على خليج الحياة العاثرة, نشعر أحياناً أن بعض الأحلام قد تبدد غيوم هذه العاصفة التي لا تريد أن تزول عن هذا الخليج المسمى حياتنا.. لحظات التمني القاتل لا يحقق أملاً بحاجة لأكثر من أمنية, بحاجة لعمل, لكن ما العمل حين تحمل معك كل هموم الناس, وتعيش برأس مال هو الإحساس؟. ما العمل حين تدقق في كل حساباتك اليومية مع الناس, وفي أي مكان يمكن أن تجد فيه عملاً يومياً فلا تجد من يحتاجك مدقق حسابات أو عامل بناء؟. ما العمل حين تفكر أنه على امتداد هذا الوطن لا يمكنك أن تقدم طلب وظيفة بدون أن يدعمك من الخلف ابن عم في دائرة الأمن, أو صديق مخبر, وأن لا يكون الجواب لديهم (ليس لدينا شواغر)؟. ما العمل حينما تحلم بمساحة حرية أوسع عند إشارة المرور الخضراء للمشاة, في لحظة مرور موكب الوزير أو ابن الوزير, أو ربما الهارب من السقيفة, والمتسلق على مجد أجداده ليصبح نديم السلطان, ومستشار وزارة الاقتصاد أو التنمية السياسية.. أكون حمقاء حين أظن أنني أقول الحقيقة فيما أكتب, وفيما أحدث, فالصدق كذبة تعلمناها من قصص الأجداد, وكرم حاتم الطائي الذي ذبح فرسه العربي ليطعم ضيفه العربي, وحين بحثنا عن حاتم الطائي في بلدنا بين الحارات, وجدنا أنهم ذبحوه مع فرسه للضيف الأمريكي, القادم مع حاملة الصواريخ!! حمقاء أنا حين أفيق من النوم باكراً، مخافة أن أضيع من وقت حياتي دقائق في نومي, الذي يعادل دقائق حلمه كل حياتي , ظناً مني أنه لا يجب أن أقضي كل عمري في الأحلام.. وسأكون حمقاء حين أدقق في أوراق كل إنسان يعبر الذاكرة, دون أن أتذكر أن هناك مليون إنسان يدقق إلى جانب المخبر كل تصرفاتي, ورقم بطاقتي وعبوري في الذاكرة, وأنسى أني يجب أن أقدم أوراقي ليد كل موظف حكومي أو غير حكومي, أو حارس بوابة أمر بجانبه لأني لست أجنبية في وطني! حمقاء أنا حين أكتب كل ما سبق من حماقاتي, وأضيف ثلاث نقاط في نهاية كل حماقة, أشير بها إلى أن الحدث ما يزال مستمراً!! أعلم أنني حين أصف أحلامي الصغيرة ولا أجد من يقرأها غير نفسي, أكون قد ارتكبت حماقة, ولكن من الحماقة أيضاً أن أسمح للناس بقراءتها. وحمقاء أنا حين أعرف كل حماقاتي السالفة, وأرتكبها بمحض الإرادة الحرة, والحماقة الحرة..لكن ورغم كل حماقاتي السابقة لابد أن أكتب أحلامي, فأنا لازلت مصرة على اقتراف هذه الأحلام عامدة متعمدة, قاصدة كل من يعارضون أحلام الفقراء, الذين لا يملكون ثمن حلم جديد, أو علبة حليب لأطفالهم, فيكررون ذات الحلم كل مساء, ويعيرونه أيضاً لأطفالهم الذين ينامون جوعى.. مؤخراً صرح مصدر مسؤول بأن الفقراء يعيرون هذه الأحلام المستعارة لأصدقاء مقربين لهم, وذكر هذا المسؤول أنه في حالات كثيرة يؤجرونها أحلاماً مفروشة وغير مفروشة!