يستمر وضع الأمن الغذائي في اليمن بالتدهور في ظل تصنيف 19 محافظة من أصل 22 على أنها في "أزمة" أو في "حالة طوارئ"، وفقا لأحدث تحليل صادر عن منظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأغذية العالمي والحكومة اليمنية. ودعت منظمات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة إلى توفير أكثر من مليار وستمئة مليون دولار لانتشال اليمن من أزمة مدمرة زجت بالبلاد في حالة انعدام أمن غذائي حادة وتركتها على حافة كارثة إنسانية شاملة. وأطلق مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية خطة الاستجابة الإنسانية المعدلة لليمن، التي تدعو إلى التوفير العاجل لمبلغ 1.66 مليار دولار لمساعدة نحو اثني عشر مليونا من أكثر المستضعفين خلال العام الحالي. واكد وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، ستيفن أوبراين إنه وسط ارتفاع حدة القتال في أنحاء اليمن، تخيم على البلاد أزمة إنسانية كارثية في ظل معاناة الأسر في البحث عن الطعام وانهيار الخدمات الأساسية في جميع المناطق. واضاف: لم يعد بإمكان الملايين من الأسر الحصول على المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي المناسب، أو الرعاية الصحية الأساسية. وحذر من انتشار الأمراض الفتاكة مثل حمى الضنك والملاريا ، وانخفاض الإمدادات اللازمة لرعاية الصدمات الحادة إلى مستويات مثيرة للقلق. الى ذلك اكد إسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الخاص للأمين العام المعني باليمن على ضرورة تذكر الوضع الإنساني المأساوي في اليمن. وقال في مؤتمر صحفي في جنيف: ما يؤلمني شخصيا هو المعاناة الإنسانية الشديدة للمواطنين اليمنيين والوضع الإنساني الكارثي، بالتالي علينا كما أشار السيد الأمين العام مرات عدة أن نحصل على هدنة إنسانية في أسرع وقت خاصة ونحن في شهر رمضان الكريم، شهر الرحمة والغفران وأؤكد لكم أنني سأكثف جهودي في الأيام المقبلة للتوصل إلى ذلك. وصرح المبعوث الخاص المعني باليمن بأنه سيتوجه إلى نيويورك لتقديم إفادة لأعضاء مجلس الأمن الدولي حول مضمون هذه المشاورات الأولية والخطوات المقبلة. وفي ختام ثلاثة أيام من اجتماعات الجزء المتعلق بالأوضاع الإنسانية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، تحدث ستيفن أوبراين للصحفيين قائلا: انطلاقا من الدليل الماثل أمام أعيننا، أقرع جرس الإنذار بشأن الكارثة الإنسانية الوشيكة التي تواجه اليمن حيث يحتاج واحد وعشرون مليون يمني، أي ثمانون في المائة من السكان، إلى شكل أو آخر من المساعدات للوفاء باحيتاجاتهم الأساسية أو حماية حقوقهم الأساسية اليوم. وأضاف أوبراين أن استيعاب ضخامة تلك الأرقام أمر صعب، ولكنه شدد على ضرورة عدم تجاهل معاناة كل فرد من هذه الملايين. من جهته قال نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، الخميس، إن أكثر من 12.9 مليون شخص في اليمن الآن باتوا محرومين من كميات الغذاء التي يحتاجونها، وهذا الرقم أعلى بحوالي 2.3 مليون شخص من رقم في شهر (مارس/ آذار) الماضي. جاءت تصريحات المسؤول الأممي خلال مؤتمر صحفي، عقده بمقر المنظمة الدولية في نيويورك، والتي حذر فيها من تداعيات استمرار تدهور الوضع الأمن الغذائي في اليمن. وتابع حق قائلاً: "مستويات سوء التغذية الحاد آخذة في الارتفاع أيضاً، حيث يلجأ كثير من الناس إلى تناول وجبات أقل يومياً، أو