نعم, قد يكون عنوان المقال معناه غير معروف لدى البعض ولكني اقتبسته من أغنية هزلية للفنان المصري الراحل أحمد زكي والذي غناها في فيلمه الاجتماعي المتميز “البيضة والحجر” وفيه ناقش بشكل كوميدي ساخر ظاهرة “السحر والشعوذة” والتي صارت وباء سرطانياً يغزو حواضر أمتنا الإسلامية, ولكنني وقبل أن أغوص في أعماق بحر هذا الموضوع الاجتماعي الهام.. أود الإشارة أولاً إلى أن علماءنا قالوا بأن السحر لغة هو عبارة عن كل ماهو لطف وخفي سببه.. بحيث يكون له تأثير خفي لا يطلع عليه الناس وهو بهذا المعنى يشمل التنجيم والكهانة والتأثير بالبيان والفصاحة كما قال رسولنا الكريم “صلى الله عليه وسلم” إن من البيان لسحراً” رواه البخاري .. والسحر اصطلاحاً عرفه البعض منهم بأنه عزائم ورقى وعُقد تؤثر في القلوب والعقول والأبدان فتسلب العقل وتوجد الحب والبغض فتفرق بين المرء وزوجه وتمرض البدن وتسلب تفكيره. وأما حكم تعلم السحر ونوع الحد الذي يجب أن يطبق على الساحر فقد ورد على لسان فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين في كتابه فتاوى أركان الإسلام حيث قال بأن تعلم السحر محرم بل هو كفر إذا كان بواسطة الإشراك بالشياطين واستعماله أيضاً كفر وظلم وعدوان على الخلق ولهذا يقتل الساحر إما ردة وإما حداً فإن كان سحره على وجه يكفر به فإنه يقتل ردة وكفراً. ونفهم مما ذكر آنفاً بأن السحر هو كفر ومن أبرز ملامحه أن الساحر لا يمكنه أن يصل إلى مراتب السحرة إلا إذا نفذ كافة الشروط المتعلقة بذلك كالشرك بالله تعالى وتلطيخ القرآن الكريم ووضعه في الأماكن القذرة كالحمامات والتوضؤ باللبن وغيرها من الشروط التكميلية والتي ما إن ينفذها متعلم السحر يصبح ساحراً وتمنحه الشياطين حق الانتساب إلى زمرة السحرة والمشعوذين ويبدأ بممارسة هذه المهنة إللا إنسانية والتي أصبحت وللأسف منتشرة في مجتمعنا اليمني المسلم. ولقد ساهمت في انتشارها عدة عوامل منها استغلال جهل أغلب الناس بأمور الدين وندرة توعيتهم بمدى فداحة جرم اللجوء إلى السحرة والمشعوذين وأيضاً ندرة قيام حملات لمكافحة ظاهرة السحر والشعوذة وملاحقة كل من يزاولها والقبض عليهم وتطبيق الحد الشرعي فيهم.. وعن ذلك يقال بأن ندرة حدوث حملات المكافحة عائد إلى أن أصحاب هذه المهنة القذرة يدفعون نسباً مالية من أرباحهم التي جنوها من ضحاياهم وذلك مقابل التغاضي عنهم والسماح لهم بالاستمرار بممارسة مهنة الشعوذة بحرية تامة، وما ينقص هؤلاء السحرة سوى أن يتقدموا بطلبات منحهم تصاريح رسمية بمزاولة مهنة الشعوذة علناً أسوةً بمشعوذي رومانيا .. أضف إلى ذلك أن انتشار عيادات العلاج بالقرآن الكريم ساهمت هي الأخرى ودونما أن تدري بتفشي ظاهرة الشعوذة، حيث وأن بعض السحرة يتقمصون شخصيات أهل الزهد والورع والتقوى فتجدهم يقومون بإطالة لحيتهم ويؤدون الصلاة من باب الرياء والنفاق وعدم إفلات المسابح من أياديهم، هذا بالظاهر أما في الباطن فإنهم عندما يمارسون طقوس الشعوذة يخلطون آيات القرآن الكريم بأعمال الشعوذة، وكل هذا حتى لا يكتشف أمرهم وعلى الرغم من أنهم يعلمون علم اليقين بأن الله تعالى كاشفهم لا محالة. ختاماً: إن ظاهرة السحر والشعوذة تعد بالفعل وباء خطراً وشراً عظيماً لابد من استئصاله وبشتى أنواع السبل وتنفيذ هذه المهمة هي طبعاً من مسئولية الجهات الحكومية المعنية ومنظمات المجتمع المدني والتي أتمنى منها في حالة إذا ما تعاونت مع بعضها أن تضع بعين الاعتبار الإجراءات التالية: إنتاج برامج تلفزيونية وإذاعية تخصص لمناقشة الظواهر الاجتماعية بما فيها ظاهرة الشعوذة والوقوف على أبرز الأسباب التي أدت إلى ظهورها والخروج بأهم النتائج والحلول الكفيلة للقضاء عليها وبالمثل يكون الحال في الصحف الرسمية والأهلية. إقامة ندوات تثقيفية في جميع محافظات الجمهورية بهدف توعوية أفراد المجتمع بمدى خطورة الشعوذة على الإسلام والنفس البشرية وتنفيذ حملات أمنية لمكافحتها وملاحقة كل من يزاولها وتطبيق العقوبات الشرعية ضدهم حتى يكونوا عبرة لكل من لا يعتبر. توجيه جميع خطباء المساجد بأهمية الإكثار من خطابات الوعظ والإرشاد إلى أهم السبل الواقية من الوقوع في فخ السحر والشعوذة وتوضيح موقف الدين الإسلامي منها وتوجيه رسائل تذكيرية إلى السحر والشعوذين مفادها بأن الله تعالى قد توعدهم في حالة إذا لم يتوبوا بأنه سينزل عليهم أشد أنواع العقاب من ضمنها حرمانهم من الجنة وإدخالهم جهنم داخرين.. وكذا تحثهم على الإسراع في التوبة النصوح وطلب المغفرة من الله الغفور الرحيم وذلك قبل أن تداهمهم سكرات الموت بغتةٍ وهم غافلون وحينها لاينفعهم الندم ولا تقبل لهم توبة أبداً ولقد أحسن من قال: أُسيء فيجزي بالإساءة إفضالاً وأعصي فيوليني براً وإمهالاً فحتى متى أجفوه وهو يبرني وأبعد عنه وهو يبذل إيصالا وكم مرة قد زغت عن نهج طاعة ولا حال عن ستر القبيح ولازالا