل الجذري في السياسة الأمريكية ليس سهلاً، لكنه فائق الضرورة، ومن ثَم، فإن توالي عقد المؤتمرات دون وجود أثر لها على الواقع مؤشرٌ لا يقبل التشكيك في فشلها الذريع في الخروج بصيغة توافقية إجرائية بين المُجتمعين لحل الأزمة السورية.
وبناءً على التحولات في المواقف الأمريكية، فإن "جنيف 2′′ ما هي إلا واحد من هذه المؤتمرات ذات الطابع التنظيري والكلام الفضفاض، جوهره المناداة بإطلاق عملية سياسية بقيادة سورية، حيث ترغب إيران في أن تتأكد من أنها لن تخسر نفوذها الإقليمي في سوريا، خاصة الصلة بين لبنان ودمشق والساحل عبر القصير وحمص.
والآن وبعد أن أكدت الولايات المتحدة أن الغرب لن يتدخل لخلع الأسد، تزايدت قوة إيران التفاوضية إلى حد كبير، ومن ثم فإن عقد صفقة بشأن برنامجها النووي وهيمنتها الإقليمية في هذا التوقيت سوف يكون في مصلحتها.
ومن جهة أخرى، هناك قوى إقليمية أخرى مشاركة في سوريا لا يمكن إغفال دورها؛ مثل قطر والمملكة العربية السعودية وتركيا، ومن ثم فإن تقديم أية تنازلات في سوريا لإرضاء إيران لن يكون له أثر طيب على باقي أنحاء المنطقة.
ويرى أيضًا أن التقارب الأمريكي الإيراني سيدفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى إعادة النظر في موقفها من سوريا، وربما تبدأ دول الخليج في تقديم المزيد من الأسلحة المتطورة للمعارضة السورية لكي تغير توازن القوى على الأرض.
ويبدو أن الولايات المتحدة أدركت أخيرًا أن مفتاح القضية السورية والسيطرة على أفعال النظام هي إيران، لا روسيا ولا غيرها، ولو كانت علاقة روسيا بالنظام السوري تبدو عميقة إلا أنها مجرد علاقة مصالح أكثر منها علاقة نفوذ مع وجود شيء من هذا، لذلك كان مفتاح السيطرة والضغط على النظام ومفتاح الحل في سوريا هي إيران، حسب ما يرى الكاتب سليمان.
ما أثر التحول في العلاقات بين الدولتين على العراق؟
كان التحول في الاستراتيجية الإيرانية في أجلى صوره في العراق، حتى إن مسؤولين أمريكيين أقروا بالدور الحاسم الذي قامت به الجماعات المسلحة المدعومة من إيران خاصة في حماية بغداد من هجوم لتنظيم "داعش"، والذين يعملون في الوقت ذاته ضمن الحملة التي تقودها أمريكا.
ويرى مراقبون أن هذا التعاون من شأنه تعزيز موقف حكومة بغداد، خاصة أنه اتفاق مبطن بين الطرفين لاستغلال أزمة العراق من أجل إيجاد صيغة للتعاون مستقبلاً، حيث إن إيران لم تتدخل حتى الآن رغم ما ألحقه المسلحون من أذى برموز شيعية مقدسة في العراق، مع عدم تدخل الولايات المتحدة أيضًا.
وترى الخبيرة السياسية في الشؤون العراقية مها الخطيب نقلاً عن "دوتش فيليه" أن ما يحدث في العراق يخدم إيران لأنه كلما اختل الوضع العراقي كلما كانت تلك فرصة لإيران لتعزيز نفوذها فيه أكثر، ولصرف اهتمام المجتمع الدولي عما يحدث في سوريا.
وتعتقد الخطيب أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تثبت للعالم أنها الضامن الوحيد لوحدة العراق وأمنه، وتسعى للدخول مجددًا إلى العراق من أجل ترتيب البيت الداخلي كما تريد.
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وصف تقدم مقاتلي "الدولة الإسلامية في العراق والشام" بأنه "تهديد وجودي للعراق"، في الوقت الذي صرحت فيه بلاده بأنها قد تشن ضربات جوية وتعمل مع إيران لدعم الحكومة العراقية بعد التقدم السريع للمقاتلين المسلحين السنة شمال العراق.
ولم يتم حتى الآن التطرق لتفاصيل دقيقة حول الشكل الذي سيأخذه هذا التعاون، لكن وزارة الخارجية الأمريكية كانت قد أعلنت أن المحادثات مع إيران بشأن العراق لن تكون حول تعاون عسكري، وإنما ستسعى واشنطن إلى حث طهران للضغط على حكومة المالكي لحل الأزمة بأسلوب غير طائفي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.