إن مقتضيات العصر الحالي وما يشهده من تطور نوعي وكمي في شتى مجالات المعرفة يفرض علينا ضرورة التحرك السريع نحو التطوير والتغيير الهادف لعدد من مناهج العمل وآلياته، وأن يكون لنا فكر سباق نحو صناعة المستقبل، والمتابع للتطور الحضاري وبخاصة التعليمي والتربوي في دول الجوار على سبيل المثال، يجد أنها خطت خطوات متسارعة نحو صنوف المعرفة، جرب أن تدخل موقعاً على الانترنت لهذه الدول لتقرأ وتشاهد وتقارن بين وضعنا الحالي، وبين ما وصلوا إليه؟!. نحن في حقيقة الأمر لسنا أقل في الموارد البشرية ذات الكفاءة والخبرة العالية أو في الموارد المالية والتقنية، ولكننا نحتاج إلى إخلاص النوايا وصدق العمل والغيرة على تطوير الوطن وأبنائه. تمثل المناهج الدراسية في تشكيل شخصية المتعلم وفقاً لفلسفة وثقافة ومعتقدات البلد، وهي تعكس الواقع الذي يعيشه المجتمع، وما يعانيه من أحداث وأزمات، وواقع الحال يشير إلى أنه لابد من إحداث ثورة تعليمية وتربوية تبدأ بإعادة النظر حول مناهجنا من خطط وبرامج وكتب دراسية وأساليب ووسائل وأنشطة وإجراءات عمل، ولابد لنا من الخروج من الحلقة المفرغة التي ندور في فلكها، فالجميع ينادي بضرورة تطوير وتغيير المناهج؛ لأن الحياة بطبيعتها متغيرة، ولعل من دواعي التغيير: ٭ إدخال تجديدات ومستحدثات في مكونات العملية التعليمية من حيث: الأهداف والمحتوى وطرق التدريس والوسائل التعليمية والأنشطة التربوية وآليات التقويم، مشكلة الغزو الثقافي، ملاحقة التطور في الفكر التربوي والنفسي، وإعطاء دور للمناهج الحالية في الإسهام بإحداث التغيير الاجتماعي المطلوب. ٭ مراعاة القدرات العقلية والنفسية للمتعلم. ٭ مراعاة التدرج العلمي والمنطقي في الموضوعات المطروحة سواء في المستوى الدراسي الواحد أو في المستويات الدراسية التالية «أفقياً وعمودياً». وطالما أننا من البلدان النامية ونسعى إلى تقنين مواردنا من العبث نطرح سؤالاً حول ما جدوى أن تبقى الكتب المدرسية على سبيل المثال على وضعها الحالي من حيث المحتوى، وآلية التوزيع الحالية؟!. ملاحظات عديدة تطرح باستمرار من المتعلمين والمعلمين وأولياء الأمور والمتخصصين دون أن يحرك المعنيون ساكناً!!. أليس من العبث أن تظل مطابع الكتاب المدرسي تعمل بشكل متواصل في طباعة الكتب المدرسية؟!. أليس من العبث أن تتلف كميات كبيرة من الكتب المدرسية في كل فصل دراسي، ناهيك عن عدم وصولها إلى عدد من المدارس وبخاصة في المناطق النائية والبعيدة، وسوء توزيعها، وجهد ووقت وتكلفة مستمرة تبذل طوال العام من مختلف أطراف العملية التعليمية!!. وهنا نقترح الآتي: ٭ تخصيص كتاب تمارين منفصل لكل مقرر دراسي، بحيث يبقى الكتاب الرئيس للمادة كمرجع للمتعلم، على أن تعدل محتويات المقررات الدراسية لتتلاءم مع البيئة اليمنية، وطبيعة المتعلمين، وتطورات العصر، وبخاصة في التعليم الأساسي. ٭ تغيير وتطوير المقررات الدراسية بحيث تشتمل على موضوعات العام الدراسي كاملاً، وليس تقسيمها إلى فصلين دراسيين كما هو الوضع الآن، وهذا سيعمل على توفير الوقت والجهد والتكاليف المهدرة في هذا الجانب. ٭ استحداث مقرر دراسي جديد بعنوان: «أساسيات البحث العلمي» لطلاب الصف الثالث الثانوي، وتنبع أهمية هذا المقرر في أنه يعطي الطالب أساسيات ومهارات البحث العلمي الأولية، وكيفية البحث عن المعلومات وتصنيفها وتقديمها في شكل تقرير بحثي مصغر، خاصة أن الطالب سينتقل بعد ذلك إلى المرحلة الجامعية، والتي يحتاج فيها إلى امتلاك عدد من المهارات العلمية. ٭ أن تعطى أدوار أخرى لمطابع الكتاب المدرسي بحيث تسهم في نشر المعرفة، ومن ذلك مثلاً: (أ) طباعة الرسائل العلمية «ماجستير ودكتوراه» إلى كتب، والتي تزخر بها جامعاتنا اليمنية، وبخاصة ذات العلاقة بالعملية التعليمية والتربوية، بالتنسيق مع مكاتب التربية في المحافظات، ومركز البحوث والتطوير التربوي، والجامعات اليمنية، بحيث تزود بها المكتبات المدرسية والمكتبات العامة، ولو بأجر رمزي لتطوير مطابع الكتاب، وهو من ناحية أخرى حافز معنوي للباحثين. (ب) طباعة مجلة أو جريدة تربوية متخصصة تكون همزة وصل بين جميع أطراف العملية التعليمية وبخاصة بين المسئولين والقيادات والعاملين في الميدان، وبحيث تكون متاحة للجميع ليعبروا عن آرائهم ومقترحاتهم لتطوير العملية التعليمية، ويمكن جعلها بمبالغ رمزية تعود أيضاً لصالح تطوير مطابع الكتاب، وبالمناسبة، ففي بعض دول الجوار صار الانترنت وسيلة التواصل بين جميع أطراف العملية التعليمية، وصار لعدد من المدارس مواقع على الانترنت، ولكننا نقول بداية الطريق تبدأ بخطوة ثم تتلوها خطوات، والمهم أن نكون في الاتجاه الصحيح، والله الموفق