يعيش العالم ثورة كبيرة ومتطورة في مجال الاتصالات وتعدد اشكالها وصورها وخصوصاً الانترنت أو شبكة المعلومات والتي انتشرت بصورة واضحة وكبيرة وأصبحت كالطوفان المرعب الذي نعجز عن مواجهته وتحول معها العالم إلى قرية صغيرة نتحكم بها بين أيدينا،ولكن عندما تشكل هذه التكنولوجيا المتقدمة خطراً على حاضرنا ومستقبلنا وخصوصاً إذا أسيء استخدامها والتعامل معها فهل نتقبلها بمساوئها أم سيكون لنا دور آخر وفعال في الحد منها؟؟!! - ما نلمسه جميعاً أن هوس الانترنت تفشى في أوساط الشباب كاخطبوط له عدة مخالب..يقضون ساعات طويلة وراء أجهزة الكمبيوتر دون أن يأخذوا منه شيئاً سوى ضياع أوقاتهم واتجاههم لجوانب سلبية كثيرة تحولت بها الإنترنت إلى أداة للهدم وإلهاء الشباب عن أشياء كثيرة في حياتهم ومستقبلهم. نعرف جميعاً أن الانترنت في الأساس أداة لمواجهة المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية ووسيلة لرقي المجتمعات،إنما للأسف ،ومن وراء إساءة استخدامها وعدم الرقابة الصحيحة عليها غدت أداة تخريب وإفساد وهدفها الأساسي الهدر للطاقات، وتكدس الشباب والمراهقين في مقاهي الانترنت المتناثرة في كل زقاق،وبدلاً من تطوير إمكاناتهم وتطوير طاقاتهم الابداعية والعقلية وتنمية ثقافتهم والاستفادة من هكذا تكنولوجيا تحولوا إلى عقول جامدة وأصابهم التبلد العقلي والفكري والأخلاقي وتعاملوا من جوانب سلبية كثيرة وجوانب الهدم لا البناء.. - فأحياناً قليلة جداً يلجأ الشباب للإنترنت لغرض علمي بحت أو قضية ودراسة أو بحث أو ماإلى ذلك مما يتعلق بالاستكشاف والبحوث العلمية أو لخطط مستقبلية تخصه وتخص المجتمع والعالم ،وهذا شيء محزن حقاً أن تكون حصيلة جلوسه أمام الجهاز لفترات متأخرة من الليل مجرد إطلاق طاقات مدفونة ومكبوتة في أشياء تافهة كالدردشة والثرثرة عبر غُرف الدردشة المفرغة والخاوية والتي تعتبر أخطر مافي هذه الشبكة المترامية الأطراف في كل بقاع العالم بحيث يتم فيها التعارف الوهمي والحرية الكاملة والتخلي عن كل الاخلاقيات ويتركون أنفسهم للشيطان وتنشأ العلاقات المدمرة والأحاديث الغرامية والبوح الصريح عن مشكلات عاطفية وأىضاً جنسية وبلا حدود تؤدي إلى انتشار الإباحية الجنسية بشكل لامثيل له. - فهل هذه التكنولوجيا هي التي نريدها ونتطلع إليها والتي أصبحت هوساً مرعباً تشكل خطراً على المجتمع وعلى جيل الغد والمستقبل إذا ماظلوا على هذه الصورة المخزية.. فهل سيكونون قادرين على بناء وطن ومواجهة تحديات المستقبل!!.. أمر مشكوك فيه بالتأكيد!! - هوس الانترنت صار هواية شبابنا المفرط باللامبالاة بحيث فتحت أمامهم الأبواب على مصراعيها لاكتشاف العالم السيء يسبحون في بحر من الضياع وفقدوا طموحاتهم وثقافتهم العربية الأصيلة، وطغى السيء على الحسن، وبتنا نعيش إدماناً من نوع جديد أخطر بكثير من إدمان المخدرات. - هناك دراسات حديثة أثبتت أن هناك تأثيرات سلبية على الصحة ناتجة عن إدمان الانترنت والهوس الذي يصيب معظم الناس،وهذه التأثيرات كثيرة ومتشعبة وأذكر منها التالي: 1الجلوس لساعات طويلة أمام الشاشة يؤدي إلى ركود في الدورة الدموية ويسبب جلطات دماغية وقلبية. 2 ضعف الجهاز المناعي والوظيفي والتعرض لآلام الظهر والعمود الفقري والتهابات العينين. 3 عدم الاتزان النفسي والانفعالي وظهور اضطرابات نفسية وعقلية لدرجة أن العلماء أطلقوا عليه اسم..الهوس النفسي.. هذا بالإضافة إلى المشكلات الاجتماعية والأسرية والأخلاقية والتي نحن في غنى عنها إن تعاملنا مع الانترنت بالطريقة الصحيحة والصحية والأخلاقية. - إذاً نحن أمام رعب حقيقي يحيط بعقولنا ويشكل خطراً كبيراً على الأجيال القادمة ويحتم علينا إيجاد الحلول الصحيحة من كل فئات المجتمع والمثقفين والإعلاميين للحد من انتشار هذا الهوس الذي حتماً سيقود الشباب والمجتمع إلى نهايات وخيمة،فلابد من تكاتف الجميع وألاّ نقف مبتوري الألسن نؤدي دور الضحايا والمتفرجين،كما نفعل دائماً،مما جعل حياتنا وحولها إلى سلسلة من الهزائم وخيبات الأمل والاستسلام لكل مايسيء لنا ويظلمنا،نقلب كفوفنا على مافات ونلعب دور الملائكة بينما نحن المجرمون في حق أنفسنا بأصواتنا الخرساء وبنبضاتنا المشلولة، والسلبية التي غطت عقولنا بخيوط كثيفة وعشعشت فيها كخيوط عنكبوت مفترس..فإلى متى؟؟؟