يخوض الرئيس الأمريكي باراك أوباما معركة خاسرة أمام إسرائيل واللوبي اليهودي الذي يمثله مجلس الشئون العامة الأمريكي الإسرائيلي أو اليهودي، والذي فتح النار على أوباما منذ الخطاب الذي ألقاه بجامعة القاهرة بعد تسلمه منصبه بأشهر قليلة.. وقصد أن يكون كلامه إلى العرب والمسلمين في موقع رمزي هي جامعة القاهرة.. وجاء في خطابه ما اعتبرناه سابقة لم يجرؤ عليها أي رئيس أمريكي خوفاً من العقاب الصهيوني الذي كان أبرزه قتل الرئيس جون كندي عام 63م من القرن الماضي وإخفاء الفاعل ومن وراءه حتى اليوم. فالرئيس أوباما قال في عدة مرات إن الاستيطان الإسرائيلي في القدسوالضفة الغربية وطرد السكان من منازلهم وإعطاءها اليهود أو تدميرها بحجة أنها غير مرخصة يعرقل الجهود الأمريكية التي تصب في الأساس في مصلحة إسرائيل إذا حلّ السلام بحل القضية الفلسطينية وقيام الدولة المنتظرة منذ عهد الرئيس كلينتون وبوش جنباً إلى جنب إسرائيل بضمانات دولية للدولتين وفي حدود عام 67م، لأن أمن إسرائيل الدائم لن يتم ولن يدوم إلا بهذا الحل الذي شملته كافة القرارات الدولية رغم إفشالها بالفيتو الأمريكي أكثر من مائة مرة. وحاول الرئيس أوباما إقناع الإسرائيليين القابضين على السلطة في الوقت الحاضر، وهم من غلاة التطرف وخليط من ذوي السوابق الإجرامية التي أشعلت الحروب في أوروبا وأمريكا اقتصادياً وعسكرياً وثقافياً، أو من أسلافهم بوجهة النظر الأمريكية التي من شأنها حماية المصالح الأمريكية الإسرائيلية في الشرق الأوسط. وكانت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية قد أدلت بتصورات غير مسبوقة من مسئول أمريكي على هذا المستوى للحل الأمثل والمتفق عليه مع سائر أعضاء الأممالمتحدة ومجلس الأمن، وهو قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف بحدود 67 وأنه يجب تجميد المستوطنات لإتاحة الفرصة لنجاح وسير المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي كان وزراء الخارجية العرب قد وافقوا عليها باجتماع لهم في القاهرة في بداية هذا الشهر وبالعودة إلى المبادرة العربية في بيروت عام 2004م. قد تطرقت ولأول مرة إلى الصعوبات التي لا تستطيع معها الولاياتالمتحدة ضمان أمن إسرائيل إذا هي سخرت من المساعي والتحذيرات الأمريكية من التغيرات التي تنمو بسرعة في المنطقة ومنها التغير الديمغرافي أو تفوق السكان الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وفي الضفة والقطاع على السكان اليهود خاصة في المستوطنات والأحياء التي اغتصبوها من أهلها في كل مدن الضفة الغربية والخليل والقدس الشرقية ونابلس، والتطورات التكنولوجية الصاروخية لدى حزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة اللذين أثبتا في حرب 2006م في لبنان و2009م في غزة قدرتهما على المقاومة والحرب وتكبيد إسرائيل خسائر فادحة. بالإضافة إلى التهديد الإيراني المستمر لأمن إسرائيل والولاياتالمتحدة سواء بالأسلحة الموجودة أو بالسلاح النووي المزعوم الذي أكسبته التصريحات والتهديدات الإيرانية لإسرائيل وأمريكا زخماً مرعباً لدى الإسرائيليين وأمريكا ومعهما دول الغرب مجتمعة وبعض الدول العربية حسب المعلومات الأمريكية.. وحاولت كلينتون توضيح الموقف للإسرائيليين بأن المفروض من الحلفاء الإسرائيليين المتميزين أن يدركوا هذه الحقائق وألا يستغلوا الدعم الأمريكي غير المحدود إلى الدرجة التي لا تستطيع تلك الدولة العظمى حمايتهم أو حماية نفسها من الأعمال العدائية حتى في داخل الولاياتالمتحدة نفسها. لقد انتظر العالم نتائج اجتماع الرئيس أوباما مع رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو يوم الثلاثاء لصباح الأربعاء الماضي لمدة تسعين دقيقة على أمل أن يتلقى نتنياهو من أوباما ما يجعله يخفف من غلوائه المكتسبة من الترحيب والدعم في الايباك وفي الكونجرس الأمريكي، إلا أن عدم السماح لوسائل الإعلام أو الإدلاء بأي تصريح أعطى انطباعات تفوق نتنياهو في المعركة وقطع أية تكهنات بأن الرئيس الأمريكي يمكنه أن يؤثر على أنصار إسرائيل وتذكيرهم بأن المصالح الأمريكية في المنطقة وعلى المدى الطويل تقتضي عدم التعصب لإسرائيل في كل تصرفاتها المخالفة للقانون الدولي ولحقوق الإنسان ولمصالح كل دول العالم أيضاً. فالقدس ليست مستوطنة، بل هي عاصمة إسرائيل الموحدة والبناء فيها مثل البناء في تل أبيب، وهذا العنوان ردده نتنياهو وهو يدلف بوابة البيت الأبيض.. وعليه فليس من الوارد التنازل عن القدس الشرقية (مدينة داود) ليس عند نتنياهو بل عند الأمريكيين الذين لا يقلون حماسة عن المتطرفين اليهود هذه الأيام بالذات.