الرئيس أوباما يستحق من الشكر أكثر مما يجب بعد أن تراجع أربعمائة درجة عن وعده بحمل النتن ياهو على تجميد الاستيطان لثلاثة أشهر كقناعة منه استمد بعضها من الأوروبيين شركاء أمريكا الدائمين، الذين كما ورد في بعض التقارير التي لم يذكرها موقع ويكيليكس بأية إشارة وفي أية صفحة من مئات الصفحات التي أغرق بها صاحب الموقع أمريكا وحلفاءها في هم رئيسي للخروج من أزمة عدم ثقة أصدقاء الولاياتالمتحدة بها.. وهاهو جورج ميتشل الذي وصف بأنه ثالث دبلوماسي أمريكي عملاق ومخضرم بعد هنري كيسنجر اليهودي الذي اشتهر بعد حرب 73م بجولاته المكوكية تحت إعجاب الرئيس جيمي كارتر ولم يتوقف عن السفر بين واشنطن والقاهرة وعمان والرياض وتل أبيب إلا بعد أن سمع الإعلان التاريخي من فم الرئيس المرحوم أنور السادات عن نيته زيارة اسرائيل وإلقاء خطاب في الكنيست اعترف فيه باسرائيل ورغبته في إقامة علاقات دبلوماسية كاملة وتطبيعها وعدم السماح بإضعافها مرة أخرى. وعودة ميتشل هذه المرة لن تواجه صعوبات تذكر، لأن ماكانت حكومة تل أبيب تعترض عليه هو التذكير وبحث عملية تجميد الاستيطان كشرط فلسطيني عربي لاستئناف المفاوضات المباشرة, فقد أصدرت إدارة البيت الأبيض بياناً الأسبوع الماضي أعلنت فيه التخلي عن مطالبة اسرائيل بتجميد الاستيطان وتأجيله إلى المفاوضات التي ستتناول كافة القضايا للحل الشامل والنهائي، حسب ماجاء على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية وكررته الوزيرة هيلاري كلينتون.. إن الاسرائيليين الآن راضون عن أوباما كل الرضا ومعهم اللوبي اليهودي صاحب الفضل الأول في إجبار الرئيس الذي كان المنجّمون السياسيون العرب بالتحديد يراهنون عليه في تحجيم النفوذ الصهيوني في الولاياتالمتحدة واعتبروا تلك التحذيرات الخجولة التي أطلقتها الوزيرة كلينتون مع عودة ميتشل إلى واشنطن قبل عدة أشهر بأن التصلب الاسرائيلي من قضية السلام مع الفلسطينيين وإضعاف دور الولاياتالمتحدة في نظر العرب والمسلمين ربما يكون من المناسب تذكير اسرائيل ونتن ياهو ووزير خارجيته ليبرمان بالمساعدات الأمريكية غير المحدودة التي لولاها ماكانت اسرائيل لتصبح القوة الكبرى المتفوقة بأسلحتها على الدول العربية مجتمعة.. ولم يصدر أي رد فعل غاضب في اسرائيل على تصريح كلينتون, بل تصدى لها مجلس العلاقات الأمريكية الاسرائيلية(الإيباك) فوراً بعقد الاجتماعات وطلب حضور القادة الاسرائيليين إلى المجلس لإلقاء خطابات مشحونة باللاءات المعروفة لا للانسحاب من حدود يونيو 67م ولا اعتراف بالدولة الفلسطينية، ولا لعودة القدس واللاجئين، مع إضافة مطلب جديد هو أن على الفلسطينيين إذا أرادوا دويلة منزوعة السلاح مفتوحة الأجواء فاقدة السيطرة على الحدود وخاصة مع الأردن ومصر الاعتراف باسرائيل كدولة لليهود بدون تأخير.. أما قول الإدارة الأمريكية أنها مصرة على الاستمرار في العمل من أجل التوصل إلى دولة فلسطينية مستقلة, وفي نفس الوقت يستبعد مسؤولون أمريكيون آخرون ذلك طالما بقيت حماس مسيطرة على غزة وترفض الاعتراف باسرائيل والاتفاقات التي تمت معها منذ العام 93م المعروف باتفاق أوسلو، فلا أحد يتوقع شيئاً يؤدي إلى بضع خطوات مادامت الأشواك تمنع أية محاولة وإن كانت أمريكية لإقناع الاسرائيليين بأن حلفاءهم الأمريكيين أكثر حرصاً عليهم وأنه يجب الثقة بهم وأنهم لايجدون مشكلة مع الفلسطينيين ولامع الحكومات العربية ممثلة بالجامعة لعربية التي قال أمينها العام مؤخراً بأن هذه الحكومات لن توافق على استئناف المفاوضات المباشرة وغير المباشرة إلا بتوقف الاستيطان بصورة كاملة..