يستهلكون طعاماً أرخص وذا قيمة غذائية أقل". وأضاف: "طبقاً لأحدث تحليل صادر عن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي والحكومة اليمنية، فإن 19 محافظة من إجمالي 22 محافظة علي مستوى اليمن، دخلت مرحلة الأزمة أو حالة الطوارئ". وأفاد المسؤول الأممي بأن عدد المحرومين من الغذاء في اليمن ارتفع بنسبة 17 % منذ تصاعد الصراع في نهاية (مارس/ آذار) الماضي، حيث أدى الصراع وانعدام الأمن وانخفاض واردات الوقود إلى رفع الأسعار، ودفع الأسر التي تكافح بالفعل إلى حافة الهاوية"، وفقاً للأناضول. وتابع: يحتاج اليمن بشكل ماس إلى هدنة عاجلة، وتسهيل وصول وتمويل المساعدات الإنسانية، واستئناف فوري للواردات التجارية. وهناك ملايين معرضون لانعدام الأمن الغذائي الشديد، ويمكن أن يصلوا بسهولة لمستوى الطوارئ ما لم يحدث تحسن كبير في توافر الغذاء وإمكانية الوصول إليه بأسعار يستطيع غالبية الناس تحملها. وصرح صلاح الحاج حسن، ممثل منظمة الأغذية والزراعة في اليمن "نحن نشهد تدهوراً خطيراً وحاداً في وضع الأمن الغذائي بسبب الصراع المستمر، وهو ما يجعل من وصول المساعدات الإنسانية أمرا صعبا". وقد أدى تصاعد النزاع إلى ندرة المواد الغذائية الأساسية وغيرها من السلع الأساسية، وتعطيل سبل كسب العيش، والأسواق، والزراعة، وصيد الأسماك، وأنشطة الاستيراد والتصدير والأنشطة التجارية، وغيرها. وقد أدى هذا إلى انخفاض خطير في دخل السكان فضلاً عن صعوبة الحصول على المواد الغذائية الأساسية. على الرغم من أن اليمن بأكمله يواجه الآثار المترتبة على الصراع، إلا أن الأسر الأشد فقراً، والنازحين داخلياً، والعمالة غير المدربة، هم الأكثر تضرراً. وقال بورنيما كاشياب ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري في اليمن، "في ظل الأوضاع الراهنة وحتى يتم التوصل إلى حل سياسي، سوف يستمر عدد الأشخاص الذين يكافحون من أجل إطعام أنفسهم وأسرهم في الازدياد، بالإضافة الى زيادة حالة تدهور الأمن الغذائي في جميع أنحاء اليمن. نحن نناشد جميع الأطراف ضمان الوصول غير المقيد للمساعدات الإنسانية للمتضررين." وقد جمعت عملية تحليل "التصنيف المرحلي المتكامل لحالة الأمن الغذائي والاوضاع الانسانية" المعلومات الخاصة بالأمن الغذائي المتاحة بطريقة منتظمة لوضع أفضل تقدير ممكن للوضع الراهن. وكان مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قد ذكر أن الآلاف من السكان قد قتلوا وأصيبوا جراء الغارات الجوية والقتال البري في الأشهر الثلاثة الأخيرة وحدها، في حين فر أكثر من مليون شخص من منازلهم. وبالإضافة إلى ذلك، هناك ما يعادل من 80 في المائة من سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية في الوقت الراهن. وتابع السيد أوبراين قائلا، لقد كان لعدم احترام القانون الإنساني الدولي من جانب أطراف النزاع تكلفة باهظة من الخسائر البشرية. وهناك أيضا حاجة ملحة لاستئناف الواردات التجارية بشكل كامل حيث أدى انخفاض معدل الواردات إلى شل قدرة البلاد، مما يعرض الملايين من السكان للخطر. وسوف يسعى النداء المعدل إلى توفير الحماية الضرورية والمساعدة المنقذة للحياة، بما في ذلك الغذاء والماء والمأوى، للفئات الأكثر ضعفا في اليمن، أي ما يقدر ب 11.7 مليون شخص. إلى ذلك أعربت مفوضية الأممالمتحدة السامية لشؤون اللاجئين عن قلقها إزاء تدهور الوضع في مخيم خرز للاجئين في اليمن