مع بداية ثمانينيات القرن العشرين المنصرم بدأ الانتقال التدريجي لمحطات التلفزيون العربية للبث بالألوان بدلاً من الأبيض والأسود. يومها تفتّحت شهية العرب لمواكبة مُستجدات الإنتاج الدرامي العالمي، وخاصة ما يتعلق منه بدراما الأطفال، وكانت « مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي » سبّاقة في هذا الباب حيث باشرت دبلجة برنامج « افتح ياسمسم» الشهير، ثم مسلسل «السندباد » ، وقد شهدت شخصياً الجدل والحيرة التي انتابت المعنيين بأعمال الدوبلاج، حيث كان المقترح الأساسي أن يُصار إلى اعتماد إحدى اللهجات العربية الأكثر انتشاراً باعتبار أن الفصحى ستكون عصيّة وصعبة على الأطفال، ثم احتاروا في اللهجة التي يمكن اعتمادها خاصة وأن اللهجة المصرية هي الأوفر حظاً والأكثر انتشاراً في العالم العربي، وأخيراً وبعد مد وجزر كانت «المغامرة » باللجوء إلى دبلجة «السندباد» بالفُصحى غير المقعرة، مع نقل مسلسل « افتح ياسمسم » إلى العربية خاصة وأنه عمل تربوي تعليمي بالأساس . كان الجميع ينتظر النتيجة، وكان المشككون يقولون بأن هذه الأعمال ستفشل، لكن المفاجأة جاءت أسرع مما توقّع الجميع. لقد ساعدت أعمال الدوبلاج المُبكرة في تحسين لغة الأطفال، وجعلت الطفل العربي يستسيغ ويستوعب الدراما التلفزيونية العالمية بالعربية الفصحى، وكانت تلك التجربة بمثابة المُقدمة الأساسية لما تلا بعد ذلك، فقد أصبحت دراما الأطفال منتشرة بالعربية الفصحى، وتحولت إلى قاسم مشترك بين أطفال العرب من المحيط إلى الخليج، لكنها أثبتت أيضاً أن الدراما المُدبلجة بالفُصحى قادرة على ردم الهوة بين العاميّة والفُصحى، ومساعدة المؤسسة التعليمية في ترسيخ الثقافة اللغوية غير الشفاهية، وصولاً الى تعميم الدوبلاج بالعربية الفصحى في دراما الكبار، وعلى هذا المستوى سنستطيع أن نقول: إن هناك سباقاً محموماً مازال قائماً بين أنصار الدوبلاج بالفصحى وأنصار الدوبلاج بالعامية، وفي الأخيرة تبدو ملامح المباراة غير الحميدة بين اللهجات العربية كالمصرية والشامية واللبنانية مما يتصل بحديث لاحق.