مطر.. مطر والظبابينه تدور مكنه.. ياليت وأنا سقيف.. ياليتنا كوز بارد وحدهن يشربنه مع شوية صعيف * * * حبيت.. حبيت.. حبيت ماشي حلمت أو تراءيت ولا تمنيت ياليت.. حبيت ياناس حبيت وأنا مع الحب في بيت.. * * * املأوا الدنيا ابتساما وارفعوا في الشمس هاما.. واجعلوا القوة والقدرة في الأذرع خيراً وسلاماً * * * يا نسيماً عابقاً كالزهر طيب الأنفاس عند السحر يا جلال الحق صوت القدر يا وثوب الشعب في سبتمبر من منا لم يسمع هذه الكلمات، بذلك الصوت الدافئ الشجي، من حنجرة ذلك الإنسان، الإنسان الإبداع، الذي غنى هذه الكلمات بذلك الصوت الذي خلدها، وجعلها تصل إلى أسماع القلوب، ليوصل إليها رسالة تحتفظ بها بين حناياها، فعبّر بصوته عن نبض تلك الأفراح والأتراح، بروح عالمة راقية، فما غناه في العاطفة من حب وحنين وشوق ولوعة وحرمان، وما غناه للوطن من شموخ وفداء وإيمان ووفاء وغيرها.. وغيرها، عندما يترنم بها وهو يحتضن عوده، نستشعر كل حرف وكل كلمة، كما لو كنا نحن من كتبناها. فإلى العم «أيوب طارش» الفنان والإنسان المبدع صوتاً وروحاً وإحساساً وأنت من وجد فيك المحب الجريح صوته، وهو يشكو حاله للطير «طير مالك والبكا.. خِّل البكا لي»، ووجد فيك المحب المنتصر نفسه بعد أن اجتمع بحبيبته تحت سقف واحد فغنى: «حبيت يا ناس حبيت.. وأنا مع الحب في بيت»، حتى الحول لم تنسه وناديت بلسانه.. ارجع لحولك كم دعاك تسقيه.. ورد الربيع من له سواك يجنيه ... وجد...... وجد.........وجد.. لكن أنت لم تجد ما تستحق، أو حتى شيئاً مما تستحق، ولا عجب من ذلك في بلادنا، فالمبدع أياً كان «فناناً شاعراً أديباً رساماً حافظاً» لا يستعمل إلا لمسكن موضعي، وإن تطور فاسم تحجز له مساحة في زاوية لجريدة لا تقرأ، يمكن إن كان محظوظاً أن يكرم بشهادة تقدير بالية، لكن حتى هذه لا يراها إلا في أحلامه، أو قد يراها أحفاده بعد وفاته، في وقت يحتفى فيه بالمبدع مهما اختلف مجال إبداعه، ويعد بالنسبة لمسئوليه وشعبه هرماًً من الأهرام كالسيدة أم كلثوم، ويعتبر أعجوبة، يحافظ على كل ما يمت إليها بصلة، كمتحف درويش في رام الله الذي يضم حتى إبريق شايه وأقلامه ومسودات قصائده، وفي بلادنا يتحول المبدع لأضحوكة، فإن مرض، أو حلت به مصيبة، فلا يمكن أن تمتد إليه يد المواساة حتى وليست يد العون والمساعدة، إلا إذا كان على علاقة طائلة مع أصحاب المناصب، وإن كان متعففاً يحترم أدبه وفنه واسمه، فيرحمه الله، ويرحم إبداعه قبل وفاته.. كم دعوت لتكريم هذا الصوت.. وهذه الروح، في كل محفل ومنتدى أدبي عملت فيه، لكني كمن ينفخ في رماد، مع أنه كرّم نفسه، وذلك بفنه الذي يعشقه البسطاء فوق باصاتهم، والخبازون في مخابزهم، والطباخون في مطاعمهم، والنساء في مطابخهن، وهذا ما نحصده في الأخير في بلادنا، ونواسي به أنفسنا، أياً كان مجال إبداعنا.. عم أيوب أشكر فنك، وصوتك، وروحك، وإحساسك، وأدعو لك دائماً، دمت مكرماً في قلوبنا، وعلى أصداء مسامعنا، وسامحنا على تقصيرنا، فالدنيا قاسية علينا كما هي عليك، ولك في متحف أرواحنا كل التقدير وعلى ألسنتنا الدعاء لك بالشفاء والعافية..