جراء نفاد الحصص الغذائية. وأعلن أدريان أدواردز المتحدث باسم المفوضية عن عدم إتمام عملية توزيع الغذاء الشهرية العامة التي كانت مقررة في الخامس عشر من يونيو حزيران لأن المواد الغذائية لا تزال عالقة في الحديدة. واوضح أن برنامج الأغذية العالمي يعتزم نقل الإمدادات الغذائية بالشاحنة إلى جنوبالحديدة، وهو أمر صعب بسبب الوضع الأمني الحالي. وأضاف أدواردز: وبالإضافة إلى شح الغذاء فإن مخزون الوقود وصل إلى مستوى خطير، مما أدى إلى تقنين الكهرباء للخدمات الأساسية مثل ضخ المياه وإجبار المنشآت الصحية على الإغلاق. جوليان هارنيس، ممثل منظمة اليونيسف في اليمن اوضح إن الصراع يؤثر بشكل مباشر على الأطفال في البلاد، واصفا الوضع بالمفجع. وبالرغم من استمرار مشاورات جنيفاليمن، فإن عددا متزايدا من الأطفال يموتون بسبب تصعيد القتال. هارنيس المتواجد حاليا في صنعاء، طالب المجتمعين في جنيف في تهاتف مع إذاعة الأممالمتحدة بهدنة إنسانية للتمكن من مساعدة المتضررين، وقال ان الوضع في اليمن مفجع. هناك صراع له تأثير مباشر على الأطفال الذين يقتلون ويصابون في القتال، كما أن البلاد معزولة، حيث لا تستطيع السفن التجارية الدخول إلى الميناء كما كانت الحال من قبل، وبالتالي فإن الوقود لا يدخل إلى البلاد، والأدوية لا تدخل إلى البلاد. إذا، يعاني الأطفال عبر إنحاء البلاد، أولا نتيجة الصراع، وأيضا بسبب الصعوبات الاقتصادية. وحول الأسباب الرئيسية التي ترفع من عدد الضحايا الأطفال في اليمن قال: في الأسابيع العشرة الماضية لقي 279 طفلا حتفهم بسبب الصراع وأصيب 402 بجراح، وهذا الرقم عبر أنحاء اليمن، وحوالي 70 بالمئة من هؤلاء الأطفال قتلوا خلال القصف الجوي. أما أغلبية ال30 في المئة المتبقين، فلقوا حتفهم خلال القتال في الشوارع بالمدن الجنوبية مثل عدن وتعز. وعن عقد هدنة إنسانية بمناسبة شهر رمضان المبارك قال نحن نعتقد أن هذا الأمر مهم للغاية لحماية الأطفال ولأن يكونوا أطفالا. لا أستطيع القول إن كان هذا الأمر سيتحقق أم لا، ولكن نتمنى بقوة أن يحدث. وفي حال لم يحدث فإننا سنواصل تقديم المساعدة عبر اليمن. وطالب هارنيس من المشاركين في محادثات جنيف شيئين: الاول هدنة إنسانية حتى نتمكن من توفير المساعدة عبر البلاد، ويجب أن تكون تلك الهدنة لفترة كافية حتى نتمكن من القيام بحملة تحصين التي قد تستغرق أسبوعين، إذا نريد هدنة لشهر. والشيء الثاني، تحييد المدنيين والمستشفيات والمدارس خلال القتال. واضاف يجب ألا يموت الأطفال نتيجة الصراع. إذا يجب على كل أطراف النزاع أن تولي اهتماما أكبر حول كيفية إدارة الصراع. فيجب ألا يموت أي طفل عن طريق القنابل والرصاص في اليمن اليوم. ويعاني ستة ملايين يمني على الأقل من انعدام الأمن الغذائي الشديد وفي حاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية الطارئة والمساعدات المنقذة للحياة في اليمن – وهي زيادة حادة مقارنةً بالربع الأخير من عام 2014وفقا لدراسة جديدة صدرت مؤخرا عن منظمة الأغذية والزراعة بالأممالمتحدة، وبرنامج الأغذية العالمي، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، نيابةً عن الشركاء الفنيين الآخرين. وهناك ملايين معرضون لانعدام الأمن الغذائي الشديد، ويمكن أن يصلوا بسهولة لمستوى الطوارئ ما لم يحدث تحسن كبير في توافر الغذاء وإمكانية الوصول إليه بأسعار يستطيع غالبية الناس تحملها حسب الدراسة.