فجاءه دون مقدمات جاء خبر وفاة الفقيد (محمود عبد الله عراسي ) ، نزل خبر وفاته على كل من عرفه كالصاعقة هكذا هي إرادة ( الله ) التي لا ترد. محمود عبد الله عراسي ( رحمه الله ) عُرِف في محافظة عدن محافظاً لها رجلاً قيادياً من الطراز الأول ، استطاع خلال فترة توليه محافظة عدن أن ينقل عدن إلى محطات من التطور والنمو ، عرف بين الناس محموداً ، نظيف اليد ، دمث الأخلاق ، نشيطاً ، ودوداً متبسماً ، لم تفسده السلطة ، ولم تضف له شيئاً، بل أضاف إليها اسمه ونشاطه وقدرته الفذة على إدارة هذه المحافظة . تعود معرفتي الأولى ( بأبي عبد الله ) الفقيد محمود عبد الله عراسي عندما كان محافظاً لمحافظة حضرموت كنت حينئذٍ مديراً لإدارة الأخبار( بإذاعة المكلا ) عرفته عن قرب كان مثالاً للمحافظ الناجح والمقتدر الذي عمل بصمت ودون ضجيج أو ترفع، كان يلتقي بالمواطنين ويحل مشاكلهم ويلاطفهم ، بريق السلطة لم يغره ولم يفصله عن هموم الناس وأوجاعهم بل استطاع من خلال اختلاطه بالمواطنين أن يحس بمعاناتهم وآلامهم فحمل همهم وأوجد الحلول لمعاناتهم ، خلال تلك الفترة كانت مدينة المكلا تعاني أزمة مياه خانقة وكان ( أهل المكلا ) في ظل أزمة المياه يسهرون الليل من أجل الحصول على كمية محدودة من المياه عاش الرجل هذه المعاناة واستشعر مسؤوليته ، والتقى بالمسؤولين في مؤسسة المياه وناقش معهم سبل حل هذه المعاناة اليومية لأبناء المكلا وأصر- ورغم اعتراض البعض - على إيجاد حلول سريعة للمشكلة فجاء بمشروع ( مياه المكلا العاجل) والذي أسس فيما بعد لمشروع أوسع وأشمل ( مياه المكلا الكبرى ) القادم من حقول مياه ( العضيبة ) بمدينة غيل باوزير التي تبعد عن مدينة المكلا180 كيلو متراً. الفقيد ( محمود عبد الله عراسي ) محافظ محافظة حضرموت الأسبق كان له شرف التفكير والتخطيط والتنفيذ لمشروع مياه المكلا العاجل في الثمانينيات من القرن الماضي الذي أنقذ عاصمة محافظة حضرموت ( المكلا ) من تلك الأزمة الخانقة للمياه والتي لا زلت أتذكر تفاصيلها المرة حتى اليوم ، بدأ مشروع مياه المكلا بسرعة رغم شحة الاعتمادات ومزايدات البعض بدأ بإصرار (محمود عراسي) رجل المهمات الصعبة ، وأتذكر حينها عندما نقوم بزيارة للمشروع بهدف التغطية الإعلامية كنا نجد (محمود عراسي ) بمعية المهندس عوض سالم القنزل المدير العام للمؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في الصباح الباكر كان بين العمال وبين مواسير المياه ، والأتربة يحثهم على سرعة انجاز المشروع وكان يتقاسم الطعام معهم ويقضي سحابة يومه بينهم بعيداً عن مكتبه المكيف حتى أنجز المشروع (مشروع مياه المكلا العاجل) وأنقذ ( محمود عراسي ) أبناء المكلا من تلك الأزمة المميتة فارتبط اسمه بهذا المشروع فازداد حب أبناء حضرموت له حتى اليوم ، وفي عهده أيضا قام (محمود عراسي ) رحمة الله عليه بتسوير (مقبرة يعقوب ) وسط مدينة المكلا وهي أكبر مقبرة وأقدم مقبرة على مستوى المحافظة لم تسور منذ تأسيسها وتأسيس مدينة المكلا فقام بتسويرها وتوسعة بعض الشوارع بجوار المقبرة فعُرِف بمدينة المكلا بمن سور ( مقبرة يعقوب ) حفاظاً على رفات موتانا. هكذا كان ( محمود عبد الله عراسي ) من رجالات اليمن في الجنوب المخلصين حمل المسؤلية بأمانة واقتدار عرفته وعرف بين الناس نظيف اليد محباً للوطن، مخلصاً لعمله ووظيفته ، دمث الأخلاق ، متفانياً ومخلصاً لوطنه دون تمن أو زيف أو خداع ، وحسبنا هنا أن نمنحه جزءاً يسيراً مّما يستحق . إن رحيل الفقيد ( محمود عبدالله عراسي ) عن دنيانا خسارة فادحه وألم شديد فهو قامة وطنية كبيرة فلك من أبناء حضرموت الذين بلسمت جراحهم ، وعشت معاناتهم وأخلصت لهم كل حب وتقدير وفاء وإنا لله وإنا إليه راجعون. ( والله من وراء القصد ) [email protected]