روى أحمد في مسنده بإسناد جيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ، ورب قائم حظه من قيامه السهر)). ورواه ابن خزيمة في صحيحه بإسناد صحيح، والحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. وهذا الحديث يدل على أن للصيام معنى أعمق وأكبر من مجرد الإمساك عن المفطرات الحسية، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) رواه البخاري. قال الطيبي كما في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للمباركفوري: إن الصائم إذا لم يكن محتسباً، أو لم يكن مجتنباً عن الفواحش من الزور، والبهتان، والغيبة، ونحوها من المناهي، فلا حاصل له إلا الجوع والعطش. وقال أبو طالب المكي في قوت القلوب: وفي الخبر ((كم من صائم حظّه من صيامه الجوع والعطش)) قيل: هو الذي يجوع بالنهار ويفطر على حرام. وقيل: هو الذي يصوم عن الحلال من الطعام ويفطر بالغيبة من لحوم الناس. وقيل: هو الذي لا يغضّ بصره ولا يحفظ لسانه عن الآثام.. ويقول العلامة ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف: ((واعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرم الله في كل حال، من الكذب، والظلم، والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:(من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه)أخرجه البخاري. وفي حديث آخر: (ليس الصيام من الطعام و الشراب ، إنما الصيام من اللغو والرفث). وقال الحافظ أبو موسى المديني: على شرط مسلم. قال بعض السلف: أهون الصيام ترك الشراب والطعام. وقال جابر: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب، والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء)). ويقول الإمام الغزالي في الإحياء: قال بعض العلماء كم من صائم مفطر، وكم من مفطر صائم. والمفطر الصائم [في غير رمضان] هو: الذي يحفظ جوارحه عن الآثام ويأكل ويشرب. والصائم المفطر[في رمضان] هو: الذي يجوع ويعطش ويطلق جوارحه في الآثام. ولو أننا طبقنا هذا المعيار فكم سيكون عدد أولئك الصائمين المفطرين في رمضان ؟! [email protected]